المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي فقطع دابر القوم الذين ظلموا. اي اصطلموا بالعذاب وتقطعت بهم الاسباب. والحمد لله رب العالمين على ما قضاه وقدره من هلاك المكذبين. فان بذلك تتبين اياته واكرامه لاوليائه. واهانته لاعدائه. وصدق ما جاء جاءت به المرسلون غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الايات ثم هم يصطفون يخبر تعالى انه كما انه المتفرد بخلق الاشياء وتدبيرها. فانه المنفرد بالوحدانية والالهية. فقال قل ارأيتم ان قضى الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم. فبقيتم بلا سمع ولا بصر ولا عقل. من اله غير الله يأتيكم به. فاذا لم يكن غير الله يأتي بذلك. فلما عبدتم معه من لا قدرة له على شيء الا اذا شاءه الله. وهذا من ادلة التوحيد وبطلان الشرك. ولهذا فقال انظر كيف نصرف الايات اي ننوعها ونأتي بها من كل فن ولتنير الحق وتتبين سبيل المجرمين ثم هم مع هذا البيان التام يصدفون عن ايات الله ويعرضون عنها قل ارأيتكم اي اخبروني ان اتاكم عذاب الله بغتة او جهرا اي مفاجأة او تقدم امامه مقدمات تعلمون بها وقوعه. هل يهلك الا القوم الظالمون؟ الذين صاروا سببا لوقوع العذاب بهم بظلمهم وعنادهم. فاحذروا ان تقيموا على الظلم فانه الهلاك الابدي والشقاء السرمدي نرسل المرسلين الا مبشرين ومنذرين فمن امن واصلح فلا خوف عليهم ولا يذكر تعالى زبدة ما ارسل به المرسلين انه البشارة والنذارة وذلك مستلزم لبيان المبشر والمبشر والاعمال التي اذا عملها العبد حصلت له البشارة. والمنذر والمنذر به والاعمال التي من عملها حقت عليه النذارة. ولكن الناس انقسموا بحسب اجابتهم لدعوتهم وعدمها الى قسمين. فمن امن واصلح اي امن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم في الاخر واصلح ايمانه واعماله ونيته فلا خوف عليهم فيما يستقبل ولا هم يحزنون على ما مضى. والذين والذين كذبوا باياتنا يمسهم العذاب ان ينالهم ويذوقونه بما كانوا يفسقون ولا اعلم الغيب ولا اقول لكم اني ملك. ان اتبع الا ما يوحى يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يخاطب المقترحين عليه الايات او القائلين له انما تدعونا لنتخذك الها مع الله. لا اقول لكم عندي خزائن الله اي مفاتيح مفتيح رزقه ورحمته ولا اعلم الغيب وانما ذلك كله عند الله. فهو الذي ما يفتح للناس من رحمة فلا ممسك لها. وما يمسك مرسل له من بعده وهو وحده عالم الغيب والشهادة. فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول. ولا اقول لكم اني ملك فاكون نافذة تصرف قويا. فلست ادعي فوق منزلتي التي انزلني الله بها. ان اتبع الا ما يوحى الي. اي هذا غايتي ومنتهي امري واعلاه ان اتبع الا ما يوحى الي فاعمل به في نفسي وادعو الخلق كلهم الى ذلك. فاذا عرفت منزلتي فلاي شيء يبحث الباحث معي او يطلب مني امرا لست ادعيه. وهل يلزم الانسان بغير ما هو بصدده؟ ولاي شيء اذا دعوتكم بما اوحي الي ان تلزموني ان ادعي لنفسي غير مرتبتي. وهل هذا الا ظلم منكم وعناد وتمرد؟ قل لهم في بيان الفرق بين من قبل دعوتي هذا لما اوحي الي وبين من لم يكن كذلك قل هل يستوي الاعمى والبصير افلا تتفكرون؟ فتنزلون الاشياء منازلها وتختارون ترون ما هو اولى بالاختيار والايثار دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون. هذا القرآن نذارة للخلق كلهم. ولكن انما ينتفع الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم. فهم متيقنون للانتقال من هذه الدار الى دار القرار. فلذلك يستصحبون ما ينفعهم ويدعون ما يضرهم ليس لهم من دونه اي من دون الله ولي ولا شفيع. اي لا من يتولى امرهم فيحصل لهم المطلوب ويدفع عنهم المحظور ولا من يشفع لهم لان الخلق كلهم ليس لهم من الامر شيء. لعلهم يتقون الله بامتثال اوامره واجتناب نواهيه. فان الانذار موجب