بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس مائة واثنى عشر. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين امر بالتعاون على البر والتقوى وبذل المعروف بين الناس صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان اما بعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل الحديث معكم في برنامج من الفقه الاسلامي وكل قد انتهى بنا الكلام في الحلقات السابقة الى موظوع العارية فلتكن مجال حديثنا في هذه الحلقة ان شاء الله لنبين ما تيسر من احكامها للحاجة الى ذلك فنقول قد عرف الفقهاء رحمهم الله العارية بانها اباحة نفع عين مباح الانتفاع بها وتبقى استيفاء المنفعة ليردها الى مالكه. فخرج بهذا التعريف ما لا يباح الانتفاع به كالات اللهو فلا تحل اعارته وخرج به ايضا ما لا يمكن الانتفاع به الا مع تلف عينه كالاطعمة والاشربة والعارية مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى متوعدا الذين يمنعون العارية عند الحاجة اليها. فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون. فعدهم مع الساهين عن صلاتهم والمراءين باعمالهم وتوعدهم بالويل والماعون المراد به المتاع الذي يتعاطاه الناس بينهم كالدلو والقدر والفأس والحبل ونحو ذلك اذم سبحانه الذين يمنعونه ممن يحتاج الى استعارته وتوعدهم مما يدل على تأكد الاعارة وبذلها للمحتاج وقد استدل بهذه الاية الكريمة من يرى وجوب الاعارة وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله اذا كان المالك غنيا وقد استعار النبي صلى الله عليه وسلم فرسا لابي طلحة. واستعار صلى الله عليه وسلم من صفوان ابن امية ادرعا وبذل العارية للمحتاج اليها قربة. ينال بها المعير ثوابا جزيلا. لانها تدخل في عموم التعاون على البر والتقوى. ويشترط لصحة الاعارة اربعة شروط احدها اهلية المعير للتبرع لان الاعارة نوع من التبرع فلا تصح من صغير ولا مجنون وسفيه الشرط الثاني اهلية المستعير للتبرع له بان يصح منه القبول والشرط الثالث كون نفع العين المعارة مباحا فلا تباح اعارة عبد مسلم لكافر ولا صيد ونحوه لمحرم. لقوله تعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان. الشرط الرابع كون العين المعارة مما يمكن الانتفاع به مع بقائه كما وللمعير استرجاع العارية متى شاء الا اذا ترتب على ذلك الاضرار بالمستعين كما لو اذن له بشغله بشيء يتضرر المستعير الى استرجعة العارية. كما لو اعاره سفينة لحمل متاعه فليس له الرجوع ما دامت في البحر وكما لو اعاره حائطا ليضع عليه اطراف خشبه فليس له الرجوع في الحائط ما دام عليه اطراف الخشب ويجب على المستعير المحافظة على العارية اشد مما يحافظ على ماله. ليردها سليمة الى صاحبها لقوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها دلت الاية على وجوب رد الامانات ومنها العارية لانها امانة بيد المستعير وقال صلى الله عليه وسلم على اليد ما اخذت حتى تؤديه. وقال صلى الله عليه وسلم ادي الامانة الى من ائتمنك ودلت هذه النصوص على وجوب المحافظة على ما يؤتمن عليه الانسان. وعلى وجوب رده الى صاحب به سالما ويدخل في هذا ويدخل في هذا العموم العارية لان المستعير مؤتمن عليها ومطلوب منه ردها ومطلوب منه ردها وانما ابيح له الانتفاع بها في حدود ما جرى به العرف لا يجوز له ان يسرف في استعمال اسرافا يؤدي الى تلفها ولا ان يستعملها فيما لا يصلح استعمالها فيه لان صاحبها لم يأذن له بذلك. فقد قال الله تعالى هل جزاء الاحسان الا الاحسان فان استعملها في غير ما استعيرت له فتلفت وجب عليه ظمانها لقوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما اخذت حتى تؤديه رواه الخمسة وصححه الحاكم. فدل على وجوب رد ما قبله المرء وهو ملك لغيره ولا يبرأ الا بمصيره الى مالكه او من يقوم مقامه وان تلفت العارية في انتفاع بها بالمعروف لم يضمنها المستعير لان المعير قد اذن له في هذا الاستعمال وما ترتب على المأذون فهو غير مظمون ولا يجوز للمستعير ان يعير العين المعارة لان من ابيح له شيء لم يجوز له ان يبيحه لغيره ولان في ذلك تعريضا لها للتلف. هذا وقد اختلف العلماء في ضمان المستعير للعارية اذا تلفت في يده في غير ما استعرت له. فذهب جماعة الى وجوب ظمانها عليه سواء تعدى او لم يتعدى. لعموم قوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما اخذت حتى تؤديه وذلك مثل ما لو ماتت الدابة او احترق الثوب او سرقت العين المعارة فانه يضمنها على هذا القول وذهب جماعة اخرون الى عدم ظمانها اذا لم يتعدى لانها امانة لا تضمن الا بالتعدي فيها. ولعل هذا القول هو الراجح لان المستعير قبضها باذن مالكها فكانت امانة عنده كالوديعة. على انه يجب على المستعير المحافظة على العارية والاهتمام بها والمسارعة الى ردها الى صاحبها اذا انتهت مهمته منها. والا يتساهل او يعرضها للتلف لانها امانة مستحفظ عليها. ولان صاحبها قد احسن اليه. والله تعالى يقول وهل جزاء الاحسان الا الاحسان ايها المستمعون الكرام والى الحلقة القادمة باذن الله تعالى لنواصل الحديث معكم في موضوع اخر ان شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه