المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها اه ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها كالانعام من هم اضل الغافلون. يقول تعالى مبينا كثرة الغاويين الضالين. المتبعين ابليس اللعين. ولقد ذرأنا اي انشأنا وبثثنا لجهنم كثيرا من الجن والانس. صارت البهائم احسن حالة منهم. لهم قلوب لا يفقهون بها اي لا يصل اليها فقه ولا علم الا مجرد قيام الحجة. ولهم اعين لا يبصرون بها ما ينفعهم. بل فقدوا منفعتها وفائدتها. ولهم اذان لا يسمعون بها سماعا يصل معناه الى قلوبهم. اولئك الذين بهذه الاوصاف القبيحة كالانعام اي البهائم التي فقدت العقول وهؤلاء اثروا ما يفنى على ما يبقى. فسلبوا خاصية العقل. بل هم اضل من البهائم. فان الانعام مستعملة فيما خلقت له. ولها اذهان تدرك بها مضرتها من منفعتها. فلذلك كانت احسن حالا منهم. اولئك هم الغافلون الذين غفلوا عن انفع الاشياء. غفلوا عن الايمان بالله وطاعته وذكره خلقت لهم الافئدة والاسماع والابصار. لتكون عونا لهم على القيام باوامر الله وحقوقه. فاستعانوا بها على ضد هذا فهؤلاء يحققون بان يكونوا ممن ذرأ الله لجهنم وخلقهم لها. فخلقهم للنار وباعمال اهلها يعملون. واما من استعمل هذه الجوارح في عبادة الله. وان صبغ قلبه بالايمان بالله ومحبته. ولم يغفل عن الله فهؤلاء اهل الجنة. وباعمال اهل الجنة يعملون سيجزون ما هذا بيان لعظيم جلاله وسعة اوصافه بان له الاسماء الحسنى اي له كل اسم من حسن وضابطه انه كل اسم دال على صفة كمال عظيمة. وبذلك كانت حسنا فانها لو دلت على غير صفة بل كانت على من محض لم تكن حسنا. وكذلك لو دلت على صفة ليست بصفة كمال او صفة منقسمة الى المدح والقدح. لم تكن حسنا. فكل اسم من اسمائه دل على جميع الصفة التي اشتق منها. مستغرق لجميع معناها. وذلك نحو العليم. الدال على ان له علما محيطا عاما لجميع الاشياء. فلا يخرج عن علمه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء. وكالرحيم الدال على ان له رحمة عظيمة واسعة لكل شيء. وكالقدير الدال على ان له قدرة عامة لا يعجزها شيء ونحو ذلك. ومن تمام كونها حسنى انه لا يدعى الا بها. ولذلك قال فادعوه بها وهذا شامل لدعاء العبادة ودعاء المسألة. فيدعى في كل مطلوب بما يناسب ذلك المطلوب. فيقول الداعي مثلا اللهم اغفر لي وارحمني انك انت الغفور الرحيم وتب علي يا تواب وارزقني يا رزاق. والطف بي يا لطيف ونحو ذلك. وقوله وذر الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون. اي عقوبة وعذابا على الحادهم في اسمائه. وحقيقة الالحاد الميل بها عما جعلت له اما بان يسمى بها من لا يستحقها كتسمية المشركين بها لالهتهم. واما بنفي معانيها وتحريفها. وان يجعل لها معنى ما اراده الله رسوله واما ان يشبه بها غيرها فالواجب ان يحذر الالحاد فيها. ويحذر الملحدون فيها. وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان لله تسعة وتسعين اسما من احصاها دخل الجنة وقوله اي ومن جملة من خلقنا امة فاضلة كاملة في نفسها مكملة لغيرها يهدون انفسهم وغيرهم بالحق. فيعلمون الحق ويعملون به ويعلمونه. ويدعون اليه والى العمل به. وبه يعدلون بين الناس في احكامهم اذا حكموا في الاموال والدماء والحقوق والمقالات وغير ذلك. وهؤلاء هم ائمة الهدى ومصابيح الدجى وهم الذين انعم الله عليهم بالايمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. وهم الصديقون الذين مرتبتهم تلي مرتبة الرسالة. وهم في انفسهم مراتب متفاوتة. كل حسب حاله وعلو منزلته. فسبحان من يختص برحمته من يشاء. والله ذو الفضل العظيم والذين كذبوا باياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون واملي لهم ان كيدي متين. ايها الذين كذبوا بايات الله الدالة على الصحة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الهدى فردوها ولم يقبلوها سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. بان يدر لهم الارزاق. واملي لهم اي امهلهم حتى يظنوا انهم لا يؤخذون ولا يعاقبون فيزدادون كفرا وطغيانا وشرا الى شرهم. وبذلك تزيد عقوبتهم ويتضاعف عذابهم. فيضرون انفسهم من حيث لا يشعرون. ولهذا قال ان كيدي متين. اي قوي بليغ اولم يتفكروا ما بصاحبهم محمد صلى الله عليه وسلم من جنة اي او لم يعملوا افكارهم وينظروا هل في صاحبهم الذي يعرفونه ولا يخفى عليهم من حاله شيء هل هو مجنون فلينظر في اخلاقه وهديه ودله وصفاته. وينظرون فيما دعا اليه فلا يجدون فيه من الصفات الا اكملها ولا من الاخلاق اتمها ولا من العقل والرأي الا ما فاق به العالمين. ولا يدعو الا لكل خير ولا ينهى الا عن كل شر. افبهذا يا اولي الالباب من جنة ام هو الامام العظيم والناصح المبين؟ والماجد الكريم والرؤوف الرحيم. ولهذا قال ان هو الا نذير مبين ان يدعو الخلق الى ما ينجيهم من العذاب ويحصل لهم الثواب ان يكون قد اقترب اجلهم فبأي حديث اولم ينظروا في ملكوت السماوات والارض؟ فانهم اذا نظروا اليها وجدوها ادلة دالة على توحيد لربها وعلى ما له من صفات الكمال. وكذلك لينظروا الى جميع ما خلق الله من شيء. فان جميع اجزاء العالم يدل اعظم دلالة على علم الله وقدرته وحكمته وسعة رحمته واحسانه ونفوذ مشيئته وغير ذلك من صفاته العظيمة الدالة على تفرده بالخلق والتدبير الموجبة لان يكون هو المعبود المحمود المسبح الموحد المحبوب. وقوله وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم. اي في خصوص حالهم وينظروا لانفسهم قبل ان يقترب اجلهم. ويفجأهم الموت وهم في غفلة معرضون. فلا يتمكنون حينئذ من استدراك فبأي حديث بعده يؤمنون؟ اي اذا لم يؤمنوا بهذا الكتاب الجليل فباي حديث يؤمنون به؟ ابكتب الكذب والضلال ام بحديث كل مفتر دجال ولكن الضال لا حيلة فيه. ولا سبيل الى هدايته. ولهذا قال تعالى من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعلمون. اي متحيرين يترددون لا يخرجون ولا يهتدون الى حق والارض لا تأتيكم الا بغتة. يسألونك كأنك حفي عنها. قل انما ولكن اكثر الناس لا يعلمون يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم يسألونك اي المكذبون لك المتعنتون عن الساعة ايان مرساها اي متى وقتها الذي تجيء به؟ ومتى تحل بالخلق؟ قل انما علمها عند ربي اي انه تعالى مختص بعلمها لا يجليها لوقت ما فيها الا هو اي لا يظهرها لوقتها الذي قدر ان تقوم فيه الا هو. ثقلت في السماوات والارض اي خفي علمها على اهل السماوات والارض واشتد امرها ايضا عليهم فهم من الساعة مشفقون. لا تأتيكم الا بغتة. اي فجأة من حيث لا تشعرون. لم يستعدوا لها ولم يتهيأوا لقيامها يسألونك كانك حفي عنها اي هم حريصون على سؤالك عن الساعة كانك مستحف عن السؤال عنها ولم انك لكمال علمك بربك وما ينفع السؤال عنه غير مبال بالسؤال عنها. ولا حريص على ذلك. فلما لا يقتدون بك ويكفون عن الاستحفاء عن هذا السؤال الخالي من المصلحة المتعذر علمه فانه لا يعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب وهي من الامور التي اخفاها الله عن الخلق لكمال حكمته وسعة علمه. قل انما علمها عند الله. ولكن اكثر الناس لا يعلمون. فلذلك حرصوا على ما لا ينبغي عليه خصوصا مثل حال هؤلاء الذين يتركون السؤال عن الاهم ويدعون ما يجب عليهم من العلم. ثم يذهبون الى ما لا سبيل لاحد من ان يدركه ولا هم مطالبون بعلمه