المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الفائدة السابعة والعشرون والمئة تفسير قوله تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان الاية قال الله تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قوي عزيز ما اعظم هذه الاية واجمعها فان الله ذكر فيها اكبر نعمة انعم بها على الخلق وهو ارسال الرسل وان الله ايدهم بالايات البينات والبراهين القاطعات وانه اقام الدين على ايديهم بالكتاب والميزان والحديد فالكتاب به يقوم العلم والدين وتتضح الحقائق وتستنير الطريق ويتبين الهدى من الضلال والغي من الرشاد والميزان الذي هو العدل وما يعرف به العدل تقوم به الحقوق والعقود والمعاملات والتشريعات المتنوعة والحديد يحصل به النصر وقمع المعتدين من الكفار والمنافقين والظالمين فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم اشتركوا في ان الله ارسلهم وانعم بهم على العباد نعمة لا يصلح دينهم ودنياهم واخرتهم الا بها وان كل واحد منهم ايد بايات بينات تدل دلالة قطعية انه رسول الله وان ما جاء به حق واشتركوا ايضا في ان الدين واحد اصله الذي يدعون اليه من توحيد الله والايمان به ومن العدل بين العباد على اختلاف الاحوال بحسب الازمنة والامكنة والاحوال وان قمع المعتدين مشروع ايضا في كل شريعة شرعها الله على السنة رسله وهذا من اعظم البراهين على صدقهم فانهم اتوا كلهم باصول الخير والعدل وثواب المحسنين وعقوبة المعتدين فدعوتهم واحدة ودينهم واحد وكلهم يصدق بعضهم بعضا ويوافق بعضهم بعضا ثم ذكر ما في الحديد من المنافع العمومية والخصوصية فان منافع الحديد لا يمكن تعدادها ولا حصرها وخصوصا في هذه الاوقات فانه ما قامت المخترعات والصناعات العظيمة الا بالحديد وذلك من اكبر نعم الله على عباده التي يجب عليهم شكرها ولكن اكثر الخلق كافرون بها غير معترفين بها ومن كانت هذه حاله فالمنافع التي حصلت له استدراج من الله وحجة عليه وقوله وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب هذا بيان لكمال حكمته في ابتلاء العباد بعضهم ببعض وانه مع قوته وقدرته على نصر المؤمنين نصرا مستمرا اقتضت الحكمة ان يبلو بعضهم ببعض ويتضح حال المؤمن الصادق الذي ينصر الله ورسوله بالغيب ممن ينقلب على عقبيه ويعبد الله على حرف ان اصابه خير اطمأن به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة