بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس مائة وواحد بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحابته والتابعين لهم باحسان الى يوم الدين وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تناولنا في الحلقة السابقة الكلام على مروع الصلح ونتحدث اليكم في هذه الحلقة ان شاء الله عن احكام الصلح عن المال ونتناول النوع الثاني منه وهو الصلح عن انكار لاننا قد استوفينا الكلام على النوع الاول في الحلقة السابقة وهو الصلح عن الاقرار والصلح عن الانكار كما يسميه الفقهاء رحمهم الله معناه ان يدعي شخص على اخر بعين له عنده او بدين في ذمته له فيسكت المدعى عليه وهو يجهل المدعى به عليه ثم يصالح المدعي عن دعواه بمال حال او مؤجل فيصح الصلح في هذه الحالة بقول اكثر اهل العلم لقوله عليه الصلاة والسلام الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا او احل حراما. رواه ابو داوود والترمذي وقال حسن صحيح وصححه الحاكم وقد كتب بهذا الحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى ابي موسى الاشعري رضي الله عنه اصح الاحتجاج به بهذه الاعتبارات وفائدة هذا النوع من الصلح للمدعى عليه انه يفتدي به نفسه من الدعوة واليمين وفائدته للمدعي اراحته من تكليف اقامة البينة وتفادي تأخير حقه الذي يدعيه والصلح عن الانكار يكون في حق المدعي في حكم البيع لانه يعتقده عوضا عن ما له فلزمه حكم اعتقاده فكأن المدعى عليه اشتراه منه فتدخله احكام البيع من جهته. كالرد بالعيب والاخذ شفعة الى اخره واما حكم هذا الصلح في حق المدعى عليه فهو ابرة ابراء عن الدعوة لانه دفع المال افتداء ليمينه وازالة للظرر عنه وقطعا للخصومة وصيانة لنفسه عن التبذل والمخاصمات لان ذوي النفوس الشريفة يألفون من ذلك ويصعب عليهم فيدفعون المال للابراء من ذلك وتفاديه فلو وجد فيما صالح به عيبا لم يستحق رده به ولا يؤخذ بالشفعة لانه لا يعتقده عوضا عن شيء اعني عن شيء ما لي وان كذب احد المتصالحين في الصلح عن الانكار كان يكذب المدعي فيدعي شيئا يعلم انه ليس له او يكذب المنكر في انكاره وهو يعلم انه ان الحق عليه ويعلم بكذب نفسه في انكاره اذا حصل شيء من هذا الكذب من جانب المدعي او من جانب المنكر فالصلح باطل في حق الكاذب منهما باطنا لانه عالم بالحق قادر على ايصاله لمستحقه وغير معتقد انه محق في تصرفه اما اخذه بموجب هذا الصلح؟ حرام عليه؟ لانه اخذه ظلما وعدوانا. لا عوضا عن حق يعلمه. قد قال الله تعالى ولا اتأكلوا اموالكم بينكم بالباطل؟ وان كان هذا الصلح فيما يظهر للناس صحيح انهم لا يعلمون باطن الحال لكن ذلك لا يغير من الحقيقة شيئا عند من لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء. فعلى المسلم ان يبتعد عن مثل هذا تصرف السيء والاحتيال الباطل ومن مسائل الصلح عن الانكار انه لو صالح عن المنكر اجنبي بغير اذنه صح الصلح في ذلك لان الاجنبي يقصد بذلك ابراء المدعى عليه وقطع الخصومة عنه فهو كما لو قظى عنه دينه لكن لا يطالبه بشيء مما دفع. لانه لا يستحق الرجوع به عليه لانه متبرع ويصح الصلح عن الحق المجهول سواء كان لكل منهما على الاخر او كان لاحدهما على الاخر. اذا كان هذا المجهول يتعذر علمه كحساب بينهما مضى عليه زمن طويل ولا علم لكل منهما بما عليه لصاحبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجلين اختصما في مواريث درست بينهما يستهم وتواخيا الحق وليحلل احدكما صاحبه. رواه ابو داوود وغيره ولانه اسقاط حق فصح في المجهول للحاجة ولان لا يفضي الى ضياع المال او بقاء شغل الذمة وعمره صلى الله عليه وسلم بتحليل كل منهما لصاحبه يدل على اخذ الحيطة لبراءة الذمة وعلى عظم حق المخلوق ويصح الصلح عن القصاص بالدية المحددة شرعا او باقل او اكثر منها لان المال غير متعين في جناية العمد فلا يقع العوظ في مقابلته ولا يصح الصلح عن الحدود لانها شرعت للزجر. ولانها حق لله تعالى. ثم هي حق للمجتمع الصلح عنها يعطلها ويحرم المجتمع من فائدتها ويحرم المجرم ايضا من التطهير والتأديب ويفسح المجال للمفسدين والعابثين فلا يصح الصلح عن الحدود بل لابد من تطبيقها لاثارها الحميدة في المجتمع ايها الاخوة المستمعون الى الحلقة القادمة باذن الله تعالى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه