بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين. اما بعد اهلا وسهلا بكم اخواني في دورة المصطلح الحديث وما زلنا نتحدث عن الحديث الصحيح وتكلمنا عن اول من الف في الصحيح المجرد فكان الكلام عن صحيح البخاري ثم عن صحيح الامام مسلم وقد يقول القائل هل بالامكان ان تعقد لنا مقارنة بين صحيحي البخاري ومسلم فالسؤال هكذا ما المقارنة بين صحيحي البخاري ومسلم الجواب ان من الامور المتفق عليها بين اهل العلم تفضيل الصحيحين على سائر الكتب المصنفة في الحديث من حيث الصحة وكذلك من حيث الاهمية الا ان الامر الذي اختلف فيه هو تفضيل احدهما على الاخر فقد اختلف اهل العلم في تقديم اي الكتابين على الاخر فالجمع الغفير من اهل العلم على تقديم صحيح البخاري. على صحيح مسلم ونقل عن بعض اهل المغرب وابي علي النيسابوري وابن حزم تقديم صحيح مسلم ونقل الزركسي في نكته قولا ثالثا وهو انهما سواء وعزا لابي العباس القرطبي ميله لهذا القول. حيث قال والاولى ان ان لا يقال في احدهما اولى بل هما فرتارهان وليس لاحد بمسابقتهما يدان اذا الحاصل من الامر انهما اجل كتب الحديث وانهما افضل كتب الحديث واصح كتب الحديث واكثر كتب الحديث فائدة لكن لا بأس في هذه العجالة ان نجري مقارنة بينهما ونبين ابرز وجوه التباين بينهما لذلك سيتناول الموضوع من عدة جوانب هي اولا من حيث الصحة لعل من اهم الفقرات التي تنكر عند المقارنة بين الصحيحين هي اي الكتابين اصح حديثا من الاخر وبيان ذلك يستلزم عدة امور تمثل مذاق صحة الحديث اذ تتوقف صحة الحديث عليها وبالتالي يظهر جليا الفرق بين الكتابين وهي اولا منزلة الرواة بل ان الناظر في الرجال الذين انتقدوا على صاحبي الصحيحين لاخراجهما احاديثهم يجد ان عدة الرباط الذين انتقدوا على البخاري ممن فرض البخاري بتخريج احاديثهم المسلم اقل منهم بالنسبة لمن انفرد مسلم بالتخريج لهم وانتقدوا على مسلم حيث بلغ عدد ما انتقد على البخاري ثمانون رجلا فقط من عدة اربعمائة وخمسة وثلاثين راويا انفرد بالاخراج لهم البخاري دون مسلم في حين بلغ عددهم في صحيح مسلم مئة وستين رجلا من ست مئة وعشرين راويا انفرد بالاخراج لهم عن البخاري فهذا من جهة يبين وجه المقارنة ومن جهة اخرى فان الرواة الذين على البخاري لن يكونوا من الذين اكثراج احاديثهم بثلاث رواة مسلم فانه اكثر من الاخراج لهم ومن جهة اخرى ان من تكلم فيه من رجال صحيح البخاري الذين انفرد بهم عن مسلم كانوا من شيوخه الذين عرف حالهم وصبر مروياتهم وميز بين صحيح حديثهم من من ثقيل بخلاف مسلم حيث ان جلة من تكلم فيهم كان من الرواة الذين ليسوا من شيوخه ومن جهة اخرى ان من اخرج لهم البخاري ممن انتقدوا عليه انما اخرج لهم في المتابعات والشواهد في الاعم الاغلب بخلاف مسلم فانه اخرج لهم في الاصول والاحتجاج فبهذا يظهر جليا ان حال الامام البخاري من ناحية الرواة وكذلك الشر اقوى واشد من شرط مسلم ثانيا الاتصال اما ما يخص الاتصال وهو من شروط الصحيح فلا يخفى ان مسلما شرطه واضح في هذه المسألة وقد دافع عنه في مقدمة صحيحه وهو انه يكتفي بالمعاصرة بين الراوي والراوي عنه مع امكان اللقي في الاسناد المعنعن وكذا المؤنن وكذا ما يشبههما حينما يؤتى بصيغة ليس فيها تصريح بالثمر وصنيع مسلم بخلاف الامام البخاري الذي يشترط ثبوت اجتماع الراوي بمن روى عنه وسماعه منه ولو لمرة واحدة ولا يكتفي البخاري بالمعاصرة وهذا واظح في ارجحيته وافضلية شرط البخاري على شرط مسلم وبالتالي نقاء واسانيده نقاء اسانيد صحيح البخاري وتقدم هذه الاسانيد على اسانيد صحيح مسلم فهذا هو ثاني الوجوه الظاهرة اما ثالثها فهو عدم العلة التي تندرج تحت شروط الصحة وفي هذا الجانب نجد ان الاحاديث المنتقدة على صحيح البخاري اقل منها في صحيح مسلم فجملة ما انتقد عليهما من اخرجاها في صحيحيهما بلغت مئتين وعشرة احاديث اختص البخاري منها باقل من ثمانين حديثا وباقيها ممن فقد على صحيح مسلم ولا شك ان فرق الاحاديث المنتقدة على الكتابين تتضمن افضلية ضمنية لاقلهما عددا من الاحاديث المنتقبة ثانيا من حيث السياقة والترتيب وفيه عدة امور منها ان البخاري علينا وعليه رحمة الله يرى تقطيع الحديث على الابواب اذ احتاجي الى ذلك على عكس الامام مسلم فانه يسوق الاحاديث في الموضع الذي يكون فيه اشد الحاجة له هو اقرب التصاقه به ولذا قال الحافظ ابن حجر ومسلم لم يعتمد ذلك بل يسوقه احاديث الباب كلها تردا عاطفا بعضها على بعض في موضع واحد ولو كان المتن مشتملا على عدة احكام فانه يذكره في امس المواضع واكثرها دخلا فيه ويسوق المتون تامة محررة وكذلك الامام البخاري اكثر من تكرار الاحاديث لكن نادرا ما يكرر حديثا بنفس الاسناد والمتن الا لفائدة فقهية او حديثية في متنه او اسناده علما اني قد جمعت اكثر من عشرين حديثا ساقها بالمثن والاسناد ومن هذه الفوائد ان فيها كثرة الطرق الحديثة وقوة مخرجه كذلك تبين الروايات التامة والمختصرة واحيانا تختلف عبارات الرواد في لبس الفاظ والحديث ربما زاد احد الرواة كلمة فيحتج بها اذا وافقت شرطه او ان يروى الحديث موصولا ومرسلا. فيصح عنده الموصول فيردفه بالمرسل ليبين للقارئ ان علة الارسال هنا في هذا الحديث خاصة لا تضر وكذلك الحال مع الوقف والرفع فقد يسوق الحديث مرفوعا ثم يردفه بالموقوف شهر لانه لم يضره في هذا او ان يورد الحديث في موضع بالعنعنة ثم يسوق له اسنادا له اخر فيه التصريح بالسماع وغير ذلك وقد صرح الامام البخاري نفسه بمنهجه في هذا حيث قال يزاد في هذا الباب حديث مالك عن ابن شهاب ولكني لا اريد ان ادخل فيه معادا البخاري نص على هذا في صحيحه وبين تمرة. اما الامام مسلم فهو يسوقها في موطن واحد وانفهي بهذا القدر وموعدنا غدا ان شاء الله تعالى في اكمال السلام عليكم