المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اسئلة في الجنايات. السؤال الثالث والثمانون عن الفرق بين العمد وشبه العمد والخطأ. وما يوجبه كل منهما اما العمد فهو ان يقصده بجناية تقتل غالبا. وهو يعلمه ادميا معصوما. فدخل فيه جميع ما قالوا واستثنوا من هذا الضابط اذا جرح ولو جرحا خفيفا يغلب على الظن عدم الموت به. الصحيح انه لا يستثنى من هذا الضابط شيء. واما شبه العمد فهو ان يقصد جناية لا تقتل غالبا فاجتمع هو والعمد في قصد الجناية واختص العمد بان الجناية يغلب على الظن موته بها. واما خطأ فهو مضاد للامرين كليهما. فلا يقصد الجناية. واذا لم يقصد الجناية فقد لزم منه الا يقصد القتل. اما ان يخطئ في قصده ان يرمي ما يظنه صيدا فيبين ادميا معصوما او يفعل ما له فعله فيقتل انسانا. وعند الصغير والمجنون خطأ. واما ان يخطئ وفي فعله وهو ان يرمي صيدا او هدفا فيصيب ادميا لم يقصده او ينقلب وهو نائم على انسان فيقتله. فهذه انواع القتل ثلاثة ولكن احكامها مفترقة. اما العمد العدوان اذا اجتمعت شروطه فيختص به القصاص. فالولي مخير ان شاء اقتص وان شاء الدية او صالح باكثر منها او عفا مطلقا وليس فيه كفارة لعظم جنايته وشدة خطره فلا يقبل التخفيف. واما الخطأ العمد فليس فيهما قصاص وانما فيهما الدية ان لم يعفو الولي واذا كانت الدية من الابل غلظت في العمد وشبهه وخففت في الخطأ وان كانت من غير الابل فلا تغليظ ولا تخفيف. وفيهما ايضا الكفارة تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين عين ولا اطعام فيها. والفرق ايضا ان العمد الدية في مال القاتل. الخطأ وشبه العمد على العاقلة وهم الذكور العصبة من اولياء الجاني يحملونه بحسب يسارهم وتخفف عنهم من وجهين التعميم وان يكون مؤجلا بثلاث سنين كل سنة يحل الثلث السؤال الرابع والثمانون ما شروط القصاص وشروط الاستيفاء؟ وما الفرق بينهما؟ الجواب شروط القصاص والاستيفاء متعلقات بقتل عمد لانه الذي يختص به القود ولما كان اتلاف النفوس من اعظم العقوبات اشترط له شروط في وجوبه وشروط اذا وجب في استيفائه. اما شروط من يجب عليه القصاص فاربعة. واحد في القاتل وهو ان يكون مكلفا. فالصغير والمجنون عمدهما وخطأهما واحد من جهة عدم ترتب القصاص لا من جهة انه لا يعاقب ويعزر. فالصغير والمجنون يؤدبان ويعزران على كل محرم تبعا ودفعا لوصولهما واذيتهما ودفعا لصولهما واذيتهما. وواحد في المقتول وهو ان يكون معصوما محترم الدم من كان دمه لا حرمة له لم يتعلق به قصاص. واثنان مشتركان بين القاتل والمقتول. المكافأة بالا يفضل المقتول قاتل بواحد من ثلاثة اشياء. الاسلام والحرية والملك. فلا يقتل المسلم بالكافر ولا الحر بالعبد ولا المكاتب الرابع كون المقتول ليس بولد للقاتل. فمن كان مكلفا غير والد للمقتول ولا فاضلا له في الصفات الثلاث. وكان المقتول ومحترم الدم وكان القتل عمدا وجب فيه القصاص. بمعنى ثبت لا بمعنى تعين لان الولي مخير. فاذا اجتمعت هذه شروط فلا يستوفى مع وجوبه حتى تجتمع ثلاثة شروط. تكليف المستحق الدم ومع صغره وجنونه يحبس القاتل حتى فيبلغ ويفيق وفي هذا الموضع لا ينوب وليهما منابهما لخطر القتل ولما فيه من اخذ الثأر والتشفي المتعلق بمستحق دم ولابد من اتفاق المستحقين على استيفائه لعدم تبعضه. فاذا اراد بعضهم الانفراد بالقتل منع سواء جهلنا حالة وهل هم عافون ام لا وينتظر منهم من كان غائبا ومن كان صغيرا. وعن احمد في هذه والتي قبلها ان الولي ينوب مناب ليه الصغير والمجنون كسائر الولايات لسائر الحقوق وعليه ان يفعل الاصلح من الانتظار او الاقدام على احد الامرين او العفو الى الدية. الثالث ان يؤمن في استيفاء القصاص تعديه الى غير الجاني. فلو لزم القوض حاملا لم تقتل حتى تضع فمتى وجدت الشروط الاربع السابقة وكان اولياء الدم مكلفا وكان اولياء الدم مكلفين متفقين كلهم على الاستيفاء ولا يتعدى الاستيفاء لغير الجاني وجب بمعنى تعين الفعل. فهذا هو الفرق بين الامرين. شروط وجوب القصاص توجبه بمعنى تثبته. وان القصاص الذي خير الشارع مستحقه بين الامرين الاختصاص والدية. وشروط الاستيفاء تعين الفعل بمعنى انه انحصر حكمه في القتل لا غير والله اعلم. السؤال الخامس والثمانون عن شروط القصاص في الاطراف والجروح ما هي وما حكمها؟ الجواب بالقصاص في الاطراف والجروح شروط مشتركة في القصاص في النفس وشروط مختصة. فالمشتركة جميع الشروط السابقة في القصاص في فانها تشترط في الاطراف والجروح ويشترط زيادة على ذلك شروط ترجع الى العدل والمساواة. منها ان يكون قطع الاطراف من المفاصل او ينتهي الى حد كمارن الانف وهو ما لان منه. وفي الجروح ان تنتهي الى العظام كالشجة والموضحة. لانه اذا الم يكن كذلك فلا بد ان يحصل الحيث وعدم العدل. ومنها المساواة في الاسم والموضع في الاطراف والجروح. وهذا ايضا يرجع الى فلا تؤخذ اليد بالرجل ولا اليمين باليسار ولا جرح الرأس بجرح غيره ولابد من مراعاة الصحة والكمال. فلا تؤخذ كاملة الاصابع والاظفار بناقصتها ولا عين صحيحة بقائمة. وكل هذه الشروط مراعاة للقصاص والعدل وخوف الحيف والجور ويتعين الا يقتص في الاطراف والجروح حتى تبرأ ليستقر الواجب وان يكون بالة غير ضارة يحصل بها المقصود من دون وان يكون الاستيفاء للنفس وما دونها بحضرة سلطان او نائبه خوفا من الحيث. اما حكمة مشروعية القصاص في النفس وما دون فقد نبه الله عليها بقوله ولكم في القصاص حياة. فلولا مشروعية القصاص لتجرأ المجرمون وكثر الشر والفساد. السؤال السادس والثمانون. ما الحكمة في ان دية الحر مقدرة لا تزيد بزيادة فضائله ولا تنقص. ودية العبد قيمته بحسب اوصافه الجواب وبالله التوفيق. حكمة الباري في تشريعه لعباده لا تحيطها العقول. ولا تعبر عنها الالسن. وما ظهر للعباد منها بالنسبة لا ما خفي عنهم منها شيء قليل. وما قدره وفرضه من المقدرات وحده من المحددات له في ذلك حكم واسرار الى مصالح العباد ودفع مضارهم فان الله تعالى ارحم بهم من انفسهم ومن الخلق اجمعين. وهو ارحم الراحمين يعلم من مصالحه ما لا يعلمون ويريد ما لا يريدون ويقدر ما لا يقدرون. فاذا خفيت عليك حكمته في حكم من احكامه فانظر الى هذا اصل العظيم الجامع لكل فرد من افراد احكامه وشرائعه. ومع ذلك فمن تأمل واحسن تأمله في ذلك وطبقه على الواقع ان له من معرفة حكمه بحسب استعداده وفهمه وذلك فضله. وقد اشار تعالى الى هذا المعنى في الفرائض وتقدير المقدرات فقال الاباؤكم وابناؤكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا. فريضة من الله ان الله كان عليما حكيما. وقد تقدم شيء من حكمته في تقدير الفروض على اهلها. ويوجد نظير ذلك في الديات. وانها بقدر لا يزيد ولا ينقص. دية الحر المسلم الذكر مائة من الابل والانثى على النصف من ذلك. واختلف فيما سوى الابل هل هو اصل كما هو والمذهب في البقر انها مئتان والغنم انها الف شاة والذهب الف مثقال. والفضة اثنى عشر الف درهم. وان المذكورات تابعات للابل وتقويمات تزيد وتنقص بحسب نقص الابل. كما هو الرواية الاخرى عن الامام وهي الصحيحة لان ديات الاعضاء لا يختلف القول انها مقدرة بالابل فقط. والتغليظ والتخفيف في الابل فقط. فادلة اخرى ليس هذا الموضع محل ذكرها والمقصود انه جعل دية الحر بمقدار لا يزيد ولا ينقص فلا يفضل عالم على جاهل ولا عاقل على عادمه ولا حسن الخلق خلق على ضده ولا من اتصف بصفات الكمال العقلية والبدنية على من هو دونه. بل جعل الجميع في الدية سواء وفي الفطرة وفي المواريث الاوقاف والوصايا وغيرها لان هذه المعدات تشبه العبادات والتكليفات التي يشترك الناس فيها. ولانه لو جعلت بحسب القيم من الصفات فالاحرار لا يقومون شرعا ولو فرض التقويم لحصل من الهوى والحيف والغلظ والنزاع والشقاق ما يوجب اشتباك الناس في شرور كثيرة. فتولى الحكيم الرحيم تقديرها فقدرها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم. واراح الناس وقطع منازعاتهم مم ثمان الصفات الموجودة في الاحرار فيها من التفاوت والفرق العظيم معد واحد بامة عظيمة فلا يمكن انضباط ذلك. وايضا فانما هم عليه من الصفات والاخلاق والاعمال ليس القصد تقويمها وتثمينها وانما القصد اتصاف العبد بصفات الفضل والكمال ونيله من ربه على ذلك الفضل والثواب والاجر العظيم. وهذا بخلاف العبيد المماليك فانهم جارون مجرى الاموال. وقيمهم مضبوطة معروفة. فالحكمة الحكمة في تفاوتهم في الدية كالحكمة في اتلاف بقية الاموال. فكما انه مركوز في فطر الناس الفرق بين الاموال النفيسة والدنية في الاتلاف فمركوز في فطرهم الفرق بين العبد النفيس والعبد الدنيء. وهذا ظاهر ولله الحمد. ويدل على هذا المعنى ان الشارع ايضا قد الاعضاء والاطراف كل شيء بحسب منافعه. فما في البدن منه شيء واحد ومنفعة واحدة اوجب فيه دية كاملة. وما فيه جنس متعدد جعل الدية بحسب تعدده وذلك مفصل. وقد يجني عليه جناية واحدة تذهب عدة منافع فيكون عليه ديات بحسب بتلك المنافع مع انه اذا قتله واذهب جملة منافعه واطرافه فليس عليه الا دية واحدة والله اعلم. السؤال السابع ثمانون. ما الحكمة في الحدود المرتبة على المعاصي؟ وفي مقدار كل منها؟ الجواب وبالله نهتدي الى طريق الصواب. اما حكمة الباري في الحدود فاعظم من ان تذكر واشهر من ان تنكر فان فيها من الردع عن المعاصي والذنوب وانواع الظلم ما هو من ضرورات الخلق فضلا عن كمال الياتهم. فلولا الحدود التي رتبها الله ورسوله على المعاصي لتجرأ الجناة وتزاحم على الشر العصاة. ولكان كل من ليس في قلبه من الايمان ايمان ما يردعه اذا قدر على شيء من المعاصي والظلم لم يحجزه عنه حاجز. وهذا امر فطرت عليه الخليقة برها وفاجرها انه لابد من رادع يرضع المتجرئين على الشر والظلم والفساد. ولكن المقادير التي جاءت بها الشريعة احسن الاحكام واعدلها واكفها شرور فان الشارع رتب على كل جريمة ما يناسبها من العقوبة. فلما كان القتل اشد العقوبات رتبه على اعظم المعاصي واكثرها ضررا وفسادا على الكفر بانواعه وعلى الزنا اذا تفاقمت شناعته بان يقع من حر قد انعم الله عليه بالنكاح الحلال. فاذا اقر على اربع مرات او شهد عليه اربعة رجال عدول وصرحوا بحقيقة الوطء المحرم فانه يرجم بالحجارة حتى يموت ليذوق كل لعضو في بدنه من العقوبة ما ذاق من اللذة المحرمة. وليكون خزيا وفضيحة ورادعا لغيره عن جنايته. وكذلك قطاع الطريق مفسدون على الناس طرقهم بالقتل ونهب الاموال واخافة الخلق ضررهم عظيم وشرهم متفاقم. قال تعالى انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم هم من خلاف او ينفوا من الارض. بعض العلماء جعل هذا الحكم مخيرا فيه الامام بحسب ما يراه من المصلحة. وبعضهم او مرتبا على الجناية بحسبها وهو الصحيح الموافق لعدل الله وحده فان قتل واخذ المال قتل وصلب وان اخذ المال ولم يقتل قطع يده اليمنى ورجله اليسرى التي تبين انه استعان بها على قطع الطريق. وان اخاف الناس فقط نفي وشرد من الارض اما باجلال حتى لا يترك يأوي الى بلد الى ان تظهر توبته او بحبسه ومنعه من التصرف والجولان. واما السارق فلما كان اخف من قاطع الطريق من جهتين احداهما انه يسرق خفية من دون مجاهرة وغصب. والثاني انه يمكنه التحرر منه بالتحفظ والتيقظ صار اخف من قاطع الطريق وصار حده ان تقطع يمينه ثم اذا عاد قطعت رجله اليسرى اذا سرق من حرز النصاب وهو ربع دينار او ثلاثة دراهم او ما يساوي ذلك وثبت فعله بالاقرار او بشهادة رجلين عدلين فاذا اختل شرط من هذه القيود لم يقطع واما اذا كان الزاني غير محصن وهو حر فانه يجلد مائة جلدة ذكرا كان او انثى. ويغرب عاما عن وطنه ومألفه ليذوق فوق الم الضرب والاغتراب كما ذاق اللذة المحرمة. واما القذف بالزنا فانه انتهاك لعرض اخيه. وتعريضه لاساءة الناس به الظنون ولا لا يمكن المقذوف تكذيبه وازالة ما لطخ به عرضه فصار حده ثمانين جلدة اعظم من الرمي بالكفر والنفاق والفسق ونحوهما لعدم وصولهما من الضرر الى القذف بالزنا. فالقتل صيانة للاديان والابدان والقطع في السرقة والمحاربة صيانة للاموال والضرب في في صيانة للاعراض واما شرب الخمر فلما كان اخف من ذلك كله صار حده اربعين او ثمانين جلدة بحسب اختلاف الصحابة ومن بعدهم من العلماء وهوان في ضربه ليحصل الردع من غير ضرر كبير. واما المعاصي الاخر التي لم يقدر فيها حدا معينا فشرع ولاة من تعذيرهم وتأديبهم ما يوجب انقماع من تجرأ على معصيته. والتزام من ترك واجبا. وهذا يرجع الى الاجتهاد بحسب الجريمة والفاعل لها والوقت الذي وقعت فيه. فلله تعالى من النعمة على الخلق عموما وعلى المؤمنين خصوصا في الزواجر والروادع الاخروية والدنيا التي خوف بها العباد لان لا يكثر الفساد ويحصل الشقاء والعذاب ما لا يعد ولا يحصى. السؤال الثامن والثمانون ما الامور التي يحكم على الانسان فيها بالردة ويخرج عن الاسلام. الجواب وبالله التوفيق قد كثر كلام اهل العلم في هذا الباب وكثرت تفصيل وايراد انواع بل افراد من الاشياء المكفرة. وربما تركوا ما هو نظير تلك الافراد او اولى منها. والاولى في هذا الباب وفي غيره ان تذكر اجناس الاشياء والاصول التي ترجع اليها. لاجل انه اذا ذكرت الاشياء تفصيلا كان تمثيلا لا حصرا ارجعوا الى الاصل الثابت بالكتاب والسنة والاجماع. فالكافر وهو ضد المسلم والمرتد وهو الذي كفر بعد اسلامه بقول او فعل او اعتقاد او شك وحد الكفر الجامع لجميع اجناسه وانواعه وافراده وجحد ما جاء به الرسول او جحد بعضه. كما ان الايمان قادوا ما جاء به الرسول والتزامه جملة وتفصيلا. فالايمان والكفر ضدان متى ثبت احدهما ثبوتا كاملا انتفى الاخر. وقد يكون مع الانسان من الايمان وفروعه ما يستحق به المدح والثواب. ومعه من شعب الكفر والنفاق ما يستحق عليه الذم والعقاب مراد الفقهاء في الكلام على المرتد هو الذي لا يبقى معه من الايمان ما يحقن دمه. فنقول الكفار نوعان احدهما الكفار الذين لم لم يدخلوا في دين الاسلام ولا انتسبوا للايمان بمحمد صلى الله عليه وسلم من اميين ومشركين واهل كتاب من يهود ونصارى ومجوس عبدة اوثان على اختلاف انواعها ودهريين وفلاسفة وصابئة وغيرهم من اصناف الكفار والمتحيزين عن دين الاسلام هؤلاء الجنس دل الكتاب والسنة في مواضع كثيرة جدا واجماع المسلمين على كفرهم وشقائهم وخلودهم في نار جهنم الجنة عليهم لا فرق بين عالمهم وجاهلهم واميهم وكتابيهم وعوامهم وخواصهم. وهذا امر معلوم بالضرورة من دين الاسلام. فهذا القسم ليس الكلام فيه انما الكلام في القسم الثاني. الذين ينتسبون لدين الاسلام ويزعمون انهم مؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم يصدر منهم ما يناقض هذا الاصل ويزعمون بقاءهم على دين الاسلام وانهم من اهله. فهؤلاء لتكفيرهم اسباب متعددة ترجع كلها الى تكذيب الله ورسوله وعدم التزام دينه ولوازم ذلك. فمنها الشرك بالله تعالى والشرك بالرسول الشرك بالله اما شرك في الربوبية بان يعتقد احدا شريكا له في الملك او التدبير او الخلق لبعض المخلوقات او الرزق الاستقلالي واما في الوهيته وعبادته بان يصرف نوعا من انواع العبادات لغير الله تعالى بان يدعو غير الله من انبياء واولياء او غيرهم او يسجد لغير الله او يذبح لغير الله او ينذر لغير الله او يعتقد ان احدا يستحق الالوهية والعبادة مع الله تعالى ويجعل بينه وبين الله وسائط يتقرب اليهم ليقربوه الى الله. كما هو شرك المشركين الذين اخبر الله عنهم في كتابه. وامثلة هذا لا تحصى ولكن هذا اصله الذي يرجع اليه. والنوع الثالث من الشرك الشرك بالرسول. وذلك انه لا يتم الايمان بالرسول حتى يعتقد انه رسول الله الى الانس والجن والعرب وغيرهم في اصول الدين وفروعه وفي جميع ابواب الدين وانه خاتم النبيين لا نبي بعده فمن اعتقد انه رسول الى الانس دون الجن او الى العرب دون غيرهم او في بعض مسائل الدين دون بعضها او في شرائع الدين دون حقائقه وباطنه او ادعى لنفسه انه رسول الله او صدق من ادعها فكل هذه الامور وشبهها شرك بالرسول وكفر بالله وتكذيب لله رسوله وخروج عن الدين. السبب الثاني من اسباب الكفر عدم الايمان بالكتاب والسنة. وذلك انه لا يؤمن عبد حتى يعتقد ان القرآن كلام الله صدق كله حق كله. ويلتزم حكمه. وكذلك كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعتقد انه صدق كله حق كله وواجب التزامه كله. فمن جحد القرآن او شيئا منه ولو اية او امتهنه او استهزأ به او ادعى انه او مختلق او ادعى فيه ما ادعاه زنادقة الملاحدة من اهل التوحيد والفلسفة. من انه تشريع للجمهور والعوام. وانه تخييل للامور ورموز اليها ولم يصرح بالحقيقة فكل هذا كفر بالقرآن وخروج عن الدين. كذلك من زعم ان له خروجا عما جاء به الرسول من الشرع العظيم والصراط المستقيم. كذلك من انكر احدا من الانبياء الذين نص الله عليهم او نص رسوله صلى الله عليه وسلم سلم عليهم او شيئا من كتب الله المذكورة في الكتاب والسنة فهو مكذب للقرآن والسنة. بل طريقة المؤمنين الايمان بجميع كتب الله المنزلة على انبيائه وبجميع انبيائه ورسله الى الخلق لا يفرقون بين احد من رسله وكتبه ومن انكر البعث والجزا والجنة والنار فهو مكذب للكتاب والسنة. ومن جحد وجوب الصلاة او وجوب الزكاة او الصيام او الحج فهو مكذب لله ورسوله ولكتاب الله وسنة نبيه واجماع المسلمين. وهو خارج من الدين باجماع المسلمين. ومن انكر حكما من احكام الكتاب والسنة ظاهرا مجمعا عليه اجماعا قطعيا كمن ينكر حل الخبز والابل والبقر والغنم ونحوها مما هو ظاهر او ينكر تحريم الزنا او القذف او شرب الخمر فضلا عن الامور الكفرية والخصال الشركية فهو كافر مكذب لكتاب الله وسنة رسوله متبع غيره وسبيل المؤمنين. وكذلك من جحد خبرا اخبر الله به صريحا او اخبر به الرسول وهو حديث صحيح صريح فهو كافر بالله ورسوله وكذلك من شك في شيء من بعد ذلك بعد علمه به ومثله لا يجهله فهو كافر لانه تارك لما وجب عليه من الايمان مكذب كتاب الله وسنة رسوله لكن هنا تقييد لابد منه وهو ان المتأولين من اهل القبلة الذين ضلوا واخطأوا في فهم ما جاء به الكتاب والسنة مع ايمانهم بالرسول واعتقادهم صدقه في كل ما قال وان ما قاله كن له حق والتزموا ذلك لكنهم اخطأوا في بعض المسائل قبرية او العملية فهؤلاء قد دل الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدين وعدم الحكم لهم باحكام الكافرين. واجمع الصحابة رضي الله عنهم عنهم والتابعون ومن بعدهم ائمة السلف على ذلك. ولنذكر لك امثلة لهذا الاصل وهو ان الخوارج الحرورية الذين خرجوا على امير المؤمنين مؤمنين علي ابن ابي طالب رضي الله عنه. ومن معه من الصحابة والمسلمين فكفروهم واستحلوا دماءهم. الثابتة بالكتاب والسنة والاجماع اصماتها واحترامها فضللوهم واستباحوا قتالهم حيث خرجوا عليهم ولم يخرجوهم من دائرة الاسلام مع استحلالهم ما هو من ضرورات الدين ولكن التأويل الذي قام بقلوبهم وظنوا انه مراد الله ورسوله منع الصحابة من الحكم عليهم بالكفر اتباعا لقوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. قال الله قد فعلت وهذا عام في كل ما اخطأ فيه المؤمنون من الامور بالعملية والامور الخبرية. بل ابلغ من ذلك انهم يروون عنهم ويأخذون الاحاديث المتعلقة بالدين. اذا تبين صدقهم مع ان مذهبهم غير تكفير المسلمين انكار الشفاعة في اهل الكبائر مع ثبوتها وتواترها ولكنهم مع عدم تكفيرهم لهم قد حكموا بالضلال والمروق من الشريعة ومخالفة المسلمين. واستحلوا قتالهم بل رأوه من افضل الاعمال المقربة منه لشدة ضررهم في وسيفهم وكذلك المعتزلة ونحوهم معروف معاملة الائمة لهم وانهم مع شدة انكارهم لبدعهم لم يخرجوهم من دائرة الاسلام ويحكموا لهم باحكام الكافرين مع ان بدعهم مشتملة على تكذيب نصوص كثيرة من الكتاب والسنة. ونفي صفات الله وعلوه على خلقه وما اشبه هذا من الاصول العظيمة التي قررها الكتاب والسنة. ومع انكارهم وتحريفهم ومعاملتهم لائمة اهل السنة تلك المعاملة القبيحة لم يكفروهم مع انهم صرحوا ان مقالاتهم كفر ومشتملة على الكفر وذلك لاجل تأويلهم وجهلهم. وكذلك كثير مما من شاركهم في كثير من اصولهم كالاشعرية والمتريدية ونحوهم. ولهذا القول الفصل في امثال هؤلاء المبتدعة المخالفين لما ثبتت به النصوص الصريحة والصحيحة انهم في هذا الباب انواع. من كان منهم عارفا بان بدعته مخالفة للكتاب والسنة فتبعها الكتاب والسنة وراء ظهره وشاق الله ورسوله من بعد ما تبين له الحق فهذا لا شك في تكفيره. ومن كان منهم راضيا ببدعته معرضا عن طلب الادلة الشرعية وطلب ما يجب عليه من العلم الفارق بين الحق والباطل ناصرا لها رادا ما جاء به الكتاب والسنة مع جهله وضلاله واعتقاده انه على الحق فهذا ظالم فاسق بحسب تركه ما اوجب الله عليه تجرؤه على ما حرم الله تعالى. ومنهم من هو دون ذلك. ومنهم من هو حريص على اتباع الحق. واجتهد في ذلك. ولم يتيسر له من بينوا له ذلك فاقام على ما هو عليه ظانا انه صواب من القول غير متجرأ على اهل الحق بقوله ولا فعله فهذا ربما كان فورا له خطأه والله اعلم. والمقصود انه لابد من هذا الملحظ في هذا المقام لانه وجد بعض التفاصيل التي كفر اهل العلم فيها من اتصف بها وثم اخر من جنسها لم يكفروه بها. والفرق بين الامرين ان التي جزموا بكفره بها لعدم التأويل المسوغ وعدم الشبهة المقيمة لبعض العذر التي فصلوا فيها القول لكثرة التأويلات الواقعة فيها. ومما يدخل في هذا الاصل الكفر الملائكة والجن فان الايمان بالملائكة احد اصول الايمان الستة وهو في سور كثيرة من القرآن. السنة مملوءة منه. فمن لم يؤمن بذلك لم يؤمن بالكتاب ولا بالسنة. وكذلك الجن ذكرهم الله في القرآن في عدة مواضع. وذكر من تكليفهم وصفاتهم ما ذكر الكفر بهم كفر بالكتاب والسنة. وكذلك الاستهزاء بالقرآن او بالسنة او الدين. فانه كفر وزيادة. فالكفر عدم الايمان سواء اعرض او عارض وهذا معارض. وكذلك من لم يكفر من دان بغير دين الاسلام من اي دين كان. او شك في كفرهم مناقظته ذلك نصوص الكتاب والسنة. وكذلك من قذف عائشة بما برأها الله منه او انكر صحبة ابي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم لتصريحه بتكذيب الكتاب. الحاصل ان من كذب الله او كذب رسوله في شيء مما اخبر به فهو كافر. او لم يلتزم ما امر الله به ورسوله لان هذا كله مناقض للايمان بالقرآن والسنة. وكل ما ذكره الفقهاء من تفاصيل المكفرات الصحيحة فانه يعود الى هذا السبب فالكفر حق الله ورسوله فلا كافر الا من كفره الله ورسوله. فهو قد جحد ما جاء به الرسول او جحد بعضه. والله الله تعالى اعلم. السؤال التاسع والثمانون عما يحل ويحرم من الاطعمة والاشربة. الجواب وبالله التوفيق الاصل في هذا قوله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم ووصف شريعته ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. وهذا يتناول جميع الاشياء من مطاعم ومشارب وغيرها. فكل ما ليس بخبيث فهو طيب حلال. ولهذا ذكر الفقهاء هذا الاصل وبنوا عليه قالوا يباح كل طعام طاهر لا مضرة فيه. فدخل فيه انواع الحبوب والثمار وهي اوسع الاصناف حلة. ودخل فيه حيوانات البحر يصيده الذي صيد حيا وطعامه ما مات فيه. والصحيح حل لعموم حيوانات البحر. وانه لا يستثنى منها شيء كما هو القول الصحيح في مذهب الامام احمد لان نصوص الكتاب والسنة في حله عامة حتى ان حله عام للمحل والمحرم. وتباح الانعام والخيل وانواع الصيود والدجاج والطاووس ونحوها من جميع الحيوانات. ولا يحرم من الحيوانات البرية الا ما كان خبيثا قبسه يعرف بامور. واحد اما ان ينص الشارع على عينه كالحمر الاهلية وعلى حده كما حرم كل ذي ناب من السباع كل ذي مخلب من الطير واما ان يكون خبثه معروفا اما عند العرب ذوي اليسار كما هو المشهور عند الاصحاب او لا عبرة بهذا الحد بل العبرة بخبثه بنفسه وذلك كالفأرة والحية والحشرات. اربعة واما ان يأمر الشارع بقتله ويسميه فاسقة او ينهى الشارع عن قتله ستة او كان معروفا باكل الجيف كالنسر والرخم ونحوهما. سبعة او متولدا بين حلال وحرام كالبغل والسمع والاسبار او يكون تحريمه عارضا بسبب تولد الخبائث في بدنه كالجلالة التي تتغذى بالنجاسة فانها تكون خبيثة اللحم واللبن والبيض وجميع ما تولد منها حتى تمنع اكل النجاسة وتأكل الطاهر ثلاثا. واما ان يكون محرما بضرره البدني كانواع السموم او محرما لضرره العقلي كالخمر والحشيشة او محرما لان طيبه وحله شرطه الزكاة الشرعية عية فيموت حتف انفه. او يزكى في غير محل التزكية. او بغير الة الذكاة التي تحله. او المذكي لا تباح تذكيته كالكافر وغير الكتابي او يزكى ويذكر عليه اسم غير الله. فهذه الاسباب كلها تجعله خبيثا محرما. وما لم يوجد فيه سبب الخبث فهو حلال واعلم ان الخبث نوعان احدهما الخبيث لذاته كهذه الانواع المذكورة فهذا هو المحرم. والنوع الثاني الخبيث لرداءته او دنائته او رائحته فهذا النوع لا يحرم وانما يكره بعضه في بعض الاحوال. فالاول مثل قوله تعالى ولا تمموا الخبيث منه تنفقون. فان المراد به الرديء وذلك لا يحرم اكله. والثاني مثل ما سمى النبي صلى الله عليه وسلم كسب حجام خبيثة لدناءة مكسبه ولو كان حراما لم يعطي الحجام اجرة. والثالث كتسمية الثوم والبصل الشجرتين الخبيثتين ولم يأكل منهما وامر ان تقرب لبعض اصحابه ولو كان حراما لم يقر على اكلها والله اعلم. السؤال التسعون ما شروط الذكاة الجواب المذكى نوعان مقدور عليه وغير مقدور عليه كصيد ومعجوز عنه. والثاني اوسع من الاول كما يأتي والشروط للزكاة والصيد بعضها في الذبائح والصائد وهو ان يكون عاقلا مسلما او كتابيا. وان يقول بسم الله عند تحريك بيده بالذبح عند رمي سلاحه وعند ارسال الجوارح في الصيد وان يكون قاصدا للفعل. وبعضها في الالة وهو ان تكون محددة تنهر بحدها لا بثقلها. ويدخل فيها كل الة لها حد او نفوذ كالرصاص ونحوه. الا انه يستثنى من هذا الظفر والسن. وكذلك جميع العظام على الصحيح كما هو احدى الروايتين. وكما دل عليه الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم اما السن فعظم فعلله بانه عظم فدل على ان جميع العظام لا يحل الذبح بها ويشارك الصيد الذبح في الالة واشتراط التحديد والنفوذ فيزيد عليه ان ان يكون ايضا بالجوارح المعلمة من الكلاب والفهود والصقر ونحوها مما يصيد بنابه ومخلبه. ويشترط في هذه الالة ان تكون معلمة تسترسل اذا ارسلت وتنزجر اذا دعيت ولا تأكل من الصيد اذا كان كلبا. وبعض الاصحاب قال التعليم ما يعد بالعرف تعليما وهو اقرب لظاهر الاية ولسهولة الامر وان يذكر اسم الله عند ارسالها. والحكمة في حل صيدها نبه الله عليها بقوله فكلوا من مما امسكنا عليكم فانها اذا كانت معلمة فانها بمنزلة النائب عن صاحبها. ويصير قصدها المدلول عليه بالتعليم موجب بل للحل. ومنها شرط متعلق بالمذبوح وهو ان يذبحه وفيه حياة مستقرة. وان يكون الذبح في عنقه ويقطع حلقومه ومريئه فانقطع الاوداج فهو اكمل فان كان صيدا او معجوزا عنه فبان يجرحه في اي مكان من بدنه. فائدة تبين مما تقدم ان الحيوانات ثلاثة اقسام. قسم يحل ذكي او لم يذك. وذلك كحيوانات البحر والجراد. وقسم لا يحل زكي او لم يزكى وهي الحيوانات المحرم اكلها. والثالث باقي الحيوانات المباحة. تباح بالتذكية الشرعية وتحرم اذا لم توجد السؤال الحادي والتسعون ما اليمين المحترمة التي فيها الكفارة بالحنث؟ الجواب وبالله التوفيق حد اليمين والقصد بها تأكيد ذو الامر المحلوف عليه بذكر معظم. ولما كان هذا موضوعها لم يصح الحلف الا بالله تعالى. ولم يصح بالمخلوق. لانه يجب تخصيص الباري بالتعظيم وان تعقد الامور باسمه وما في معناه. والايمان التي يحلف بها الناس اقسام. احدها محرمة غير محترم ما كالحالف بالمخلوقات والانبياء والكعبة ونحو ذلك. فهذا محرم بل شرك ولا تنعقد به اليمين ولا كفارة. لان الكفارة بالايمان المنعقدة ولان القصد بها التكفير عن انتهاك الحرمة وهذه لا حرمة لها من هذا الوجه. والثاني مشروعة منعقدة بالاجماع وهي اليمين بالله على امر مستقبل قاصدا لعقدها. فهذا اذا فعل المحلوف على تركه او ترك المحلوف على فعله غير ناس ولا جاهل عليه كفارة يمين اما عتق رقبة او اطعام عشرة مساكين او كسوتهم فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام. والثالث محرمة محترمة بالكتاب والسنة والاجماع وهي الظهار فانه مع تحريمه وانه منكر من القول وزور فان يمينه وفيه الكفارة عتق فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين فان لم يستطع فاطعام ستين مسكينا. الرابع يمين محرمة وهي محترمة على المذهب وهي وهو الصحيح. ويدخل فيه ان يحرم الانسان على نفسه طيبا من سرية او طعام او شراب مباح او لباس فانه يحرم عليه ان يحرم ذلك كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ثم ذكر بعده الكفارة وهي محترمة فيها الكفارة. فهذه اليمين وان لم تكن بسم الله تعالى فانها تضمنت الزام نفسه تحريم ما احل الله عليه من المباحات. فكأنه عقدها بالله. ونظير ذلك اذا قال ان فعل كذا فهو يهودي او نصراني فانه محرم جدا. ومع ذلك اذا حنث فعليه كفارة يمين. وقيل لا كفارة في هذا والله اعلم. الخامس ايمان التي بصورة التعاليق وهي ايمان يقصد بها الحث على فعل او على ترك او التصديق او التكذيب. فالاصحاب اجروها مجرى التعاليق المحضة حيث وجدت وقع الطلاق المعلق بها وهو المفتى به في المذاهب الاربعة وشيخ الاسلام ابن تيمية وطائفة من اهل العلم ادخلوها في عموم الايمان لان عقدها عقد الايمان القصد بها ما يقصد بالايمان فجعلوا فيها اذا حنث كفارة يمين لا وقوع طلاق قد نصر هذا المذهب شيخ الاسلام في كثير مما كتبه وقررها. ورد حجج من خالف فيها. السادس نذر اليمين وهو نذر والغضب فهذا النوع لا يختلف المذهب انه جار مجرى اليمين. فيه الكفارة كفارة اليمين. وكل الايمان المنعقدة لا كفارة فيها الا بالحنث. والحنث قد يكون مأمورا به اذا حلف على ترك البر والتقوى والاصلاح بين الناس. وقد يكون منهيا عنه اذا حلف على فعل هذه الاشياء. وقد يكون مباحا في المباحات. السؤال الثاني والتسعون ما الفرق بين اليمين والنذر؟ الجواب القصد باليمين اذرع تأكيد الامر المعقود عليه الحلف والنذر ولكن بينهما فروق. احدها ان النذر التزام جازم لله تعالى. فيلتزم النادر طاعة لله قاصدا به التقرب من ربه والوصول الى ثوابه. واليمين عقدها بالله وباسمه وقصد بها مجرد تأكيدها على فعله او على تركه. فالنذر عقده لله واليمين عقدها بالله. الثاني ان النذر الشرعي لابد من فعله سواء اطلقه او علقه على حصول شيء فحصل او زوال مكروه فزال فلا ينفع فيه كفارة ولا غيرها. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم نذر ان يطيع الله فليطعه. ومن نذر ان يعصي الله فلا يعصه. وهو في الصحيح. واما اليمين فتحله الكفارة. ولهذا سماها الله فقال قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم. الثالث ان عقد الحال فيه غير منهي عنه. بل قد يكون واجبا او مسنونا بحسب باسبابه. واما عقد النذر فانه مكروه قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال انه لا يأتي بخير وانما يستخرج به من البخيل. الرابع ان الوفاء بالنذر محمود بل واجب والوفاء بموجب اليمين فيه تفصيل تقدمت الاشارة اليه. وبهذين الوجهين علم ان النذر من غرائب العلم حيث كان عقده منهيا عنه ووفاؤه محمودا مأمورا به. والقاعدة في جميع الامور ان الوسائل لها احكام المقاصد الا هذه المسألة. السؤال الثالث والتسعون ما المرجع في ايمان الحالفين؟ الجواب الاصل في مرجع الايمان النية والقصد فمتى عرف قصد الحالف بيمينه تعلقت يمينه بما قصده واراده فقدم على كل شيء فيقدم على موجبات الالفاظ على الاسباب. ولهذا تقع في اليمين التورية والتعريض لغير ظالم فيقصد شيئا ويفهم السامع شيئا اخر. فاذا عدمت النية او ونسيت او تعذر الوصول اليها الى اقرب ما يدل عليها فيرجع الى السبب الذي هيج اليمين وحمل الحالف على حلفه ثم الى مدلول للفظه وذلك يختلف باختلاف الاحوال كلها. والحاصل انه يقال ماذا اراد بحلفه ثم اقوى دليل يدل على ارادته والله الله اعلم