المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اتبعوا قد ظللت اذا وما انا من المهتدين يقول تعالى الا لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المشركين الذين يدعون مع الله الهة اخرى اني نهيت ان اعبد الذين تدعون من دونه الله من الانداد والاوثان التي لا تملك نفعا ولا ضرا. ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. فان هذا باطل. وليس لكم فيه حجة بل ولا شبهة الا اتباع الهوى الذي اتباعه اعظم الضلال. ولهذا قال قل لا اتبع اهوائكم قد ضللت اذا اي ان اتبعت واهوائكم وما انا من المهتدين بوجه من الوجوه. واما ما انا عليه من توحيد الله واخلاص العمل له. فانه هو الحق الذي تقوم عليه البراهين والادلة القاطعة وانا على بينة من ربي اي على يقين مبين بصحته وبطلان ما عداه. وهذه شهادة من الرسول جازمة لا تقبل التردد. وهو الشهود من الخلق على الاطلاق فصدق بها المؤمنون وتبين لهم من صحتها وصدقها بحسب ما من الله به عليهم. ولكنكم ايها المشركون كذبتم به وهو لا يستحق هذا منكم. ولا يليق به الا التصديق. واذا استمررتم على تكذيبكم فاعلموا ان العذاب واقع بكم لا محالة وهو عند الله هو الذي ينزله عليكم اذا شاء وكيف شاء. وان استعجلتم به فليس بيدي من الامر شيء. ان الحكم الا لله فكما انه هو الذي حكم بالحكم الشرعي. فامر ونهى فانه سيحكم بالحكم الجزائي. فيثيب ويعاقب بحسب ما تقتضيه فالاعترام على حكمه مطلقا مدفوع. وقد اوضح السبيل وقص على عباده الحق قصا. قطع به معاذيرهم وانقطعت له حجته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة. وهو خير الفاصلين بين عباده في الدنيا والاخرة. فيفصل بينهم فصلا يحمده عليه حتى من قضي عليه ووجه الحق نحوه فبينكم والله اعلم بالظالمين. قل للمستعجلين بالعذاب جهلا وعنادا وظلما. لو ان عندي ما تعدلون به لقضي الامر بيني وبينكم فاوقعته بكم ولا خير لكم في ذلك ولكن الامر عند الحليم الصبور الذي يعصيه العاصي ويتجرأ عليه المتجرأون وهو يعافيهم ويرزقهم. ويسدي عليهم نعمه الظاهرة والباطنة. والله اعلم بالظالمين. لا عليه من احوالهم شيء فيمهلهم ولا يهملهم. وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة الا يعلمها. ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين. هذه الاية العظيمة من اعظم اية تفصيل لعلمه المحيط. وانه شامل للغيوب كلها. التي يطلع منها ما شاء من خلقه. وكثير منها طوى علمه عن الملائكة المقربين والانبياء المرسلين. فضلا عن غيرهم من العالمين. وانه يعلم ما في البراري والقفال من الحيوانات والاشجار. والرمال والحصى والتراب وما في البحار من حيواناتها ومعادنها وصيدها وغير ذلك مما تحتويه ارجائها. ويشتمل عليه ماؤها. وما تسقط من ورقة من اشجار البر والبحر والبلدان والقفر والدنيا والاخرة الا يعلمها. ولا حبة في ظلمات الارض من حبوب الثمار والزروع وحبوب وبالبذور التي يبذرها الخلق وبذور النوابت البرية التي ينشئ منها اصناف النباتات. ولا رطب ولا يابس هذا عموم بعد خصوص. الا في في كتاب مبين وهو اللوح المحفوظ قد حواها واشتمل عليها. وبعض هذا المذكور يبهر عقول العقلاء. ويذهل افئدة النبلاء. فدل على عظمة الرب العظيم وسعته في اوصافه كلها. وان الخلق من اولهم الى اخرهم لو اجتمعوا على ان يحيطوا ببعض صفاته. لم يكن لهم قدرة ولا وسع في ذلك. فتبارك الرب العظيم الواسع العليم. الحميد المجيد الشهيد المحيط. وجل من اله لا يحصي احد كن ثناء عليه بل هو كما اثنى على نفسه. وفوق ما يثني عليه عباده. فهذه الاية دلت على علمه المحيط بجميع الاشياء. وكتابه محيطي بجميع الحوادث ايبعثكم فيه ليقضى اجل مسمى ثم اليه مرجعكم ثم ينبئكم كنتم تعملون. هذا كله تقرير لالوهيته. واحتجاج على المشركين به. وبيان انه قال المستحق للحب والتعظيم والاجلال والاكرام. فاخبر انه وحده المتفرد بتدبير عباده. في يقظتهم ومنامهم. وانه يتوفاهم بالليل لوفاة النوم فتهدأ حركاتهم وتستريح ابدانهم. ويبعثهم في اليقظة من نومهم. ليتصرفوا في مصالحهم الدينية والدنيوية وهو تعالى يعلم ما جرحوا وما كسبوا من تلك الاعمال. ثم لا يزال تعالى هكذا يتصرف فيهم حتى يستوفوا اجالهم. فيقضى بهذا التدبير اجل مسمى وهو اجل الحياة واجل اخر فيما بعد ذلك. وهو البعث بعد الموت. ولهذا قال ثم اليه مرجعكم لا الى غيره ثم ينبئكم بما كنتم تعملون من خير وشر احدكم الموت توفته رسلنا توفته رسلنا وهم لا يفرطون. وهو تعالى القاهر فوق عباده ينفذ فيهم ارادته الشاملة ومشيئته العامة. فليسوا يملكون من الامر شيئا ولا يتحركون ولا يسكنون الا باذنه. ومع ذلك فقد وكل بالعباد حفظة من الملائكة. يحفظون العبد ويحفظون عليه ما عمل كما قال تعالى وان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون. عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد. فهذا حفظه لهم في حال الحياة. حتى اذا جاء احدكم الموت توفته رسلنا اي الملائكة الموكلون بقبض الارواح وهم لا يفرطون في ذلك. فلا يزيدون ساعة مما قدر الله وقضاه ولا ينقصون. ولا ينفذون من ذلك الا بحسب المراسيم الالهية والتقادير الربانية انا له الحكم وهو اسرع الحاسبين. ثم بعد الموت والحياة البرزخية وما فيها من الخير والشر. رد الى الله مولاهم الحق اي الذي تولاهم بحكمه القدري فنفذ فيهم ما شاء من انواع التدبير ثم تولاهم بامره ونهيه وارسل اليهم الرسل وانزل عليهم الكتب ثم ردوا اليه ليتولى الحكم فيهم بالجزاء ويثيبهم على ما عملوا من الخيرات ويعاقبهم على الشرور والسيئات ولهذا قال الا له الحكم وحده لا شريك له وهو اسرع الحاسبين. لكمال علمه وحفظه لاعمالهم. بما اثبته في اللوح المحفوظ ثم اثبتته ملائكته في الكتاب الذي بايديهم. فاذا كان تعالى هو المنفرد بالخلق والتدبير. وهو القاهر فوق عباده. وقد اعتنى بهم كل الاعتناء في جميع احوالهم. وهو الذي له الحكم القدري والحكم الشرعي. والحكم الجزائي. فاين للمشركين العدول عمن هذا ونعته الى عبادة من ليس له من الامر شيء ولا عنده مثقال ذرة من النفع ولا له قدرة ولا ارادة. اما والله لو علموا حلم الله الله عليهم وعفوه ورحمته بهم. وهم يبارزونه بالشرك والكفران. ويتجرأون على عظمته بالافك والبهتان. وهو يعافيهم ويرزقهم لان جذبت دواعيهم الى معرفته وذهلت عقولهم في حبه ولمقتوا انفسهم اشد المقت. حيث انقادوا لداعي الشيطان الموجب والخسران ولكنهم قوم لا يعقلون لان انجانا من هذه فنكونن من الشاكرين. اي قل للمشركين بالله الداعين معه الهة اخرى. ملزما لهم بما اثبتوه من الربوبية على ما انكروا من توحيد الالهية. من ينجيكم من ظلمات البر والبحر. اي شدائدهما ومشقاتهما. وحين يتعذر او تعسر عليكم وجه الحيلة فتدعون ربكم تضرعا بقلب خاضع. ولسان لا يزال يلهج بحاجته في الدعاء. وتقولون وانتم في تلك الحال لان انجانا من هذه الشدة التي وقعنا فيها لنكونن من الشاكرين لله. اي المعترفين بنعمته الواضعين لها في طاعة ربهم الذين حفظوها عن ان يبذلوها في معصيته. ومن كل كرب قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب. اي من هذه الشدة الخاصة ومن جميع الكروب العامة ثم انتم تشركون لا تفون لله بما قلتم وتنسون نعمه عليكم فاي برهان اوضح من هذا هذا على بطلان الشرك وصحة التوحيد قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم او من تحت ارجلكم او يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض. انظر كيف نصرف الآيات لعل لهم يفقهون. اي هو تعالى قادر على ارسال العذاب اليكم من كل جهة. من فوقكم او من تحت ارجلكم او يلبسكم اي يخلطكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض. اي في الفتنة وقتل بعضكم بعضا. فهو قادر على ذلك كله فاحذروا من الاقامة على معاصيه. فيصيبكم من العذاب ما يتلفكم ويمحقكم. ومع هذا فقد اخبر انه قادر على ذلك. ولكن من رحمته ان رفع عن هذه الامة العذاب من فوقهم بالرجم والحصب ونحوه. ومن تحت ارجلهم بالخسف. ولكن عاقب من عاقب منهم بان اذاق بعضهم بأس تباعد وسلط بعضهم على بعض عقوبة عاجلة يراها المعتبرون ويشعر بها العالمون. انظر كيف نصرف الايات اي ننوعها ونأتي بها على اوجه كثيرة وكلها دالة على الحق. لعلهم يفقهون اي يفهمون ما خلقوا من اجله ويفقهون الحقائق الشرعية المطالب الالهية وكذب به اي بالقرآن قومك وهو الحق الذي لا مرية فيه. ولا شك يعتريه. قل لست عليكم بوكيل احفظ اعمالكم اجازيكم عليها وانما انا منذر ومبلغ لكل نبأ مستقر. اي وقت يستقر فيه. وزمان لا يتقدم عنه ولا يتأخر. وسوف تعلمون توعدون به من العذاب