يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة كتاب التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه العقيدة الواسطية من المباحث المنيفة. فصل كرامات الاولياء قال المصنف رحمه الله ومن اصول اهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الاولياء وما يجري الله على ايديهم من خوارق العادات تأتي في انواع العلوم والمكاشفات وانواع القدرة والتأثيرات كالمأثور عن سلف الامة في سورة الكهف وغيرها. وعن صدر هذه من الصحابة والتابعين وسائر قرون الامة. وهي موجودة فيها الى يوم القيامة. وتواترت نصوص الكتاب والسنة والوقائع قديما وحديثا على وقوع كرامات الله لاوليائه. المتبعين لانبيائه عليهم الصلاة والسلام. وكرامة في الحقيقة تفيد ثلاث قضايا اعظمها الدلالة على كمال قدرة الله عز وجل ونفوذ مشيئته. وكما ان لله سننا واسبابا تقتضي مسبباتها موضوعة لها شرعا وقدرا فان لله ايضا سننا اخرى. لا يقع عليها علم البشر ولا تدركها اعمالهم واسبابهم فمعجزات الانبياء وكرامات الاولياء بل وايام الله عز وجل وعقوباته في اعدائه الخارقة للعادة كلها تدل دلالة واضحة ان الامر كله لله. والتقدير والتدبير كله لله. وان لله عز وجل سننا لا يعلمها بشر ولا ملك فمن ذلك قصة اصحاب الكهف والنوم الذي اوقعه الله عز وجل بهم تلك المدة العظيمة. وقيض اسبابا متنوعة لحفظ دينهم وابدانهم. كما ذكر الله عز وجل في قصتهم. ومنها ما اكرم الله عز وجل به مريم بنت عمران انه كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم ان لك هذا؟ قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب وكذلك حملها وولادتها بعيسى عليه الصلاة والسلام. على ذلك الوصف الذي ذكر الله عز وجل. وكلامه في المهد هذا فيه كرامة لمريم ومعجزة لعيسى عليه السلام وكذلك هبته تعالى الولد لابراهيم من سارة. وهي عجوز عقيم على كبره. كما وهب لزكريا يحيى على كبره وعقم زوجتي وهذه معجزة للنبي وكرامة لزوجته وقد اطال المؤلف النفس وبسط الكلام في هذا الموضوع. في كتابه الفرقان بين اولياء الرحمن واولياء الشيطان. وذكر قصصا كثيرة متوافرة تدل على هذه القضية. القضية الثانية ان وقوع الكرامات للاولياء في الحقيقة معجزات الانبياء لان تلك الكرامات لم تحصل لهم الا ببركة متابعة نبيهم. الذي نالوا به خيرا كثيرا من جملتها الكرامات القضية الثالثة ان كرامات الاولياء هي من البشرى المعجلة لهم في الحياة الدنيا. كما قال تعالى لهم البشرى في الحياة الدنيا وهي على قول بعض المفسرين كل امر يدل على ولايتهم وحسن عاقبتهم. ومن ذلك الكرامات ولم تزل قامات موجودة لم تنقطع في اي وقت وفي اي زمن. وقد رأى الناس منها العجائب والامور الكثيرة. ولم ينكرها الا زنادقة الفلاسفة وليس غريبا عليهم فانه فرع عن جحودهم وانكارهم لرب العالمين ولقضائه وقدره وقد انكرها ايضا طائفة من اهل الكلام ظنا منهم ان في اثباتها ابطالا لمعجزات الانبياء. وهذا وهم باطل ابطله اؤلف في كتابه النبوات وغيره من كتبه. فاهل السنة والجماعة يعترفون بكرامات الله لاوليائه اجمالا وتفصيلا ويثبتون ذلك على وجه التفصيل. كما ورد عن المعصوم صلى الله عليه وسلم. وكما تحقق وقوعه. ولكن قد ادخل كثير من الناس آسف الكرامات امورا كثيرة. اخترعوها وافتروها وخدعوا بها العوام والسذج من الناس. واوهموهم بانها من الكرامات وليست الا قسما من الخرافات والشعوذات واهل السنة ابعد الناس عن التصديق بالخرافات والاكاذيب المفتراة. واعرفهم بالطرق التي يتبين بها كذب الكاذبين وافتراء المفترين