وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد بالمملكة العربية السعودية. تقدم ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله يا ايها الذين ولا تتبعوا خطوات الشيطان بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى اله وصحبه اجمعين مرحبا بكم. حجاج بيت الله الحرام حللتم اهلا ووطئتم سهلا هنيئا لكم هذه العبادة العظيمة التي ساقكم الله تعالى من كل فج عميق. لتشهدوا منافع لكم هنيئا لكم بما زينكم الله تعالى به من زينة الايمان. وهداكم سبل السلام لقد جمع الله لكم في هذه الايام الشريفة بين شرف الزمان وشرف المكان وشرف العمل شرف الزمان فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ان افضل ايام السنة ايام العشر قالوا يا رسول الله ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال ولا مثلهن في سبيل الله الا رجل خرج وعفر وجهه في التراب واما شرف المكان فقد قال ربنا عز وجل ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين واما شرف العمل فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في المتفق عليه ما من ايام العمل الصالح فيها احب الى الله الله من هذه الايام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله الا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء فهنيئا لكم ايها الحجاج معشر حجاج بيت الله الحرام خلق الله الخلق لعبادته وارسل الرسل وانزل الكتب لهذا الغرض الشريف قال الله عز وجل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون الله سبحانه وبحمده لم يخلقنا عبثا ولن يتركنا هملا بل انه سبحانه اقامنا في هذه الدنيا واستعمرنا فيها لنحقق هذا الغرض النبيل وهو عبادة الله عز وجل كما قال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وما من نبي ارسله الله تعالى الى قومه الا بدأهم بهذه الجملة. يا قوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره فيا ترى ما هي هذه العبادة التي خلقنا لاجلها العبادة في اللغة معناها الذل كما تقول العرب طريق معبد اي مهيأ ميسر مذلل للسير عليه. وتقول ايضا بعير معبد اذا كان ذلولا واما العبادة في الاصطلاح فلها معنيان معنى باعتبار حقيقتها ومعنى باعتبار مفرداتها اما العبادة باعتبار حقيقتها فهي كمال الذل مع كمال الخضوع والمحبة لله عز وجل اي يجتمع في قلب المتعبد ذل ومحبة للمعبود سبحانه وهذا شيء لا يمكن ان ينصرف لغير الله عز وجل. فمن صرفه لغير الله فقد اشرك واما تعريف العبادة باعتبار مفرداتها واحادها فقد عرفها شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله انها اسم جامع بكل ما يحبه الله تعالى ويرضى من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة وكل ما شرعه الله تعالى لعباده من الشرائع القلبية والقولية والعملية فهي عبادة يتقرب بها الى الله عز وجل وبذلك يتبين ان العبادة تشمل جميع مناحي الحياة. فلا تدعوا شاذة ولا فاذة الا تغلغلت فيها قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ثم عبادات قلبية كالمحبة والخوف والرجاء والتوكل ونحوها وثم عبادات لسانية الدعاء والذكر والتلاوة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وعموم الكلم الطيب وثم عبادات بدنية الركوع والسجود والقيام والقعود والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والوقوف بعرفة واماطة الاذى عن الطريق واعانة الضعيف وغوث الملهوف الى غير ذلك وبهذا يتبين وايضا ان هذه العبادة الشريفة اعني بها حج بيت الله الحرام التي شرعها الله تعالى لعباده مرة في العمر تجمع جميع انواع العبادات العبادات القلبية والعبادات القولية اللسانية والعبادات العملية فمن تأمل في الحج وجد ان الحاج يجأر الى الله تعالى يهفو اليه بقلبه فقد قال ربنا عز وجل واجعل افئدة من الناس تهوي اليهم فهذه القلوب تهفو من كل فج عميق الى هذا الموضع متعلقة بربها راجية ثوابه خائفة عقابه طامعة في فضله واما العبادات اللسانية فان الحاج لا يزال يلهج بالتلبية وبذكر الله تعالى حتى قال نبينا صلى الله عليه وسلم الحج العج والثج والعج هو اللهج بالتلبية ورفع الصوت بها وقال انما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لاقامة ذكر الله لاقامة ذكر الله فاللسان لا يزال يلهج بذكر الله تعالى في جميع تقلبات هذه المناسك وما اكثر ما يذكر الله تعالى الامر بذكره في هذه الايام. واذكروا الله في ايام معدودات ويأمر باستغفاره وبتهليله وتحميده واما العبادات العملية فان الحج كما هو معلوم حركة ونقلة يتنقل الانسان فيها بين المشاعر والمناسك الخطى ينتقل من مشعر الى مشعر فقد جمع الحج فعلا جميع انواع العبادات ولا يخفى عليكم معشر المؤمنين حاجة الانسان الى عبادة الرب فان المرء لا يمكن ان يعيش في هذه الدنيا حياة سوية الا وهو معلق بالله سبحانه وتعالى حاجة العبد الى العبادة اعظم من حاجته الى الطعام والى الشراب والى النفس اخوتي الكرام اخواتي الكريمات حجاج بيت الله الحرام امرنا الله تعالى بعبادته وجعل شرطا بقبولها شرطين اما الشرط الاول فهو الاخلاص لله تعالى فان الله تعالى لا يقبل من العمل الا ما كان خالصا لوجهه الكريم قال سبحانه وتعالى قل اني امرت ان اعبد الله مخلصا له الدين. وامرت لان اكون اول المسلمين بل انه سبحانه وتعالى حذر نبيه صلى الله عليه وسلم وحاشاه. ولكن لتتعلم من بعده امته. فقال سبحانه ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك. ولتكونن من الخاسرين بل فاعبد وكن من الشاكرين وانما افسد اعمال العرب في جاهليتهم الشرك بالله كانوا يلبون ويقول قائلهم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك الا هو لك ملكته وما ملك فاهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد قائلا لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ولما لبى نبينا صلى الله عليه وسلم قال مناجيا ربه اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة فهذا شرط عظيم في جميع الاعمال والقربات ويتأكد بشكل خاص في هذا الحج لما فيه من التمظهر بهذه العبادة ولما يترتب عليه من الثناء الحسن من الناس. فكان لابد للحاج ان يراعي هذا الامر وان يفرغ قلبه من كل شائبة في الحديث القدسي انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك معي فيه غيري تركته وشركه واما الشرط الثاني لقبول العمل فهو الموافقة والمتابعة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم فلابد ان يكون العمل موافقا للسنة قال الله تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم وقال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا كما ان نبيه صلى الله عليه وسلم نبه على هذا المعنى العظيم فقال من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد فتبين بذلك ان الحج نسك تعبدي بل انه لا يكاد يظهر التعبد لله تعالى ومحظ الامتثال في عبادة كما يظهر في الحج فان الانسان يفعل امورا لا يدرك حكمتها انما يفعلها اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم وموافقة لهديه الشريف تحري بك ايها الحاج ويا ايتها الحاجة ان تستحضر هذا المعنى العظيم وان تستوثق من تحقق هذين الشرطين العظيمين الا وهما الاخلاص لله تعالى والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم بالاضافة الى الصفات التكميلية التي بها تقبل العبادة بان يفعلها الانسان مخبتا لله تعالى وان يفعلها آآ وهو متحلم بالسكينة والطمأنينة ثم يرجع من ذلك راغبا في الاخرة زاهدا في الدنيا. اسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم القبول. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين الله والله يا ايها الذين ولا تتبعوا خطوات