المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفصل الحادي عشر في حث الشارع على الائتلاف والاتفاق. ونهيه عن التعادي والافتراق. قال تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداء فالف بين قلوبكم فالف بين قلوبكم فاصبحتم بنعمته اخوانا فاصبحتم بنعمته اخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها. كذلك يبين الله لكم اياته لعلكم ان تهتدون. وقال صلى الله عليه وسلم لا تباغضوا ولا تدابروا. وكونوا عباد الله اخوانا. المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. بحسب امرء من الشر ان يحقر اخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام دمه ماله وعرضه. وفي الكتاب والسنة من الحث على هذا الاصل نصوص كثيرة. يأمر بكل ما يقوي الالفة ويزيد في المحبة. ويدفع العداوة والبغضاء ذلك الا لما في الاجتماع والاتفاق من الخير الكثير والثمرات الجليلة والبركة والقوة ولما في ضده من ضد ذلك. قال تعالى ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم يعني تخيب وتذهب روحكم الحقيقية ومعنوياتكم النافعة. وقد جمع الله في هذه الاية الامر لتحصيل القوة المعنوية بالايمان والثبات والصبر والاجتماع وعدم التنازع والتفرق وبالقوة المعنوية ايضا والمادية في قوله واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم. فمتى امتثل المسلمون امر الله فسعى او في حصول الاتفاق وازالة العداوات واسبابها. وكانوا يدا واحدة في السعي في مصالحهم المشتركة ومقاومة الاعداء. وبتحصيل القوة المادية بكل مقدور ومستطاع. وكان امرهم شورى بينهم. متى عملوا على ذلك كله حصل لهم قوة عظيمة يستدفعون بها الاعداء ويستجلبون بها المصالح والمنافع وعاد صلاح ذلك الى دينهم وجماعاتهم وافرادهم ولم يزالوا في رقي مضطرد في دينهم ودنياهم ومتى اخلوا وبما امرهم به دينهم عاد الضرر العظيم عليهم فلا يلوموا الا انفسهم. وقد وعد الله العز والنصر لمن قاموا بالتقوى واعتصموا بحبله وتمسكوا بدينه. واخبر ان هذا دين جميع المرسلين. قال تعالى شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذين اوحينا اليك وما به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه. وقال ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد لجاءهم البينات واولئك لهم عذاب عظيم. ايها المسلمون عليكم بلزوم ما حثكم عليه دينكم من المحبة تلاف واياكم والتفرق والاختلاف عليكم بعمل جميع الاسباب المقربة للقلوب. واياكم والعداوات والضغائن التي لا تكسب الا شرا. احذروا سماسرة الاعداء الذين يلقون بين المسلمين بذور العداوة والشقاق. ويدعون انهم مسلمون وانما هو غل ونفاق هو الذي يسعى في جمع المسلمين واتفاقهم ويحذر غاية التحذير من تدابرهم وافتراقهم. ما طمع الاعداء وتسلطوا الا بسلاح الفرقة الفتاك ولا استعمروا اقطاركم وسيطروا على مصالحكم الا بعدما انحلت معنويتكم التي هي الحصن الحصين الواقية من الوقوع في اشراك يا ايها المسلمون قوا انفسكم وقومكم مصارع الهلاك. وتسابقوا الى استنقاذهم من هوة الدمار. اما علمتم ان الاعداء اذا كنتم يدا واحدة ينظرون اليكم نظر التعظيم والرهبة والاكبار فما زالوا يلقون بينكم الشقاق والفرقة ويضربون بعضكم ببعض حتى على معظم مقوماتكم وما بقي الا رمق الحياة. ان انتم عالجتموها وسعيتم في تنميتها وتقويتها رجيت لكم السلامة والامن وعلى مستقبلكم وقد ان الاوان للجد وشد المئزر والتعاضد بين المسلمين وبين حكوماتهم وجماعاتهم على وجه الحكمة ورعاية المصلحة وقد وقفوا على الداء وعرفوا كيفية الطرق الى العلاج والدواء. وقد تقارب ما بين حكومات المسلمين واضطرتهم الاحوال الى انضمام بعضهم الى بعض وعرفوا ان هذا هو الطريق الوحيد لعزهم. ونرجو الله ان يوفقهم للعمل الناجح والسعي النافع. ايها المسلمون. انتم الان في مفترق الطرق بين الامم فاما تمسك بدينكم واجتماع به يحصل الفلاح. واما اعراض وتفكك لا يرجى بعده عز ولا نجاح. ايها المسلمون قوموا لله واعتصموا بحبل الله واطمعوا واثقين بنصر الله. والله مع الصابرين المتقين. وهو المولى فنعم المولى ونعم النصير. طوبى للرجال المخلصين وواشوقا الى الالباء الصادقين الذين ينهضون همم المسلمين في اقوالهم وافعالهم. ويحذرون مسالك الشر في كل احواله يسعون في تقريب القلوب ويجاهدون احق الجهاد في هذا السبيل. دأبهم القيام بدين الله. والنصيحة لعباد الله كل امرئ منهم بحسب مقدوره هذا بتعليمه وكلامه وهذا بوعظه وارشاده وهذا بقوته وماله وهذا بجاهه وتوجيهه الى السبيل النافع قد تعددت طرقهم واتفقت مقاصدهم اولئك هم المفلحون