المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الثالث عشر عن ابي موسى الاشعري رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين اصابعه متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا حديث عظيم فيه الخبر من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن المؤمنين انهم على هذا هذا الوصف ويتضمن الحث منه على مراعاة هذا الاصل وان يكونوا اخوانا متراحمين متحابين متعاطفين يحب كل منهم للاخر ما يحب لنفسه ويسعى في ذلك وان عليهم مراعاة المصالح الكلية الجامعة لمصالحهم كلهم وان يكونوا على هذا الوصف فان البنيان المجموع من اساسات وحيطان محيطة كلية وحيطان تحيط بالمنازل المختصة وما تتضمنه من سقوف وابواب ومصالح ومنافع كل نوع من ذلك لا يقوم بمفرده حتى ينضم بعضها الى بعض كذلك المسلمون يجب ان يكونوا كذلك فيراعوا قيام دينهم وشرائعه وما يقوم ذلك ويقويه ويزيل موانعه وعوارضه الفروض العينية يقوم بها كل مكلف لا يسع مكلفا قادرا تركها او الاخلال بها وفروض الكفايات يجعل في كل فرض منها من يقوم به من المسلمين بحيث تحصل بهم الكفاية ويتم بهم المقصود المطلوب قال تعالى في الجهاد وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا الدين ولينذروا قومهم ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم وقال تعالى ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وامر تعالى بالتعاون على البر والتقوى فالمسلمون قصدهم ومطلوبهم واحد وهو قيام مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم الدين الا بها وكل طائفة تسعى في تحقيق مهمتها بحسب ما يناسبها ويناسب الوقت والحال ولا يتم لهم ذلك الا بعقد المشاورات والبحث عن المصالح الكلية وباي وسيلة تدرك وكيفية الطرق الى سلوكها واعانة كل طائفة للاخرى في رأيها وقولها وفعلها وفي دفع المعارضات والمعوقات عنها فمنهم طائفة تتعلم وطائفة تعلم ومنهم طائفة تخرج الى الجهاد بعد تعلمها لفنون الحرب ومنهم طائفة ترابط وتحافظ على الثغور ومسالك الاعداء ومنهم طائفة تشتغل بالصناعات المخرجة للاسلحة المناسبة لكل زمان حسبه ومنهم طائفة تشتغل بالحراثة والزراعة والتجارة والكاسب المتنوعة والسعي في الاسباب الاقتصادية ومنهم طائفة تشتغل بدرس السياسة وامور الحرب والسلم وما ينبغي عمله مع الاعداء مما يعود الى مصلحة الاسلام والمسلمين وترجيح اعلى المصالح على ادناها ودفع اعلى المضار بالنزول الى ادناها والموازنة بين الامور ومعرفة حقيقة المصالح والمضار ومراتبها وبالجملة يسعون كلهم لتحقيق مصالح دينهم ودنياهم متساعدين متساندين يرون الغاية واحدة وان تباينت الطرق والمقصود واحد وان تعددت الوسائل اليه فما انفع العمل بهذا الحديث العظيم الذي ارشد فيه هذا النبي الكريم امته الى ان يكونوا كالبنيان يشد بعض عضوه بعضا وكالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ولهذا حث الشارع على كل ما يقوي هذا الامر وما يوجب المحبة بين المؤمنين وما به يتم التعاون على المنافع ونهى عن التفرق والتعادي وتشتيت الكلمة في نصوص كثيرة حتى عد هذا اصلا عظيما من اصول الدين تجب مراعاته واعتباره وترجيحه على غيره والسعي اليه بكل ممكن فنسأل الله تعالى ان يحقق للمسلمين هذا الاصل ويؤلف بين قلوبهم ويجعلهم يدا واحدة على من ناوأهم وعاداهم انه كريم