انه شرع فتعين تركها الجواب ليس هذا بلازم لها المؤمن الموفق يتمكن من التحفظ على دينه. ولو داخل الملوك الظلمة واتباعهم واعوانهم. وعلى العبد ان يفعل ما يقدر عليه من المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله جواب العلامة ابن سعدي عن الرسالة الاولى من الشيخ ابن جراح حول رواتب موظفي الدولة وضم اوقاف المساجد بسم الله الرحمن الرحيم من عنيزة في الثالثة عشر من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة والف من الهجرة الى الكويت الى حضرة الاخ الفاضل ذي الاخلاق الجميلة والسيرة الحميدة المكرم محمد الجراح المحترم حفظه الله من كل مكروه وبلغه من الخير فوق ما يؤمله ويرجوه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مع السؤال عن صحتكم وصحة الوالد. ارجو الله لكم العافية والتوفيق في ابرك الساعات واسرها وصلني كتابك المحرر غرة هذا الشهر. تلوته مسرورا بصحتكم راجيا المولى ان يتم عليكم نعمه دينية والدنيوية وسررت زيادة بعنايتكم في هذه المسائل العلمية النافعة فتح الله علينا وعليكم فتوح العارفين ولا ريب ان العناية في المسائل العلمية كل وقت وخصوصا في هذا الوقت من اجل ما يقرب الى المولى ومن افضل الاعمال الصالحة المثمرة للثمرات العاجلة والاجلة اشتمل كتابكم المكرم على مسألتين مهمتين احداهما هل يجوز لمن يشتغل بالوظائف الدينية كالتعليم للعلم النافع والتعلم له والقيام بامامة المساجد والاذان وما اشبهها هل يجوز لهؤلاء ان يتناولوا مرتباتهم من بيت المال مع ما يدخل في بيت المال في هذا الوقت من الاموال التي تجمع من غير حلها ام يتعين عليهم تركها الجواب وبالله الاعانة يجوز ذلك ولا حرج على متناوله من بيت المال ووجه ذلك ان لهذه المسألة عدة مآخذ واصول تبنى عليها منها ان الاصل في جميع الاشياء الحل وقد دل على هذا الاصل الكبير ادلة كثيرة من الكتاب والسنة فاموال بيت المال يدخلها الحلال والحرام والمشتبه فما لم يعلم بعينه انه حرام اندرج في الحل والعبرة في هذا على اعتقاد القلب لا على ما في نفس الامر. فلو تناول شيئا في نفس الامر غير حلال. ولكنه لم اعلمها فلا حرج عليه ومنها انه اذا كان الفقهاء رحمهم الله ذكروا ان الاموال التي بيد قطاع الطريق والامانات التي جهل اربابها من رهون وودائع وغيرها اذا تعذر ردها على اصحابها لعدم القدرة عليهم وللجهل بهم انه يتعين الصدقة بها او جعلها في بيت المال وهي لمن تصدق عليه بها او من بذلت له لفعله مصلحة من مصالح المسلمين حلال. وهي معلوم انها ملك الغير لكن تعذر ردها على اهلها فكيف بالاموال التي يجهل متناولها حالها ولا يجزم على عينها فانها من باب اولى واحرى انها حلال ومنها ان هذه الاموال التي في بيت المال يستحيل ردها على اهلها. وقد باء باثمها من اخذها من اهلها بغير حق او بمكسب محرم. وقد صارت في بيت المال. ولابد من صرفها اما بوجوه محرمة او لغير مستحقين ممن ليس هو اهلا لها لعدم كفاءته او لعدم قيامه بوظيفته او تصرف على القائمين بالوظائف الدينية اهل الكفاءة ومن المعلوم ان هذا الاخير هو الاولى بل هو المتعين ومنها انه لو تورع عنها اهل الدين والكفاءة. وتناولها ما ليس كذلك حصل من الشر والفساد ما لا يعد ولا يحصى وتعطل من الصلاح والاصلاح شيء كثير الشريعة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد فان قيل ان تناول اهل الدين والخير والكفاءة لها من بيت المال يستلزم مصانعة الظلمة والدخول في امور لا تحل الخير وترك الشر. وما يعجز عنه يسقط عنه وربما كان بعض اهل الدين فيه قوة ونشاط في الدين فيكون مجالسته واختلاطه بالظلمة يجلب خيرا او ينكف فيه شرور او يخف الشر. وعلى العبد ان يفعل المستطاع ولا يكلفه الله ما يعجز عنه ولا يطيقه واما السلف السابقون فمنهم من تورع عن اموال بيت المال ومداخلة الملوك ومنهم من لم يرى ذلك حرجا والامور المتنازع فيها ترد الى الاصول الشرعية ثم اعلم يا اخي ان هذا الوقت واهله غير ذلك الوقت واهله ان الوقت السابق النشاط على الخير كثير. والمساعدون عليه متوفرون. اما هذه الاوقات وقد انعكست الحال على العبد ان يتقي الله ما استطاع ويجاري الوقت واهله فيما لا يسلم عليه دينا وعليه ان يراعي المصالح فيرجح اعلاها ويراعي المفاسد اذا تزاحمت وابتلي بها واضطر اليها فيؤثر اخفها واهونها شرا ومتى علم الله حسن قصد العبد وحرص على سلوك الطريق الدينية يسر الله له اموره والله الموفق اما السؤال الثاني على تجويز تشكيل دائرة اوقاف تضم اليها جميع الاوقاف وتحفظها وتعمرها وتفعل ما تراه اصلح ثم توزعها على الوظائف توزيعا تابعا لنظر الهيئة ده لشرط الموقفين فالجواب هذا السؤال يشتمل على امرين اولا تشكيل دائرة للاوقاف لحفظها وتعميرها ثم تنفيذها على اهل الوظائف والامر الثاني كون ذلك التوزيع تبعا لنظر هيئة الاوقاف اما الامر الاول فان لتشكيل دائرة الوقف المنتظمة العادلة مصلحة ظاهرة كبرى. لكن بهذه القيود المذكورة انتظامها وعدالتها وقيامها بالواجب قد لمس الناس من مصالحها ما لا يحتاج الى شرح فاذا اختل قيد من هذه القيود او كلها او اكثرها حصل فيها من الشر والضرر والفساد وما لا يحاط به لا تحصيه الاقلام وحصل من التلاعب في الاوقاف وتناول غير المستحقين وحرمان المستحقين شيء كثير هذا النوع معلوم ان الشريعة لا تجيزه ولكن سؤالكم عن الاوقاف المنظمة التي لا تلاعب فيها ولا ظلم الشريعة تحث على كل مصلحة خاصة وعامة. وخصوصا الاوقاف التي لا ناظر لها خاص واما التي لها ناظر خاص معين او موصوف من جهة الموقف فيتعين ذلك الناظر ولا يجوز له تدخيلها في دائرة الاوقاف الا اذا رأى في ذلك مصلحة ظاهرة لذلك الوقف فان الناظر عليه ان يفعل ما فيه المصلحة باي وجه وطريق هذا حكم تشكيل دائرة الوقف واما الامر الثاني وهو ان التوزيع يكون بنظر الهيئة فهذا ان كان في الاوقاف التي في الخيرات وعلى اعمال بر على طرق خير غير معينة فهذا لا شك في جوازه. ولكن على الهيئة مراعاة المصلحة والا تقدم مصلحة على مصلحة اهم منها او يزاد المفضول على الفاضل بل عليهم ان يؤدوا في هذه الامانة الى اهلها. فيعطوهم بحسب حاجتهم وبحسب الحاجة اليهم ويجوز في هذا النوع ان يأخذ منها من قام بوظيفة دينية ولو كان غنيا ولو كان غنيا ولو زادت عن حاجته واما الاوقاف التي قد عين الموقفون لها مستحقين من اشخاص وجهات فيتعين العمل بقول الموقفين اذا وافق الشرع ولا يصرف زائد ريع هذا الوقف الذي له مستحق الى غيره فان ذلك ظلم. فكما يحرم اخذ مال زيد واعطاؤه لعمرو فهذا مثله من غير فرق وانما اذا دخل هذا النوع في دائرة الاوقاف فانه يجري عليه ما جرى على الاوقاف من النوائب والمصارف والباقي بعد النوائب الواجبة تصرف فيما عينه الواقف ونصوص الفقهاء على هذا كثيرة جدا. لا يمكن ذكرها في هذا الموضع. وانما ذكرنا اصول المآخذ. هذا ما واذا يبدوا لازم شرفني فيه وبلغ سلام الوالد والاخوان ومحمد العبد المحسن وجميع المحبين. كما منا جميع الاخوان يسلمون والباري يحفظكم. محبك عبدالرحمن الناصر ابن سعدي