المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ومن باب صلاة اهل الاعذار لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة المريض الا قوله يصلي المريض قائما ان لم يستطع فقاعدا فان لم يستطع فعلى جنبه. واما صلاته بطرفه او بقلبه فانه لم يثبت. ومفهوم هذا الحديث يدل على ان الصلاة على جنبه مع الايماء اخر المراتب الواجبة. وهذا اختيار شيخ الاسلام رحمه الله. والصحيح ان مريضة اذا قدر على الصلاة قائما اذا كان وحده وان حضر الجماعة صلى جالسا انه يحضر الجماعة ويصلي جالسا لان مصالح حضور الجماعة لا يوازنها شيء من المصالح. وايضا اذا وصل محل الجماعة وصار عاجزا عن القيام لم يكن واجبا عليه وكان الجلوس في حقه بمنزلة القيام في حق القادر فقد حصل مصالح الجماعة ولم تفته مصلحة القيم يامي والله اعلم. قوله وتجزي الفاتحة من عجز فاتمها في انحطاطه. لا من صح فاتمها في ارتفاعه. فيه نظر فانه ما دام ينهض الى القيام لم يصل القيام بعد فرضا عليه حتى يصل اليه. وفي قراءته اياها وقت نهوضه حين يحس بنشاطه هذا غاية ما يقدر عليه. وكونه يجب عليه الصبر حتى يصل الى القيام يحتاج الى دليل. والاصل عدمه والله اعلم. والصحيح ان رخص السفر القصر والجمع والفطر والمسح ثلاثة مترتبة على وجود حقيقة السفر يسمى سفرا وسواء كان يومين او اقل. لان الله ورسوله قد رتب الرخص على مجرد حقيقته ووجوده ولم يحد ذلك بمدة. وايضا فالنبي صلى الله عليه وسلم قصر في عرفة ومزدلفة ومنى. وخلفه اهل مكة يصلون بصلاته ويقصرون كما كان يقصر ولم يكونوا يتمون الصلاة ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يدل على تحديده يومين. والقاعدة ان النص المطلق في كلام الله وكلام رسوله يعلق الحكم وجود حقيقته اذا لم يرد فيه حد عن الله ورسوله. واما قول ابن عباس رضي الله عنه يا اهل مكة لا تقصروا في اقل من عسفان او كما قال رضي الله عنه فانه لا يعارض ما سبق من النصوص. وايضا فان الحكمة وهي المشقة التي علق الشارع عليها التخفيفات موجودة في قصير السفر وطويلة فالصحيح ايضا انه يترخص المسافر وان كان هائما او تائها لا يقصد جهة معينة او يطلب ضالة فانه يدخل في العمومات ومثل هذا احق بالرخصة من غيره. وليس على منعه من الترخص دليل ولا تعليل لذلك. ولا تعليل والصحيح ايضا ان المسافر اذا اقام بموضع لا ينوي فيه قطع السفر فانه مسافر. فعلى سفر وان كان ينوي اقامة اكثر من اربعة ايام. وان كان ينوي اقامة اكثر من اربعة ايام. لكونه داخلا في عموم المسافرين. ولان اقامة اربعة ايام او اقل او اكثر حكمها واحد فلم يرد المنع من الترخص في شيء منها. بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم وعن اصحابه ما يدل على الجواز فانه اقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة واقام بمكة اكثر من اربعة ايام وهو يقصر وكذلك روي عن كثير من الصحابة في هذا النوع شيء كثير. فقول المانعين انهم لم ينوا الاقامة في هذه المدة اكثر من اربعة ايام غير ظاهر. فان الظاهر من تلك الوقائع انه يغلب على الظن او يجزم بنية اقامة اكثر من اربعة ايام والله اعلم. والصحيح انه لا يشترط نية الجمع ولا نية القصر. بل اذا وجد العذر المبيح للقصر والجمع جاز ذلك ولو لم ينوى ولذلك لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل التكبير نويت الجمع ولا القصر ولا امر بذلك ولو كان شرطا لنقل نقلا متواترا مشتهرا. وايضا فليست العلة عدم النية. وانما العلة في وجود السبب المبين الرخصة فلا تأثير للنية في شيء من ذلك. الصحيح ان جميع المسائل التي ذكرها اصحابنا في السفر في وجوب الاتمام وانه لا يجوز القصر فيها. القول الاخر انه يجوز القصر في كل صلاة رباعية وقعت في السفر. سواء تم بمقيم او مسافر او نوى القصر او لم ينوي. ومن باب اولى اذا شك او غير ذلك من المسائل فان الاصل مشروعية القصر في كل صلاة رباعية وقعت سفرا ولا دليل يدل على وجوب الاتمام بل ولا على استحبابه والله اعلم. والصحيح جواز الجمع اذا وجد العذر ولا يشترط غير وجود العذر لا موالاة ولا نية. فقولهم ان معنى الجمع لا يحصل الا بالضم والاقتران غير ومسلم فانهم لم يوجبوا الموالاة في جمع التأخير. وانما معنى الجمع كون وقتي الصلاتين يصيران وقتا لكل منهما وبذلك تحصل السهولة الموجبة للجمع والله اعلم