المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الثانية عشرة العرف والعادة يرجع اليه في كل حكم حكم به الشارع ولم يحده بحد وهذا اصل واسع موجود في المعاملات والحقوق وغيرها وذلك ان جميع الاحكام يحتاج كل واحد منها الى امرين معرفة حدها وتفسيرها ثم بعد ذلك يحكم عليها بالحكم الشرعي فاذا وجدنا الشارع قد حكم عليها بايجاب او استحباب او تحريم او كراهة او اباحة فان كان قد حدها وفسرها وميزها رجعنا الى تفسير الشارع كما امر بالصلاة وذكر فضلها وثوابها. وقد حدها الشارع وذكر تفاصيل احكامها التي تميزها عن غيرها فنرجع في ذلك الى ما حده الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكذلك الزكاة والصيام والحج قد وضحها الشارع توضيحا لا يبقي اشكالا واما اذا حكم الشارع عليها ولم يحدها فانه حكم على العباد بما يعرفونه ويعتادونه. وقد يصرح لهم بالرجوع الى ذلك كما في قوله تعالى وعاشروهن بالمعروف وقد يدخل في ذلك المعروف شرعا والمعروف عقلا. مثل قوله وامر بالعرف ويدخل في هذا الاصل مسائل كثيرة جدا منها ان الله عز وجل امر بالاحسان الى الوالدين والاقارب واليتامى والمساكين وابن السبيل. وكذلك الاحسان الى جميع الخلق فكل ما شمله الاحسان مما يتعارفه الناس فهو داخل في هذه الاوامر الشرعية لان الله عز وجل اطلق ذلك والاحسان ضد الاساءة بل وضد لعدم ايصال الاحسان القولي والفعلي وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح كل معروف صدقة وهذا نص صريح ان كل ما فعله العبد مع خلق من انواع الاحسان والمعروف فهو صدقة وكذلك اشترط الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في عقود المعارضات وعقود التبرعات الرضا بين الطرفين ولم يشترط لذلك العقد لفظا معينا فاي لفظ واي فعل دل على العقد والتراضي حصل به المقصود. ولهذا قال العلماء وتنعقد العقود بكل ما دل عليها من قول او فعل ولكنهم استثنوا منها بعض مسائل اشترطوا لعقدها القول لخطرها مثل النكاح. قالوا لابد فيه من ايجاب وقبول بالقول. وكذلك الطلاق لا يقع الا باللفظ او الكتابة ومن فروع هذا الاصل ان العقود التي اشترط لها القبض فالقبض ما عده الناس قبضا ويختلف ذلك باختلاف الاحوال. وكذلك الحرز. حيث اوجبوا حفظ الاموال المؤتمن عليها الانسان. في مثلها وحيث اشترطوا في السرقة ان يكون ذلك من حرز والحرز يتبع العرف فالاموال النفيسة لها احراز وغيرها لها احراز كل شيء بحسبه ومن ذلك ان الامين اذا فرط او تعدى فهو ضامن فكل ما عده الناس تفريطا او تعديا علق به الحكم ومن ذلك ان من وجد لقطة لزمه ان يعرفها حولا كاملا بحسب العرف ثم اذا لم يجد صاحبها ملكها ومن فروعها ان الاوقاف يرجع في مصارفها الى شروط الواقفين التي لا تخالف الشرع فان جهل شرط الموقف رجع في ذلك الى العادة والعرف الخاص. ثم الى العرف العام في صرفها في طرقها ومن ذلك الحكم باليد والمجاراة لمن كان بيده عين يتصرف فيها مدة طويلة يحكم انها له الا ببينة تدل على خلاف ذلك ومن فروعها الرجوع الى المعروف في نفقة الزوجات والاقارب والمماليك والاجراء ونحوهم كما صرح الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالرجوع الى العرف في معاشرة الزوجات والمعاشرة اعم من النفقة فتشمل جميع ما يكون بين الزوجين من المعاشرة القولية والفعلية بين الطرفين وانه يتعين في جميعها الرجوع الى العرف ومن فروعها رجوع المستحاضة التي لا تمييز لها الى عادتها الخاصة فان تعذر ذلك بنسيان او غيره رجعت الى عادة نسائها ثم الى عادة نساء بلدها ومن ذلك العيوب والغبن والتدريس يرجع ذلك الى العرف فما عده الناس عيبا او غبنا او تدليسا علق به الحكم وكذلك الرجوع الى قيمة المثل في والمتلفات والضمانات وغيرها وكذلك الرجوع الى مهور المثل لمن وجب لها مهر ولم يسم او سمي تسمية فاسدة ويختلف ذلك باختلاف النساء والاوقات والامكنة وقس على هذه الامثلة ما اشبهها وهي كثيرة مذكورة في كتب الاحكام