المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله اسئلة في الاقضية والشهادات. السؤال الرابع والتسعون ما الفرق بين القاضي والمفتي وما شروط كل منهما؟ الجواب الفرق بينهما ان القاضي يبين الحكم الشرعي ويلزم به. والمفتي يبينه فقط. والفرق الثاني ان المفتي اوسع دائرة من القاضي بانه يفتي في الامور المتنازع فيها وغيرها. والقاضي لا يتعلق قضاؤه الا بالمسائل المتنازع فيها بين الناس. فيبين حكم الشرعي فيفصل به نزاعهم. وايضا المفتي يفتي على وجه العموم. القاضي يحل القضية المعينة المترافع فيها اليه ترتب على هذا انه لا يحكم القاضي لنفسه ولا لمن لا تقبل شهادته له ولا على من لا تقبل شهادته عليه. والمفتي بخلاف في ذلك كله. ومن الفروق ان القاضي اشترط فيه عشر صفات والمفتي انما اشترطوا له العلم بما يفتي به. مع ان الشروط التي في القاضي كثيرا ما يتعذر اجتماعها. ولذلك قال الشيخ تقي الدين ان هذه الشروط تعتبر حسب الامكان والقدرة. وعماد الشروق التي تشترط في القاضي والمفتي العلم وهو اصل لحل القضاء والفتوى. واشتراط الاجتهاد في القضاء ثم ذكرهم تلك الصفات التي تشترط في المجتهد فيها نظر فان العلم الذي يصلح به الانسان للفتوى هو الذي يشترط للقضاء. وحد العلم الشرعي هو معرفة الهدى بدليله والعلم الذي يحتاج اليه نوعان مجمع عليه بين العلماء وهو اغلب مسائل الدين والاحكام فهذا يكفي فيه التصور التام لمسائله مع ادنى التفات الى ادلته او بعضها لانه بذلك يحصل له العلم الاستدلالي. والنوع الثاني المسائل المختلف فيها فهذه اذا صورها ذلك التصور التام وعرف ادلتها من الجانبين واجوبة كل من المتنازعين فان كان يحسن الاستدلال بان كان له نوع ملكة في معرفة اصول الفقه وكيفية الاستدلال بالادلة ومراتبها تمكن بذلك من معرفة الراجح من المرجوح بحسب ما عنده من من الفطنة والفهم فبذلك يصلح للفتية والقضاء ويحتاج المفتي والقاضي احوج منه الى معرفة احوال الناس ومقاصدهم بالفاظهم ان اصطلاحاتهم وعرفهم وتمييز صادقهم من كاذبهم فانه اعظم عون على النهوض بوظيفته. ولابد للقاضي من سلوك طريق العدل ولا يتمكن من العدل الا بمعرفة الحقوق الثابتة والمنفية. ولا يمكنه ذلك الا بسلوك الطريق الشرعي. واعظم كليات الشريعة في هذا هذا الباب انه حكم بان من ادعى حقا من الحقوق التي لم يتقرر ثبوتها او ادعى الخروج من حق كان ثابتا انه لا يثبت ذلك كبمجرد دعواه حتى يأتي بالبينة الشرعية المثبتة للحق او الناقلة له. فان لم يأت بذلك فاليمين على من انكر ثبوت من اليمين على من انكر ثبوت ما ادعى به او نفي ما ادعى بنفيه بعد الثبوت. ومن الكليات النظر في قرائن الدعاوى والمدعين دعا عليهم وشواهد الاحوال التي تعينه على فهم القضية في القضية المعينة والبحث عن احوال الشهود وعدالتهم اذا كان الشيء مهم وحصلت الريبة من الشهادة فما احسن الاستعانة على تحقق ما شهدوا به ان يستعيدهم صفة ما شهدوا به وان يفرقهم عند لذلك ويسأل كلا عن انفراده كيف شهد واين وعلى اي حال ولا يفعل ذلك الا عند الحاجة اليه ولا يشدد في تعنت الشهود يحضر مجلسه الفقهاء واهل العلم والعقل ويشاورهم وحاجته الى التأني واستيراد كلام كل واحد من الخصمين وان يبدي كل جميع ما عنده اعظم من حاجة غيره. لان الخطر عظيم. وكل يدعي ان الحق له. السؤال الخامس والتسعون ما الطريق الى التخلص من شركة الشريك؟ الجواب لا يخلو المشترك اما ان يكون وقفا او ملكا. فان كان وقفا فله طريقان مؤقتان. احدهما تهايا ويتناوبا الانتفاع بالموقوف. كل على حسب استحقاقه زمانا مقدرا. الثاني ان يؤجراه بينهما لاجنبي او احدهما ويقتسم الاجرة على قدر الاستحقاق. وثم طريق ثالث وهو المهايات بالامكان بان يقتسم الدار ونحوها. وكل ينتفع بما صار اليه وهي باقية على شركة الوقف. فمتى مضت هذه المهايات عادت الى حالها. النوع الثاني الاملاك غير الوقف طرق المخلصة لضرر الشركة اكثر من الاوقاف. فما يجري في الاوقاف من الطرق الثلاثة تجري في الاملاك عند التراضي منهما. ان شاء قد جرى او هايا بالزمن او بالمكان والملك على شركته. وله طريق رابع وهو ان يبيعا برضاهما وهو ان يبيعا برضاهما مطلقا سواء في قسمته ضرر او رد عوض ام لا. فاذا تراضيا على بيعه في جميع الاملاك فهي اوسع طريق لازالة الضرر واذا باع اما ان يشتري احدهما او اجنبي اقتسم الثمن على قدر الاملاك. وقد يجبر الممتنع منهما على البيع. وذلك اذا كان في القسمة ضرر اورد عوض فاذا طلب احدهما البيع فيها بيع المشترك. الطريق الخامس القسمة وهي ايضا نوعان نوع يتراضيان عليه فعند التراضي ولو فيما فيه رد عوض. وقيل حتى مع الضرر اذا رضي من عليه الضرر لان الحق له. فاذا رضي به جاز وان لم يتراضيا على القسمة بان امتنع احدهما فان كان لا ضرر على واحد ولا رد عوض من احدهما على الاخر اجبر امتنع وقدم قوله على قول من يريد ابقاء الشركة او يريد البيع او التأجير وان كان فيها ضرر او رد عوض لم يجبر الممتنع نعم. هذا تفصيل القول في القسمة. السؤال السادس والتسعون ما حكم الشهادة وصفة الشاهد؟ وباي شيء يشهد؟ وعدد الشهود؟ الجواب اما حكم الشهادة تحملا واداء فانها فرض كفاية. وتتعين على من لا يوجد وقت الحاجة الى الشهادة غيره ولا ضرر عليه وتتعين على من تحملها وهذا في حقوق الادميين. واما في حقوق الله تعالى ففيها تفصيل. واما صفة الشاهد فان يكون مسلما عدلا ظاهرا وباطنا مكلفا ناطقا غير معروف بكثرة غلط ولا سهو غير والد للمشهود له ولا ولد ولا زوج ولا زوج ولا شريك ولا يجلب بشهادته له نفعا ولا يدفع بها عنه ضررا ولا عدو لمن شهد عليه. واما ما يشهد به فلا تشهد الا بما يعلمه برؤية او سماع من المشهود عليه او من الاستفاضة فيما يقبل فيه بالاستفاضة. واما عدد الشهود فيتفاوت المشهود عليه بحسب تقدير الشارع فمن الاشياء ما لا يقبل فيه الا اربعة رجال عدول كالزنا ومنها ما لا يقبل فيه الا ثلاث كدعوة الاعسار لمن عرف بغنى ليأخذ من الزكاة. ومنها ما لابد فيه من شاهدين عدلين رجلين كبقية الحدود والقصاص والطلاق والنكاح والرجعة ونحوها. ومنها ما يقبل فيه رجلان او رجل وامرأتان او رجل ويمين المدعي. وذلك كالمال وما يقصد به المال ومنها ما يقبل فيه شهادة امرأة واحدة كالرضاع والحيض والحمل وما لا يطلع عليه الرجال غالبا. ومنها ما بينته ايمان المدعين وحليفهم على وجه المبالغة. وهي القسامة على دعوى القتل اذا حصل لوث وقرينة حلف المدعون على القاتل خمسين يمينا. وثبت موجب القتل ومنها ما بينته دعوى المدعي ونقول المدعى عليه على اليمين في الحقوق المالية. ومنها ما بينته مجرد الوصف كاللقطة والاموال التي لا يدعيها من هي في يده. ومنها ما بينته القافة في تنازع الولد. ومنها ما بينته وضع اليد واتصال بملك الاخر وانواع البينات وهي المرجحات كثيرة. السؤال السابع والتسعون اذا حكم الحاكم ما الذي يتعلق بحكمه الجواب اذا حكم الحاكم بطريق الحكم الشرعي ترتب على حكمه امور مهمة. منها وهو المقصود الاعظم قطع الخصام وثبوت الحق بمن حكم له به ثبوت الحق على من حكم به عليه. ومنها انه كما يقطع النزاع فانه يرفع الخلاف. فمتى حكم في قضية مختلف فيها رفع الخلاف ولم يبقى في حكمه تعلق ولا معارضة. ومنها ان حكمه محترم فلا ينقض حكم الحاكم الاهل حتى ولو تغير واجتهاده فلا ينقضه هو ولا ينقضه غيره ولا يستأنف المدعي او المدعى عليه الدعوة لحاكم اخر فانه لولا هذا الحكم لم يثبت حكم ولتلاعبت ايدي الشهوات بحسب الاوقات باحكام الحكام. ولكثر النزاع وانتشر من حيث قصد حسمه بالحكم. ولهذا لو رجع عن شهادتهم المبني عليها الحكم لم ينقض. ورجع الغارم على الشهود الراجعين الا اذا خالف الحكم نص كتاب الله ونص سنة رسوله او اجماعا فهذا يتعين نقضه. ومنها انه اذا حكم الحاكم بقضية نفذها الحاكم الاخر. سواء كان قريبا او بعيدا السؤال الثامن والتسعون متى تصح الشهادة على الشهادة؟ الجواب عند تعذر شهود الاصل بموت او غيبة او عجز او خوف او غير ذلك من الاسباب فالشهادة على الشهادة بمنزلة التيمم مع طهارة الماء عند الحاجة والاضطرار. وهذا من اعظم فوائد الشهادة على الشهادة انه يحتاج الى حفظ الحقوق. وقد يتعذر شهود الاصل الذين يثبت الحق بشهادتهم فاحتيج الى شهود الفرع والله اعلم السؤال التاسع والتسعون ما حكم الاقرار وباي شيء يحصل؟ الجواب حكم الاقرار اذا حصل من مكلف مختار انه يثبت عليه ما اقر به ولا عذر لمن اقر وهو من اقوى البينات. ولو ادعى بعد ذلك غلطا او نسيانا لم يقبل قوله. اما ما يحصل به اقرار فقد ذكر الاصحاب رحمهم الله الفاظا كثيرة بما يحصل به الاقرار. كما ذكروا الفاظا كثيرة في ابواب متعددة. ويرتبون عليها من الاحكام ما يناسبها. واعلم ان المقصود من الالفاظ ما دلت عليه من المعاني. وان المدار في الحكم انما هو على المعنى المفهوم من على هذا فلا ينبغي حصر الالفاظ الدالة على المعاني بالفاظ مخصوصة. بل يقال كل لفظ دل على هذا المعنى ترتب عليه حكم فكل لفظ دل على عقد بيع او ايجارة او نحوها من المعاوضات انعقد به. وكل لفظ دل على وقف او وصية او خلع او طلاق او رجعة حصل به. وكل لفظ دل على اعتراف الانسان بحق عليه انعقد به. هذا اخر ما يسر الله اتمامه وقد حوى من فضل الله وكرمه مع اختصاره ووضوحه اهم المهمات من الفقه في الدين. في ابواب العبادات والمعاملات والمشاركات والتبرج الدعاة والمواريث والانكحة وتوابعها والجنايات وتوابعها والاقضية وتوابعها. مع التنبيه على وجه الحكم والاسرار التي وضعت الاحكام لاجلها وانبنت عليها وفيه من الاصول والضوابط وجمع المتفرقات في موضع واحد وردها الى قاعدة جامعة ما يهيئ طالب العلم الى الارتقاء الى اعلى درجاته من طريق مختصر سهل. ولله الحمد والمنة والفضل وهو الذي يسره وما توفيقي الا بالله عليه توكلت اليه انيب. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. فرغت من كتابته في السابع عشر من رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة على يد لجامعه عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالله بن ناصر السعدي غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين امين