معجز الله اي فائتيه بل انتم في قبضته. قادر ان يسلط عليكم عباده المؤمنين. وبشر الذين كفروا بعذاب اليم. اي من مفظع في الدنيا بالقتل والاسر والجلاء. وفي الاخرة بالنار وبئس القرار المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي فسيحوا في الارض اربعة اشهر واعلموا انكم غير معجز اي هذه براءة من الله ومن رسوله الى جميع المشركين المعاهدين ان لهم اربعة اشهر في الارض على اختيارهم امنين من المؤمنين. وبعد الاربعة الاشهر فلا عهد لهم ولا ميثاق. وهذا لمن كان له وعهد مطلق غير مقدر او مقدر باربعة اشهر فاقل. اما من كان له عهد مقدر بزيادة على اربعة اشهر. فانه يتعين ان يتمم له عهده اذا لم يخف منه خيانة. ولم يبدأ بنقض العهد. ثم انذر المعاهدين في مدة عهدهم انهم وان كانوا امنين. فانهم من يعجزوا الله ولن يفوتوه وانه من استمر منهم على شركه فان الله لا بد ان يخزيه. فكان هذا مما يجلبهم الى الدخول في الاسلام. الا من عاند واصر ولم يبالي بوعيد الله له ان الله بريء من المشركين ورسوله فان تبتم فهو خير لكم وان تولوا وبشر الذين كفروا بعذاب اليم هذا ما وعد الله به المؤمنين من نصر دينه واعلاء كلمته وخذلان اعدائهم من المشركين. الذين اخرجوا الرسول ومن معه من مكة من بيت الله الحرام واجلوهم مما لهم التسلط عليه من ارض الحجاز. نصر الله رسوله والمؤمنين حتى افتتح مكة. واذل المشركين وصار للمؤمنين الحكم والغلبة على تلك الديار. فامر النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنه ان يؤذن يوم الحج الاكبر. وهو يوم النحر وقت اجتماع الناس مسلمهم وكافرهم من جميع جزيرة العرب ان يؤذن بان الله بريء ورسوله من المشركين. فليس لهم عنده عهد ميثاق فاينما وجدوا قتلوا وقيل لهم لا تقربوا المسجد الحرام بعد عامكم هذا وكان ذلك سنة تسع من الهجرة. وحج بالناس ابو بكر الصديق رضي الله عنه واذن ببراءة يوم النحر ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ابن ابي طالب رضي الله عنه ثم رغب تعالى المشركين بالتوبة ورهبهم من الاستمرار على الشرك فقال فان تبتم فهو خير لكم وان توليتم فاعلموا انكم غير ان الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يضاهروا عليكم اي هذه البراءة التامة المطلقة من جميع المشركين الا الذين عاهدتم من المشركين واستمروا على عهدهم ولم يجري منهم ما النقم فلا نقصوكم شيئا ولا عاونوا عليكم احدا. فهؤلاء اتموا لهم عهدهم الى مدتهم. قلت او كثرت لان الاسلام ايأمر بالخيانة وانما يأمر بالوفاء. ان الله يحب المتقين الذين ادوا ما امروا به واتقوا الشرك والخيانة. وغير ذلك من المعاصي يقول تعالى فاذا انسلخ الاشهر الحرم اي التي حرم فيها قتال المشركين المعاهدين. وهي اشهر التسيير الاربعة وتمام المدة لمن له مدة اكثر منها. فقد برأت منهم الذمة. فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم في اي مكان وزمان. وخذوهم اسرى واحصروهم اي ضيقوا عليهم فلا تدعوهم يتوسعون في بلاد الله وارضه التي جعلها الله معبدا لعباده. فهؤلاء ليسوا اهل لسكناها ولا يستحقون منها شبرا. لان الارض ارض الله وهم اعداؤه المنابذون له ولرسله. المحاربة الذين يريدون ان يخلو الارض من دينك ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون. واقعدوا لهم كل مرصد اي كل ثنية وموضع يمرون عليه. ورابطوا في جهادكم وابذلوا غاية مجهودكم في ذلك. ولا تزالوا على هذا الامر حتى يتوبوا من شركهم. ولهذا قال فان تابوا من شركهم اقاموا الصلاة اي ادوها بحقوقها واتوا الزكاة لمستحقيها. فخلوا سبيلهم اي اتركوهم وليكونوا مثلكم لهم ما لكم وعليهم ما عليكم. ان الله غفور رحيم. يغفر الشرك فما دونه للتائبين. ويرحمهم بتوفيقهم للتوبة. ثم قبولها منهم وفي هذه الاية دليل على ان من امتنع من اداء الصلاة او الزكاة فانه يقاتل حتى يؤديهما. كما استدل بذلك ابو بكر الصديق رضي الله عنه لما كان ما تقدم من قوله فاذا انسلخ الاشهر الحرم المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد. امرا عاما في جميع الاحوال وفي كل الاشخاص منهم. ذكرت على ان المصلحة اذا اقتضت تقريب بعضهم جاز بل وجب ذلك. فقال وان احد من المشركين استجارك اي طلب منك ان تجيره وتمنعه ومن الضرر لاجل ان يسمع كلام الله وينظر حالة الاسلام. فاجره حتى يسمع كلام الله. ثم ان اسلم فذاك والا فابلغه اي المحل الذي يأمن فيه. والسبب في ذلك ان الكفار قوم لا يعلمون. فربما كان استمرارهم على كفرهم لجهل منهم. اذا زال عليه الاسلام فلذلك امر الله رسوله وامته اسوته في الاحكام ان يجيروا من طلب ان يسمع كلام الله. وفي هذا حجة صريحة لمذهب باهل السنة والجماعة القائلين بان القرآن كلام الله غير مخلوق. لانه تعالى هو المتكلم به. واضافه الى نفسه اضافة الصفة الى خسوفها وبطلان مذهب المعتزلة ومن اخذ بقولهم ان القرآن مخلوق وكم من الادلة الدالة على بطلان هذا القول ليس هذا محل ذكر كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله الا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ان الله يحب المتقين هذا بيان بالحكمة الموجبة لان يتبرأ الله ورسوله من المشركين. فقال كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله؟ هل قاموا بواجب الايمان ام تركوا رسول الله والمؤمنين من اذيتهم؟ اما حاربوا الحق ونصرو الباطل؟ اما سعوا في الارض فسادا؟ فيحق لهم ان يتبرأ الله منهم وان لا يكون لهم عنده عهد ولا عند رسوله. الا الذين عاهدتم من المشركين عند المسجد الحرام. فان لهم في العهد وخصوصا في هذا المكان عن الفاضل حرمة اوجب ان يراعوا فيها. فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم. ان الله يحب المتقين. ولهذا قال كيف وان يظهر عليكم لا يرقب فيكم الا ولا ذمة. يرضونكم اي كيف يكون للمشركين عند الله عهد وميثاق انهم ان يظهروا عليكم بالقدرة والسلطة لا يرحموكم ولا يرقب فيكم الا ولا ذمة اي لا ذمة ولا قرابة ولا يخافون الله فيكم بل يصومونكم سوء العذاب. فهذه حالكم معهم لو ظهروا. ولا يغرنكم منهم ما يعاملونكم به وقت الخوف منكم. فانهم بافواههم وتأبى قلوبهم الميل والمحبة لكم. بل هم الاعداء حقا. المبغضون لكم صدقا. واكثرهم فاسقون. لا لهم ولا مروة انهم ساء ما كانوا يعملون. اشتروا بايات الله ثمنا قليلا. اي اختاروا الحظ العاجل الخسيس في الدنيا على الايمان بالله ورسوله. والانقياد لايات الله. فصدوا بانفسهم وصدوا غيرهم عن سبيله. انهم ساء ما كانوا يعملون يسألون لا يرقبون في مؤمن لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة. اي لاجل عداوتهم للايمان واهله. فالوصف الذي جعلهم يعادونكم لاجله ويبغضونكم والايمان فذبوا عن دينكم وانصروه واتخذوا من عاداه لكم عدوا. ومن نصره لكم وليا. واجعلوا الحكم يدور معه وجودا وعدما ستجعل الولاية والعداوة طبيعية تميلون بهما. حيث مال الهوى وتتبعون فيهما النفس الامارة بالسوء. ولهذا تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فاخوانكم في الدين. ونفصل الايات لقوم فان تابوا عن شركهم ورجعوا الى الايمان واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فاخوانكم في الدين. وتناسوا تلك كالعداوة اذ كانوا مشركين. لتكونوا عباد الله المخلصين. وبهذا يكون العبد عبدا حقيقة. لما بين من احكامه العظيمة ما بين. ووضح منها ما وضح احكاما وحكما وحكما وحكمة. قال ونفصل الايات اي نوضحها ونميزها لقوم يعلمون. فاليهم سياق الكلام وبهم تعرف الايات والاحكام وبهم عرف دين الاسلام وشرائع الدين. اللهم اجعلنا من القوم الذين يعلمون ويعملون بما يعلمون برحمتك وجودك وكرمك واحسانك يا رب العالمين