وبتركه انتقض الامر ولم يزل الهبوط مستمرا الا انه يحصل نفحات في بعض الاوقات. بها ينتعش الدين اذا تشبث مسلمون بشيء من هذه المقومات النافعة ولهذا تجد القوات والحضارات الهائلة المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله من الجهاد القيام بالقسط والوفاء بالعهود قال تعالى يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط يا ايها الذين امنوا اوفوا بالعقود ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا فهذان الاصلان العظيمان وهما القيام بالقسط الذي هو العدل التام على الانفس والاقربين والابعدين والاصدقاء والمعادين والوفاء بالعهود والمعاقدات كلها من اكبر اصول الدين ومصالحه وبها يتم الدين ويستقيم طريق الجهاد الحقيقي وتحصل الهداية والاعانة من الله تعالى والنصر والمدافعة فما ارتفع احد الا بالعدل والوفاء ولا سقط احد الا بالظلم والجور والغدر وبهذين الامرين مع بقية اصول الدين حصل للدين الاسلامي من العز والشرف والرقي وقهر الامم الطاغية ما لم يحصل لغيره وبهذه الروح روح الرحمة والعدل والوفاء وصل الدين الاسلامي الى مشارق الارض ومغاربها ودانت به الامم المتباينة طوعا وانقيادا ورغبة التي يزعم اهلها انها راقية في كل احوالها لما كانت مبنية على الظلم والجشع والطمع وعدم المبالاة في ظلم الامم الضعيفة. وكانت اذا قطعت عهودها ونفذت معاذ لم تبالي بعد ذلك وفت او غدرت وانما تلاحظ اطماعها الخاصة واغراضها الردية ولسان حالهم يقول السياسة مبنية على المكر والخدع والختر والغدر لما كانت مع قوتها الهائلة مبنية على هذه الاصول المنهارة كانت هذه المدنية المزعومة والحضارة المدعاة مهددة كل وقت بالفناء والهلاك والتدمير والواقع اكبر شاهد على ذلك فلو انها بنيت على الدين الحق والعدل واتباع الحق والوفاء بالمعاقدات ونصر المظلومين لكانت مدنية امنة ولكنها في الحقيقة مادية محضة والقوة المادية اذا لم تبنى على الحق فانها منهارة لا محالة وربما كان سلاحها الفتاك هو مادة هلاكها وعقوبتها والمقصود ان المسلمين بالمعنى الحقيقي لا يغترون بقوة هؤلاء الماديين وانما يقومون بالعدل التام في جميع امورهم. وبالوفاء الكامل في حق الصديق والعدو وهذه الامور كلها ضرورية في التوكل على الله. والاعتماد على حوله وقوته وكمال الثقة به في تيسير الامور وتذليل الصعاب فيكون المتوكل يعمل بجد واجتهاد مطمئنا بالله واثقا بوعده وكفايته لا يرجو غيره ولا يخاف سواه. لا يملكه اليأس ولا يساوره القنوط. غير هياب ولا وجر ولا متردد. لانه اعلموا ان الامور بيد الله وان نواصي الخليقة في قبضته وتحت تدبيره. وبهذا التوكل التام والعمل الكامل نال المسلمون الاولون العز والشرف سلطان وصلاح الاحوال وهذا الذي يجب ان يكون عليه المسلمون الان. وان يكون العمل والتوكل نصب اعينهم. فلا يميل الى التواكل التخاذل والاخلاص نادي الى البطالة والكسل فان هذا ينافي التوكل الحقيقي غاية المنافاة كحال كثير من الناس في هذه الاوقات يشاهدون عدوهم يحاربهم ويسلبهم حقوقهم وهم ساكتون لا يدفعونه بوسيلة من الوسائل ولا يبدون ما يقدرون عليه. من مقاومته التي لا يعذرون عن القيام بها فتكون النتيجة من هذا السكوت والتقاعد الضار ضياع استقلالهم وذهاب ملكهم واموالهم. والسيطرة على حقوقهم وحلول المصائب المتنوعة بهم من كل جانب. ويقولون نحن متوكلون. كلا والله بل هم كسالى متواكلون قد استولى عليهم الخبر واعقبه الذل واستعباد الاجانب لهم