بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين قال تعالى يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا انا سنلقي عليك قولا ثقيلا ان ناشئة الليل هي اشد وطئا واقوم قيلا بسم الله الرحمن الرحيم هذه الاية الكريمة وهذه السورة الكريمة ابتدأت بقوله تعالى يا ايها المزمل وهذا نداء برفق ولين مع نبينا صلى الله عليه وسلم والمزمل المتلفف بالثياب واصل هذه اللفظة المزمل اصلها المتزمل وقد ادغمت التاء في حرف الزاي وهذا نداء يا ايها المزمل هذا نداء من الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالوصف الذي كان عليه حين نزول هذه الايات وقد نزلت هذه الايات وفيها امر الله تعالى نبيه بقيام الليل وترك النوم الا على مقدار الحاجة وترك التزمل في الثياب في النوم انما جاء الخطاب لاجل ان يشد المئزر ويقوم باداء امور الدعوة ونداء الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف هو من قبيل التلطف ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لحذيفة قم يا نومان وايضا قوله صلى الله عليه وسلم حينما سأل عن علي ابن ابي طالب وكان ناهما في المسجد قال وذهب اليه قال قم ابا تراب اذا هذا من باب التلطف والترفق والتحنن بالنبي صلى الله عليه وسلم فنادى الله نبيه بهذا تلطفا وترفقا. لماذا؟ لان المطلوب منه صلى الله عليه وسلم انذاك هو الجد والتشمير باحياء الليل بالعبادة لاجل ان يقوم باداء الرسالة ولا يستطيع الانسان ان يؤدي رسالة الله كاملة تامة موفرة حتى يقيم العبادة الخالصة لله تعالى الاية الثانية قم الليل الا قليلا اي قم الليل بالصلاة وهذا معنى قيام الليل في الشرع ولذا لم يقيد قال قم الليل ما قال بالصلاة لان قيام الليل يكون بالصلاة والصلاة جامعة لانواع الاعمال الظاهرة والباطنة بل هي عماد الاعمال وفيها انواعا من الصبر. حينما قال ربنا واستعينوا بالصبر والصلاة وانها لكبيرة الا على الخاشعين قال وانها لان الصلاة فيها دروب من انواع الصبر وقد كان قيام الليل واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه بهذه الاية حتى نسخ هذا الامر بالاية الاخيرة من السورة وبقي الامر واجبا في حقه صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك فنسيخ قيام الليل على امة محمد نسخ وجوبه وبقي واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الايجاب على النبي لاجل رفع درجته ومنزلته يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا فهذا مستثنى من الليل الذي امر بقيامه فاستثني منه القليل لاجل راحة الجسد نصفه او انقص منه قليلا فهذا نصفه بدل بعض من كل من الليل لبيان مقدار وقت القيام نصف الليل او دون النصف وهو الثلث او ازيد من النصف وهو الثلثان لقوله تعالى في اخر السورة ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه اذا هذا هو المقصود من هذه الايات يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ورتل القرآن تمثيلا معطوف على قوله قم الليل اي ورتل القرآن في صلاتك معناه اقرأ على مهل كما قال تعالى وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث اي على مهل وتؤدى وقوله ترتيلا مصدر مؤكد والترتيل عند اهل الاداء له مراتب منها التحقيق حينما يحقق الحرف تحقيقا كاملا من مخرجه وصفته مع هذه مع الحروف والتدوير والتدوير وفي التحقيق واستدر وكذا الحذر التي قراءة الحجر تستخدم لاجل الحفاظ لا بد من اعطاء كل حرف حقه من المد والغنة والاعراب والتحقيق يكون يعني اكثر عناية من التدوير ومن الحجر والحجر اقلها لكن اذا لا بد من اداء احكام التجويد في المراتب كلها وليس الترتيل هو المقامات او التمطيط الذي يفعله بعض القراء بحجة التغني سيفعلون هذا مبالغة لان الترتيل والتغني يتحقق دون التنطيط ودون المقامات ودون التكلف ودون التقليد وهذا التقليد من الخطأ لان الانسان قد اوتي ملكة ولم يؤتى الملكة التي عند الاخرين فحينما يأتي ليقلد سوف يتكلف واذا تكلف سيفوته بعض الواجبات وان الانسان عليه ان يقبل على الله متوجها اليه بقلبه وروحه كما قال تعالى ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن. اللهم اجعلنا منهم يا كريم ولذا في دعاء الاستفتاح نقول احيانا حينما نغاير في وامر ربنا بالترتيل لان بالترتيل يحصل التدبر لاي القرآن والتأثر بمواعظ القرآن انا سنلقي عليك. اي ايها النبي اي بالوحي اليه وقوله ثقيلا اي كلاما متظمنا التكاليف الشاقة انا سنلقي عليك ايها النبي اي بالوحي اليه قولا ثقيلا اي قرآنا متظمنا للتكاليف الشرعية. وسميت تكاليف لان بها كلفا والمكلف سمي مكلفا لهذا وهذه التكاليف الشاقة هي الاوامر والنواهي. فيكون الامر بفعل الاوامر وبفعل النواهي والاوامر يفعل الانسان ما استطاع منها والنواهي مأمور الانسان باجتنابها كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم وجاء الامر هكذا فما امرتكم به فاتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه لان الامر اشد من النهي فالعمل بهذه التكاليف ثقيل واعظم من ذلك مما كلف به النبي وهي وظيفته ووظيفة امته بعده الدعوة الى الله سبحانه وتعالى لان الدعوة الى الله هي الغاية من ارسال الرسل والقيام بالدعوة الى الله شاق على النفوس فان من المعلوم ان دعوة الخلق الى ما يخالف اهواءهم وعاداتهم وملة ابائهم وسير اتلافهم عبء ثقيل وشاق على النفس فحينما يأتي الداعية ويدعو الى هذا الشيء امر تستصعبه النفوس لكنه امر لا بد من فعله انا سنلقي عليك قولا ثقيلا. جاء التنكير في قول للتفخيم وجاء انا سنلقي عليك اي ايها النبي سنلقي عليك جادون اليك وهذا مناسب لما بعده فان على تدل على الوجوب وتدل على ثقل ما يلقى على عاتقه صلى الله عليه وسلم ان ناشئة الليل اي الصلاة الناشئة التي ينشأها المصلي اي ساعة من ساعة الليل اي من بعد العشاء او من بعد النوم هي اشد وطئا اي اشد ثباتا وطمأنينة ومواطئة بين القلب واللسان. اي يواطئ القلب اللسان وتكون هذه الايات هي اعظم تأثيرا في قلب القارئ وفي نفس السامع واقوى مقيلا اي ابين اداء واسلم من الغلط في التلاوة وذلك لان الليل وقت السكون وفراغ القلب من الشواغل بخلاف النهار فان الانسان قد ينشغل وحينما يصلي قد تأتيه بعض خواطر العمل اما الليل فيكون الانسان ابعد من الخواطر التي تهجم عليه من اعمال النهار وهذه الجملة انا سنلقي عليك قولا ثقيلا معترظا بين الامر بالقيام والترتيل وبين التعليل بذبح صفة صلاة الليل وهذا الاعتراض لاجل الدلالة على ان قيام الليل من اعظم ما يعين على القيام بالتكاليف الشرعية التي فيها مشقة وهذا شأن الصلاة هذا شأن الصلاة فرضها ونفلها فانها مما امر بالاستعانة بها كما قال تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة فان الصلاة تعين على قضاء حوائج الانسان اذا هذه الايات الكريمة تدل على عظم هذا الامر وربنا قال طبعا ايضا الامور المهمة في هذا يعني اهمية قيام الليل ومعلوم ان افضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل وقد اخذنا هذا اليوم في درس الفقه للمرحلة الثانية ان افضل النوافل هي قيام الليل قال تعالى ان لك في النهار سبحا طويلا واذكر اسم ربك وتبتل اليه تبتيلا رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا ان لك في النهار هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولما كان الخطاب للنبي لابد ان الانسان ان يكون له ورد كورده صلى الله عليه وسلم وهذا الحكم لما قال ان لك في النهار هذا الحكم عام له ولامته لان كل خطاب للنبي امته داخلة به حتى يلجأ دليل التخصيص سبحا طويلا اي فراغا طويلا وهذه الجملة جاءت مستأنفة للتأكيد والتعليم اي لتأكيد الامر بقيام نصف الليل او اكثر او اقل وتعيينه ذلك ان في النهار فراغا طويلا يكفي لقضاء شؤون الحياة وتعويض ما فات من النوم في الليل بسبب القيام وهذا معنى قوله سلحا طويلا. قال تعالى واذكر اسم ربك هذا جاء معطوف على اقوم الليل وقوله رتل القرآن ايضا المعنى اذكر اسم ربك باسمائه الحسنى متكلما بها وهذي الاسباب في الله الرحمن الرحيم الحي القيوم واذكر اسم ربك. وجاء ذكر اسم الربوبية لاجل تهييج النفس على العمل بانه ربك الذي يربك بالنعم ويتولاك بالوحي والرسالة فعليك ان تعمل لاداء حق ربك كما قال تعالى تأتينا بالسورة التي بعدها ولربك فاصبر وتبتل هذا معطوف على ما قبله والتبتل الانقطاع اي انقطع الى الله وهذا معناه الامر بالتفرغ لعبادة الله يعالج على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه وجهت وجهي وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين قالوا تبتل اليه تبتيلا اي لله خالصة فيه يعني ينبغي على الانسان ان يحقق الاخلاص لان في الاخلاص خلاص وقوله تبتل مصدر مؤكد للفعل الذي قبله وعزل عن التبتل الى التبتيل لتناسل رؤوس الاية والله اعلم رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا ورب خبر مبتدع محذوف تقديره هو رب المشرق والمغرب والمراد بالمشرق والمغرب عموم المشارق والمغارب وجاءت هذه الجملة مستأنفة لتعليل الامر بذكره والتبتل اليه لماذا؟ لانه رب المشرق والمغرب ونحن نرى الان اهل الدنيا يميلون الى الاقوى. وربنا جل جلاله هو القوي وهو الاقوى وهو الذي يملك الدنيا والاخرة ويملك المشرق والمغرب ويملك المشارق والمغارب فاذا مال الانسان مال الى الله والى حق الله. فربنا هو الكبير وهو الاكبر من كل كبير لا اله الا هو جملة مستأنفة ومعناها لا معبود حق سوى الله سبحانه وتعالى فهو المستحق للعبادة دون غيره تعالى وكل معبود سواه فباطل فاتخذه وكيلا هذه الفاء للتفريغ هي هذه الفاء فاتخذه وكيلا الفاء للتفريع فجاءت لتفريع الامر بالتوكل على تفرده بالربوبية والالهية. بسم الله الحمد لله فاتخذه وكيلا اي اجعله لك كافيا في جميع الامور من جلب المنافع ودفع المضار كقوله تعالى وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا والاجتهاد هنا عمل قلبي ومعناه اعتمد على الله وفوض جميعا امورك الى الله وذلك بالايمان بكفايته وهذا هو حقيقة التوكل لان التوكل صدق اعتماد القلب على الله تعالى والانسان يأخذ بالاسباب ويتوكل على الله تعالى اذا النهار ميدان واسع لشؤون الانسان ولقضاء حوائجه وربنا قد جعل النهار عاش وجعل ايته مبصرة وفي ذلك الاشارة الى ان الانسان يستعين بالقيلولة على قيام الليل وان النوم وصلاة التطوع اخص بالليل وان طلب المعاش اخص بالنهار. ولذا قال ربنا ومن اياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤك ثم من فضله ففيها ان خلاف ذلك تغيير للفطرة وتغيير للسنة الكونية والحكمة الشرعية وقد رأينا من يغاير هذه السنة فيبقى ليله يقلان ويكون في نهاره نائم نعسان وفي هذه الايات الامر بذكر الله باسمائه وهذا شامل للذكر المطلق وللذكر المقيد وفي الامر بذكر بعد قوله ان لك في النهار سبحا طويلا تنبيه الى عدم الغفلة عن ذكر الله وعلى عدم الانشغال بشؤون الدنيا. فلما الانسان ينشغل بالنهار في بعض الامور لابد ان ينقطع ويتبتل الى ربه اذا امر الله بالتبت اليه والانقطاع للطاعة انقطاعا لا يؤدي الى التفريط في الحقوق فلابد للانسان ان يحفظ حق نفسه وحق اهله وحق الناس وابتداء يؤدي الانسان حق الله وحق النبي صلى الله عليه وسلم المشارق والمغارب من ايات الله وهذه الايات تدل على قدرته وعلى حكمته وعلى رحمته وعلى كمال علمه سبحانه وتعالى وربنا جل جلاله هو الاله الحق دون سائر المعبودات من دونه وربنا يقول ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه هو الباطل اذا الانسان مغرور بالتوكل عليه سبحانه وتعالى وان ربوبية الله والاهية الله توجب التوكل عليه ولذا قال فاتخذه وكيلا بسم الله وبعد ان امر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالتوكل عليه بعد الامر له بانواع العبادة من قيام الليل وذكر الله والانطباع لعبادته فجمع بين الامر بالعبادة والتوكل عليه كقوله فاعبده وتوكل عليه ولله ما في السماوات والارض واليه يرجع الامر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون. فهي اية عظيمة في اخر سورة هود لاجل ان يؤدي الانسان حق الله لان كل شيء في الدنيا والاخرة بيد الله سبحانه وتعالى امر الله بعد ذلك نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقولون وامره بهجرهم هجرا جميلا. قال تعالى واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليلا واصبر اي اصبر ايها النبي وامر الله نبيه بالصبر هو امر لنا وجاء التكرار بالصبر بالامر بالصبر في ايات عديدة الكتاب الخالد اللهم ارفع القتل عن امة محمد. اللهم ازهق الازمات. اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد بلغ ذكر الصبر في كتاب الله في اكثر من مئة موضع واصبر على ما يقولون اي اصبر على ما يقول الكفار المكذبون من الاقوال الضالة كقولهم انه ساحر وكاهن ومجنون وشاعر وجاء التعبير لي يقولون اشارة الى استمرار اقوالهم في النبي وهذا كل داعية كما قال ورقة قال ما لم يأتي احد بمثل ما جئت به الا عودي قالوا اهجرهم هجرا جميلا اي اذى اهجرهم اي اهجرهم هجرا لا اذى معهم وفي الهجر اعراض عنهم بعد اقامة الحجة عليه مع التوكل عليه كما قال تعالى فاعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا وربنا يقول وذرني والمكذبين اي اتركني والمكذبين فهذه الواو للمعية. اي اتركني مع المكذبين وليست عاطفة هذه ليست عاطف وفي هذا هذي الاية تتضمن التهديد والتوعد الشديد للمكذبين الذين يكفرون بنعمة الله المغرورين بما اوتي بما اوتوا من نعم الله وذرني والمكذبين اولي النعمة اي اصحاب النعمة. والنعمة بفتح النون الثنعم والترفه وجمعها انعم واما النعمة بكسر النون فما يتنعم به في المطعم والمشرب والملبس وجمعها نعم نعم بكسر النون وفتح العين ومهلهم قليلا اي ومهلهم امهالا قليلا او زمانا قليلا فقليلا صفة اما لمصدر محذوف او لمفعول محذوف وقوله ومحلهم قليلا كقوله فمهد الكافرين امهلهم رويدا وهو امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم باسم بامهالهم استدراجا وهو امهال لا يطول فهو تهديد من الله تعالى اذا الانسان وكل داعية مأمور بالصبر عموما ومأمور بالصبر على امور الدعوة واذى الدعوة خصوصا وايضا في ذلك الامر بالاعراض عنهم وهو عدم اذاهم لا ترك دعوتهم ولابد للانسان من الصبر وفي هذه الايات ان الهجر الممدوح والجميل وهو ما لا اذى معه. وقد امر الله نبيه بالهجر الجميل. وبالصبر الجميل وهو ما لا جزع معه وبالصفح الجميل وهو ما لا عتاب معه وان امر الانسان مع المخالفين ومع الذين يؤذونه ينبغي ان يدور بين الصبر على اذاهم مع المخالفة او الهجر والمجانبة لكن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم وفي ذلك في البشارة للنبي بنصره على اعدائه وظهوره عليهم وبعد ان هدد الله المكذبين للرسول بقوله تعالى وذرني والمكذبين اولي النعمة اخبر سبحانه وتعالى اخبر بما اعد لهم في الاخرة من انواع العذاب من السلاسل والاغلاق من السلاسل والاغلال والنار المحرقة والطعام المؤذي الذي لا تستسيغه حلوقهم وغير ذلك من انواع العذاب الاليم عافانا الله واياكم عذاب الدنيا والاخرة فقال سبحانه ان لدينا انكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا اليما. يوم ترجف الارض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيا فقوله تعالى ان لدينا جاءت هذه الجملة لقوله تعالى ان وهذه تدل على تأكيد مضمون الجملة وهذا هو التهديد والتعبير بقوله تعالى لدينا دون عندنا فيه اشارة الى شدة العذاب وخصوصيته وتحقق حضوره انكالا اللي هي جمع نكل وهو القيد الثقيل فالانكار القيود وجحيم وهي النار اعاذنا الله منها واعاذنا الله من عمل يؤدي الى النار وسميت النار جحيما لشدة حرارتها فان مادة جحاما تدل على حرارة وتأجج وطعاما ذا غصة اي ان هذا الطعام اذا اكلوه يغصون به والى اكل الطعام الذي يغصون به فانهم سيستذكرون انهم كانوا في الدنيا اذا غصوا في الطعام دفعوه بالماء. فربنا قال وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه. بئس الشراب وساءت مرتفقا وعذابا اليما اي عذابا مؤلما وجاء تنفير انكال وجحيم وطعام وعذاب جاء للتحويل والتفخيم يوم ترجف الارض الظاهر متعلق بما تعلق به الظرف لدينا هذا هو الاشهر من اقوال المعربين والمراد باليوم هو يوم القيامة يعني ان ما ذكر من انواع العذاب واقع يوم القيامة. عافانا الله واياكم من شر ذلك اليوم وجعل الله ذلك اليوم خير ايامنا يوم ترجف الارض اي يوم ترتج وتضطرب الارض وهذا في قوله تعالى اذا زلزلت الارض زلزالها وقوله تعالى اذا رجت الارض رجا. قوله تعالى وكانت الجبال اي وصارت الجبال بعد ان كانت طالبا كتيبا اي رملا ناعما وكانت الجبال كثيبا مهيرا اي مصبوبا يسيل كالدقيق ومهيل اسم مفعول من هالة والى صبة وهذا لغة في اهانة فالفعل جاء ثلاثيا رباعيا مثل سقى واسقى وقوله تعالى يوم ترجف الارض والجبال وكانت الجبال الكثيب المهينا اعيد لفظ الجبال بالاسم الظاهر دون الظمير لان المقام مقام تخويف فناسب التكرار التكرار في الكلام يعاب لكن هنا ليس معاد لان الامر جاء للتهديد والتعظيم حتى يخاف الانسان عذاب ذلك اليوم انجانا الله واياكم من ذلك اليوم اذا النار فيها انواع الاعلان وفيها من السلاسل والاغلال والزقوم والحميم ما لا يعلمه الا الله. فيومئذ لا يعذب عذابه احد ولا يوثق وثاقه احد قال تعالى انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول فاخذناه اخذا وبيلا انا ارسلنا اليكم الخطاب للمشركين من اهل مكة والمراد دائر الناس فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقوله رسولا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الشمائل العظيمة والخصال الجليلة ويجب على المسلم ان يتعرف على خصاله صلى الله عليه وسلم شاهدا عليكم اي شاهدا عليكم بتبليغ رسالة ربها. ما هي الشهادة؟ يشهد انه قد بلغتكم رسالة ربكم. ربكم واذا هذا العلم الذي نتعلمه هو كله شاهد علينا ان رسالة الله قد بلغتنا وهذا خاص بمن ادركهم النبي صلى الله عليه وسلم ويشمل كل من بلغتهم رسالة النبي وهنيئا لمن كان في هذه الدنيا يبلغ رسالات الله ليكون حجة لله على الناس قال تعالى كما ارسلنا الى فرعون رسولا ربنا قد ارسل الى فرعون رسوله موسى واخاه هارون وقوله كما الكاف حرف جر وما مصدري؟ والجار المجرور نعت لمصدر محذوف تقديره ارسلنا اليكم ارسالا بارسالنا الى فرعون رسولا اذا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بدعا من الرسل فعصى فرعون الرسول اي عصى فرعون موسى فعصى فرعون رسول وجاءت الفي الرسول للعهد الذكري لان موسى تكرر في كتاب الله تعالى كثيرا وفي ذلك حكمة عظيمة فاخذناه اخذا وبيلا. اي اهلكناه اخذا وبيلا اي اخذا شديدا وذلك بان اغرقه الله وقومه في اليم كما اوضح الله ذلك في مواضع من القرآن وفي هذا الخبر تهديد لكل من خالف امر امر الله تعالى وامر نبيه صلى الله عليه وسلم ان يؤخذ كما اخذ فرعون وفي القرآن الكريم كثيرا ما يأتينا قرن رسالة النبي برسالة موسى وفي ذلك حكم حكم عظيمة وقصة موسى مع فرعون قصة مشهورة عند العرب وعند العجم وقد جاءت قصة موسى في سورة الاعراف وفي سورة يونس وفي سورة طه وفي سورة الشعراء وفي سورة القصص جاءت مفصلة ان هذه المشار اليه هي الايات المتقدمة وهذه الموعظة وهذه السورة وتذكرة اي تذكير اي ان هذه الايات وهذه السورة وهذه الموعظة تذكير وموعظة من الله تعالى لعباده لاجل اداء اوامر الله ولاجل الانتهاء عن نواهيه ومجملا قال تعالى انا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم كما ارسلنا الى فرعون رسولا وجه الشبه في الاية يعني في ارسال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله كما ارسل الى فرعون موسى فان الله قد ارسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى الطواغيت من قريش ولذا جاء في الخبر ان فرعون ان ابا جهل وفرعون هذه الامة ففيه اشارة الى ان الله كما ارسل الى موسى ارسل موسى الى فرعون قد ارسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى رؤساء قريش اذا من سنة الله تعالى في عباده ارسال الرسل اعذارا وانذارا ورحمة كما قال تعالى في ارسال نبينا صلى الله عليه وسلم وما ارسلناك الا رحمة للعالمين وربنا قال فالملقيات ذكرا عذرا او نذرا وقال سبحانه رسلا مبشرين ومنذرين اذا الرسل يشهدون على اممهم يوم القيامة بانهم قد بلغتهم رسالة الله تعالى ويشهدون بما كان منهم من اجابة او تكذيب او اعراض وربنا يقول فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا اذا سنة الله في المكذبين ان يأخذهم الله تعالى اخذا شديدا كما فعل بقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط واصحاب مدين واصحاب مدينة وفرعون وقومه وفرعون هو امام في العصيان والتكذيب وهو امام قومه يوم القيامة يقدم قومه يوم القيامة واورده من النار وبئس الورد المورود ثم قال تعالى فكيف تتقون ان كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا السماء فطر به كان وعده مفعولا فكيف تتقون ان كفرتم هذه الفاء لتسريع التهديد بعذاب الاخرة على التهديد بعذاب الدنيا. يوما مفعول به لتتقون اي كيف تتقون عذاب يوم ان اصررتم على الكفر وهذا الاستفهام للتنكير وهو يتضمن نفي قدرتهم على اتقاء عذاب ذلك اليوم واهواله كما بين سبحانه وتعالى ذلك في قوله لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون وفي هذا تهديد للكافرين ان اصروا على كفرهم ولم يتلوه قال تعالى يومئذ قال يجعل الولدان شيبا فكيف تتقون ان كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا فهذا وصف لذلك اليوم وفاعل يجعل ضميري يعود الى اليوم وفي هذا اخبار عن شدة اهوال يوم القيامة لان من المعروف ان المخاوف والهموم تشيب الرؤوس قال تعالى السماء منفطر به. معناه ان السماء تتفطر. في ذلك اليوم وستتشقق قال تعالى اذا السماء ان فطرت وقال تعالى اذا السماء انشقت وانتظار السماء في ذلك اليوم وما يطرأ عليها من احوال هو من جملة اهوال يوم القيامة والباء في قوله به للظرفية السماء مفطر به. للظرفية فهي بمعنى في كما قال تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار السماء منفجر جاء منفجر التذكير باعتبار ان السماء اسم جنس واسم الجنس يذكر ويؤنث ومن تأنيثها قوله تعالى افلم ينظروا الى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج وهذا من تنويع اساليب القرآن كان وعده مفعولا اي محققا كان وعده والضمير في وعده يعود الى الله تعالى اي كان وعد الله بمجيء ذلك اليوم محقق كان وعده مفعولا جاءت كان هنا لافادة التحقيق والدوام فهي للدلالة على تحقيق خبرها ولزومه لاسمها كما في قوله وكان الشيطان لربه كفورا اذا لا مرد للعذاب ولا طاقة للكافرين على دفعه عن انفسهم ومر معنا في سورة المعارض كيف بدأت في قوله تعالى سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع مع خاتمة تلك السورة بمجيء العذاب عليهم ومعلوم ان شدة اهوال يوم القيامة شدة تشيب لها البلدان فحقيق على العارف ان يسير الى الله في هذه الدنيا بمطالعة المنة ومشاهدة عيب النفس. وعليه ان يتعرف ان كل هذا سيكون يوم القيامة ويحظر الانسان عمله. فعلى الانسان ان يشتغل الان بالعمل وعليه ان لا يلهيه الامل فيترك العمل وعلى الانسان ان يجعل تقوى الله شعاره ودثاره وعليه ان يجعل محبة الله وذكر الله روح اعماله فالسماء هذه العظيمة والجميلة التي نراها الان تنفطر وتنشق وان يوم القيامة وعد من الله محقق لا محالة ويقولون متى هذا الوعد ان كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون قال تعالى ان هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا ولاجل ان يهتم الانسان بوعد الله ووعيده ومعلوم ان القرآن جميعه تذكرة وذكرى وتذكير قال تعالى كما مر معنا ان هو الا ذكر للعالمين وقال تعالى ان هو الا ذكرى للعالمين وربنا يقول فذكر ان نفعت الذكرى سيذكر من يخشى. وربنا يقول او يذكر فتنفعه الذكرى ومر معنا في اخر سورة القلم من هو الا ذكر للعالمين فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا شاء بمعنى اراد والفاء للتفريق وهو تسريع معرفة الطريق الموصل الى الله وهو الايمان به وطاعته على التذكرة بحيث من شاء ان يسلكه طلبا للنجاة ومغفرة الله وكرامته فهو ميسر واضح المعالم ومن شاء الاعراض فقد قامت الحجة عليه قال فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا اي اختار لنفسه صراطا الى الله تعالى بطاعة الله وطلب مرضاته وهذا ليس للتخيير لكن فيه الحظ والترغيب لاجل سلوك سبيل الايمان والاستقامة قال تعالى ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم ان لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن علم ان سيكون منكم مرضى واخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله واخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه. واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا واستغفروا الله ان الله غفور رحيم اذا هذه الاية الكريمة ناسخة للامر بقيام الليل على الامة وان الامر بقيام الليل على النبي صلى الله عليه وسلم بقي واجبا ان ربك هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يعلم انك تقوم اي تصلي من الليل ادنى من ثلثي الليل اي اقل من ثلثي الليل ونصفه وثلثه ونصفه وثلثه اي ادنى من ثلثي الليل ونصف الليل ودون نصف من الليل وثلث الليل ودون ثلث الليل وطائفة من الذين معك اي بعض اصحابك وطائفة معطوف على اسم ان في قوله انك تقوم وجاء مرفوعا عطفا على اسم ان بعد تمام الجملة وهو جائز والله يقدر الليل والنهار اي يقدر ساعات الليل والنهار في طول النهار ويقصر الليل ويطول الليل ويقصر النهار والليل والنهار ايتان من ايات الله واخذ الليل من النهار واخذ النهار من الليل اية ثانية من عند الله تعالى والان لا ترجع للايفون في قضية الجي بي اس وتخرج في الكرة الارضية عن طريق القمر الاصطناعي تجد نصف الكرة الارضية ليل ونصفها نهار فتبارك الله رب العالمين ربنا يقول يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وربنا سبحانه وتعالى يعلم ما مضى ويعلم ما بقي ويعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون علم الله ان لن تحصوها اي عليم ان لم اي علم الله ان لم تفصله وينهى هذه مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن والمعنى علم الله انكم لن تحصوه والظمير المنصوب وهو الهاء يعود على الوقت اي انكم لا تعلمون العلم المطابق قدر ما يمضي من الليل وما يبقى لان ذلك لا يتحقق بكلفة ومتابعة ولا يدركه الا الخواص من اهل المعرفة والحساب علم ان لم تحصوه ايضا تشمل معنى علم ان لن تطيقوه ولذا جاء عن النبي استقيموا ولن تحصوا واعلموا ان خير اعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء الا مؤمن تقيم اي ولن تطيقوا القيام بكل ما امرتم به من الطاعات فتاب عليكم هذا محل النسخ كان واجبا فتاب عليه بان رفع الله وجوبه وبقي النجو فيه والفاعل التفريع وهو تفريع التوبة المتضمنة لتخفيف ما فرضه الله من قيام الليل على ما يحصل له من المشقة ولا يلزم من الثوب عليهم انه حصل منهم ذنب بل نقص من شاءه الضعف والعدل البشري ونظير ذكر التوبة في هذه الاية لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار وتفريع التوبة والنسخ هو ما علمه الله من عجزهم عن الاحصاء اذا هذا النسخ له سبب ان السبب الاول ما علمه الله من عز وجل عن الاحصاء واذا ما علمه الله تعالى من العوارض من مظان المشقة وهي المرظ المرظ والظرب في الارض والقتال في سبيل الله وربنا يعلم ان هذا الامر لكن النسخ حينما يأتي من اجل اظهار المنة على عباد الله وربنا له المنة العظمى على فتاب عليكم اي وسع عليكم برفع ما فرض عليكم من قيام الليل ولندب الى ما تيسر وعبر بالتوبة عن ذلك لان التوبة ترفع الاسم الواقع والتوسعة برفع الحرج وازالة ما يعرض العبد للاثم من وجوب او تحريم. تمنع من الوقوع به. ففي كل من التوبة والتوسعة بالتخليص وقاية من الاثم فتاب عليكم اي بالترخيص في ترك القيام المقدر ورفع التبعة عنكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن التفريغ وهو تفريع ذكر البدل وهو قراءة ما تيسر بعد فرض مقدار معين من قيام الليل في قوله قم الليل الا قليلا وفي اول السورة على التوبة المتضمنة للتخفيف والتوسعة وعبر بالقراءة عن الصلاة لانها بعض اركانها. ودلالة على ان القراءة ركن عظيم من اركان الصلاة كما في قوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة وكما في قوله وقرآن الفجر اي صلاة الفجر فاقرأوا ما تيسر من القرآن اي ما سهل عليكم وما اسم موصول يفيد العموم فيشمل اي اي قدر من الصلاة قل او كثر. علم ان سيكون منكم مرضى وهذه الجملة مستأنفة لبيان العلة الثانية للنسخ وان هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وجملة سيكون جملة سيكون خبر ويكون هنا تاما. والمعنى علم الله انه سيكون. اي سيوجد ثم ذكر ربنا جل جلاله اصنافا من الاعذار المانعة من قيام الليل المفروظ عليهم اولا وهم المرظى والظالمون في الارظ اي المسافرون طلبا للرزق من التجارة ونحوها والمقاتلون في سبيل الله وعبر عن السفر بالظرب لان المسافر يسير في الارض فيظربها برجله وبدابته وبسيارته وحتى هذا الفطار حينما يهبط وهو يضرب الارض هابطا بالطائرة وهذه الاعذار بعضها قهري وهو المرض وبعضها اختياري وهما نوعان مباح وهو الضرب في الارض ومشروع وهو القتال في سبيل الله فتضمنت هذه الاية جماع الاعذار فاقرأوا ما تيسر منه الفاء لتفريع الامر بقراءة ما تيسر اي صلاة ما تيسر على ما سلف من الاعذار والظمير في منه عدو الى القرآن والمراد الصلاة كما تقدم وهي الامر بقراءة ما تيسر وهذا تأكيد لقوله فاقرأوا ما تيسر من القرآن وهنا ملمح وهو ان الله قد اعاد الامر بقراءة القرآن تمهيد لما بعده من الاوامر. ولما نسخ من الامر بقيام الليل وندب الى الصلاة امر باقامة الصلاة وايتاء الزكاة والمراد الصلوات الخمس والزكاة المفروظة واقرضوا الله قرضا حسنا اي انفقوا من طيب اموالكم متقربين به الى الله انفاقا طيبة به فيه فتن مخلصين فيه لله تعالى محتسبين الثواب من عند الله دون من ولا اذى ودون اسراف ولا تبذير ولا تغتير ولا تقصير وهذه المعاني كلها تدخل في قوله تعالى قرضا حسنا وسمى ربنا جل جلاله الانفاق في سبيله قرضا على وجه التشبيه لان القرض يراد به رد بدله والله قد وعد المنفقين بالاخلاص مع المظاعفة. اخلاف مع المظاعفة كما قال تعالى وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وقال تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله اجر كريم ولم يأمر ربنا جل جلاله عباده باقراضه لحاجته بل هو الغني له ما في السماوات وما في الارض بل ما يغرظه العباد لربهم هو بعظ ما اعطاهم كما قال تعالى وانفقوا مما رزقناكم وربنا قال ومما رزقناهم ينفقون وقال وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه وعظف الامر بالاقرار على الامر بالزكاة من حق في العام على الخاص لاجل التعميم وما تقدموا لانفسكم من خير هذي جملة مستأنفة. لبيان ضمان الجزاء العاجل والاجل بكل ما يقدمه العبد من عمل صالح قليلا كان ام كثيرا اذا وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه اي تجدوا جزاءه وتجدوا ثوابه عند الله اي محفوظا ومدخرا لكم عنده وهذه العندية يعني عهد وضمان وان العمل باق لهم هو خير هذه هو ضمير فصل لتأكيد الضرب لتأكيد هذا الظمير هو خير مفعول ثاني اي تجدون ثواب ما قدمتم خيرا من عملكم واعظم اجرا فان الله يجزي على الحسنة بعشر امثالها الى سبع مئة ضعف الى اضعاف كثيرة قال واستغفروه هذا امر واظف على قوله واقيموا الصلاة واتوا الزكاة وما بينهما معترض لبيان فضل لبيان فضل ما يقدمه العبد من العمل الصالح واستغفر الله هذي السين والتاء للطلب اي اسألوا الله المغفرة وللاستغفار صيغ خير الصيغ سيد الاستغفار. ان الله غفور رحيم ختمت بهذه الاية الكريمة وبهذا الكلام ان الله غفور رحيم تعليل للامر بالاستغفار وربنا الغفور هو كثير المغفرة واصل الغفر الستر ومنه المغفر وهو ما يضعه المقاتل على رأسه ليقيه الظربة فمغفرة الذنوب سترها وعدم المؤاخذة عليها والرحيم هو ربنا جل جلاله واسع الرحمة فمن المغفرة تحصل النجاة من العقاب وبالرحمة ينال الانسان الثواب فلك ربنا جل جلاله هذين الاسنين مختتما بهما هذه السورة العظيمة وكثيرا ما يقرن ربنا بين هذين الاسمين الغفور الرحيم مع تقديم الغفور على الرحيم لان الانسان بالمغفرة ينجو من عذاب الله وبالرحمة ينال الانسان رحمة الله ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم الذي يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ان يرحمنا جميعا عن وان يستعملنا جميعا في طاعته وان يبارك الله لنا ولكم في العمل الصالح الذي يقرب اليه واسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يجعل لي ولكم وللسامعين يدا مع هذا الكتاب اه العظيم ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يبصرنا بمعانيه وان يبصرنا بما فيه واسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان ييسر لنا خدمته لامتي العرب والعجم وان يبارك لكل من عمل بهذا