بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. ادرس مائة وثمانية. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين شرع لعباده ما يصلحهم في معاشهم ومعادهم واباح لهم طلب الرزق والاكتساب من وجوهه المشروعة وسخر لهم ما اودعه في الكون من منافع واباح لهم استغلالها والانتفاع بها لتقوم بذلك مصالحهم وتنتظم به معايشهم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه من تبعهم باحسان اما بعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نتحدث اليكم في هذه الحلقة عمن تهى بنا اليه الحديث في الحلقة السابقة وهو بيان احكام المزارعة على ضوء الفقه الاسلامي المستنبط من سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب فقد سبق ان ذكرنا تعريف المزارعة لدى الفقهاء بانه دفع ارض وحب لمن يزرعه فيها ويقوم عليه او دفع زرع لمن يعمل عليه ويقوم عليه بجزء معلوم مشاع مما يخرج من الارض كالثلث او الربع ونحوه وليس دفع الحب مع الارض شرطا في صحة المزارعة على الصحيح من قولي العلماء فلو دفع اليه الارظ فقط ليزرعها العامل ببذر من عنده صح ذلك كما هو قول جماعة من الصحابة وعليه عمل الناس ولان الدليل الذي استفيد منه حكم المزارعة هو حديث معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لاهل خيبر بشطر ما يخرج منها ولم يرد في هذا الحديث بجميع رواياته ان البذر على المسلمين قال الامام ابن القيم رحمه الله والذين اشترطوا البذر من رب الارض قاسوها على المضاربة وهذا القياس مع انه مخالف للسنة الصحيحة واقوال الصحابة فهو من افسد القياس فان المال في المضاربة يرجع الى صاحبه ويقتسمان الربح فهذا نظير الارض في المزارعة واما البذر الذي يعود واما البذر الذي لا يعود نظيره الى صاحبه بل يذهب كما يذهب نفع الارض فالحاقه بالاصل فالحاقه بالاصل الذاهب اولى من الحاقه بالاصل الباقي انتهى والمزارعة مشتقة من الزرع وتسمى مخابرة ومواكبة والعامل فيها يسمى مزارعا ومخابرا ومواكرا والدليل على جوازها السنة المطهرة الصحيحة والحاجة داعية الى جوازها لان من الناس من يملك ارضا زراعية لكنه لا يستطيع العمل فيها واستغلالها ومن الناس من يستطيع العمل في الزراعة لكنه لا يملك ارضا زراعية فاقتضت الحكمة التشريعية جواز جواز المزارعة لينتفع الطرفان هذا بارضه وهذا بعمله. وليحصل التعاون على تحصيل المصلحة ودفع المضرة. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله المزارعة اصل من الاجارة لاشتراكهما في المغنم والمغرم. وقال الامام ابن القيم رحمه الله هي ابعد عن الظلم والغرر من الاجارة فان احدهما غانم ولابد يعني في الاجارة واما المزارعة فان حصل الزرع اشتركا فيه والا اشتركا في الحرمان ويشترط لصحة المزارعة بيان مقدار مال العامل او لصاحب الارض من الغلة وان يكون جزءا مشاعا منها كثلث ما يخرج من الارض او ربعه ونحو ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم عامل اهل خيبر بشطر ما يخرج منها واذا عرف نصيب احدهما من الغلة فالباقي يكون للاخر لان الغلة لهما فاذا عين نصيب احدهما تبين نصيب الاخر ولو شرط لاحدهما ولو شرط لاحدهما اصع معلومة كعشرة اصع او شرط له زرع ناحية معينة من الارض والباقي للاخر لم تصح او اشترط صاحب الارض ان يأخذ مثل بذره ويقتسم الباقي لم تصح المزارعة لانه قد لا يخرج من الارض الا ذلك ويختص به دون الاخر ولحديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال كراء الارض بالذهب والفضة لا بأس به انما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الماذيانات واقبال الجداول واشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا ولم يكن للناس كراء الا هذا فلذلك زجر عنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك لما فيه من الغرر الى التشاجر واكل اموال الناس بالباطل. فدل الحديث على تحريم المزارعة على ما يفضي الى الغرر والجهالة ويوجب المشاجرة بين الناس. قال ابن المنذر قد جاءت الاخبار عن رافع بعلل تدل على ان النهي كان لتلك العلل وهي التي كانوا يعتادونها قال كنا نكري الارض على ان لنا هذه ولهم هذه فربما اخرجت هذه ولم تخرج هذه انتهى ايها المستمعون الكرام الى هنا تنتهي حلقة هذا الاسبوع فالى القادمة في مثل هذا اليوم ان شاء الله لنتابع لكم الحديث في موضوع اخر من مواضيع الفقه الاسلامي. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله سلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه