بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم انما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم اليه يرجعون انما يجيبك قابلا ما جئت به من يسمعون الكلام ويفهمونه والكفار موتى لا شأن لهم. فقد ماتت قلوبهم والموتى يبعثهم الله يوم القيامة ثم اليه وحده يرجعون ليجازيهم على ما قدموا هذه الاية الكريمة تصبير للنبي صلى الله عليه وسلم وبدوره وتصوير لكل الدعاة الذين يؤدون الواجب الذي عليهم في الدعوة الى الله تعالى. انما يستجيب الذين يسمعون اي الذين يسمعون ويستمعون لاجل ان يتفهموا ويعملوا ثم جاءت هذه الاستئناف بايتاء جملة جديدة لها تعلق والموتى هذا مبتدأ وليس معطوف على ما قبله والموتى يبعثهم الله ثم اليه يرجعون به اشارة على ان الذي لا يستجيب للوحي هو ميت القلب فربنا جل جلاله قد جعل الوحي حياة للقلوب قال تعالى وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا فالوحي حياة للقلوب يحييها حياة ابدية سرمدية فهؤلاء الذين يسمعوننا ولا يستجيبون او الذين لا يستمعون اصلا حكمهم حكم الاموات لانهم لم يحيوا قلوبهم بطاعة الله تعالى فربنا يبعثهم يوم القيامة ويرجعون اليه فيحاسبهم على تقصيرهم وقالوا لولا نزل عليه اية من ربه قل ان الله قادر على ان ينزل اية ولكن اكثرهم لا يعلمون وقال المشركون متعنتين ومماطلين بالايمان. هلا انزل على محمد اية خارقة تكون برهانا من ربه على صدقه فيما جاء به قل ايها الرسول ان الله قادر على تنزيل اية حسب ما يريدون ولكن اكثر هؤلاء المشركين المطالبين بانزال اية لا يعلمون ان انزال الايات يكون وفق حكمته تعالى وليس وفق ما يطالبون به فلو انزلها ثم لم يؤمنوا لاهلكهم لانه سنة الله تعالى. من طلب اية ثم جاءت الاية اهلكه الله تعالى اذا لم ويؤمن بها وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم الى ربهم يحشرون وما من حيوان يتحرك فوق الارض ولا طائر يطير في السماء الا اجناس مثلكم يا بني ادم في الخلق والرزق ما تركنا في اللوح المحفوظ شيئا الا اثبتناه والجميع علمهم عند الله تعالى ثم الى ربهم وحده يوم القيامة يجمعون لفصل القضاء فيجازي كلا بما يستحقه طبعا هكذا فسر الاخوة في مركز تفسير جزاهم الله خيرا هذه الاية وفي ذلك قصور ففي هذه وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه الا امم امثالكم ان الله سبحانه وتعالى قد جعل الحساب والجزاء والقصاص وفيما بينها يوم القيامة فاذا كانت هذه الحيوانات يقتص منها كما جاء في الخبر الصحيح. فما بالك بالانسان الذي قد سخر له ما في السماء وما في الارض ففيها اشارة الى علم الله وفيها تهدير للانسان من ان عمله محاسب عليه محصن عليه وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحه الا امم امثاله ما هي في الحساب والجزاء والرزق والقصاص ما فرطنا في الكتاب من شيء اي كل شيء معلوم عند الله تعالى ثم الى ربهم يحفرون ايحشرون فيجازيهم فاذا كانوا يجازون وهم دواب فما بالك بالانسان الذي سخر له ما سخر والذين كذبوا باياتنا صموا وبكم في الظلمات. من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم والذين كذبوا باياتنا متل الصم الذين لا يسمعون والبكم الذين لا يتكلمون وهم مع ذلك في الظلمات لا يبصرون فانى لمن هذه حاله ان يهتدي من يشاء الله اضلاله من الناس يضله ومن يشأ هدايته بيهده بان يجعله على طريق مستقيم لا اعوجاج فيه قل ارأيتكم ان اتاكم عذاب الله او اتتكم الساعة اغير الله تدعون ان كنتم صادقين قل ايها الرسول لهؤلاء المشركين. اخبروني ان جاءكم عذاب من الله او جاءتكم الساعة التي وعدتم انها اتية اتطلبون اداك غير الله ليكشف ما ينزل بك من البلاء والشدة ان كنتم صادقين في ادعاء ان معبوداتكم تجلب نفعا او تدفع ضرا بل اياه تدعون في كشف ما تدعون اليه ان شاء وتنسون ما تشركون الحق انكم لا تدعون اذ ذاك غير الله الذي خلقني في صرف عنكم البلاء ويرفع عنكم الضر فهو ولي ذلك والقادر عليه واما معبوداتكم التي اشركتموها مع الله فتتركونها لعلمكم انها لا تنفع ولا تضر ولقد ارسلنا الى امم من قبلك فاخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون هذه الاية عظيمة وفيها تحذير ان الانسان عليه ان يتضرع الى الله تعالى دائما في السراء وفي الضراء ولقد بعثنا الى امم من قبلك باعتبار ان هذه سنة من السنن الالهية رسلا فكذبوهم واعرضوا عما جاءوهم فعاقبناهم بالشدائد كالفقر ومما يضر بابدانهم كالمرض من اجل ان يخضعوا لربهم ويتذللوا له. اذا الضراعة الى الله امر لابد منه ثم قال فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون يقول لو انهم حين جاءهم بلاؤنا تذللوا لله وخضعوا له ليكشف عنهم البلاء لرحمناهم لكنهم لم يفعلوا ذلك بل قست قلوبهم فلم يعتبروا ولم يتعظوا وحسن لهم الشيطان ما كانوا يرتكبون من الكفر والمعاصي فاستمروا على ما كانوا عليه فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون فلما تركوا ما وعظوا به من شدة الفقر والمرض ولم يعملوا باوامر الله استدرجناهم بفتح ابواب الرزق عليهم واغنائهم بعد الفقر وصححنا اجسامهم بعد المرض حتى اذا اصابهم البقر واستولى عليهم الاعجاب بما متعوا به جاءهم عذابنا فجأة فاذا هم متحيرون. يائسون مما يأمنون. نسأل الله العافية والسلامة من فوائد الايات اولا تشبيه الكفار بالموتى لان الحياة الحقيقية هي حياة القلب بقبوله الحق واتباعه للهداية واتباعه طريق الهداية من حكمة الله تعالى في الابتلاء انزال البلاء على المخالفين من اجل تليين قلوبهم وردهم الى ربهم وجود النعم والاموال بايدي اهل ضلالة يدل على محبة الله لهم وانما هو باستدراج وابتلاء لهم ولغيرهم نسأل الله تعالى ان يجعل ما بأيدينا من النعم سببا وسبيلا لنيل رحمة الله تعالى ورضاه اللهم ارحم المسلمين في كل زمان ومكان يا ارحم الراحمين. هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته