كما قال تعالى يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه. وانه اليه تحشرون وقال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من المسلمين نصيحة عامة للمسلمين من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من اخواننا المسلمين سلك الله بي وبهم سبيل عباده المؤمنين ووفقني واياهم للتمسك بالحق والفقه في الدين واعاذني واياهم من طريق المغضوب عليهم والضالين. امين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اما بعد فالموجب لهذا هو النصيحة والتذكير عملا بقوله سبحانه وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وقوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان وقول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم وقوله صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. وشبك بين اصابعه وقوله صلى الله عليه وسلم مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر اذا عرف ذلك فلا يخفى عليكم ما قد اصاب المسلمين من الغفلة والاعراض عما خلقوا له واقبال اكثرهم على عمارة الدنيا والتمتع بشهواتها واشغال الاوقات بوسائل الحياة فيها ونسيان الاخرة والاستعداد لها حتى افضى بهم ذلك الى ما قد وقع من التفرق والاختلاف والشحناء والتباغض والموالاة والمعاداة لاجل الدنيا وحظوظها العاجلة وعدم رفع الرأس بامر الاخرة والتزود لها فنتج عن ذلك انواع من الشرور منها مرض القلوب وموت الكثير منها لان حياة القلوب وصحتها بذكر الله والاستعداد للقائه. والاستقامة على امره وخشيته ومحبته والخوف منه والرغبة فيما عنده ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم وقال تعالى اومن كان ميتا فاحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها فحياة القلوب وصحتها ونورها واشراقها وقوتها وثباتها على حسب ايمانها بالله ومحبتها له وشوقها الى لقائه وطاعتها له ولرسوله وموتها ومرضها وظلمتها وحيرتها على حسب جهلها بالله وبحقه وبعدها عن طاعته وطاعة رسوله واعراضها عن ذكره وتلاوة كتابه وبسبب ذلك يستولي الشيطان على القلوب. فيعدها ويمنيها ويبذر فيها البذور الضارة التي تقضي على حياتها ونورها وتبعدها من كل خير وتسوقها الى كل شر كما قال الله تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون وقال تعالى ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وان الظالمين لفي شقاق بعيد وقال تعالى الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء وقال تعالى وما يعدهم الشيطان الا غرورا فالواجب علينا جميعا هو التوبة الى الله سبحانه والانابة اليه وعمارة القلوب بمحبته وخشيته وخوفه ورجائه والشوق اليه. والاقبال على طاعته وطاعة رسوله والحب في ذلك والبغض فيه وموالاة المؤمنين ومحبتهم ومساعدتهم على الحق وبغض الكافرين والمنافقين ومعاداتهم والحذر من خداعهم ومكرهم والركون اليهم ومد النظر الى ما متعوا به من زهرة الدنيا الزائلة عن قريب قال الله تعالى وانيبوا الى ربكم واسلموا له من قبل ان يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا احسن ما انزل اليكم من ربكم من قبل ان يأتيكم العذاب بغتة وانتم لا تشعرون ان تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله. وان كنت لمن الساخرين او تقول لو ان الله هداني لكنت من المتقين او تقول حين ترى العذاب لو ان لي كرة فاكون من المحسنين وقال تعالى ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فاولئك هم الفائزون وقال تعالى انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا. وكانوا لنا خاشعين وقال تعالى محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم انه قال اوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله وجاء عنه صلى الله عليه وسلم انه قال من احب في الله وابغض في الله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان ومتى اناب العباد الى ربهم وتابوا اليه من سالف ذنوبهم واستقاموا على طاعته وطاعة رسوله جمع الله قلوبهم وشملهم على الهدى ونصرهم على الاعداء واعطاهم ما يحبون وصرف عنهم ما يكرهون وجعل لهم العزة والكرامة في الدنيا والاخرة كما قال تعالى ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم وقال تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا وقال تعالى ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وقال تعالى ولينصرن الله من ينصره. ان الله لقوي عزيز الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر. ولله عاقبة الامور والايات والاحاديث في هذا المعنى كثيرة واني انصحكم واوصيكم ونفسي بامور الامر الاول النظر والتفكر في الامر الذي خلقنا لاجله قال الله تعالى قل انما اعظكم بواحدة ان تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ان هو الا نذير لكم بين يدي عذاب شديد وقال تعالى ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولي الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم. ويتفكرون في خلق السماوات والارض. ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار وقال تعالى ايحسب الانسان ان يترك سدى اي مهملا لا يؤمر ولا ينهى ولا شك ان كل مسلم يعلم انه لم يخلق عبثا. بل خلق لعبادة الله وحده وطاعته وطاعة رسوله الله عليه وسلم قال الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وقال تعالى يا ايها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون وقد امر الله سبحانه جميع الثقلين بما خلقهم لاجله وارسل الرسل وانزل الكتب لبيان ذلك والدعوة اليه ثم قال تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وقال تعالى ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقال سبحانه واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وقال تعالى هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا ان ما هو اله واحد. وليذكر اولو الالباب فالواجب على من نصح نفسه ان يهتم بالامر الذي خلق لاجله اعظم اهتمام. وان يقدمه على كل شيء وان يحذر من ايثار الدنيا على الاخرة وتقديم الهوى على الهدى وطاعة النفس والشيطان على طاعة الملك الرحمن وقد حذر الله عباده من ذلك اشد التحذير فقال تعالى فاما من طغى واثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى الامر الثاني من الامور التي اوصيكم ونفسي بها والاقبال على تلاوة القرآن العظيم. والاكثار منها ليلا ونهارا. مع التدبر والتفكر والتعقل لمعانيه العظيمة المطهرة للقلوب المحذرة من متابعة الهوى والشيطان فان الله سبحانه انزل القرآن هداية وموعظة وبشيرا ونذيرا ومعلما ومرشدا ورحمة لجميع العباد فمن تمسك به واهتدى بهداه فهو السعيد الناجي. ومن اعرض عنه فهو الشقي الهالك قال الله تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وقال تعالى واوحي الي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ وقال تعالى يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين وقال تعالى قل هو للذين امنوا هدى وشفاء وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اني تارك فيكم ثقلين اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به ثم قال واهل بيتي اذكركم الله في اهل بيتي. اذكركم الله في اهل بيتي فحث على كتاب الله ورغب فيه وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع اني تارك فيكم ما لن تضلوا ان اعتصمتم به كتاب الله وسنتي وقال صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه وقال صلى الله عليه وسلم لاصحابه ايكم يحب ان يغدو الى بطحان او العقيق فيأتي بناقتين كوماوين في غير اثم او قطع رحم فقالوا كلنا يا رسول الله نحب ذلك قال افلا يغدو احدكم الى المسجد في علم او يقرأ ايتين من كتاب الله خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث واربع خير له من اربع ومن اعدادهن من الابل وكل هذه الاحاديث احاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم والايات والاحاديث في فضل القرآن والترغيب في تلاوته وتعلمه وتعليمه. كثيرة معلومة والمقصود من التلاوة هو التدبر والتعقل للمعاني. ثم العمل بمقتضى ذلك كما قال تعالى افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها وقال تعالى كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولوا الالباب فبادروا رحمكم الله الى تلاوة كتاب ربكم وتدبر معانيه وعمارة الاوقات والمجالس بذلك والقرآن الكريم هو حبل الله المتين. وصراطه المستقيم الذي من تمسك به وصل الى الله والى دار كرامته ومن اعرض عنه شقي في الدنيا والاخرة واحذروا رحمكم الله ما يصدكم عن كتاب الله ويشغلكم عن ذكره. من الصحف والمجلات وما اشبهها من الكتب التي ضررها اكثر من نفعها واذا دعته الحاجة الى مطالعة شيء من ذلك فليجعل لذلك وقتا مخصوصا وليقتصر على قدر الحاجة وليجعل لتلاوة كتاب الله وسماعه ممن يتلوه وقتا مخصوصا يستمع فيه كلام ربه. ويداوي بذلك امراض قلبه ويستعين به على طاعة خالقه ومربيه المالك للضر والنفع والعطاء والمنع لا اله غيره ولا رب سواه ومما ينبغي الحذر منه حضور مجالس اللهو والغناء وسماع الاذاعات الضارة ومجالس القيل والقال والخوض في اعراض الناس واشد من ذلك واضر حضور مجالس السينما واشباهها. ومشاهدة الافلام الخليعة الممرضة للقلوب الصادة عن ذكر الله وتلاوة كتابه. الباعثة على اعتناق الاخلاق الرذيلة وهجر الاخلاق الحميدة انها والله من اشد الات اللهو ضررا. واعظمها قبحا واخبثها عاقبة فاحذروها رحمكم الله واحذروا مجالسة اهلها والرضا بعملهم القبيح ومن دعا الناس اليها فعليه اثمها ومثل اثام من ضل بها وهكذا كل من دعا الى باطل او زهد في حق يكون عليه اثم ذلك ومثل اثام من تبعه على ذلك وقد صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء في الهامش يشير سماحته رحمه الله الى الحديث الذي اخرجه الامام مسلم في صحيحه برقم اربعة وسبعين وستمائة والفين عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من دعا الى هدى كان له من الاجر مثل لاجور من تبعه لا ينقص ذلك من اجورهم شيئا ومن دعا الى ضلالة كان له من الاثم مثل اثام من تبعه. لا ينقص ذلك من اثامهم شيئا نسأل الله ان يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم. انه سميع قريب الامر الثالث من الامور هو تعظيم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. والرغبة في سماعها والحرص على حضور في مجالس الذكر التي يتلى فيها كتاب الله واحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم فان السنة هي شقيقة القرآن. وهي المفسرة لمعانيه والموضحة لاحكامه الدالة على تفاصيل ما شرعه الله لعباده فيجب على كل مسلم ان يعظم احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. وان يحرص على حفظ وفهم ما تيسر منها وينبغي له ان يكثر من مجالسة اهلها فانهم هم القوم لا يشقى بهم جليسهم وقد قال الله تعالى من يطع الرسول فقد اطاع الله وقال تعالى وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال النبي صلى الله عليه وسلم اذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قيل يا رسول الله وما رياض الجنة قال حلق الذكر قال اهل العلم حلق الذكر هي المجالس التي يتلى فيها كتاب الله واحاديث رسوله عليه الصلاة والسلام ويبين فيها ما احل الله لعباده وما حرمه عليهم. وما يتصل بذلك من تفاصيل احكام الشريعة. وبيان ومتعلقاتها فاغتنموا رحمكم الله حضور مجالس الذكر وعظموا القرآن والاحاديث واعملوا بما تستفيدون منها. واسألوا عما اشكل عليكم لتعرفوا الحق بدليله تعملوا به وتعرف الباطل بدليله فتحذروه. وتكونوا بذلك من الفقهاء في الدين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وقال صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد وقال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن ابطأ به عمله لم يسرع به نسبه والله المسئول ان يوفقنا واياكم لما يرضيه وان يمن على الجميع بالفقه في الدين والقيام بحق رب العالمين وان ينصر دينه ويعلي كلمته وان يعيذنا واياكم من مضلات الفتن ومكائد الشيطان انه سميع الدعاء قريب الاجابة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. اعداد مشروع كبار العلماء كويت اعزها الله بالتوحيد والسنة