المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش. ان رحمتي سبقت غضبي رواه البخاري وله ما عنه رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعل الله الرحمة مائة جزء فامسك عنده تسعة وتسعين جزءا ونزل في الارض جزءا واحدا. فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية ان تصيبه ولمسلم من حديث سلمان رضي الله عنه معناه وفيه كل رحمة طباق ما بين السماء والارض. فاذا كان يوم القيامة كملها في هذه الرحمة هذان الحديثان كما سبق يدلان على سعة رحمة الله وانها وسعت كل شيء. وكمال ذلك ان الله عز وجل كتب على نفسه ان رحمتي تغلب او تسبق غضبي فهذا فيه بشرى عظيمة انه اذا وجد موجبان موجب للرحمة وموجب للغضب فان رحمة الله عز وجل تغلب غضبه. وقد ظهر ذلك في شرعه وفي قدره. حيث ان العامل للسيئات تكتب له السيئة الواحدة. وهي على رجاء الغفران وتكتب له الحسنات بعشر امثالها الى سبعمائة الى اضعاف كثيرة. والكون كله مملوء من رحمة الله وهذه الرحمة التي في قلوب والحنان فيما بينهم خصوصا الامهات على اولادها جزء من مائة جزء من رحمة الله وسيضم هذا الجزء الى تسعة وتسعين ان جزءا كل جزء يملأ ما بين السماوات والارض فيرحم بها عباده. ويظهر في موقف القيامة للخلائق من رحمة الله وجزائه الطائعين وعفوه عن العاصين. ما لا تعبر عنه الالسن. ولعل هذا سر ذكر الرحمن مقرونا بيوم الدين في عدة مواضع من القرآن مثل قوله تعالى الملك يومئذ الحق للرحمن وقوله وخشعت الاصوات للرحمن. والعبد في هذه الدنيا اذا استحضر كثيرا من نعم الله عليه وعلى غيره. واثار رحمته اوجب له ذلك ان يمتلئ قلبه من محبة الله. وان يسعى في كل سبب جعله الله عز وجل الى رحمته وهذا من اعظم مقاصد نصوص الكتاب والسنة فانها كما انها خبر عن الله عز وجل فانها حث للعباد على تعلم قلوبهم واعمالهم بالله وبرحمته وجوده. واعلم ان الرحمة صفة من صفات الله الذاتية الفعلية. فانه لم يزل ولا يزال في من متصفا بالرحمة ومن اثارها جميع خيرات الدنيا والاخرة. ولهذا لما كانت الجنة جامعة من اصناف النعيم وفنونه ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وفيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين من نعيم القلوب والارواح والابدان. سماها الله عز وجل رحمته فقال واما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون. وفي الحديث الصحيح حين تحاجت الجنة والنار وفيه فقال الله عز وجل للجنة انت رحمتي ارحم بك من اشاء من عبادي. وقال للنار انت عذابي اعذب بك من اشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها