يعني ان الله هو الحكم العدل في وصفه وفي فعله وفي قوله وفي حكمه بالقسط وهذا معنى كونه تعالى على صراط مستقيم كما قال هود عليه السلام ان ربي على صراط مستقيم وكم قد هدى ضالا وارشد حائرا فهو الرشيد في قوله وفعله وارشاده والعدل من اوصافه في فعله ومقاله والحكم بالميزان فعلى الصراط المستقيم الى هنا قولا وفعلا ذاك في القرآن المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فصل وهو الحسيب حماية وكفاية والحسب كافي العبد كل اواني يعني ان الحسيب معناه الكافي لعبده جميع ما اهمه من امر دينه ودنياه الحامي له من جميع المكاره لان الحسب بمعنى الكفاية بل حسيب هو الكافي وللحسيب معنى اخر لم يذكره المصنف وهو انه الذي يحفظ على العباد اعمالهم من خير وشر ثم ينبئهم بها ويحاسبهم عليها ويعرفهم مقادير اعمالهم ومراتبها في الخير والشر ويجازيهم عليها قال تعالى ان الله كان على كل شيء حسيبا وقال تعالى ومن يتوكل على الله فهو حسبه وقال تعالى قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون وقال تعالى فان تولوا فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وقال تعالى يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين اي كافيك وكافي اتباعك فكفاية الله لعبده بحسب ما قام به العبد من اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا وبحسب عبوديته لربه كما قال تعالى اليس الله بكاف عبده وقال تعالى وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله الى غير ذلك من النصوص الدالة على محاسبته لعباده بما عملوه وعلى كفايته اياهم جميع امورهم وهو الرشيد فقوله وفعاله رشد وربك مرشد الحيراني وكلاهما حق فهذا وصفه والفعل للإرشاد ذاك الثاني يعني ان معنى الرشيد الذي قوله رشد وافعاله رشد المرشد لكل حيران وتائه وضال الى الصراط المستقيم بيانا وتوفيقا وكلا المعنيين حقا فهذا وصف اي كون اقواله وافعاله رشد والفعل للارشاد ذاك الثاني اي كونه مرشد الحائرين وهادي الضالين فاما اقواله تعالى فانها اقوال قدرية واقوال شرعية دينية فاقواله القدرية التي يوجد بها الاشياء ويدبر بها ما شاء من انواع التصاريف كلها حقا لانها مشتملة على الحكمة التامة التي يحمد عليها تعالى اتم حمد واكمله ويعرف ذلك باستقراء المخلوقات وما فيها من الحكم والمصالح وانه لا عبث فيها بوجه من الوجوه واقواله الشرعية الدينية هي الاقوال التي تكلم بها في كتبه وعلى السنة رسله المشتملة على الصدق التام في الاخبار والعدل التام في الامر والنهي فانه لا اصدق من الله قيلا ولا احسن منه حديثا وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا صدقا في الاخبار عدلا في الاوامر والنواهي وهي اعظم ما يرشد به العباد بل لا حصول الى الرشاد بغيرها فمن لم يسترشد بها فليس برشيد فيحصل بها الرشد العلمي وهو بيان الحقائق والهدى والضلال والاحكام الشرعية ويحصل بها الرشد العملي فانها تزكي النفوس وتطهر القلوب وتدعو الى صالح الاعمال واحسن الاخلاق وتحث على الافعال الجميلة وترهب عن الافعال الرذيلة فمن استرشد بها فهو المهتدي ومن لم يسترشد بها فهو الغاوي والله تعالى لم يجعل لاحد عليه حجة بعد بعثته للرسل وانزاله عليهم الكتب المشتملة على الهدى وذلك لان افعاله تعالى كلها دائرة بين الفضل والعدل والحكمة فكلها افعال رشيدة مستقيمة وجميع اقواله صدق وعدل وحكمه الديني عدل وحكمه بين عباده فيما اختلفوا فيه عدل وحكمه بين عباده في الجزاء والثواب والعقاب عدل فليس في شيء من ذلك ظلم بوجه من الوجوه فان الله لا يظلم مثقال ذرة ولهذا يحمده الخلائق بعدما يقضي بينهم في القيامة فقال وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين وقال تعالى الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب وقال تعالى والسماء رفعها ووضع الميزان وقال تعالى امرا عباده باقامة العدل والقسط يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولهذا اتفقت الشرائع كلها على الامر بالعدل والنهي عن الظلم