القوم الذين كذبوا باياتنا وانفسهم هم كانوا يظلمون. اي ساء وقبح. مثل من كذب بايات الله وظلم نفسه بانواع المعاصي. فان مثلهم مثل السوء وهذا الذي اتاه الله اياته. يحتمل ان المراد به شخص معين المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي شهدنا ان تقولوا يوم القيامة كنا عن هذا غافلين. يقول تعالى واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم. اي اخرج من اصلابهم وجعلهم يتناسلون ويتوالدون قرنا بعد قرن. وحين اخرجهم من بطون امهاتهم واصلاب ابائهم. اشهدهم على انفسهم الست بربكم اي قررهم باثبات ربوبيته بما اودع في فطرهم من الاقرار. بانه ربهم وخالقهم ومليكهم. قالوا بلى قد اقررنا بذلك. فان الله تعالى فطر عباده على الدين الحنيف القيم. فكل احد فهو مفطور على ذلك. ولكن الفطرة قد تغيرت وتبدلوا بما يطرأ عليها من العقائد الفاسدة. ولهذا قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين اي انما امتحناكم حتى اقررتم بما تقرر عندكم. من ان الله تعالى ربكم خشية ان تنكروا يوم القيامة. فلا تقروا بشيء من ذلك يزعمون ان حجة الله ما قامت عليكم ولا عندكم بها علم بل انتم غافلون عنها لاهون. فاليوم قد انقطعت حجتكم وثبتت الحجة صيغة لله عليكم او تحتجون ايضا بحجة اخرى فتقولون او تقولوا انما اشرك على المبطنون. انما اشرك اباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم. فحذونا حذوهم وتبعناهم في باطلهم افتهلكنا بما فعل المبطلون؟ فقد اودع الله في فطركم ما يدل على ان ما مع ابائكم باطل. وان الحق ما جاءت به الرسل. وهذا يقاوم ما وجدتم عليه اباءكم ويعلوا عليه. نعم قد يعرض للعبد من اقوال ابائهم الضالين ومذاهبهم الفاسدة. ما يظنه هو الحق. وماذا ذاك الا لاعراضه عن حجج الله وبيناته واياته الافقية والنفسية. فاعراضه عن ذلك واقباله على ما قاله المبطلون. ربما سيره بحالة يفضل بها الباطل على الحق. هذا هو الصواب في تفسير هذه الايات. وقد قيل ان هذا يوم اخذ الله الميثاق على ذرية ادم حين استخرجهم من ظهره واشهدهم على انفسهم فشهدوا بذلك فاحتج عليهم بما اقروا به في ذلك الوقت على ظلمهم في كفرهم وعنادهم في الدنيا والاخرة ولكن ليس في الاية ما يدل على هذا. ولا له مناسبة ولا تقتضيه حكمة الله تعالى. والواقع شاهد بذلك. فان هذا العهد والميثاق الذي ذكروا انه حين اخرج الله ذرية ادم من ظهره حين كانوا في عالم كالذر لا يذكره احد ولا يخطر ببال ادمي فكيف يحتج الله عليهم بامر ليس عندهم به خبر ولا له عين ولا اثر. ولهذا لما كان هذا امرا واضحا جليا قال تعالى وكذلك نفصل الايات ولعلهم يرجعون. وكذلك نفصل الايات اي نبينها ونوضحها ولعلهم يرجعون الى ما اودع الله في فطرهم والى ما عاهدوا الله عليه فيرتدعون عن القبائح الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم واتل عليهم نبأ الذي اتيناه اياتنا اي علمناه علم كتاب الله فصار العالم الكبير والحبر النحرير فانسلخ منها فاتبعه الشيطان اي انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بايات الله فان العلم بذلك يسير متصفا بمكارم الاخلاق ومحاسن الاعمال. ويرقى الى اعلى الدرجات وارفع المقامات. فترك هذا كتاب الله وراء ظهره. ونبذ الاخلاق التي يأمر بها الكتاب وخلعها كما يخلع اللباس. فلما انسلخ منها اتبعه الشيطان اي تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين الى اسفل السافلين فازهوا الى المعاصي ازا. فكان من الغاويين بعد ان كان من الراشدين المرشدين. وهذا لان الله تعالى خذله ووكله الى نفسه. فلهذا قال تعالى فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او ولو شئنا لرفعناه بها بان نوفقه للعمل بها فيرتفع في الدنيا والاخرة فيتحصن من اعدائه ولكنه فعل ما يقتضي الخذلان فاخلد الى الارض اي الى الشهوات السفلية والمقاصد الدنيوية واتبع هواه وترك طاعة مولاه فمثله في شدة حرصه على الدنيا وانقطاع قلبه اليها. كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث. او تتركه يلهث. اي لا يزال لاهتا في كل حال. وهذا لا يزال حريصا حرصا قاطعا قلبه. لا يسد فاقته شيء من الدنيا. ذلك مثل القوم الذين كذبوا باياتهم بعد ان ساقها الله اليهم فلم ينقادوا لها بل كذبوا بها وردوها لهوانهم على الله واتباعهم لاهوائهم بغير هدى من الله تقصص القصص لعلهم يتفكرون في ضرب الامثال وفي العبر والايات. فاذا تفكروا علموا واذا علموا عملوا قد كان منه ما ذكره الله فقص الله قصته تنبيها للعباد. ويحتمل ان المراد بذلك انه اسم جنس. وانه شامل لكل من اتاه الله اياته فانسلخ منها. وفي هذه الاية الترغيب في العمل بالعلم. وان ذلك رفعة من الله لصاحبه. وعصمة من الشيطان والترهيب من عدم العمل به وانه نزول الى اسفل السافلين وتسليط للشيطان عليه وفيه ان اتباع الهوى واخلاد العبد الى الشهوات يكون سببا للخذلان. ومن يضلل فولى ثم قال تعالى مبينا انه المنفرد بالهداية والاضلال من يهدي الله بان يوفقه للخيرات ويعصمه من المكروهات. ويعلمه ما لم يكن يعلم. فهو المهتدي حقا. لانه اثر بدايته تعالى ومن يضلل فيخذله ولا يوفقه للخير. فاولئك هم الخاسرون لانفسهم واهليهم يوم القيامة. الا ذلك هو خسران المبين