فان قيل كيف يستحق القود بلا بينة. قيل هذه بينة عظيمة فان البينة اسم لكل ما يبين الحق. وليس خاص بالشهود كما تقدم. ومنها ان اليمين تكون في جانب الاقوى. سواء المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب القصاص. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب القصاص. وهو ان يفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه مأخوذ من القص. وهو الاتباع. يقال قص الاثر اي اتبعه. قال تعالى فارتد على اثارهما قصصا. اي يتبعان اثاره والقصاص ونحوه مما يبين كمال حكمة الله تعالى وعدله رحمته فان الله تعالى يشرع الشرائع لكل وقت ما يوافق حاله ولما كانت هذه الشريعة كاملة من جميع الوجوه جعلها الله هي اخر الشرائع. وليس بعدها شريعة. فانها وافية ببيان جميع ما يحتاجون اليه في كل زمان ومكان. واذا اردت انموذجا لذلك فانظر الى حكمة الله تعالى في شرع القصاص. فان فيه بيان عدل الله تعالى بين عباده في الدنيا والاخرة. وفيه بيان رحمته تعالى وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله ولكم في القصاص حياة الاية فان قيل كيف نهى الله تعالى عن القتل. وشرع القصاص مع ان فيه تكفيرا للقتل قيل ليس فيه تكثير للقتل. فانه اعظم رادع عن القتل. وقد بين الله ذلك بقوله ولكم في القصاص حياة. الاية وذلك من وجوه فانه اذا علم الانسان انه اذا قتل احدا قتل به. ارتدع عن ذلك خوف القتل. ولولا ذلك لكثر القتل جدا. وايضا فانه اذا قتل احدا ثم قتل به ورأى غيره انه قد اقتص منه ارتدع غيره ان يفعل مثل فعله. فيفعل به كما فعل به. وايضا فانهم كانوا في الجاهلية لا يكفرون بقتل القاتل وحده. بل يقتلون من يتصل به من قرابته. ويقتل القوي الضعيف وتقع بينهم الحروب العظيمة. كما هو مشاهد ومعروف من حالتهم فانزل الله قوله ولا تزر وازرة وزر اخرى وشرع الاقتصاص من القاتل وحده. وحقن بذلك الدما. والقصاص ثابت في الكتاب والسنة واجماع الامة. وقد ورد الوعيد على القتل وهو من كبائر الذنوب قال تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاه اثاؤه جهنم خالدا فيها. فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا الحادي والثلاثون والثلاثمائة. الحديث الاول عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ان لا اله الا الله اني رسول الله الا باحدى ثلاث. الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته فلا يباح دم المسلم الا باحدى ثلاث كما ذكره في حديث ابن مسعود بقوله لا يحل دم امرئ مسلم يشهد لا اله الا الله واني رسول الله. هذه الجملة كاشفة. فان عرف المسلم بقوله يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله الا باحدى ثلاث. احداها قال الثيب الزاني. اي فيرجم فيه اشنع القتلات. فانه يرجم بالحجارة حتى يموت. ويثبت الزنا بشهادة اربعة رجال. او اقراره اربع مرات. والثيب هو من دخل بزوجه ووطئها في نكاح صحيح. واما البكر فيجلد مائة ويغرب عاما وهذا الحد رحمة بالمحدود. لانه ردع له عن مثل هذا الفعل وايضا فانه كفارة له. وايضا رحمة بغيره ليرتدع عن ذلك الفعل فينبغي لمن يقيم الحدود من امام او نائبه ان يحسنني متى؟ وينوي رحمة المحدود وردعه عن مثل هذا الفعل. وتطهيره مما ما وقع منه فبذلك تحصل البركة بحده. بخلاف من يقصد مجرد التشفي والانتقام. ودفع غضبه الشخصي فقط. الثانية قال والنفس بالنفس اي من قتل نفسا فانه يقتل بها. وهذا عام هواء كان المقتول شريفا او وضيعا. كبيرا او صغيرا. عربيا او عجميا ذكرا او انثى. فيقتل الشريف بالوضيع. والكبير بالصغير ولو قتله وهو في المهد. والعربي بالعجمي والعالم بالجاهل والذكر الانثى فان قيل فما تقولون في قوله تعالى فان مفهومه ان الذكر لا يقتل بالانثى. فالجواب عنه من وجوه. احدها ان لا عموم له. فان العموم للمنطوق خاصة. الثاني انه ثبت فكما يأتي بالسنة الصريحة الصحيحة. ان الرسول قتل اليهودي بالجارية قصاصا الثالث ان عموم قوله وكتبنا عليهم فيها والعين والاذن بالاذن والسن بالسن قصاص. مقدم على مفهوم قوله ففي هذه الاية ثبوت القصاص بالنفس الاطراف والجراح. فهذا من حكمة الله تعالى وعدله. واما لو قتل الصغير والمجنون احدا فلا يقتل به. لانه ليس بمكلف. وعمدهما خطأ تجب فيه الدية على عاقلتهما. واما الانثى فهي كالرجل اذا ثبت القصاص. واما في الدية فعلى النصف من دية الرجل. الا فيما دون ثلث فديتهما فيه واحدة. وهنا مسألة من غرائب العلم وهي انه لو قطع من الانثى ثلاثة اصابع. ففي ذلك ثلاثون بعيرا لان دية الاصبع عشر من الابل. ويستوي في ذلك الذكر والانثى لانها لم تبلغ ثلث الدية. فلو قطع اربعة ففيها عشرون لانها زادت على الثلث. فكانت نصف دية الذكر. ودية الاربعة من الذكر اربعون ولو قطع منها خمسة فعليه خمسة وعشرون. فاذا قطع انها ستة اصابع فعليه ثلاثون. وهذه من الغرائب. ولهذا لما سأل رجل سعيد ابن المسيب عن ذلك وقال كيف لما عظمت مصيبتها قل عقلها قال تلك السنة يا ابن اخي واما ما دار على السنة العوام من ان دية العبد اي الخضيري الذي ليس بقبيلي نصف دية القبيلي فلا اصل له وهما سواء. واما العبد المملوك فديته قيمته لانه ومن جملة السلع فان قيل هل يقتل الحر بالمملوك؟ قيل في هذه في مسألة خلاف طويل بين العلماء. وقد تجاذبتها الادلة من الجانبين فلهذا كثر فيها الخلاف. الثالثة قال والتارك لدينه المفارق للجمال قيل معناه انه الذي يرتد بعد اسلامه. ويفارق جماعة المسلمين فيستتاب فان تاب والا قتل. سواء كان ذكرا او انثى. فان انه اعظم من الكافر الاصلي. لان الانثى لا تقتل اذا كانت كافرة اصلية واما المرتدة فتقتل. وقيل معناه الذي يخرج على الامام ويفارقه وجماعة المسلمين. ويكون معنى قوله لدينه. اي في في هذه المسألة لانه ورد من مات وليس في رقبته بيعة لامام مات تميتة جاهلية. فيلزم طاعة الامام ولو كان ظالما. كما ورد اسمع واطع ولو ضرب ظهرك واخذ مالك. ولا يجوز الخروج عليه لظلمه فاذا خرجت عليه طائفة وجب على رعيته اعانته على قتالهم كما ورد من جاءكم وامركم على رجل منكم يريد ان فرق جماعتكم فاقتلوه. فمن خرج على الامام فدمه هدر. والمعنى صحيح ان ولعل الاول اقرب لمراد الحديث. وقد ذكر الفقهاء وها بابا في بيان حكم المرتد. والاشياء التي تحصل بها الردة الثاني والثلاثون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن مسعود اول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء. اي القتل غير حق. فانه من اعظم الظلم. فلهذا كان هو اول ما يقضى به بين الناس لخطره. فان الله تعالى يحاسب الناس ويقتص لبعضهم من بعض حتى من لا عذاب عليه من البهائم. فيقتص للشاة الجماء من الشاة ذات القرناء اي التي نطحتها في الدنيا ويقتص للمظلوم من الظالم واول ما يبدأ به الدماء. ولا ينافي هذا ما ثبت انه او اول ما يحاسب عنه العبد صلاته. فان صلحت صلحت سائر الاعمال وان فسدت فسدت سائر الاعمال. فان هذا اول ما يحاسب عنه العبد فيما بينه وبين ربه صلاته. وفي هذا الحديث اول ما يقضى به بين الناس في دماء اي في المظالم التي بين الخلق. فلا بد من المحاسبة واخذ الحق من الظالم ولا فداء ولا مال ذلك اليوم. وانما يستوفى من الاعمال فيؤخذ من حسنات الظالم فيعطى المظلوم منها بقدر حقه. فان لم يبقى من من حسناته شيء اعاذنا الله من ذلك. اخذ من سيئات المظلوم فطرح على الظالم فباء بالخسران المبين. فلا يحصل لاحد دخول الجنة حتى يهذب وينقى. حتى انهم اذا عبروا على الصراط وهو الورد الذي ذكره بقوله ولا يعبره الا اهل الجنة. فاذا عبروا وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار. فيقتص لبعضهم من بعض. فاذا هذبوا ونقوا اذن لهم في دخول الجنة. جعلنا الله من اهلها بمنه وكرمه. الثالث والثلاثون والثلاثمائة. الحديث الثالث. عن سهل بن ابي حثمة انه قال انطلق عبد الله ابن سهل ومحيصة ابن مسعود الى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا. فاتى محيصة الى عبد الله ابن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه. ثم قدم المدينة فانطلق عبدالرحمن ابن سهل وحويصة ومحيصة ابن مسعود الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فذهب عبدالرحمن يتكلم فقال رسول الله صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم كبر كبر. وهو احدث القوم فسكت فتكلم فقال اتحلفون وتستحقون دم قاتلكم او صاحبكم. قالوا وكذب كيف نحلف ولم نشهد ولم نرى قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا قالوا كيف نأخذ بايمان قوم كفار؟ فعقله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من عنده. وفي حديث حماد بن زيد فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. يقسم خمسون منكم على رجل منهم في دفع برمته. قالوا امر لم نشهده كيف نحلف. قال فتبرأكم يهود بأيمان خمسين منهم. قالوا يا رسول الله قوم كفار. وفي سعد بن عبيد فكره رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يبطل دمه. فوداه بمئة من ابل الصدقة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث سهل ابن ابي حثمة انطلق عبدالله ابن سهل ومحيصة ابن مسعود الى خيبر وهي يومئذ صلح. اي بعدما فتحت. فانها فتحت سنة سبع من الهجرة عنوة. وقسمها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم بين الغانمين. واقر فيها اليهود على ان لهم نصف الخارج منها كما تقدم فتفرقا اي كل ذهب وحده. فاتى محيصة الى عبد الله وهو يتشحط في دمه قتيلا. فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبدالرحمن بن سهل اخو القتيل. وحويصة ومحيصة ابن مسعود اي ابناء عمه الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي مستعدينه على اليهود. فذهب عبدالرحمن يتكلم اي لانه اقرب منهما وازيد حقا. فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم كبر كبر. وهو احدث القوم. اي ولو كنت اقرب كل منكم له حق. فينبغي ان يبدأ الاكبر فالاكبر. فسكت رضي الله عنه لامره صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فتكلما وقص عليه خبرهما فقال اتحلفون وتستحقون دم قاتلكم او صاحبكم وفي الرواية الاخرى يقسم خمسون منكم في الرواية الاخرى تحلفون خمسين يمينا. اي ان هذه قرينة ظاهرة على ان اليهود قتلوه. ولكن لا توجب القصاص وحدها حتى تحلفوا خمسين يمينا فيقوم ذلك مقام البينة. وتستحقون دم القاتل فقالوا وكيف نشهد ولم نر قال فتبرئكم يهود بخمسين يمينا اي فيبرؤون من هذه الدعوة. فقالوا يا رسول الله كيف نأخذ وبايمان قوم كفار. اي ان الكفر اعظم من الحلف على الكذب. فانهم يحلفون ولا يبالون. وفي الرواية الاخرى يقسم خمسون منكم على رجل فيدفع برمته. اي انه يقاد به. وقوله عقله رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من عنده. وفي الرواية الاخرى فكره ان يبطل دمه فوداه بمائة من ابل الصدقة. فهذا الحديث اصل في باب القسامة. وهي ايمان مكررة على دعوى قتل معصوم. وفي لوث واللوث شرط فيها. واختلف العلماء في اللوث. المشهور في اذهبي انه العداوة الظاهرة فقط. والصحيح انه كل قرينة ظاهرة يغلب الظن معها على صدق المدعي. مثل لو رؤي قتيل يتشحط في دمه وانسان منهزم معه سكين او سلاح فيها اثر الدم. ومثل لو رؤي بعض اهل ففيه مع انسان قد اخذه وهو مقتول. ومثل لو وجد في داره ونحوه فعلى المذهب لا يكون هذا لوثا. وعلى الصحيح انه لوث. وهو وكالعداوة الظاهرة واولى. وفي الحديث فوائد كثيرة. منها ما حكم القسامة انه يحلف اولياء القتيل الذكور خاصة. سواء الوارث وغيره لانهم شركاء في العقل والنصرة. فان كانوا خمسين قسمت الايمان على عددهم وان كانوا اقل وزعت عليهم. فاذا حلفوا فان شخصا او جماعة قد تمالؤوا على القتل اقيلوا به. وان امتنعوا من الحلف ردة في الايمان على المدعى عليهم. فحلفوا خمسين يمينا وبرئوا. وانك قضي عليهم بالنكول واقيد به. لان نكولهم مع اللوث كالشهود المدعي او المدعى عليه. ففي هذا لما كان الاقوى المدعي جعلت اليمين في جانبه ومنها انه ينبغي تقديم الاكبر ما لم يكن للاصغر مزية توجب ومن هذا قالوا اذا استووا في الفقه والقراءة قدم في الايمان قامت الاكبر ونحو ذلك. فان كان للاصغر مزية توجب تقديمه قدم كما لو كان هو الايمن. فيقدم بالشراب والسلام ونحوهما ولهذا لما شرب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وكان عن يمينه ابن عباس وهو صغير. وعن يساره الشيوخ ابو بكر وعمر استأذن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ابن عباس ان يعطيهم فضلة الشراب فقال رضي الله عنه ما كنت اوثر بفضلة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم احدا. فهذا من فقهه وذكائه فانه لم يقل لست بمؤثرهما. فيكون فيه قلة ادب. ولكن انه اخبر انه لا يقدم احدا ببركة فضلة شرابه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفي استئذانه دليل ان الحق له وان كان اصغر لهذا المرجح وهو كونه عن يمينه. ومنها انه يجب على الامام ان يعقل من جهل قاتله. كمن هلك في زحمة جمعة او عيد. او عند رمي الجمار ونحو ذلك ومن ذلك القسامة اذا لم يحلف المدعي وحلف المدعى عليه لانه لا يضيع حق اهله. فتجبر خواطرهم بديته من بيت مال فان قيل كيف وداه من ابل الصدقة مع ان هذا ليس من الاصناف ثمانية والزكاة خاصة لتلك الاصناف التي ذكر الله تعالى فقال ابن القيم في الجواب عن هذا الايراد ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم غارم لاصلاح ذات البين. فلهذا دفع من الزكاة لان الغارمين صنف من الاصناف الثمانية. وهذا الجواب ضعيف والظاهر ان اولياء المقتول مستحقون للاخذ من الزكاة. فدفع اليهم بقدر جبرا لخواطرهم. وابيح ذلك من الزكاة لانهم من اهلها ولعل هذا احسن ما يقال من الاجوبة في هذا. الرابع والثلاث ثلاثون والثلاثمائة. الحديث الرابع. عن انس بن مالك رضي الله عنه ان جارية وجد رأسها مردودا بين حجرين. فقيل من فعل هذا بك فلان فلان حتى ذكر يهودي. فاومأت برأسها. فاخذ اليهودي فاعترف فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يرد رأسه بين حجرين ولمسلم والنسائي ان يهوديا قتل جارية على اوضاح فاقاده بها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس رضي الله عنه ان جارية وجد رأسها مربوطا بين حجرين. اي وكان بها رمق ولكنها لا تقدر على الكلام. فقيل من فعل بك هذا فلان فلان اي عدوا من اتهموه في ذلك. حتى ذكر يهودي فأومأت برأسه فيها اي اشارت اليهم النعم. فاخذ اليهودي فاعترف. اي قرر حتى ااقر فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يرض رأسه بين خيارين اي جزاء له بما فعل. وفي الرواية الاخرى قتل جارية اوضاع وهي القلادة فيها الخرز مفصلة بالفضة. اي انه قتلها لاجل هذه القلادة. ففي هذا الحديث فوائد عديدة. منها انه يقتل الذكر بالانثى. وقد تقدم الجواب عن قوله من ثلاثة اوجه احدها ان المفهوم لا عموم له. الثاني ان نعوم قوله النفس بالنفس مقدم على مفهوم قوله الثالث ان هذا الحديث صريح في قتل ذكري بالانثى فان قيل انما قتله لانه انتقض عهده بقتل الجارية فليس القتل قصاصا. فالجواب ان هذا مردود بصريح قوله فاقاده وبأنه رب رأسه. ولو كان لانتقاض عهده لقتله بالسيف من فوائد هذا الحديث انه يقتل القاتل بما قتل. وقد اختلف العلماء في في هذه المسألة فمذهب احمد انه يقتل بالسيف مطلقا. سواء قتله او القاه من شاهق فمات. او القاه في نار اوض رأسه فمات استدلالا بقوله عليه السلام واذا قتلتم فاحسنوا القتلة والوجه الثاني في المذهب انه يفعل به كما فعل. فلو رض رأسه رد رأسه ولو القاه من شاهق القي منه. ولو القاه في نار القي في النار واستدلوا بهذا الحديث. فان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم رد رأسه اليهودي كما فعل هو بالجارية. ولان معنى القصاص لا يفهم منه الا هذا فانه كما قالوا من قص الاثر. ومعناه الاتباع. فهو ان يفعل بالجاني كما فعل وليس من العدل ان يقتل بالسيف ويراح بذلك. وقد عذب مقتولة بالنار. او بالقتل الشنيع. مع ان من فوائد القصاص اظهار عدل الله تعالى وايضا فانه اذا فعل به كما فعل كان ابلغ في الردع عن هذا الفعل واجابوا عن استدلالهم بقوله واذا قتلتم فاحسنوا القتلة بان الامر باحسان القتل في الحدود ونحوها من الاشياء التي توجب القتل واما القصاص فلا يدخل في هذا. لفعله صلى الله عليه وعلى اله سلم ولمعنى القصاص ولقوله ولا شك ان هذا اصح من الاول فان فعل به كما فعل ولم يمت اعيد حتى يموت. فلو القاه من شاهق مثلا فمات القي هو من الشاهق. فان لم يمت القي ثانيا. وهكذا حتى يموت ومنها انه يعمل بقول المدعي في مثل هذه الحالة. التي يغلبها على الظن ثبوته فيها. ويعمل بقوله من جهة ثبوت الشبهة. ولا يعمل به مطلقا. فيثبت ذلك تقريره وحبسه وتعذيره. فان اقر ثبت تلحق كله باقراره. والا لم يثبت. وهكذا كل امر فيه شبهة كما دفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كنانة ابن الربيع الى الزبير لما كتم ما لبن النضير وذلك انه لما فتح خيبر وسأله عن المسك الذي فيه مال حيي بن اخطب. فقال اذهبته النفقات فقال المال كثير والعهد قريب. وامره ان يمسه بشيء من العذاب حتى اقر الخامس والثلاثون والثلاثمائة. الحديث الخامس. عن عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مكة. قتلته ليل رجلا من بني ليث بقتيل كان لهم في الجاهلية فقام النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال ان الله عز وجل قد حبس عن مكة الفيل. وسلط عليها رسوله مؤمنين وانها لم تحل لاحد كان قبلي. ولا تحل لاحد بعدي وانما احلت لي ساعة من النهار. وانها ساعتي هذه حرام. لا يعبد شجرها ولا يختلى خلاها. ولا يعضد شوكها ولا تلتقط ساقطتها الا لمنشد. ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين اما ان يقتل واما ان يفدى. فقام رجل من اهل اليمن يقال له ابو شاة فقال يا رسول الله اكتبوا لي. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم. اكتبوا لابي شاة. ثم قام العباس فقال يا رسول الله فانا نجعله في بيوتنا وقبورنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الا الادخر. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي هريرة لما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم مكة وذلك سنة ثمان من الهجرة. قتلته ذيل رجلا من بني ليث. بقتيل كان له هم في الجاهلية. اي انهم تغانموا الفرصة واخذوا ثأرهم. فقام رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي مذكرا بحرمة مكة. ولاجل هذه الواقعة فقال ان الله حبس عن مكة الفيل هو الذي ذكر الله في القرآن بقوله الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل. الم يجعل في تضليل. اي جماعات متفرقة فجعلهم كعصف مأكول. اي لما ارادوا بيت الله الحرام. وكان اصحاب الفيل نصارى واهل مكة مشركين. والنصارى قائد ذاك احسن حالا من المشركين. ولكن الله تعالى حمى بيته وحرمه من كيده وان كان اهله على غير حق. فهذا اكرام لبيته وحفظ له قوله وسلط عليها رسوله والمؤمنين. اي اباح لهم القتال في ولهذا قال وانها لم تحل لاحد كان قبلي. ولا تحل لاحد بعدي وانما احلت لي ساعة من نهار. اي وقد مضت تلك الساعة. ولهذا فقال وانها ساعتي هذه حرام. وفسر التحريم بقوله لا يعضد شجرها اي لا يقطع. وهذا عام لجميع الشجر. ولا يختلى خلاها وهو الحشيش الرطب. اي لا يحش ولا يعضد شوكها. اي لا يقطع حتى الشوك ومع انه مؤذ. ولا تلتقط ساقطتها اي لقطتها. الا لمنشد اي كما تقدم انها لا تملك كلقطة غيرها. بل يعرفها دائما وابدا او يدفعها الى الامام او يتصدق بها عن صاحبها. بقصد الضمان ان وجده فان وجد صاحبها خيره. فان شاء ضمنه والاجر للملتقط. وان شاء انضسط صدقة وله الاجر. وهذا هو الصحيح. والحرم له احكام كثيرة تختص دون غيره. وقد تقدم بعضها. ومن تتبع ما ذكره الفقهاء ظفر بكثير منها وقوله ومن قتل له قتيل اي سواء كان ذكرا او انثى انثى صغيرا او كبيرا. فهو اي ولي المقتول. وهو وارثه. بخير نظرين اما ان يقتل ان يقتاد من القاتل واما ان يفدى اي ان احب الفداء فله ذلك. ففيه على ان الخيرة بيد اولياء المقتول وهم ورثته. والافضل لهم العفو مطلقا. ثم العفو الى الدية. ما لم يكن ثم مرجح للقود. فالافضل اذا ان يقتاد. وفيه انه لو عدل الى الدية لم يمكن من الرجوع الى القود. وفيه انه يجب على القاتل الدية. اذا طلبها اولياء المقتول. لان الخيرة لهم. وفيه انه يجوز ان يتراضوا على اكثر من الدية. ولهذا لما ثبت القتل على هدبة بن خشرم من التابعين حبس حتى بلغ ابن القتيل. فخير فاختار القود. فاجتمع ناس من فاضل التابعين. منهم عبد الله بن جعفر وجماعة معه. فبذلوا لابن القتيل سبعا عاديات ويعفو فابى. وقصته مشهورة. فلما كانت هذه الخطبة جليلة القدر عظيمة الفائدة. قام رجل من اهل اليمن يقال له ابو شاة قال يا رسول الله اكتبوا لي اي مضمون هذه الخطبة وما اشتملت عليه. فقال رسول قول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اكتبوا لابي شاة. فاستدل هذا على مشروعية كتابة العلم. وفي الكتابة فوائد كثيرة ومصالح عظيمة فلولا الكتاب لضاعت مصالح الناس الدينية والدنيوية. ولهذا امتن الله تعالى على خلقه في اول سورة نزلت بتعليمه القلم فقال اقرأ باسم ربك. الى اخره. فلا يمكن حفظ القرآن والسنن ومسائل العلم بدونها. وكذلك لولاها لم يمكن الناس المتاجرة الا التجارة المتداولة. فمصالح الكتابة كثيرة. وقد امر الله تعالى من علمه الكتابة ان يكتب لمن لا يعرف الكتابة فقال ولا يأبى ان يكتب ما علمه الله. وهكذا كل من انعم الله عليه عليه بنعمة. فينبغي ان يبذل من تلك النعمة لمن حرم منها. كالغني يؤمر بالصبر على الفقير ونحو ذلك. وفيه مشروعية كتاب الحاكم الى حاكم. او والى من يصل اليه كتابه. وفيه انه لا يشترط ان يحضر الحاكم شاهدين ويقرأ عليهما كتابه ويقول اشهدا ان هذا كتابي الى فلان ابن فلان كما اشترط ذلك بعضهم. وهو مذهب احمد. ولكنه ضعيف جدا فالصحيح والعمل على خلافه منذ ازمنة طويلة. ولا دليل مع من اشترى ذلك فقد كان صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا يستعمل ذلك. ولم يأمر به وقوله ثم قال العباس يا رسول الله الا الادخر. اي لما بين لهم تحريم جميع نبات الحرم. ذكره استثناء الاذخر. وبين حاجتهم الى ذلك بقوله فانا نجعله في بيوتنا اي فوق السقوف. ويجعل الطين عليه. وفي قبورنا اي على خلل اللبن. بمنزلة الوشايض عندنا وقد تقدم في المناسك انه قال فانه لقينهم. اي الحداد فيكبس به لانه سريع الولوع. والاذخر نبت معروف ذكي طيب الرائحة فقال الا الاذخر. لما علم حاجتهم وقد ادبه الله تعالى وعلمه ما لا لم يعلم فعلم حكمة الله ورحمته وتيسيره على خلقه. فذكر اباحته وقد تقدم ان في هذا فضل العباس رضي الله عنه. وتقدم ان جميع نبات الحرم محرم. ويستثنى من ذلك اشياء. منها الادخر ومنها ما زرعه او غرسه الادمي ومنها الشجر اليابس. ومنها ما وجد وجده منفصلا عن شجر ولو كان رطبا. ومنها الكمأة وهو الفقع يجوز ترك البهائم ترعى برؤوسها. وما سوى ذلك لا يجوز قطعه السادس والثلاثون والثلاثمائة. الحديث السادس. عن عمر بن الخطاب الخطاب رضي الله عنه انه استشار الناس في املاس المرأة. فقال المغيث بن شعبة شهدت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قضى فيه بغر عبد اوأمة. فقال لتأتين بمن يشهد معك فشهد معه محمد بن مسلمة. رواه البخاري ومسلم. املاس المرأة ان تلقي جنينها ميتا. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر رضي الله عنه انه استشار الناس في املاس المرء وفسره بقوله هو ان تلقي جنينها ميتا. اي المسمى السقط اي لما وقعت في زمن عمر رضي الله عنه جمع الناس في ذلك. وكانت هذه عادته الجميلة وسيرته الكريمة اذا وقعت حادثة واشكل عليه حكمها جمعهم واستشارهم. مع انه رضي الله عنه اعلم الامة بعد ابي بكر. ولهذا لما توفي عمر رضي الله عنه قال ابن مسعود ذهب تسعة اعشار العلم ولكن قد يجهل العالم المسألة. ويعلمها من هو دونه بالعلم وايضا فان بالمشورة تذكير بعضهم لبعض. والتفكر فيما بينهم وبذلك يستخرج العلم. فكانوا اذا اجتمعوا تباحثوا. فان كان في المسألة نصا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انقطع النزاع. وتبعوا والعياذ بالله في بعض البهائم. خصوصا التي لا تؤكل كالحمر فاذا تعطلت منفعتها اما قتلها او تركها للسباع. وكما اذا وقعت في الم شديد وقتلها يريد اراحتها. فهذا والعياذ بالله مجترئ قوله لانه لا حكم مع حكم الله ورسوله. كما جمعه هم حين وقع الطاعون بالشام. واستشارهم في الرجوع او القدوم. فاشار عليه بعض بعضهم بالقدوم. وقالوا لا تفر من قدر الله. واشار بعضهم بالرجوع وقال فر من قدر الله الى قدر الله. وضربوا له مثلا فقالوا لو ابل وانت في ارض مجدبة. هل تقيم فيها او تطلب لابلك ارضا وكان عبدالرحمن بن عوف غائبا. فلما حضر اخبره بان الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال اذا وقع وانتم في فلا تخرجوا منها تطيرا منه. وان لم تكونوا فيها فلا تقدموا اليها فان لم يكن في المسألة حكم لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم تشاوروا ومضوا على ما يتفقون عليه كلهم او جمهورهم فلما جمعهم في هذه القضية قال المغيرة ابن شعبة شهدت النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قضى فيها بغرة. وفسرها في قوله عبد او امة وقد ورد ان قيمته خمس من الابل عشر دية امه فقال لتأتين بمن يشهد معك فشهد معه محمد ابن مسلمة. وهذا ليس عدم قبول لشهادة الواحد. فانه وبالاتفاق انه يقبل قول الواحد ولو امرأة في الرواية. ومثل ذلك الاخبار الدينية كرؤية هلال رمضان ونحو ذلك. ولكن عمر رضي الله عنه اراد الاحتياط لثبوت هذا الحكم الشرعي. لانه علم انه حكم يستمر العمل به الى يوم القيامة. ففيه حسن حال الصحابة رضي الله عنهم خصوصا الاخصاء منهم كالخلفاء الراشدين وفيه انه يجب في الجنين غرة عبد او امة. قيمته خمس من الابل عشر دية امه. فان لم يوجد عبد او امة قيمته كذلك دفع اليهم خمس من الابل ولو كانت الجناية عمدا. هذا اذا الم يولد حيا. فان ولد حيا حياة مستقرة ليست كحركة المذبوح ومات من تلك الجناية ففيه دية كاملة. فان كانت ام امة ففيه عشر قيمة امه اذا ولد ميتا. السابع والثلاث والثلاثمائة. الحديث السابع. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال اقتتلت امرأتان من هذيل. فرمت احداهما الاخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها. فاختصموا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقضى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان نادية جنينها غرة عبد او وليدة. وقضى بدية المرأة على عاق عقيلتها. وورثها ولدها ومن معهم. فقام حمل بن النابغة الهدى فقال يا رسول الله كيف اغرم من لا شرب ولا اكل ولا نطق ولا استهل. فمثل ذلك يطل. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انما هو من اخوان الكهان. من اجل سجعه الذي سجع رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته ولعل القضية التي شهد المغيرة هي التي ذكرها بقوله في حديث ابي هريرة اقتتلت امرأتان من هذيل وهم القبيلة المعروفة في ارض الحجاز. والاقتتال يطلق على الاقتتال بالعصي والسلاح والاختصام باللسان وهو المراد في هذا. وقوله فرمت احداه الاخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها. وهذا القتل يسمى شبه عمد فان القتل ثلاثة اقسام. احدها العمد وهو الذي يقصد الجناية فبما يقتل غالبا. فهذا فيه القصاص. الثاني شبه العمد وهو ان يقصد الجناية بما لا يقتل غالبا. مثل هذه الصورة فانها قصدت رميها بالحجر. لكن تظن انه لا يقتلها الثالث الخطأ. وهو الا يقصد الجناية. وفيه مدية ولا قصاص وشبه العمد كالعمد في الاثم. وقوله فاختصموا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان دية الجنين غرة عبد او وليدة. وقضى بدية المرأة على عاقلتها. وورثها ولدها ومن معهم. اي لان لا يوهم ان الارث للعاقلة. كما ان الدية على عاقلة المرأة والعاقلتهم ذكور العصبات. ولو لم يكونوا وارثين. لان مبناها على النصرة. وفيها التخفيف عليهم من وجوه. منها ان توزع عليهم بقدر قربهم وبعدهم. ومنها انها تؤجل عليهم ثلاث سنين ومنها انهم لا يحملون الا دية الخطأ وشبه العمد. ومن انهم لا يحملون ما دون ثلث الدية. وهل يحمل الجاني معهم ام المشهور من المذهب لا يحمل معهم. فان عدموا فالدية على بيت في المال فان لم ينتظم سقطت ولو كان من اغنى الناس. وعنه انه ويحمل معهم كواحد منهم. وهذا هو الصحيح بلا شك. وقوله على حدود الله. فيجب عليه النفقة عليها. ولا يذبحها الا فاذا كانت تؤكل واراد ذبحها للاكل فقام حمل ابن النابغة الهذلي احد عاقلة المرأة. فقال يا رسول الله كيف اغرم من لا شرب ولا اكل ولا نطق اي تكلم. ولا استهل اي صاح فمثل ذلك يطل. اي يهدر. فلما كان هذا الكلام معارضا لحكم الله ورسوله. قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ان ما هو من اخوان الكهان. من اجل سجعه الذي سجع. وكانت عادته هم في الجاهلية اذا اختلفوا في امر اتوا الكاهن. فصنف لهم كلاما وسجعا فلهم فيلزمون حكمه طوعا او كرها. وكان الكهان لهم اخوان من الجن يوحون اليهم بالاحكام الجائرة. ففي هذا الحديث فوائد منها ان قتل شبه العمد تحمله العاقلة. ومنها ان العاقلة لا تحمل الجنين الا اذا قتل مع امه فتحمله على وجه التبع ومنها انه لا يجوز معارضة حكم الله ورسوله. ومنها ان الشرع موافق قليس كما قال حمل بن النابغة. فانه اذا وجد الحمل فقتل فليس كالذي لم يوجد. ولا تقتضي الحكمة ان يهدر الجنين ولا يحكم باهدار ذلك عاقل. الثامن والثلاثون والثلاثون الحديث الثامن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما ان رجلا عض يد رجل فنزع يده من فمه فسقطت ثناياه فاختصما الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال يعض احدكم اخاه كما يعض الفحل. اذهب لادية لك. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمران ابن حصين ان رجلا عض يد رجل فنزع يده من فيه. فسقط ثناياه اي العاض. فاختصما الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي ان العاض اراد دية ثناياه. فقال النبي صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم. ايعض احدكم اخاه كما يعض الفحل. اي الجمل الهائل اذهب لا دية لك. فبين الحكمة وقضى بينهم. فبين ان هذا عمل كعمل البهائم. وانه تعدى على اخيه فلا دية له وهذا حكم يقاس عليه كل صائل. ولهذا قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قتل دون نفسه فهو شهيد. ومن قتل دون ما له فهو شهيد. ومن قتل دون اهله فهو شهيد. فاذا صان على الانسان ثاني ادمي او بهيمة دفعه بالاسهل فالاسهل. فان لم يندفع الا بالقتل له ذلك ولا ضمان. لان هذا فعل اذن فيه الشارع وما ترتب على المأذون فغير مضمون ما لم يتعد. كما لو كان يندفع بالضرب فما نظر الى القتل. واما المعضوض فله الدية. لانه لم يتعد. وكذلك كل عليه التاسع والثلاثون والثلاثمائة. الحديث التاسع عن الحسن بن ابي الحسن البصري انه قال حدثنا جندب في هذا المسجد ما نسينا منه حديثا. وما نخشى ان يكون جندب كذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فاخذ سكينا فحز بها يده. فما رقأ الدم حتى مات. قال الله عز وجن بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة. رواه بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في الحسن البصري. حدثنا جندب في هذا المسجد وما نسينا منه حديثا. وما ونخشى ان يكون جندب كذب على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهذا كله تأكيد لحفظ هذا الحديث. وانه ثابت. اي اننا لم ننسه وجندب لا نظن به الكذب. اي انه ثقة مقبول. انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان فيمن كان قبلك رجل به جرح فجزع. اي من شدة المه. فاخذ سكينا فحز بها يده اي قطعها من هلعه وجزعه. فما رقأ الدم اي استمر الدم يخرج من يده فلم ينحبس حتى نزف دمه كله فمات. لانه هو جوهر البدن الذي لا قوام للبدن بدونه. فانه باذن الله تعالى ينقلب صفوة طعام الانسان وشرابه دما. ثم يسوقه العزيز الحكيم الى الكبد ومنها يتفرق في جميع البدن. فكل عضو وجزء من البدن يأتيه نصيبه من ذلك الدم. واما الوكل فيخرج باذن الله من مخرجه. فلو بقي في الانسان لهلك. وقوله فقال الله بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه اليه الجنة. اي انه قتل نفسه وتعجل الموت جزعا من تلك المصيبة فحرمت عليه الجنة. ففيه تحريم قتل النفس. وفيه هذا الوعيد الشديد على من فعل ذلك. ومن ظن ان في ذلك راحة له من ذلك الالم مثل هذا الشخص فقد اخطأ. لانه يستمر عذابه الى يوم القيامة فينطبق عليه المثل كالمستجير من الرمضاء بالنار. فما وقع فيه من العذاب اشد مما اراد التخلص منه بذلك الفعل. ومثل هذا ما يفعل بعض