المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وعن انس رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الكافر اذا عمل حسنة اطعم بها طعمة في الدنيا واما المؤمن فان الله عز وجل يدخر له في الاخرة ويعقبه رزقا في الدنيا على طاعته. رواه مسلم. هذا الحديث يدل على خلاف ما يقوله كثير من اهل للعلم من ان عمل الكافر مهدر غير مقبول. ويطلقون الكلام اطلاقا. والتحقيق ان في ذلك تفصيلا تدل عليه النصوص. وهو ان السنة التي يستحق بها دخول الجنة او النجاة من النار او الخروج منها لا يستثنى منها شيء. فليس شيء من اعمال الكفار وان كثرت توجب دخول الجنة او توجب النجاة او توجب الخروج من النار. لان النصوص من الكتاب والسنة تواترت في تحريم الجنة على كل كافر. وانه لا الا المؤمنون كذلك تواترت في خلود جميع اصناف الكفار في النار. وانه لا يخرج منها احد لا بعمل عملوه ولا بشفاعة ولا غيرها واما الحسنات التي يعملها الكافر في الدنيا لله. وخصوصا الاحسان المالي او غيره الى الخلق. اذا كان قصده وجه الله عز وجل فان الله عز وجل يطعمه في الدنيا ويجازيه فيها على ذلك العمل. اما بعافية بدنه او سلامته من اخطار او زيادة رزق او حصول ولد او غير ذلك مما يتنعم به في الدنيا كما دل عليه هذا الحديث. بل وكذلك في تخفيف عقوبات الدنيا وعقوبات الاخرة. فان الكفار في النار بركات بحسب غلظ كفرهم وخفته. ولكل درجات مما عملوا. ولهذا لما كان ابو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم له ومن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم. والقيام معه ما هو معروف. خفف الله عز وجل عنه عذاب النار. فكان في دحضاح من نار عليه اعلان يغلي منهما دماغه ولولا ذلك لكان في الدرك الاسفل من النار لان كفره كفر معرفة وعناد. لانه تحقق ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف بذلك ولكن دين قومه واجداده اختاره على دين الله. بل وكذلك العقوبات الدنيوية. من تأمل عقوبات الله للطاغين رآها بحسب ما هم عليه من الطغيان. كما جرى للاقوام الذين كذبوا الانبياء فعاقبهم عقوبات مناسبة لجرائمهم. وانظر لقضية الاحزاب الذي نتحزب على النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه يوم الخندق. لما كان اليهود هم الاصل والسبب الذي جيشوا وحزبوا الاحزاب صارت العاقبة السيئة على رؤوسهم ومن نظر في احوال وقته وما قبله بيسير رأى معظم الشرور وفضائعها عمل اهل البغي والطغيان وان كان لغيرهم نصيب منها هذه حالة الله عز وجل في اعدائه. وكلها موافقة للعدل والحكمة. واما المؤمنون فان الله عز وجل يجمع لهم بين خير الدنيا والاخرة. فاذا عملوا الحسنات حصل لهم جزاء في الدنيا ورزق وحياة طيبة. وجزاء اخروي بحسب اعمالهم وفضل الله عليهم. كما في هذا الحديث وكما في قوله تعالى من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيين حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. وقوله سبحانه ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وقوله ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا