نعم احسن الله اليك قال تعالى انما مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم ضرب تبارك وتعالى مثلا لزهرة الحياة الدنيا وزينتها وسرعة انقضائها وزوالها بالنبات الذي اخرجه الله من الارض بماء انزل من السماء مما يأكل الناس من زروع وثمار على اختلاف انواعها واصنافها وما تأكل الانعام من اب وقضب وغير ذلك حتى اذا اخذت الارض زخرفها اي زينتها الفانية وازينت اي حسنت بما خرج من رباها من زهور نظرة مختلفة الاشكال والالوان وظن اهلها الذين زرعوها وغرسوها انهم قادرون عليها اي على جذاذها وحصادها فبينما هم كذلك اذ جاءتها صاعقة او ريح شديدة باردة تايبست اوراقها واتلفت ثمارها ولهذا قال تعالى اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا اي يابسا بعد الخضرة والنضارة كأن لم تغن بالامس اي كأنها ما كانت حينا قبل ذلك وقال قتادة كأن لم تغنى كأن لم تنعم وهكذا الامور بعد زوالها كانها لم تكن ولهذا جاء في الحديث يؤتى بانعم اهل الدنيا فيغمس في النار غمسة فيقال له هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا ويؤتى باشد الناس عذابا في الدنيا فيغمس في النعيم غمسة ثم يقال له هل رأيت بؤسا قط فيقول لا وقال تعالى اخبارا عن المهلكين فاصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ثم قال تعالى كذلك نفصل الايات اي نبين الحجج والادلة لقوم يتفكرون فيعتبرون بهذا المثل في زوال الدنيا من اهلها سريعا مع اغترارهم بها وتمكنهم وثقتهم بمواعيدها وتفلتها عنهم فان من طبعها الهرب ممن طلبها والطلب لمن هرب منها فان احسن الله اليك فان من طبعها فان من طبعها الهرب ممن طلبها والطلب لمن هرب منها وقد ضرب الله تعالى مثل الدنيا بنبات الارض في غير ما اية من كتابه العزيز. نعم. فقال في سورة الكهف واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء. فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا وكذا في سورة الزمر والحديد يضرب الله بذلك مثل الحياة الدنيا وقوله تعالى والله يدعو الى دار السلام الاية لما ذكر تعالى الدنيا وسرعة زوالها رغب في الجنة ودعا اليها وسماها دار السلام اي من الافات والنقائص والنكبات فقال والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال اللهم صلي وسلم اني رأيت في المنام كان جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول احدهما لصاحبه اضرب له مثلا فقال اسمع سمعت اذنك واعقل عقل قلبك انما مثلك ومثل امتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولا يدعو الناس الى طعامه فمنهم من اجاب الرسول ومنهم من تركه فالله الملك والدار الاسلام والبيت الجنة وانت يا محمد رسول فمن اجابك دخل الاسلام ومن دخل الاسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة اكل منها. رواه ابن جرير وعن ابي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا تخريجه عزا فقره في الغناء في البخاري صلى الله عليك يقول تخريج يقول اسناده فيه انقطاع رواه ابن جرير في التفسير والترمذي والبخاري في الصحيح معلقا بالسند دون اللفظ البخاري. والاسماعيلي وابو نعيم معلق في معلق نعم يقول رواه البخاري في الصحيح معلقا بالسند دون اللفظ نعم رواه من؟ يقول ابن جرير ومن احسن الله اليك. من جرير في التفسير واخرجه الترمذي والبخاري في الصحيح معلقا بالسند دون اللفظ والاسماعيلي وابو نعيم كما في الفتح من طريق قتيبة قال حدثنا الليث به وقال الترمذي هذا حديث مرسل سعيد بن ابي هلال لم يدرك جابر بن عبدالله قلت وقد وصله الحاكم في المستدرك وعنه البيهقي في الدلائل من طريق عبدالله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن ابي هلال قال سمعت ابا جعفر محمد بن علي بن الحسين وتلا هذه الاية والله يدعو الى دار السلام فقال حدثني جابر ابن عبد الله فذكر الحديث وقال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وعبدالله بن صالح فيه ضعف من قبل حفظه لكن قال الترمذي وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم باسناد اصح من هذا قلت وهو ما اخرجه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حدثنا محمد بن عبادة قال حدثنا يزيد ابن قال حدثنا سليم ابن حيان واثنى عليه قال حدثنا سعيد بن ميناء قال حدثنا او سمعت جابر بن عبد الله يقول فذكر الحديث بلفظ مقارب من هذا. في البخاري المخالف عن جابر رضي الله عنه هذا الحديث عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال اللهم صلي وسلم اني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي وميكائيل عند رجلي يقول احدهما لصاحبه يضرب له مثلا فقال اسمع سمعت اذنك واعقل عقل قلبك انما مثلك ومثل امتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مأدبة ثم بعث رسولا يدعو الناس الى طعامه فمنهم من اجاب الرسول ومنهم من تركه فالله الملك والدار الاسلام والبيت الجنة وانت يا محمد رسول. فمن اجابك دخل الاسلام ومن دخل الاسلام دخل الجنة ومن دخل الجنة اكل منها رواه ابن جرير وعن ابي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم صلي وسلم ما من يوم طلعت فيه الشمس الا وبجنبيها ملكان يناديان يسمعه خلق الله كلهم الا الثقلين يا ايها الناس هلموا الى ربكم انما قل وكفى خير مما كثر والهى قال وانزل ذلك في القرآن في قوله والله يدعو الى دار السلام الآية. رواه ابن ابي حاتم وابن جرير نعم قال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله وهذا المثل من احسن الامثلة وهو مطابق لحالة الدنيا فان لذاتها وشهواتها وجاهها ونحو ذلك يزهو لصاحبه ان زهى وقتا قصيرا فاذا استكمل وتم اظمحل وزال عن صاحبه او زان صاحبه عنه فاصبح صفر اليدين منها ممتلئ القلب من همها وحزنها وحسرتها فذلك كما ان انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض اي نبت فيها من كل صنف وزوج بهيج وهكذا رواه مسلم وجماعة من الائمة وقوله تعالى ولا يرهق وجوههم قتر اي قتام وسواد في عرصات المحشر كما يعتني وجوه الكفرة الفجرة من القطرة والغبرة ولا ذلة اي هوان وصغار مما يأكل الناس كالحبوب والثمار او مما تأكل الانعام كانواع العشب والكلأ المختلف الاصناف حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت اي تزخرفت في منظرها واكتست في زينتها فصارت بهجة للناظرين ونزهة للمتفرجين واية للمتبصرين فصرت ترى لها منظرا عجيبا ما بين اخضر واصفر وابيض وغيره وظن اهلها انهم قادرون عليها اي حصل معهم طمع بان ذلك سيستمر ويدوم بوقوف ارادتهم عنده وانتهاء مطالبهم فيه فبينما هم في تلك الحالة اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس اي كأنها ما كانت فهذه حالة الدنيا سواء بسواء كذلك نفصل الايات اي نبينها ونوضحها بتقريب المعاني الى الاذهان وضرب الامثال لقوم يتفكرون ان يعملوا اي يعملون افكارهم فيما ينفعهم واما الغافل المعرض فهذا لا تنفعه الايات ولا يزيل عنه الشك البيان ولما ذكر الله حال الدنيا وحاصل نعيمها شوق الى الدار الباقية فقال والله يدعو الى دار السلام الى وهم فيها خالدون الكلام على الله اعلم كلام الله سلمنا عمم تعالى عباده بالدعوة الى دار السلام والحث على ذلك والترغيب وخص بالهداية من شاء استخلاصه واصطفائه فهذا فضله واحسانه والله يختص برحمته من يشاء وذلك عدله وحكمته وليس لاحد عليه حجة بعد البيان والرسل وسمى الله الجنة دار السلام لسلامتها من جميع الافات والنقائص وذلك لكمال نعيمها وتمامه وبقائه. وحسنه من كل وجه ولما دعا الى دار السلام جهات الايتين الكريمتين قرب الله تعالى المثل للدنيا والله سبحانه وتعالى يضرب الامثال للتقريب لينتقل الذهن من المثل الحسي الى ذا من الامر الحسني للامر المعنوي والله تعالى مثل الدنيا في بزخرفها وبهجتها ونظرتها وسرعة زوالها بالنبات الذي يخرج بسبب المطر الذي ينزله الله على الارض فيخرج النبات الذي يأكله الناس والدواب ويأكله الناس من الحبوب والثمار وما يأكل الدواب من العشب بانواعه فانه يخرج في له نظرة وله بهجة وله سرور يبهج الانسان ويغتر ويغتر كثير من الناس ويظنون ان هذا سيستمر ثم سرعان ما يأتيه امر الله فييبس ويذبل ويصرك ان لم يكن وكذلك الدنيا كذلك الدنيا في سرعة زوالها وانقظائها كالنبات الذي اخرجه الله من مطر الدنيا تضحك لبعض الناس ويحصل له مال ويحصل له جاه ويحصل له سلطان ويظن انه متمكن وانها هذا ان هذا سيستمر في في ركونه فيركن اليها يركن الى الدنيا ويعجب بها ثم سرعان ما يزول ذلك عنه مثل ما يحصل الان في المساهمات الان كثير من الناس صار عنده اندفاع وصار يساهم وباع جميع ممتلكاته ثم هبطت المساهمات وضاعت عليه امواله بين عشية وضحاها هذي الدنيا في سرع زوالها وانقظائها انما مثل الحياة الدنيا كما ينزل له من السماء اختلط به نبات الارض مما يأكل الناس هو الانعام حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذلك نوصل الايات لقوم يتفكرون فيه ان بهم من الفوائد ضرب الامثال وان الامثال فيها فوائد عظيمة وفيها تقريب فيها تقريب الاشياء المعنوية بذكر الاشياء المحسوسة الله تعالى يقول في تلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون. كان كثير من السلف اذا لم يعلم آآ المثل بكى وقرأ هذه الاية وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون وفيه ان ان الله تعالى يبين الايات ويوضحها لمن يتفكر ويتدبر وفيه انه لا ينتفع بالامثال ولا بالايات الا من وفقه الله لاعمال فكره فيتأمل ويستدل بها على قدرة الله ووحدانيته والسفر للعبادة وعلى سرعة زوال الدنيا وانقضائها ثم لما بين الله سبحانه حال الدنيا بين حال الاخرة فقال والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم فالله سبحانه يدعو الناس جميعا ومنهم وكافرهم يدعوهم الى دار السلام يلا بما انزل في كتبه وبما ارسل الرسل ارسل الرسل وانزل الكتب يدعون الناس الى دار السلام يدعونهم الى توحيد الله والاخلاص الدين له اي لا يحصل لهم اهانة في الباطن ولا في الظاهر بل هم كما قال تعالى في حقهم ووقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا اي نظرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم ليدخلوا جنته والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم بين الله سبحانه وتعالى انه يدعو الى دار السلام وهي الجنة يدعو الناس جميعا مؤمناهما وكافرهم حيث ارسل الرسل وانزل الكتب وانزل مع عليهم الكتب يبينون الطريق الموصلة الى الله والى دار السلام ويحذر الناس من سلوكهم الطريق الموصل الى الجحيم الله تعالى دعا الناس جميعا الى دار السلام ولكنه خص بالهداية من اصطفاه واختاره وعلم سبحانه وتعالى انه يصلح لغرس الكرامة قال والله يدعو الى ذلك السلام يعني الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم اذا دعاهم في كتبه التي انزلها على رسله دعاهم على السنة رسله وفي كتبه التي انزلها التوراة والانجيل والزبور والقرآن وصحف ابراهيم وصحف موسى كلها فيها الله تعالى يدعو الناس الى الى دار السلام يدعوهم الى ان يعبدوه ويخلصونه للعبادة حتى يدخلوا دار السلام ولكنه سبحانه وتعالى خص بالهداية من اصطفاه واختاره والمراد بالهداية هنا هداية التوفيق والتسديد وقول الحق ورضابه واختياره هذا يختص به سبحانه وتعالى من يشاء ممن اصطفاه من عباده المؤمنين الدعوة عامة الكافر بالبيان والايضاح يضحي الدلائل والبينات والحجج التي تبقى يبين الله فيها وجوب التوحيد واخلاص الدين له والتحذير من معصيته سبحانه ثم هدى ووفق من اختارهم واصطفاهم بالسكنى بجنته هدى لكرامته فالهداية هنا اذا التوفيق والتسديد والهداية انواع الهداية العامة الحيوانات والطيور والبهائم الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى اتى الطفل الى ثدي امه وهدى الطيور الى اوكارها وهدر العام الى مراعيها وهدى الناس لمصالح دنياهم هذه هداية عامة عامل المؤمن والكافر والحيوانات والطيور وغيرها والبهائم الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى ثم الاهداف الثانية هداية الدلالة والارشاد والبيان كما في هذه الاية والله يدعو الى دار السلام وقوله سبحانه واما ثموده فهديناهم يعني دللناهم على طريق الحق فاستحبوا العمى على الهدى وقوله وهديناه النجدين بين له طريق الخير وطريق الشر. هذه الهداية عامة للمؤمن والكافر الاولى عامة لبني ادم ولغيره والثاني خاص من بني ادم ولكني عامل والثالثة هداية التوفيق والتسديد هي خاصة بالمؤمن والرابعة الهداية الى الى الجنة والنار في الاخرة فاهدوهم الى صراط الجحيم هذا الكفار وفي المؤمنين سيهديهم ويصلح بعدهم يهديهم الى مساكنهم في الجنة قال بعض السلف ان المؤمن اهدى بمسكنه في الجنة من مسكنه في الدنيا نعم احسن الله اليك يقول تعالى للذين احسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون يخبر تعالى ان لمن احسن العمل في الدنيا بالايمان والعمل الصالح الحسنى في الدار الاخرة كقوله تعالى هل جزاء الاحسان الا الاحسان وقوله وزيادة هي تضعيف ثواب الاعمال بالحسنة عشر امثالها الى سبعمائة ضعف وزيادة على ذلك ويشمل ما يعطيهم الله في الجنان من القصور والحور والرضا عنهم وما اخفاه لهم من قرة اعين وافضل من ذلك واعلى النظر الى وجهه الكريم فانه زيادة اعظم من جميع ما اعطوه لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته وقد روي تفسير الزيادة بالنظر الى وجهه الكريم عن ابي بكر الصديق وحذيفة ابن اليمان وعبدالله بن عباس وسعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن ابي ليلى وعبدالرحمن بن سابط ومجاهد وعكرمة وعامر بن سعد وعطاء والضحاك والحسن وقتادة والسدي ومحمد ابن اسحاق وغيرهم من السلف والخلف وقد وردت فيه احاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن ذلك ما رواه الامام احمد عن صهيب رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الاية للذين احسنوا الحسن وزيادة وقال اذا دخل اهل الجنة الجنة واهل النار النار نادى مناد يا اهل الجنة ان لكم عند الله موعدا يريد ان ان ينجزكموه فيقولون وما هو الم يثقل موازيننا الم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار قال فيكشف لهم الحجاب فينظرون اليه فوالله ما اعطاهم الله شيئا احب اليهم من النظر اليه ولا اقر لاعينهم جعلنا الله منهم بفضله ورحمته امين. امين قوله تعالى والذين كسبوا السيئات جزاء سيئاتهم بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون لما اخبر تعالى عن حال السعداء الذين يضاعف لهم الحسنات ويزدادون على ذلك عطف بذكر حال الاشقياء فذكر تعالى عدله فيهم وانه يجازيهم على السيئة بمثلها لا يزيدهم على ذلك وترهقهم اي تعتريهم وتعلوهم ذلة من معاصيهم وخوفهم منها كما قال تعالى وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل وقال تعالى ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار مهطعين مقنعي رؤوسهم الايات وقوله ما لهم من الله من عاصم اي مانع ولا واق يقيهم العذاب لقوله تعالى يقول الانسان يومئذ اين المفر كنانا وزر الى ربك يومئذ المستقر وقوله كأنما اغشيت وجوههم اخبار عن سواد وجوههم في الدار الاخرة لقوله تعالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فاما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون واما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون وقوله تعالى وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة وجوه يومئذ عليها غبرة. الاية يقول الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمه الله ولما دعا الى دار السلام كان النفوس تشوقت الى الاعمال الموجبة لها الموصلة اليها اخبر عنها بقوله للذين احسنوا الحسنى وزيادة اي للذين احسنوا في عبادة الخالق بان عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته وقاموا بما قدروا عليه منها واحسنوا الى عباد الله بما يقدرون عليه من الاحسان القولي والفعلي من بذل الاحسان المالي والاحسان البدني والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الجاهلين ونصيحة المعرضين وغير ذلك من وجوه البر والاحسان فهؤلاء الذين احسنوا لهم الحسنى وهي الجنة الكاملة في حسنها وزيادة وهي النظر الى وجه الله الكريم وسماع كلامه والفوز برضاه والبهجة بقربه وبهذا حصل لهم اعلى ما يتمناه المتمنون ويسأله السائلون ثم ذكر اندفاعا محذور عنهم فقال ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة اي لا ينالهم مكروه بوجه من الوجوه لان المكروه اذا وقع بالانسان تبين ذلك في وجهه وتغير وتكدر واما هؤلاء فكما قال الله عنهم تعرف في وجوههم نظرة النعيم اولئك اصحاب الجنة الملازمون لها هم فيها خالدون لا يحولون ولا يزولون ولا يتغيرون ولما ذكر اصحاب الجنة ذكر اصحاب النار فذكر ان بضاعتهم التي اكتسبوها في الدنيا هي الاعمال السيئة المسخطة لله من انواع الكفر والتكذيب واصناف المعاصي فجزاؤهم سيئة بمثلها اي جزاء يسوؤهم بحسب ما عملوا من السيئات على اختلاف احوالهم وترهقهم اي تغشاهم ذلة في قلوبهم وخوف من عذاب الله لا يدفعه عنهم دافع ولا يعصمهم منه عاصم وتسري تلك الذلة الباطنة الى فتكون سوادا في وجوههم كانما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون فكم بين الفريقين من الفرق ويا بعد ما بينهما من التفاوت وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن ان يفعل بها فاقرة وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة اولئك هم الكفرة الفجرة بيعتين الايتين الكلمتين بيان حال السعداء وحال الاشقياء وبيان واعمال السعداء واعمال الاشقياء وفيه من الفوائد ان ان الجزاء من جنس العمل وان من وحد الله واخلص له العبادة ومات على التوحيد فجزاؤه الاحسان وجزاؤه الحسنى الجنة والزيادة النظر الى وجه الله الكريم وان من اساء العمل واشرك بالله عز وجل فجزاؤه النار والذلة والهوان والصغار. نسأل الله السلامة والعافية ولهذا قال سبحانه للذين احسنوا الحسنى وزيادة للذين احسنوا احسنوا عبادة ربهم واحسنوا الى الخلق احسنوا عبادة الخالق اعبدوا الله على المراقبة وعبدوا الله كانهم يرونه بينما يرون فيعبدون على انه يراهم كما قال النبي في هدي جبريل ان تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك فهؤلاء الذين احسنوا احسنوا عبادة عبادة الخالق واحسنوا الى الخلق احسن من الخلق بالبال فانفقوا اموالهم اطعم الجائع وافقوا على الفقير والمسكين وذوي القربى واحسنوا ايضا بابدانهم احسنوا اليهم بابدانهم خدموهم واحسنوا ايضا بامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر احسن بعبادة الله واحسنوا الى الخلق جزاؤهم الحسنى هي ان الجزاء من جنس العمل. من احسن العمل فجزاءه الحسنى وهي الجنة. والزيادة هي النظر الى وجه الله الكريم فحصل لهم المطلوب واندفع عنهم المرهوب لان المؤمن الذي وحد الله واخلص له العبادة ان الله تعالى يجازيه بالحسنى يجازيه بالجنة وان الله يعطيه ما يرجو ويدفع عنه ما يكره. ولهذا قال ولا يرهقوا وجوههم قتروا ولا ذلة لا لا يكون على وجههم قتاب ولا سواد كما ترهق وجوه الكفرة ولا ذلة بقلوبهم وخوف بل الله تعالى سلمهم سلمهم من المكروه الظاهر والباطن واسكنهم دار كرامته وهم اصحابها الملازمون لها الذين لا لا يرحلون عنها ولا يطعنون واما الاشقياء فالجزاء من جنس العمل الاشقياء الذين كسبوا السيئات من الشرك بالله ومعصيته وعدم الوقوف عند حدوده جزاءهم جزاء السيئة سيئة مثلها والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها. فالجزاء من جنس العمل يجازون يجازيهم الله تعالى بما يسوؤهم من العذاب والصغار والذلة والتكدر في الظاهر ولهذا قال سبحانه والذين كسبوا السيئات ازاء سيئاتهم بمثلها وترهقهم ذلة يعني في قلوبهم ما لهم من الله من عاصم ليس احد ليس هناك احد ينجيه من عذاب الله ولا يعصمهم ولا يمنعهم كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما وهذه الذلة والصغار هذه الذلة ذلة في في الظاهر كأنما وجد وجوههم قطعا من الليل مظلمة تسود وجوههم كقطع الليل المظلم كما قال سبحانه فامر الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد ايمانكم فذقوا العذاب بما كنتم تكفرون فاولى هم اصحاب النار الملازمون لها الذين لا يرحلون عنها ولا يطعنون بكفرهم وتكذيبهم نسأل الله السلامة والعافية الله اليك بارك الله فيك