بسم الله الرحمن الرحيم. المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان شرح كتاب الملخص الفقهي من الفقه الاسلامي للدكتور صالح بن فوزان فوزان. الدرس مائة واربعة عشر. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد ايها المستمعون الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نواصل الحديث معكم عبر برنامج من الفقه الاسلامي ونتناول في هذه الحلقة ان شاء الله احكام ظمان المتلفات اعلموا وفقني الله واياكم ان الله حرم الاعتداء على اموال الناس وابتزازها بغير حق وشرع ضمان ما اتلف منها بغير حق ولو عن طريق الخطأ فمن اتلف مالا لغيره وكان هذا المال محترما واتلفه بغير اذن صاحبه فانه يجب عليه ظمانه قال الامام الموفق ابن قدامة رحمه الله لا نعلم فيه خلافا سواء في ذلك العمد والسهو والتكليف وعدمه. وكلما تسبب في اتلاف مال كما لو فتح بابا اضاع ما كان مغلقا عليه او حل وكاء فانساب ما في الوعاء وتلف فانه يظمن ذلك وكذا لو حل رباط دابة او قيدها فذهبت وضاعت ضمنها وكذا لو ربط دابة بطريق ظيق انتج عن ذلك ان عثر بها انسان فتلف او تضرر ضمنه صاحب الدابة لانه قد تعدى بربطها في الطريق الضيق وكذا لو اوقف سيارة بالطريق ونتج عن ذلك ان اصطدم بها سيارة اخرى او شخص او شخص مار فنجم عن ذلك ظرر فانه يظمنه صاحب السيارة لما رواه الدارقطني وغيره من وقف دابة في سبيل المسلمين او في سوق من اسواقهم فوطئت بيد او رجل فهو ضامن وكذا لو ترك في الطريق طينا او خشبا او حجرا او حفر فيه حفرة فترتب على ذلك تلف المار او تضرره او القى في الطريق قشرة بطيخ ونحوه او ارسل فيه ماء فانزلقا به انسان فتلف او تضرر ظمنه فاعل هذه الاشياء لجميع هذه الصور لتعديه بذلك. وما اكثر ما يجري التساهل في هذه الامور في وقتنا الحاضر وما اكثر ما يعسر الطريق ويسد وتوضع فيه العراقيل وما اكثر الاضرار الناجمة عن تلك التصرفات السيئة دون حسيب او رقيب حتى ان احدهم ليستولي على الشارع ويستعمله لاغراضه الخاصة ويضايق المارة ويضر بهم ولا يبالي بما يلحقه من الاثم من جراء ذلك ومن الامور الموجبة ومن الامور الموجبة للظمان ما لو اقتنى كلبا عطورا فاعتدى على المارة وعقر احدا فانه يضمنه لتعديه باقتناء مثل هذا الكلب وان حفر بئرا في فنائه لمصلحته ظمن ما تلف بها لانه يلزمه ان يحصنها بما يمنع ظرر المرء فاذا تركها بدون تحصين فهو متعد يظمن ما تلف فيها واذا كان له بهائم وجب عليه حفظها في الليل من افساد زروع الناس ووجب عليه حفظها بالنهار من ارسالها الى زرع القريب فان تركها وافسدت شيئا ضمنه لان النبي صلى الله عليه وسلم قضى ان على اهل الاموال حفظها بالنهار وما افسدت بالليل فهو مظمون عليهم رواه احمد وابو داوود وابن ماجة فلا يضمن صاحب البهيمة ما اتلفت بالنهار الا ان ارسلها صاحبها بقرب ما تتلفه عادة فانه يضمن قال الامام البغوي رحمه الله ذهب اهل العلم الى ان ما افسدت الماشية المرسلة بالنهار من مال الغير فلا ضمان على ربها وما افسدته بالليل ظمنه مالكها لان في العرف ان اصحاب الحوائط والبساتين يحفظونها بالنهار وان اصحاب المواشي يحفظونها بالليل ومن خالف هذه العادة كان خارجا عن العرف هذا اذا لم يكن مالك الدابة معها فان كان معها فعليه ضمان ما افسدته انتهى وقد ذكر الله قصة داود وسليمان عليهما السلام وحكمهما في ذلك قال سبحانه وتعالى وداوود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا اتينا حكما وعلما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله صح بنص القرآن الثناء على سليمان بتفهيم الظمان بالمثل فان النفش رعي الغنم ليلا وكان ببستان عنب فحكم داوود بقيمة المتلف فاعتبر الغنم فوجدها بقدر القيمة فدفعها الى اصحاب الحرف وقضى سليمان بالضمان على اصحاب الغنم وان يضمنوا ذلك بالمثل بان يعمروا البستان حتى يعود كما كان ولم يضيع عليهم مغلة من حين الاتلاف الى حين العود بل اعطى اصحاب البستان ماشية اولئك ليأخذوا من نمائها بقدر نماء البستان فيستوفوا من نماء غنمهم نظير ما فاتهم من نماء حرثهم واعتبر الظمانين فوجدهما سواء وهذا هو العلم الذي خصه الله به واثنى عليه بادراكه انتهى واذا كانت البهيمة بيد راكب او قائد او سائق ظمن جنايتها بمقدمها كيدها وفمها لا ما جنت في مؤخرها كرجلها لحديث الرجل جبار. وفي رواية ابي هريرة رجل العجماء جبار والعجماء البهيمة سميت بذلك لانها لا تتكلم وجبار بظم الجيم اي جناية البهائم هدر. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كل بهيمة عجما كالبقر والشاة وغيرها فجناية البهائم غير مضمونة اذا فعلت بنفسها كما لو انفلتت ممن هي في يده وافسدت فلا ضمان على احد ما لم تكن عقورا ولا فرط صاحبها في حفظها في الليل او في اسواق المسلمين ومجامعهم وكذا قال غير واحد انه انما يكون جبارا اذا كانت منفلتة ذاهبة على وجهها ليس لها قائد ولا الا الظارية انتهى. واذا صال عليه ادمي او بهيمة ولم يندفع الا بالقتل فقتله فلا ضمان عليه لانه قتله دفاعا عن نفسه ودفاعه عن نفسه جائز فلم يظمن ما ترتب عليه ولانه قتله لدفع شره ولانه اذا قتله دفعا لشره كان الصائل هو القاتل لنفسه قال الشيخ تقي الدين عليه ان يدفع الصائل عليه فان لم يندفع الا بالقتل كان له ذلك باتفاق الفقهاء ومما لا ضمان في اتلافه الات اللهو والصليب واواني الخمر وكتب الضلال وكتب الضلال والخرافة والاجون لما روى احمد عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يأخذ مدية ثم خرج الى اسواق المدينة فيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام فشققت بحضرته صلى الله عليه وسلم وامر اصحابه بذلك. ادل الحديث على طلب اتلافها وعدم ظمائرها. لكن لابد ان يكون اتلافها بامر السلطة ورقابتها ضمانا للمصلحة ودفعا للمفسدة. ايها المستمع الكريم الى الحلقة القادمة باذن الله تعالى لنقدم ما تيسر من احكام فقهية عبر هذا البرنامج. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه