فانه لا يدخل في نذره يوم العيدين وايام التشريق وقوله فهو خير لك. اي انما تبقي لاهلك تنفقه عليهم. خير كن من صدقتك بجميع مالك. ولا ينافي هذا ما ورد من قصة الصديق المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الايمان والندور. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب الايمان والنذور. حد الايمان هو تأكيد الخبر او الفعل بذكر معظم بحروف القسم او ما يقوم مقامها. واليمين المشروعة هي اليمين بالله تعالى او صفة من صفاته كما يأتي. والاصل في الايمان انه لا ينبغي الاكثار منها. وقد تحرم اليمين اذا كان كاذبا ونحوه وقد تكره وقد يشرع الحلف اذا كان لمصلحة وقد امر الله تعالى رسوله ان يقسم على البعث. في ثلاثة مواضع من القرآن كما اتقدم وهي قوله الاية وقوله الاية وقوله تعالى الاية. وقد ورد انه صلى الله عليه وعلى آله وسلم اقسم في مواضع كثيرة من السنة. واما حدود فهو التزام المكلف فعل طاعة الله تعالى. واما سوى هذا القسم من النذور فانه داخل في الايمان. كما هو مبسوط في كتب الفقه وقد ذكروا رحمهم الله تعالى الايمان والنذور في باب واحد. وبعضهم هم يفردوا كل واحد في باب. ولكن يوالي بينهما. لان احكامهما متقاربة. الا ان موجب النذر هو تحتم الوفاء به وموجب اليمين هو الوفاء. او تحليل يمينه بالكفارة كما يأتي الحادي والخمسون والثلاثمائة. الحديث الاول. عن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة فان كأن اعطيتها عن مسألة وكلت اليها وان اعطيتها عن غير مسألة اعنت عليها. واذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها. فكفر عن يمينك وات الذي هو خير. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ سعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عبدالرحمن بن سمرة يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة. الى اخره الامارة بكسر الهمزة هي الولاية. وبفتحها العلامة. وهي هنا اي لا تطلب الولاية سواء كانت ولاية عامة او خاصة وسواء كانت ولاية دنيوية او دينية. كامامة ونحو ذلك واعظم طلبها بذل المال لتحصيلها. ثم ذكر الحكمة في ذلك فقال فانك ان اعطيتها عن مسألة وكلت اليها. اي ومن وكل الى نفسه فهو مخذول كائنا من كان. ولو بلغ في المعرفة مهما بلغ السبب في ذلك ان من طلبها فلابد ان يكون معجبا بنفسه. ويرى انه قادر على القيام بها ابلغ من غيره. والحال ان الانسان مهما بلغ فهو ناقص عاجز الا باعانة الله وتوفيقه. وقوله وان اعطيتها ان نغير مسألة اعنت عليها. اي لانه في هذه الحال يرى نفسه مفتقرا الى الله ومحتاجا اليه في كل لحظة. فمن رأى نفسه في هذه الحالة فلا شك ان الله تعالى يعينه في جميع اموره. وهذا اذا طلبها لمجرد التشهي. والوصول الى اغراضه الدنيوية. واما فاذا طلبها لاجل القيام بالامور الدينية التي اهملها غيره. او اللوازم دنيوية التي لا غنى بالرعية عنها. فهذا ليس بمذموم كما قال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام انه قال لملك مصر خزائن الارض لان قصده عليه السلام ان يتمكن من الدعوة الى الله والى عبادته وحده لا شريك له. الشاهد من الحديث قوله واذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها. فكفر عن يمينك. واتي الذي فيه هو خير. اي لا يمنعك حليفك عن فعل الخير. وهذا معنى قوله تعالى ولا تجعلوا الله عروضة لايمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس. اي لا تجعلوا الحلف بالله مانعا لكم من فعل هذه الاعمال الصالحة. وليس معنى الاية كما يظن بعض الناس انه نهي عن كثرة اليمين بالله. ففي الحديث انه يجب عليه اذا حنف ان عن يمينه. وفيه ان الحنف افضل اذا كان قد حلف على ترك خير فيكفر عن يمينه ويفعل الذي هو خير. ولا يجعل يمينه مانعة له من فعل الخير. الثاني والخمسون والثلاثمائة الحديث الثاني عن ابي موسى رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اني والله ان شاء الله الله لا احلف على يمين فارى خيرها خيرا منها. الا اتيت الذي هو خير وتحللتها. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي موسى اني والله ان شاء الله لا احلف الى اخره. سبب هذا الحديث هم قوم ابي موسى فانهم اتوا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليحمل فهم في غزوة تبوك. ولم يكن عنده شيء يحملهم فردهم وكان قد اشتغل واهتم فالحوا عليه فحلف لا يحملهم. فاتاه بعد ذلك ذلك مال فاستلحقهم وحملهم. فقيل له يا رسول الله انك قد حلفت فقال اني والله ان شاء الله الى اخره. قوله فارى غيرها خيرا منها. الى اخره. ضابطه اذا حلف على ترك واجب او مستحب. او فعل محرم او مكروه. فيجب الحنت او تحب تبعا لما حلف عليه. وفي هذا الحلف على ترك حملهم. وحمله هم من افضل القروبات. لانه من الجهاد في المال. وهذا امتثال منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لامر الله تعالى. حيث قال ولا اتجعل الله عرضة لايمانكم ان تبروا فلم يمنعه يمينه من فعل الخير. وقوله وتحلل اي كفرت. وقيل ان التحلة اخراج الكفارة قبل الحنث واذا اخرجها بعد الحنث فهي كفارة. وهذا من كرم الله وفضله على هذه الامة. فان الكفارة من خصائص هذه الامة ولهذا لما حلف ايوب على ضرب امرأته. وكانت امرأة صالحة فافتاه الله ان يضربها بضغث. وهو الاعواد المجتمعة ما من الشماريخ او غيرها. فخفف الله عنه. ولو كانت الكفارة مشروعة لهم لامره بها. ولم يأمروه بضربها بالضغث. فان قيل هل يأثم الحانث ام لا؟ فالجواب ان نوى ان يكفر والتزم ذلك لم يأثر وان لم ينوي التكفير اثم بالحنث. وينبغي ان يعلم هنا ما هي اليمين التي يجب بها كفارة؟ وما هو لغو اليمين. قال تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن ولكن آخذكم بما فلا تجب الكفارة الا في اليمين التي عقدها وهي التي يقصد تأكيد الفعل بها او الترك. فهذه هي التي تجب في فيها الكفارة. واما لغو اليمين هو الذي يجري على لسانه من غير قصد لعقد اليمين. كقوله في عرض كلامه. لا والله وبلا الله فهذه لا يجب فيها كفارة. واختلفوا فيما اذا حلف على ولم يقصد الحث او المنع. وانما قصد اكرامه. مثل ان يحلف عليه ان يتقدم الى مجلس. ونحو ذلك مما يقصد به الاكرام فالمذهب انه يجب بالحنث به كفارة. لانه كالتأكيد. وعنه انه لا يجب بالحنث به كفارة. وهو الصحيح. واما حليفه على غيره قصد الحث او المنع ففي الحنث به كفارة. وهذا من المواضع التي اقسم فيها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وفيه تأكيد هذا الامر حيث اقسم عليه. والا فهو الصادق المصدق ومجرد كلامه حجة من دون قسم. وفيه انه ينبغي لمن حلف على امر مستقبل ان يستثني كما يأتي. الثالث والخمسون والثلاث الحديث الثالث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان الله ينهاكم ان تحلفوا بابائكم. ولمسلم فمن كان انا حالفا فليحلف بالله او ليصمت. وفي رواية قال عمر فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله ينهى عنها ذاكرا ولا اثرا رواه البخاري ومسلم. يعني حاكيا عن غيري انه حلف بها قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عمر رضي الله الله عنه ان الله ينهاكم ان تحلفوا بابائكم. الى اخره سبب هذا الحديث انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم سمع عمر يحلف بابيه فقال ذلك. ولهذا قال عمر رضي الله عنه فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ينهى عنها ذاكرا اي منشئا ذلك من نفسي. ولا اثرا اي حاكيا عن غيره انه حلف فيها وهذا من احتياطه وامتثاله لامر النبي صلى الله عليه عليه وعلى اله وسلم. كاخوانه من الصحابة رضي الله عنهم فالنهي عن الحلف الذي ينشأه بنفسه. لا ما يحكيه عن غيره. ولكن اجتنب الامرين ليكون ابعد له عن المحظور. وفي لفظ مسلم من ان كان حالفا فليحلف بالله او ليصمت. ففيه انه لا يجوز الحلف الا فبالله او صفة من صفاته. لان الحلف تعظيم للمحلوف به. ولا ينبغي التعظيم الا لله وحده لا شريك له. الرابع والخمسون والثلاثمائة الحديث الرابع عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه قال قال سليمان ابن داوود عليه فيهما السلام. لاطوفن الليلة على تسعين امرأة. تلد كل امرأة منهن ان غلاما يقاتل في سبيل الله. فقيل له قل ان شاء الله لم يقل فطاف بهن فلم يلد منهن الا امرأة واحدة نصف انسان قال فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لو قال فان شاء الله لم يحنث. وكان ذلك دركا لحاجته. قوله قيل له قل ان شاء الله يعني قال له الملك رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال سليمان ابن داوود عليهما السلام لاطوفن الليلة على تسعين امرأة. الى اخره. هذا من حرصه عليه السلام ورغبته في الخير كغيره من اخوانه المرسلين وخواص الاولياء من المؤمنين. فانهم يفعلون ما احل الله لهم من الشهوات طلبا للتقرب الى الله تعالى. وبذلك تكون العادات في حقهم عبادة فان اعظم الشهوات للنفوس هي المنكح والمأكل والمشرب اللي هي اصول ملاذ الدنيا. وهم يفعلونها قصدا للاستعانة بها على طاعة الله فتكون لهم عبادة. كما ان من فعلها لقصد التلذذ بها فقط لا يؤجر عليها وسليمان عليه السلام بين مقصوده في ذلك. نشر دين الله نصر دينه فحصل له الاجر على نيته. وقوله فقيل له قل ان شاء الله اي قال له الملك على وجه التذكير. فلم يقل وليس هذا تأليا منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم حاشا. ولكن على قدر رغبته ظن ان قصده سيحصل. وذهل عن الاستثناء. فان الانسان اذا تيقن انه سيفعل شيئا وشعر من نفسه القدرة عليه في الوقت الحاضر فانه غالبا يذهل عن العوائق التي تعرض له. فلا يخطر بباله الاستثناء وقوله فطاف بهن فلم يلد منهن الا امرأة واحدة نصف انسان اي انه طاف بهن كما وعد. ولكن الله تعالى قدر انه لا يحصل له الولد من ذلك الوطء الا نصف انسان. وقوله ولو قال ان شاء الله لم يحنث. ففيه ان من حلف على شيء وقال ان شاء الله لم يحنث لانه استثنى. فاذا لم يفعل ما حلف على فعله تبين له ان الله الله تعالى لم يشأ ان يفعل ذلك. لانه ما شاء الله كان. وما لم يشأ لم يكن هذا في الحلف على فعل شيء او تركه. فاما الحلف على امر ماض فلا انفع فيه الاستثناء. لانه اما صادق فيبرأ او كاذب فيحنث فان تعمد الكذب لاقتطاع مال امرئ مسلم فهي اليمين الغموس. سميت بذلك فلانها تغمس صاحبها في الاثم ثم تغمسه في النار. وليس فيها كفارة لان اثمها عظيم لا تزيله الكفارة. فهو اعظم من ان يكفر وان تبين خطؤه ولم يتعمد ذلك. فلا اثم عليه لانه مخطئ. ولا كفارة فلانه لغو. وقوله وكان ذلك دركا لحاجته. اي ان ذلك كسبب لادراك حاجته لبركة اسم الله. ولكن ينبغي ان يستحضر افتقاره الى يا الله وطلب المعونة منه تعالى. وانه ان لم ييسر له ما هم به لم يحصل له ذلك. الخامس والخمسون والثلاثمائة الحديث الخامس. عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من حلف على يمين صبر يقتطع فيها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر. لقي الله وهو عليه غضبان. ونزلت ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا الاية رواه البخاري ومسلم. قال شيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن مسعود من حلف على يمينه صبر سميت بذلك لانه يصبر نفسه على الاثم. ومن لا ذلك ان يصبرها على العذاب. مع انه لا صبر على عقوبة الله وفسر هذه اليمين بقوله يقتطع بها مال امرئ مسلم اي اما ينكر الحق الذي في ذمته لغيره. ويحلف على ذلك او يدعي دعوة كاذبة ويحلف على ذلك. وقوله هو فيها اي كاذب. لقي الله وهو عليه غضبان. وهذا ابلغ من قوله غضب الله عليه. اي ان الله تعالى يغضب عليه. ولا يزال غضبان عليه حتى يلقاه. وما ظنك بعبد لقي الله وهو عليه غضبان. فانه لابد ان يوقع به العقوبة الشديدة. بسبب اثمه العظيم. فانه في هذا مفاسد كثيرة. منها انه مخادعة لله تعالى. ومنها انه ظلم للخلق. ومنها انه اكل للمال بالباطل. ومنها انه وديعة لخصمه. فان الخديعة سلوك الطرق الخفية للتوصل الى المقاصد الفاسدة ومنها ان هذا نفاق. فان النفاق هو اظهار الانسان خلاف فما يبطنه ومنها انه استبدال للشر بالخير. ولهذا قال ونزلت ايمانهم ثمنا قليلا. الاية فالدنيا كلها قليل فكيف بالقليل منها! واذا تأملت احوالا الناس اليوم رأيت اكثرهم لا يبالي بمثل هذا. والله المستعان. السادس والخمس والثلاثمائة. الحديث السادس. عن الاشعث ابن قيس رضي الله عنه انه قال كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم شاهداك او يمينه. قلت اذا يحلف ولا يبالي فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من حلف على يمين صبر تقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر. لقي الله وهو عليه غضبان رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث الاشعث ابن قيس الكندي كان بيني وبين رجل خصومة في بئر الى اخره. هو رجل من كندة وهم قبيلة في اليمن وكانت البئر بيد الكندي. والاشعث يدعي انها له. وقوله فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم شاهداك او يمينه اي ان اتيت بشاهدين استحققتها. والا حلف وبرئ. قلت اذا لن يحلف ولا يبالي. اي انه انسان مجترئ. لا يبالي حلف كاذبا او صادقا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من حلف على يمين صبر الى اخره. هو كما تقدم في حديث ابن مسعود وفي الحديث فوائد كثيرة. منها ان البينة على المدعي اليمين على المنكر. كما ورد النص على ذلك. وقيل ان فصل الخطاب في قوله تعالى واتيناه الحكمة وفصل الخطاب. هو ان ان البينة على المدعي واليمين على من انكر. ولا شك انه داخل في فصل الخطاب وليس هو المعنى كله. وفيه ان اليمين على الداخل وهو من بيده المدعى به. كما ان البينة على الخارج وهو المدعي. وفيه ان حق يثبت بشاهدين رجلين او رجل وامرأتين. او رجل ويمين المدعي فان لم يوجد ذلك حلف المدعى عليه. وانك لقضي عليه بالنكول وهل ترد اليمين على المدعي؟ او يقضى له بمجرد النكول. الصحيح انها ترد عليه. فان حلف قضي له والا فلا. ولا بد من شر شهادة رجل مع النساء على المذهب. والصحيح كما تقدم ان المرأتين قائمتان مقام قام الرجل في جميع الشهادات في الحدود والقصاص والاموال وكل شيء فيثبت الحق بشهادة اربع نسوة. او بشهادة امرأتين ويمين المدعي وقد نبه الله تعالى على سبب جعله المرأتين كالرجل في قوله ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى. اي لانها مظنة النسيان. والرجل انبه منها واعقل. ولولا ذلك لجعلت شهادة المرأة كشهادة الرجل. السابع والخمسون والثلاثمائة حديث السابع عن ثابت ابن الضحاك الانصاري رضي الله عنه انه بايع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم تحت الشجرة. وان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال من حلف على يمين بملة غير الاسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال. ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة. وليس على رجل نذر فيما لا يملك وفي رواية ولعن المؤمن كقتله. وفي رواية من ادعى دعوة كاذبة ليستكثر بها. لم يزده الله الا قلة. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ثابت ابن الضحاك انه بايع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله اله وسلم تحت الشجرة. تقدم ان الفائدة في ذكرهم مع الراوي صفة من صفاته كقوله وكان من اهل بدر. وكقولهم وكان من اصحاب الشجرة ونحو ذلك من الاوصاف التي فاق الصحابة بها من بعدهم. هي انه لابد للمؤمن من محبة المؤمنين. فيحبهم لما اتصفوا به من الايمان على وجه العموم ويحب خواصهم لما اختصوا به من الفضائل. فكلما زاد فضل الانسان زاد محبته لان المحبة لله تعالى فتزيد المحبة بقدر القرب منه الله تعالى وقد ورد فضل اصحاب الشجرة كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم. لا يدخل النار احد بايع تحت الشجرة وقصة هذه البيعة مشهورة. وقد نوه الله تعالى بفضلهم في قوله لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت شجرة الاية واعظم فضل يحصله المؤمن رضا الله تعالى وقوله من حلف على يمين بملة غير الاسلام الى اخره. اي كأن يقول هو يهودي هو نصراني ان لم يكن كذا. وان لم يفعل كذا. ونحن نحو ذلك فهذا والعياذ بالله محرم. ولا يقدم عليه الا ضعيف الايمان. وقوله فهو كما قال اي ان قوله هذا سبب للخروج من الايمان الى الملة التي حلف بها. وقد تقدم الكلام على مثل هذا في الوعيد وانه لا بد في وقوع الوعيد من وجود اسبابه وانتفاء موانعه فاذا رتب الوعيد على فعل شيء كان فعله سببا من اسباب الوعيد موجبا لحصوله. فان انتفت الموانع المانعة من ذلك وقع. وان مرض السبب مانع اندفع موجب السبب. بحسب قوة المانع وضعفه فيه قاعدة نافعة جدا. وقوله ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة اي جزاء وفاقا. لانه استعجل الموت. فان قتلها بسكين او سيف او حديد عذب به. وان قتلها بحجر او القى نفسه سهو من شاهق او في بئر ونحو ذلك عذب كذلك. وقوله وليس على رجل نذر فيما لا يملك. اي لان النذر عقد يقصد به التبرر والتقرب منه الله وليس للانسان ان يتقرب في مال غيره. ولا يعقد عليه وقوله في الرواية الاخرى لعن المؤمن كقتله. اي لان القتل لا اذية للمؤمن ولعنه ايضا اذية له. فشبه لعنه بقتله فعله وقد يعجز عنه ولانه لا يأتي بخير واوجب فعله بعد ذلك لانه من جملة العهود. الستون والثلاث مائة. الحديث ثالث عن عقبة بن عامر رضي الله عنه انه قال نذرت اختي ان من جهة الاذية. وان كليهما محرم. وان تفاوتا في الاثم فانه لا يشترط في التشبيه مساواة المشبه للمشبه به من كل الوجوه فاذا حصلت المشابهة من بعضها كفى فيشترط في التشبيه المشابهة لا المساواة. وقوله في الرواية الاخرى ومن ادعى دعوة كاذبة ليستكثر بها لم يزده الله الا قلة اي جزاء له بنقيض قصده. لدعواه ما ليس له. وان اقسم على ذلك كان اعظم اثما. وهذا عام في دعوى المال والعلم والنسب وغير ذلك من الدعاوى الكاذبة. فمن ادعى علم شيء وليس يعلمه. او انتسب لقبيلة ليستشرف بها وليس كذلك. لم يزده بدعواه الا قلة وذلة باب النذر. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب النذر. تقدم حده وانه الزام المكلف لفي نفسه عبادة لله تعالى. وتقدم الفرق بينه وبين الايمان وان كليهما للتأكيد لكن موجب اليمين اما البر واما انحنى وموجب النذر تحتم الوفاء. وينبغي ان يعلم ان نذر الطاعات هو الذي يجب الوفاء به. سواء منجزا او معلقا بشرط. كقول ان شفى الله مريضي او سلم مالي الفائت. فلله علي ان اصوم شهرا هذا اذا كان تعليقا محضا. واما اذا قصد به الحث او من عفا هو يمين. ولو كان لفظه لفظ النذر. كقوله ان كلمتك او دخلت الدار فلله علي ان اصوم شهرا ونحوه. فيخير بين الصيام وكفارة اليمين. الثامن والخمسون والثلاثمائة. الحديث اول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال قل قلت يا رسول الله اني كنت نذرت في الجاهلية ان اعتكف ليلة وفي رواية يوما في المسجد الحرام. قال فاوفي بنذرك. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عمر قلت يا رسول الله اني كنت الى اخره. تقدم الكلام على هذا الحديث في باب الاعتكاف وان فيه من الفوائد فضل الاعتكاف. وفيه وجوب الوفاء بالنذر. خلاف لابي حنيفة القائل لا يجب الوفاء بشيء من النذور. الا ما كان انسوه واجبا باصل الشرع. كنذر الصوم والحج والصلاة ونحوها. والصحيح قول الجمهور انه يجب الوفاء بنذر كل طاعة مطلقا. لان الاعتكاف افلا يجب باصل الشرع؟ وفيه انه يجب الوفاء به ولو كان اصل عقده في حال فل الكفر وفيه ان الكافر مخاطب بالشرائع. كما هو مخاطب باصله الايمان وان استمر على كفره عذب على ذلك في الاخرة وان اسلم فالاسلام يجب ما قبله. وفيه ان الكافر اذا عقد عقدا ففعله في حال الكفر اجزأ عنه. وان اسلم قبل فعله وجب عليه فعله وفيه ان الاعتكاف يصح بلا صوم كما هو الصحيح. وعلى كل فالجمع بينهما افضل. وفيه انه يصح الاعتكاف يوما ونحوه بقدر العرف كنصف يوم ونحوه. واما الزمن القليل جدا فلا يصح. وفيه ان النهي الاتي للكراهة. التاسع والخمسون والثلاثمائة الحديث الثاني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم انه نهى عن النذر وقال ان النذر لا يأتي بخير وانما يستخرج به من البخيل. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم نهى عن النذر. اي نهي كراهة لانه لم ينهى عمر عنه كما تقدم. هذا الحكم ثم حكمة ذلك فقال انه لا يأتي بخير. اي ليس فيه خير. ولهذا هذا كره عقده. وقد غلا في ذلك بعضهم. فقال يستحب لمن اراد لنا فيلة ان ينظر ذلك. لانها تجب عليه بالنذر. فاذا فعلها كان مأجورا عليها اجر الواجبات. وهذا غلط منه. وقد ذكر هذا قول ابن الحاج في المدخل. ولو كان خيرا لسبقنا اليه الرسول والصحابة ولما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ثم ذكر خصلة فيه محمودة فقال وانما يستخرج به من البخيل اي هذه الفائدة التي فيه. لان البخيل لا يخرج شيئا الا قهرا عليه فلولا النذر لم يخرج ذلك. ومن مضار النذر انه قد يخل بالاخلاص فانه ينبغي للانسان ان يعود نفسه الاخلاص في جميع اعماله واذا نذر طاعة فربما فعلها لاجل النذر. فيخل باخلاصه فاصل النذر مكروه. والوفاء به واجب. وهذا من غرائب العلم لان القاعدة ان الوسائل لها احكام المقاصد. وهذا وسيلته مكروهة وفعله واجب. لانه نهى عن عقده رحمة بالامة. لانه قد لا يتيسر تمشي الى بيت الله الحرام حافية. فامرتني ان استفتي لها رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم. فاستفتيته فقال لتمشي ولترك رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عقبة ابن عامر نذرت اختي ان تمشي الى بيت الله الحرام اي اما لحج او عمرة. حافية وقصدها التعبد في المشي لما ينالها من التعب في ذلك. وقوله فامرتني ان استفتي لها. الى اخره كأنها ندمت على نذرها. لانه يشق عليها مشقة شديدة وقوله فاستفتيته فقال لتمشي ولتركب. اي خيرها بين المشي والركوب لان مشيها في هذا ليس بعبادة مقصودة. وفي بعض الفاظ هذا الحديث ما يصنع الله بعذاب اختك شيئا. اي ان الله لا يحب ذلك وانما امر بالطاعات لمصالح العباد. وقد وضع عنهم الاثار فليس لهم مصلحة في المشاق التي لم يشرع الله فعلها. وفي الحديث فوائد منها انه لا يلزم الوفاء بنذر المباح. فان فعله فلا شيء عليه وان لم يفعله فعليه كفارة يمين. لان الذي يتحتم الوفاء به هو نذر الطاعة ومنها انه اذا اشتمل نذره على امر مباح وعلى طاعة لله امر بفعل الطاعة دون الامر المباح. ولا كفارة عليه. لانه امرها بالحج وخيرها بين الركوب والمشي. ومنها انه لا يتعبد الا الا بما شرعه الله ورسوله. ومنها ان الاصل في العبادات الحظر. فلا فيشرع منها الا ما شرعه الله ورسوله. وان الاصل بالعادات الاباحة فلا يحرم منها الا ما حرمها الله ورسوله. الحادي والستون والثلاثمائة. الحديث الرابع. عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في نذر كان على امه. توفيت قبل ان تقضيه. فقال رسول الله صلى ان الله عليه وعلى اله وسلم. فاقضه عنها. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عباس استفتى سعد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في نذر كان على امه الى اخره. فيه فوائد عديدة منها ان النذر يجب قضاؤه ولا يبرأ الا بفعله. فان مات قبله وخلفه اتاريكة وجب قضاؤه عنه كغيره من الديون. واختلف في قضاء واجب باصل الشرع كما تقدم. وان خلف ولدا فلا شك ان من بره. قضاء ديونه التي لله والتي للعباد. وان قضى الوارث عنه بلا اجرة. فهو اولى واقرب الى الاخلاص. الثاني والستون والثلاثمائة. الحديث عن كعب بن ما لك رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله ان من توبتي ان انخلع من ما لي صدقة الى الله والى رسوله. فقال رسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. امسك عليك بعض ما لك فهو خير لك رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث كعب بن مالك قلت يا رسول الله ان من ان انخلع الى اخره. قصة كعب بن ما لك وصاحبيه مشهورة وذلك انه لما خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى تبوك وتخلفوا وقصدهم بالاول ان يلحقوهم. فلما طال عليهم كل وقت فلم يخرجوا لامر يريده الله تعالى. فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه. امر بهجرهم. حتى انزل الله تعالى توبتهم. فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقرأها عليهم. وكان اشهرهم كعب بن ما لك. فقال يا يا رسول الله ان من توبتي ان انخلع من ما لي صدقة الى الله والى رسوله اي لانه الذي اله عن الخروج. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. امسك عليك بعض ما لك فهو خير لك فيه ان من نذر الصدقة بماله كله لم يلزمه ذلك كله بل يمسك بعضه واختلف ما قدر ما يمسك منه. المشهور من المذهب انه يمسك الثلث والصحيح انه يمسك منه ما يكفيه. ويقوم بكفاية من يمونه لان حاجته وحاجة من يمونه كالمستثنى شرعا. فهو مثل ما لو نذر لما حث رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم على الصدقة قال عمر وكان عندي مال. فقلت لاسبقن اليوم ابا بكر. قال فاتيت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ابقيت لاهلك قلت الشطر يا رسول الله. ثم جاء ابو بكر بماله كله. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. ما ابقيت لاهلك. قال ابقيت لهم الله ورسوله. فان الصديق رضي الله عنه كان رجلا تاجرا متكسبا وكسبه يقوم بكفايته وكفاية من يمون. فاذا تصدق بجميع ماله لم يخل ذلك بنفقته. باب القضاء. قال الشيخ السعدي رحمه الله الله في تعليقاته قوله باب القضاء. القضاء لغة الفراغ من الشيء واحكامه. والقاضي هو من يبين الحكم الشرعي. ويلزم به اذا رفع اليه فالقاضي اعم من المفتي. اما حكمه فمن جهة الامام يلزم ان ينصب في كل جهة قاضيا بقدر الحاجة. اذا وجد ذلك واما من جهة هاتي من طلبه الامام للقضاء. فيجب عليه الاجابة اذا لم يوجد غيره وكان به قدرة ولم يشغله عما هو اهم منه. فاذا تمت هذه الشروط الثلاثة تعين عليه. وان اختل واحد منها لم يجب عليه الاجابة. ومما ما يعين على القضاء بل لابد للقاضي من معرفته. هو معرفة الحكم الشرعي ومعرفة احوال الناس. ومعرفة المسائل التي فيها انكار وتجاحد. لان انها التي ترفع اليه ونحو ذلك. الثالث والستون والثلاثمائة الحديث الاول عن عائشة رضي الله عنها انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي لفظ من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. الاشارة الى الدين الاسلامي ومثله اللفظ الاخر من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. قال بعض العلماء علماء هذا الحديث مشتمل على ربع العلم. وقال بعضهم انه مشتمل على نصف العلم. لان الدين قسمان ظاهر وباطن. فالظاهر قد اشتمل عليه هذا حديث والباطن قد اشتمل عليه حديث عمر انما الاعمال بالنيات هذان الحديثان قد اشتملا على الدين ظاهرا وباطنا. لان العمل لا يتقبل الا اذا اذا كان خالصا صوابا. خالصا اي مقصودا به وجه الله تعالى صوابا اي متابعا فيه امره وامر رسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ووجه مناسبة هذا الحديث لهذا الباب انه لو تبين ان حكم مخالف لامر الرسول فانه يرد. وان القضاء يترتب على احكام الشرع لا يخرج عنها. ولا يلتفت الى ما احدث القضاة بعده الرابع والستون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها منها انها قالت دخلت هند بنت عتبة امرأة ابي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقالت يا رسول الله ان ان ابا سفيان رجل شحيح. لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني الا ما اخذت من ماله بغير علمه. فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة دخلت هند بنت عتبة امرأة ابي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت يا رسول الله ان ابا سفيان رجل شحيح ثم فسرت ذلك في قولها لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني. اي يقصر في ذلك الا ما اخذت من ماله بغير علمه. فهل علي في ذلك من جناح اي اثم. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. خذي من ما بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. قال بعض العلماء فيه جواز في القضاء على الغائب. ولا دلالة فيه على هذا. لان هذا ليس بقضاء. وان انما هو فتوى لها. ولو كان قضاء لم يحكم لها بمجرد قولها. وفي حديث فوائد منها انه ليس من الغيبة ذكر الانسان بما يكره للحاجة كخصومة واستفتاء ونحوهما كما تقدم. ومنها ان نفقة الزوج والاقارب غير مقدرة. وانما يرجع في ذلك الى العرف. ومنها مسألة الظفر وهي ان من كان عند انسان له حق فمنعه فتمكن على اخذه منه بغير علمه فهل له ذلك ام لا؟ وقد اختلف العلماء في ذلك ثقيلة تجوز مطلقا. لانه اخذ مقابلة حقه. فان زاد لم يجز والصحيح التفصيل. وهو ان من كان سبب حقه ظاهرا كنفقة الزوجة والاقارب وقرى الضيف فمنعه من هو عليه فان من له ذلك يجوز ان يأخذ مما بقدر حقه من غير علمه. وان كان سببه غير ظاهر كوديعة ونحوها لم يجوز له ان يأخذ منه شيئا بغير علمه. لقوله عليه السلام ولا تخن من خانك ولو فتح هذا الباب لكل من له حق لحصل في ذلك من الفساد شيء كثير الخامس والستون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن امي سلمة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سمع جلبة خصم بباب حجرته. فخرج اليهم فقال الا انما انا بشر مثلكم. وانما يأتيني الخصم فلعل بعضكم ان يكون ابلغ من بعض فاحسب انه صادق فاقضي له. فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار فليحملها او يذرها. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ام سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كلما سمع جلبة خصم الى اخره. اي اصواتهم وضجتهم. وقول قوله فخرج اليهم اي لعلمه انهم يريدون التخاصم اليه. فقال محذرا لهم من الدعاوى الباطلة. ومبينا لهم حال الحاكم. وان حكم انه لا يجري الا على الظواهر فقط. الا انما انا بشر مثلكم. اي ان انه لا يعلم الغيب. وقوله وانما يأتيني الخصم. فلا ان بعضكم ان يكون ابلغ من بعض. اي انه يحسن الاحتجاج والمخاصمة فان في صفة الكلام واختلاف احواله يظهر الحق. وكم من باطل زخرف ونمق بالعبارات والالفاظ البليغة. حتى ظن انه حق من حق خفي من سوء التعبير. كما قيل في المعنى في زخرف قول تمويه لباطله. والحق قد يعتريه سوء تعبير. تقول هذا مجاج النحل تمدحه. وان تعب قلت ذا قيء الزنابير مدحا وذما وما جاوزت حدهما سحر البيان يري الظلماء كالنور ومعنى الحديث لعل المبطل يكون حسن الاحتجاج. والمحق لا يحسن الاحتجاج فاقضي لذلك تبعا للظاهر. ولهذا قال فاحسب انه صادق فاقضي له. ثم حذر من هذه الحال. وبين ان حكم الحاكم لا يحل ولا يباح له اكل مال غيره بقضاء الحاكم له. فقال فمن قضى له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار. اي لا يحل له ذلك فليحملها او يذرها. ليس هذا للتخيير. وانما هو للتهديد وكقوله تعالى اعملوا ما شئتم. الاية وكقوله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ففي هذا التهديد على من توصل الى اكل اموال الناس بالدعاوى الكاذبة كما ورد النهي عن ذلك في قوله تعالى ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من اموال ناس. الاية اي ان حكم الحكام لا يكون سببا لاباحة ذلك وفيه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بشر. لا يعلم من الغيب الا ما علمه الله. ولا يجوز ان يرفع فوق منزلته. فانه بشر لا يعبد. ورسول لا يكذب. السادس والستون والثلاثمائة الحديث الرابع عن عبدالرحمن بن ابي بكرة انه قال كتب ابي وكتبت له الى ابنه عبد الله ابن ابي بكرة وهو قاض بسيجستان. الا لا تحكم بين اثنين وانت غضبان. فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول لا يحكم احد بين اثنين وهو غضبان وفي رواية لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عبدالرحمن بن ابي بكرة كتب ابي وكتبت له الى ابنه عبد ابن ابي بكرة واسم ابي بكرة نفيع بن الحارث. وسبب تكنيته بهذه الكنية انه نزل من الطائف ببكرة وكان رقيقا. فعتق واسلم رضي الله عنه وقوله وهو قاض بسيجستان هي من قواعد خراسان. وقوله لا تحكم بين اثنين وانت غضبان. الى اخره فيه النهي عن القضاء في هذه الحالة التي يتشوش فيها فكره. ولا يفكر في الحق ولا يستحضر كلام الخصمين. ومثل الغضب كل ما يشغل فكر القلب قاضي من هم وغم وجوع وعطش وحروب. ولهذا استحوا ان يجعل له وقتا معينا. يجلس فيه للفصل بين الخصوم ليتخلى في ذلك الوقت عن جميع الشواغل. ويوطن نفسه على ذلك وايضا ففيه مصلحة للخصوم. لانهم اذا علموا الوقت الذي اجلس لهم استراحوا بذلك. واتوه في وقت جلوسه. فان خالف الحال وقضى وهو غضبان وجب عليه مراجعة حكمه بعد زوال غضبه فان كان قد اخطأ وجب نقضه. وفي الحديث مشروعية النصح للامة وكانت هذه عادة السلف من الصحابة فمن بعدهم. خصوصا الائمة الهمة والخواص منهم. كما قال عليه الصلاة والسلام الدين قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم. خصوصا في هذه الحالة لانه امام وابن. فيتأكد النصح له لقرابته وحاجته وقوله في الرواية الاخرى لا يقضين حكم الى اخره. ايقاض السابع والستون والثلاثون ومئة الحديث الخامس عن ابي بكرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. الا سانبئكم باكبر الكبائر ثلاثا. قلنا بلى يا رسول الله. قال بالله وعقوق الوالدين. وكان متكئا فجلس فقال الا وقول زور وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي بكرة الا انبئكم باكبر الكبائر؟ الى اخره قد اشتمل هذا الحديث على بيان نصحه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لامته واهتمامه بامرهم وتحريرهم عما يضرهم. وارشادهم الى ما ينفعهم. فنشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ونشهد بالله انه بلغ رسالة ربه اتم تبليغ. ونصح لامته فصلى الله عليه وسلم وجزاه عن امته خيرا. وقد اعتنى صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالنهي عن هذه الاشياء. فحذر عنها تحذيرا بليغا. وهذه عادته في الاوامر والنواهي. فكلما ما كان الامر اعظم كان تأكيده والاهتمام به ابلغ. فاكد هذا بتأكيدات كثيرة. منها قوله الا انبئكم فلم يبادرهم به حتى استفهمهم ليهتموا به. ويطلبوا منه ان يخبرهم. ومنها ان اخبرهم ان هذا من الكبائر. ومنها انه اخبرهم انها اكبر ومنها انه كرر ذلك ثلاثا. فقالوا بلى يا رسول الله وكانت هذه عادتهم رضي الله عنهم لانهم يرون انفسهم مفتقرين الى العلم محتاجين اليه جدا وهكذا ينبغي لطالب العلم فمن رأى نفسه بهذه الحال حرص ادرك علما ولهذا لما كان الصحابة في الذروة العليا من هذه الحالة نقلوا جميع الشرع الى من بعدهم. ولم يفتهم منهما واحدة. وكانوا من حرصهم على العلم رضي الله عنهم انهم كانوا يهابون رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويفرحون باتيان الاعراب وسؤالهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولكنهم رضي الله عنهم مع هيبتهم له عن جميع ما يحتاجون اليه. وقوله الاشراك بالله هذا اعظم الظلم. واكبر الكبائر على الاطلاق. والشرك وصرف نوع من انواع العبادة لغير الله تعالى. والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة فلا يقبل الله تعالى عملا اشرك فيه معه غيره. لان انه تعالى اغنى الشركاء عن الشرك. فمن عمل عملا اشرك فيه معه غيره خيره تركه وشركه. فاذا كان هذا حال من اشرك وصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله. فكيف بمن جحد وصرف اوقاته في الذل والخضوع لغيره. تعالى الله تقدس عما يقولون علوا كبيرا. فهذا النوع جحد حق الله النوع الثاني ظلم الوالدين. وقد ذكره بقوله الوالدين. ويدخل تحته كل ما يكرهانه من الاقوال والافعال فيلزم الانسان برهما. والقيام بجميع ما يحبان غير معصية الله. فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وبرهما واجب في حياتهما وبعد موتهما. وقد نهى الله عن ادنى مرتبة في العقوق في قوله فاذا نهي عن التأفيف فكيف بما ما هو اعظم منه؟ وقوله وكان متكئا فجلس. هذا من التأكيد والاهتمام بذلك. وشدة نصحه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقوله الا وقول الزور اي الكذب والبهتان. وقوله وشهادة الزور. اي الشهادة الكاذبة وحضور المنكر. وينبغي ان يعلم الفرق بين قوله شهد كذا وشهد بك كذا فالاول بمعنى الحضور والثاني الشهادة. ومن الاول قوله تعالى. والذين لا يشهدون الزور. اي انهم لا يحضرونه ولا يشهدون به. وقوله فما زال يكررها اه حتى قلنا ليته سكت. اي كرر ذلك من شدة الاهتمام به والتحذير عنه الثامن والستون والثلاثمائة. الحديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم قال لو يعطى الناس بدعاويهم لا ادعى ناس دماء رجال واموالهم. ولكن اليمين على المدعى عليه. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس لو الناس بدعاويهم. لادعى ناس دماء رجال واموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه. هذا الحديث اصل كبير. وقال قاعدة عظيمة من قواعد القضاء. وقد اتفقت الامة على صحته والعمل به في الجملة. وهو موافق للعقل ايضا. فلو ان فكل من ادعى دعوة قبلت وصدق عليها. لحصل من الفساد كما ذكر الشاب سارعوا من استباحة الاموال والدماء. ثم الحكم الجامع الذي يعمل به فقط فقال اليمين على المدعى عليه. وفي بعض الروايات ولكن البينة على المدعي واليمين على من انكر. اي ان المدعي بشيء عليه الاتيان بالبينة على ذلك. فان جاء بها حكم والا حلف المدعى عليه وبرئ. وينبغي ان يعلم المدعي من المدعى عليه. فالمدعي من اذا سكت ترك. والمدعى عليه من اذا سكت لم يترك. والبينة اسم جامع لكل ما يبين الحق ويحصل باشياء كثيرة. كما هو مبسوط في كتب الفقه فمن البينات الشهادة. بل هي اكثر انواع البينات ومنها اللوث كما تقدم في القسامة. ومنها قرينة الحال كما لو تداعى الزوجان متاع البيت. فلكل ما يليق به. وكم ما لو تداعى حداد ونجار الة حدادة ونجارة. فقرينة الحال ان لكل ما يليق به وما يصلح لصنعته. ومنها الوصف كما في قال ابن رجب وهذه قاعدة في كل عين لم يدعها صاحبه اليد فمن جاء فوصفها فهي له. اي باوصافها الخفية التي لا يطلع عليها غالب الناس فهي له. ومنها اليد فاذا تداعى اثنان عينا فهي لمن هي بيده ويلزمه الحلف. ما لم يأت الاخر ببينة اقوى من اليد. وقوله هو اليمين على من انكر. فيه انه يلزم الحلف في كل الدعاوى فمن ادعي عليه دعوة لزمه الحلف ويبرأ ومن ذلك الشهادة على الصحيح من القولين. فمن ادعى على انسان ان عنده له شهادة بحق على الاخر فانكر المدعى عليه الشهادة لزمه ان يحلف فان حلف برئ. وانك لغرم ما فوته عليه بعدم شهادته له. لانها حق لصاحبها كسائر حقوق الادميين