لذلك وسبب من اسبابه سين ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. اي لا تطرد عنك وعن مجالستك اهل العبادة والاخلاص رغبة في مجالسة غيرهم من الملازمين لدعاء ربهم. دعاء العبادة بالذكر والصلاة ونحوها. ودعاء المسألة في اول النهار واخره وهم قاصدون بذلك وجه الله ليس لهم من الاغراض سوى ذلك الغرض الجليل. فهؤلاء ليسوا مستحقين للطرد والاعراض عنهم. بل هم مستحقون لموالاتهم ومحبتهم وادنائهم وتقريبهم. لانهم الصفوة من الخلق وان كانوا فقراء. الاعزاء في الحقيقة وان كانوا عند الناس اذلاء. ما عليك من حسابهم من شيء. وما من حسابك عليهم من شيء. اي كل له حسابه. وله عمله الحسن وعمله القبيح فتطردهم فتكون من الظالمين. وقد امتثل صلى الله عليه وسلم هذا الامر اشد امتثال. فكان اذا جلس الفقراء من المؤمنين طمر نفسه معهم واحسن معاملتهم والان لهم جانبه. وحسن خلقه وقربهم منه. بل كانوا هم اكثر اهل مجلسه رضي الله الله عنهم وكان سبب نزول هذه الايات ان اناسا من قريش او من اجلاف العرب قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ان اردت ان نؤمن لك ونتبعك فاطرد فلانا وفلانا اناسا من فقراء الصحابة فانا نستحي ان ترانا العرب جالسين مع هؤلاء الفقراء فحمله لاسلامهم واتباعهم له فحدثته نفسه بذلك فعاتبه الله بهذه الايات ونحوها. وكذلك فتنا بعضهم من الله عليهم من بيننا. اليس وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا اهؤلاء من الله عليهم من بيننا؟ اي هذا من ابتلاء الله لعباده حيث جعل بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا وبعضهم شريفا وبعضهم وضيعا. فاذا من الله بالايمان على الفقر او الوضيع كان ذلك محل محنة للغني والشريف. فان كان قصده الحق واتباعه امن واسلم. ولم يمنعه من ذلك مشاركة الذي يراه دونه بالغنى او الشرف. وان لم يكن صادقا في طلب الحق كانت هذه عقبة ترده عن اتباع الحق. وقالوا محتقرين لمن يرونهم دون انهم اهؤلاء من الله عليهم من بيننا؟ فمنعهم هذا من اتباع الحق لعدم زكائهم. قال الله مجيبا لكلامهم المتضمن اعتراض على الله في هداية هؤلاء وعدم هدايتهم هم اليس الله باعلم بالشاكرين؟ الذين يعرفون النعمة ويقرون بها ويقومون بما تقتضيه من العمل الصالح. فيضع فضله ومنته عليهم دون من ليس بشاكر. فان الله تعالى حكيم لا يضع فضله ان من ليس له باهل. وهؤلاء المعترضون بهذا الوصف بخلاف من من الله عليهم بالايمان من الفقراء وغيرهم. فانهم هم الشاكرون فلما نهى الله رسوله عن طرد المؤمنين القانتين امره بمقابلتهم بالاكرام والاعظام والتبجيل والاحترام. فقال الذين يؤمنون باياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده واصلح انه غفور رحيم. واذا جاءك الذين يؤمنون باياتنا فقل سلام عليكم. اي واذا جاءك المؤمنون ارحب بهم ولقهم منك تحية وسلام. وبشرهم بما ينشط عزائمهم وهممهم. من رحمة الله وسعة جوده واحسانه. وحثهم على كل سبب وطريق يوصل لذلك. ورهبهم من الاقامة على الذنوب وامرهم بالتوبة من المعاصي. لينالوا مغفرة ربهم وجوده. ولهذا هذا قال كتب ربكم على نفسه الرحمة انه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده واصلح. اي فلابد مع ترك الذنوب والاقلال اعي الندم عليها من اصلاح العمل واداء ما اوجب الله. واصلاح ما فسد من الاعمال الظاهرة والباطنة. فاذا وجد ذلك كله فانه غفور رحيم اي صب عليهم من مغفرته ورحمته بحسب ما قاموا به مما امرهم به وكذلك نفصل الايات اي نوضحها ونبينها ونميز بين طريق الهدى من الضلال والغي والرشاد ليهتدي بذلك المهتدون ويتبين الحق الذي ينبغي سلوكه ولتستبين سبيل المجرمين وصلت الى سخط الله وعذابه. فان سبيل المجرمين اذا استبانت واتضحت امكن اجتنابها والبعد منها. بخلاف ما لو كانت مشتبهة ملتبسة فانه لا يحصل هذا المقصود الجليل