المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. فقال قاتلوا ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون. يقول تعالى بعدما ذكر ان المعاهدين من المشركين ان استقاموا على عهدهم فاستقيموا لهم على الوفاء وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم اين قضوا وحلوها فقاتلوكم او اعانوا على قتالكم او نقصوكم وطعنوا في دينكم اي عابوه وسخروا منه ويدخل في هذا جميع انواع الطعن الموجهة الى الدين او الى القرآن فقاتلوا ائمة الكفر. اي القادة فيه الرؤساء الطاعنين في دين الرحمن. الناصرين لدين الشيطان وخصهم بالذكر لعظم جنايتهم. ولان غيرهم تبع لهم وليدل على ان من طعن في الدين وتصدى للرد عليه فانه من ائمة الكفر انهم لا ايمان لهم. اي لا عهود ولا مواثيق يلازمون على الوفاء بها. بل لا يزالون خائنين ناكثين للعهد لا يوثق منهم لعلهم في قتالكم اياهم ينتهون عن الطعن في دينكم وربما دخلوا فيه. ثم حث على قتالهم وهيج مؤمنين بذكر الاوصاف التي صدرت من هؤلاء الاعداء. والتي هم موصوفون بها المقتضية لقتالهم. فقال الا تقاتلون الرسول اتخشونهم فالله احق ان تخشوه ان كنتم الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهموا باخراج الرسول. الذي يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه. وهم هم ان يجلوه ويخرجوه من وطنه. وسعوا في ذلك ما امكنهم. وهم بدؤوكم اول مرة. حيث نقضوا العهد واعانوا عليكم. وذلك حيث عاونت قريش وهم معاهدون بني بكر حلفائهم على خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقاتلوا معهم كما هو مذكور مبسوط في السيرة اتخشونهم في ترك قتالهم؟ فالله احق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين. فانه امركم بقتالهم. واكد ذلك عليكم غاية التأكيد. فان كنتم مؤمنين فامتثلوا لامر الله. ولا تخشوهم فتتركوا امر الله. ثم امر بقتالهم وذكر ما يترتب على قتالهم من الفوائد وكل هذا حث وانهاض للمؤمنين على قتالهم. فقال قاتلوهم يعذبهم الله بأيديهم فيكم ما يخزهم ما ينصركم عليهم ويشفي صدور قوم مؤمنين. قاتلوهم يعذبهم الله بايديهم بالقتل ويخزهم اذا نصركم الله عليهم. وهم الاعداء الذين يطلب خزيهم ويحرص عليه. وينصركم عليهم. هذا وعد من الله وبشارة قد انجزها ويشفي صدور قوم مؤمنين والله عليم حكيم. ويذهب غيظ قلوبهم فان في قلوبهم من الحنق والغيظ عليه ما يكون قتالهم وقتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم والهم. اذ يرون هؤلاء الاعداء محاربين لله ولرسوله. ساعين في اطفاء نور الله وزوالا للغيظ الذي في قلوبهم. وهذا يدل على محبة الله لعباده المؤمنين. واعتنائه باحوالهم حتى انه جعل من جملة المقاصد الشرعية شفاء ما في صدورهم وذهاب غيظهم. ثم قال ويتوب الله على من يشاء من هؤلاء المحاربين بان يوفقهم للدخول في الاسلام ويزينه في قلوبهم ويكره اليهم الكفر والفسوق والعصيان. والله عليم حكيم يضع الاشياء مواضعها اعلموا من يصلح للايمان فيهديه. ومن لا يصلح فيبقيه في غيه وطغيانه الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين ولي جه يقول تعالى لعباده المؤمنين بعدما امرهم بالجهاد ام حسبتم ان تتركوا من دون ابتلاء وامر بما يبين به الصادق والكاذب. ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم اي علما يظهر مما في القوة الى الخارج. ليترتب عليه الثواب والعقاب. فيعلم الذين يجاهدون في سبيله لاعلاء كلمته. ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجه. اي من الكافرين بل يتخذون الله ورسوله والمؤمنين اولياء. فشرع الله الجهاد ليحصل به هذا المقصود الاعظم. وهو ان يتميز الصادقون الذين لا يتحيزون الا لدين الله. من الكاذبين الذين يزعمون الايمان. وهم يتخذون الولائد والاولياء من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين والله خبير بما تعملون. ان يعلموا ما يصير منكم ويصدر. فيبتليكم بما يظهر به حقيقة ما انتم عليه. ويجازيكم على اعمالكم خيرها وشرها اولئك حبطت اعمالهم وفي النار هم خانون. يقول تعالى ما كان اي ما ينبغي ولا يليق للمشركين ان يعمروا مساجد الله. بالعبادة والصلاة وغيرها من انواع الطاعات. والحال انهم شاهدون ومقرون على انفسهم بالكفر بشهادة حالهم وفطرهم. وعلم كثير منهم انهم على الكفر والباطل. فاذا كانوا شاهدين على انفسهم بالكفر. وعدم في الايمان الذي هو شرط لقبول الاعمال. فكيف يزعمون انهم عمار مساجد الله؟ والاصل منهم مفقود والاعمال منهم باطلة. ولهذا قال اولئك حبطت اعمالهم اي بطلت وضلت وفي النار هم خالدون. ثم ذكر منهم عمار مساجد الله فقال اتى الزكاة ولم يخش الا ولم يخش الا الله فعسى انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر واقام الصلاة الواجبة والمستحبة بالقيام بالظاهر منها والباطن. واتى الزكاة لاهلها ولم يخشى الا الله اي قصر خشيته على ربه فكف عن ما حرم الله ولم يقصر بحقوق الله الواجبة. فوصفهم بالايمان النافع وبالقيام بالاعمال الصالحة التي امها الصلاة والزكاة وبخشية الله التي هي اصل كل خير. فهؤلاء عمار المساجد على الحقيقة واهلها الذين هم اهلها. فعسى اولئك كان يكونوا من المهتدين. وعسى من الله واجبا. واما من لم يؤمن بالله ولا باليوم الاخر. ولا عنده خشية لله. فهذا ليس من عمال مساجد الله ولا من اهلها الذين هم اهلها. وان زعم ذلك وادعاه لما اختلف بعض المسلمين او بعض المسلمين وبعض في تفضيل عمارة المسجد الحرام بالبناء والصلاة والعبادة فيه وسقاية الحاج. على الايمان بالله والجهاد في سبيله. اخبر الله تعالى في التفاوت بينهما فقال اجعلتم سقاية الحاج؟ اي سقيهم الماء من زمزم؟ كما هو المعروف اذا اطلق هذا الاسم انه المراد وعمارة المسجد الحرام. كمن امن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله. لا يستوون عند الله. فالجهاد والايمان بالله افضل من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام. بدرجات كثيرة. لان الايمان اصل الدين. وبه تقبل الاعمال وتزكو الخصال. واما الجهاد في سبيل ذروة سنام الدين الذي به يحفظ الدين الاسلامي ويتسع. وينصر الحق ويخذل الباطل. واما عمارة المسجد الحرام وسقاية الحاج فهي وان كانت اعمالا صالحة فهي متوقفة على الايمان. وليس فيها من المصالح ما في الايمان والجهاد. فلذلك قال لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين. اي الذين وصفهم الظلم. الذين لا يصلحون لقبول شيء من الخير. بل لا يليق بهم الا الشر. ثم صرح بالفضل فقال الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله باموالهم وانفسهم اعظم درجة عند الله واولئك هم الفائزون الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله باموالهم بالنفقة في الجهاد وتجهيز الغزاة وانفسهم بالخروج بالنفس. اعظم عند الله واولئك هم الفائزون. اي لا يفوز بالمطلوب ولا ينجوا من المرهوب. الا من اتصف بصفاتهم وتخلق باخلاقهم