المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يقول تعالى المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض. لانهم اشتركوا في النفاق فاشتركوا في تولي بعضهم بعضا. وفي هذا قطع للمؤمنين من ولايتهم. ثم ذكر وصف المنافقين العام الذي لا يخرج منه صغير منهم ولا كبير. فقال يأمرون بالمنكر وهو الكفر والفسوق والعصيان. وينهون عن المعروف وهو الايمان والاخلاق الفاضلة والاعمال الصالحة والاداب الحسنة. ويقبضون ايديهم عن الصدقة وطرق الاحسان فوصفهم البخل. نسوا الله فلا يذكرونه الا قليلا. فنسيهم من رحمته فلا يوفقهم لخير ولا يدخلهم الجنة بل يتركهم في الدرك الاسفل من النار. خالدين فيها مخلدين. ان المنافقين هم الفاسقون. حصر فسق فيهم لان فسقهم اعظم من فسق غيرهم. بدليل ان عذابهم اشد من عذاب غيرهم. وان المؤمنين قد ابتلوا بهم اذ كانوا بين والاحتراز منهم شديد قيل فيها هي حسبهم ولعنهم الله هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم جمع المنافقين والكفار في النار واللعنة والخلود في ذلك. لاجتماعهم في الدنيا على الكفر والمعاداة لله ورسوله والكفر باياته كالذين من قبلكم كانوا اشد منكم قوة واكثر اموالا واولادا فاستمتعوا الذي لا يخرجون منها وبئس المصير يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر. اي اذا قالوا قولا كقول من قال منهم ليخرجن الاعز منها الاذل. والكلام الذي يتكلم به الواحد اتتهم رسلهم يقول تعالى للمنافقين ان يصيبهم ما اصاب من قبلهم من الامم المكذبة. قوم نوح وعاد وثمود وقوم ابراهيم. واصحاب مدين والمؤتفكين اي قرى قوم لوط فكلهم اتتهم رسلهم بالبينات اي بالحق الواضح الجلي المبين لحقائق الاشياء فكذبوا بها فجرى عليهم ما قص الله علينا فانتم اعمالكم شبيهة باعمالهم استمتعتم باخلاقكم اي بنصيبكم من الدنيا فتناولتموه على وجه اللذة والشهوة معرضين عن المراد منه. واستعنتم به على معاصي الله ولم تتعدى همتكم وارادتكم ما خولتم من النعم. كما فعل من قبلكم وخضتم كالذي خاضوا. اي خضتم بالباطل والزور وجادلتم بالباطل؟ لتدحضوا به الحق. فهذه اعمالهم وعلومهم استمتاع بالخلاق وخوض بالباطل. فاستحقوا من العقوبة والاهلاك ما استحق من قبلهم. من فعلوا كفعلهم. واما المؤمنون فهم ان استمتعوا بنصيبهم وما خولوا من الدنيا فانه على وجه الاستعانة به على طاعة الله. واما علومهم فهي علوم الرسل. وهي الوصول الى اليقين في جميع المطالب العالية. والمجادلة بالحق لادحاض الباطل. قوله فما كان الله ليظلمهم. اذ اوقع بهم من عقوبته ما اوقع ولكن كانوا انفسهم يظلمون. حيث تجرأوا على معاصيه وعصوا رسوله واتبعوا امر كل جبار عنيد والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله. ويطيعون الله ورسوله سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم لما ذكر ان المنافقين بعضهم اولياء بعض ذكر ان المؤمنين بعضهم اولياء بعض ووصفهم بضد ما وصف به المنافقين فقال والمؤمنون والمؤمنات اي ذكورهم واناثهم. بعضهم اولياء بعض في المحبة والموالاة والانتماء والنصرة يأمرون بالمعروف وهو اسم جامع لكل ما عرف حسنه من العقائد الحسنة والاعمال الصالحة والاخلاق الفاضلة. واول من يدخل في امرهم انفسهم وينهون عن المنكر وهو كل ما خالف المعروف وناقضه من العقائد الباطلة والاعمال الخبيثة والاخلاق الرذيلة. ويطيعون الله ورسوله اي لا يزالون ملازمين لطاعة الله ورسوله على الدوام. اولئك سيرحمهم الله اي يدخلهم في رحمته. ويشملهم باحسانه ان الله عزيز حكيم. اي قوي قاهر. ومع قوته فهو حكيم. يضع كل شيء موضعه اللائق به. الذي يحمد على ما خلقه وامر به ثم ذكر ما اعد الله له من الثواب فقال وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن ورضوان ذلك هو الفوز وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار. جامعة لكل نعيم وفرح خالية من كل اذى وترح. تجري من قصورها ودورها واشجارها الانهار الغزيرة المروية للبساتين الانيقة التي لا يعلم ما فيها من الخيرات والبركات الا الله تعالى خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ومساكن طيبة في جنات عدن قد زخرفت وحسنت واعدت لعباد الله المتقين قد طاب مرآها وطاب منزلها ومقيلها. وجمعت من الات المساكن العالية ما لا يتمنى فوقه المتمنون. حتى ان الله تعالى قد اعد لهم غرفا في غاية الصفاء والحسن. يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها. فهذه المساكن الانيقة التي قم بان تسكن اليها النفوس وتنزع اليها القلوب وتشتاق لها الارواح لانها في جنات عدن اي اقامة لا يطعنون عنها ولا يتحولون يسألون منها ورضوان من الله يحله على اهل الجنة اكبر مما هم فيه من النعيم. فان نعيمهم لم يطب الا برؤية ربهم اخوانه عليهم ولانه الغاية التي امها العابدون. والنهاية التي سعى نحوها المحبون. فرضا رب الارض والسماوات اكبر من نعيم الجنة ذلك هو الفوز العظيم. حيث حصلوا على كل مطلوب. وانتفى عنهم كل محذور. وحسنت وطابت منهم جميع الامور. فنسأل اسأل الله ان يجعلنا معهم بجوده ومأواهم المصير يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين اي في جهادهم الغلظة عليهم حيث اقتضت الحال الغلظة عليهم. وهذا الجهاد يدخل فيه الجهاد باليد والجهاد بالحجة واللسان. فمن بارز بالمحاربة فيجاهد باليد واللسان والسيف والبيان. ومن كان مذعنا للاسلام بذمة او عهد. فانه يجاهد بالحجة والبرهان بينوا له محاسن الاسلام ومساوئ الشرك والكفر. فهذا ما لهم في الدنيا واما في الاخرة فمأواهم جهنم. اي مقرهم بعد الواحد في الاستهزاء بالدين وبالرسول. فاذا بلغهم ان النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغه شيء من ذلك. جاءوا اليه يحلفون بالله ما قالوا. قال تعالى مكذبا لهم. ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم. فاسلامهم السابق وان كان ظاهره انه اخرجهم من دائرة الكفر فكلامهم الاخير ينقض اسلامهم ويدخلهم بالكفر. وهموا بما لم ينالوا وذلك حين هموا بفتك برسول بسم الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك. فقص الله عليه نبأهم فامر من يصدهم عن قصدهم. والحال انهم ما نقموا وعابوا من الله صلى الله عليه وسلم الا ان اغناهم الله ورسوله من فضله. بعد ان كانوا فقراء معوزين. وهذا من اعجب الاشياء. ان استهينوا بمن كان سببا لاخراجهم من الظلمات الى النور. ومغنيا لهم بعد الفقر. وهل حقه عليهم الا ان يعظموه؟ ويؤمنوا به ويجلوه فاجتمع الداعي الديني وداعي المروءة الانسانية ثم عرض عليهم التوبة فقال فان يتوبوا يك خيرا لهم. لان التوبة اصل لسعادة الدنيا والاخرة. وان يتولوا عن التوبة والانابة يعذبهم الله عذابا اليما في الدنيا والاخرة. في الدنيا بما يناله من الهم والغم والحزن على نصرة الله لدينه. واعزاز نبيه وعدم حصولهم على مطلوبهم وفي الاخرة في عذاب السعير وما لهم في الارض من ولي يتولى امورهم ويحصل لهم المطلوب ولا نصير يدفع عنهم المكروه. واذا انقطعوا من ولاية الله تعالى فثم اصناف الشر والخسران والشقاء والحرمان