قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به. فقد لبثت فيكم عمرا طويلا من قبل اي قبل تلاوته وقبل درايتكم به. وانا ما خطر على بالي ولا وقع في ظني. افلا تعقلون اني حيث لم اتقوى المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي اه نفسي يذكر تعالى تعنت المكذبين لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وانهم اذا تتلى عليهم ايات الله القرآنية المبينة للحق اعرضوا عنها وطلبوا وجوه التعنت فقالوا جراءة منهم وظلما. ائت بقرآن غير هذا او بدله. فقبحهم الله ما اجرأهم على الله واشدهم ظلما وردا لاياته. فاذا كان الرسول العظيم يأمره الله ان يقول لهم قل ما يكون لي اي ما ينبغي ولا يليق ان ابدله من تلقاء نفسي. فاني رسول محض. ليس لي من الامر شيء. ان اتبع الا ما يوحى الي اي ليس لي غير ذلك فاني عبد مأمور اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم. فهذا قول خير الخلق وادبه مع اوامر ربه ووحيه. فكيف بهؤلاء السفهاء الضالين الذين جمعوا بين الجهل والضلال والظلم والعناد والتعنت والتعجيز للعالمين. افلا يخافون عذاب يوم عظيم؟ فان زعموا ان قصدهم ان يتبين لهم الحق بالايات التي طلبوا فهم كذبة في ذلك فان الله قد بين من الايات ما يؤمن على مثله البشر. وهو الذي يصرفها كيف يشاء. تابعا لحكمته الربانية ورحمته بعباده قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا ادراكم به فقد لبست فيكم عمرا من في مدة عمري ولا صدر مني ما يدل على ذلك. فكيف اتقوله بعد ذلك؟ وقد لبثت فيكم عمرا طويلا تعرفون حقيقة حاله لاني امي لا اقرأ ولا اكتب. ولا ادرس ولا اتعلم من احد. فاتيتكم بكتاب عظيم اعجز الفصحاء. واعي العلماء. فهل مع هذا ان يكون من تلقاء نفسي؟ ام هذا دليل قاطع انه تنزيل من حكيم حميد؟ فلو اعملتم افكاركم وعقولكم وتدبرتم حالي وحال هذا الكتاب لجزمتم جزما لا يقبل الريب بصدقه. وانه الحق الذي ليس بعده الا الضلال. ولكن اذ ابيتم الا والعناد فانتم لا شك انكم ظالمون فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب باياته. فلو كنت متقولا لكنت الناس وفاتان الفلاح ولم تخفى عليكم حالي. ولكني جئتكم بايات الله فكذبتم بها. فتعين فيكم الظلم لابد ان امركم سيضمحل ولن تنالوا الفلاح ما دمتم كذلك. ودل قوله قال الذين لا يرجون لقاءنا ان الذي حملهم على هذا التعنت الذي صدر منهم هو عدم ايمانهم بلقاء الله وعدم رجائه. وان من امن بلقاء الله فلا بد ان ينقاد لهذا الكتاب ويؤمن ابي لانه حسن القصد ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا الله لا يشركون. يقول تعالى ويعبدون اي المشركون المكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم. من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم اي لا تملك لهم مثقال ذرة من النفع. ولا تدفع عنهم شيئا. ويقولون قولا خاليا من البرهان. هؤلاء شفعاؤنا عند الله ان يعبدونهم ليقربوهم الى الله ويشفعوا لهم عنده. وهذا قول من تلقاء انفسهم وكلام ابتكروه ولهذا قال تعالى مبطنا لهذا القول قل اتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الارض. اي الله تعالى هو الذي احاط علما بجميع ما في السماوات والارض. وقد اخبركم بانه ليس له شريك ولا اله معه. افانتم يا معشر المشركين انه يوجد له فيها شركاء. افتخبرونه بامر خفي عليه وعلمتموه؟ اانتم اعلم ام الله؟ فهل يوجد قول ابطل من هذا قول المتضمن ان هؤلاء الضلال الجهال السفهاء اعلم من رب العالمين. كي يكتفي العاقل بمجرد تصور هذا القول فانه يجزم بفساده وبطلانه. اي تقدس وتنزه ان يكون له شريك او نظير. بل هو الله الاحد الفرد الصمد. الذي لا اله في السماوات والارض الا هو. وكل معبود في العالم العلوي والسفلي في سواه فانه باطل عقلا وشرعا وفطرة. ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل. وان الله هو العلي الكبير اي وما كان الناس الا امة واحدة متفقين على الدين الصحيح ولكنهم اختلفوا. فبعث الله الرسل مبشرين ومنذرين. وانزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه لولا كلمة سبقت من ربك بامهال العاصين وعدم معاجلتهم بذنوبهم لقضي بينهم بان ننجي المؤمنين ونهلك الكافرين المكذبين وصار هذا فارقا بينهم فيما فيه يختلفون. ولكنه اراد امتحانهم وابتلاء بعضهم ببعض. ليتبين الصادق من الكاذب ويقولون لولا انزل عليه اية من ربه فقل انما الغيب لله فانتظر ويقولون اي المكذبون المتعنتون لولا انزل اية من ربه يعنون ايات الاقتراح التي يعينونها. كقولهم لولا انزل اليه ملك فيكون معه نذيرا قولهم وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا. فقل لهم اذا طلبوا منك اية انما الغيب لله. اي هو المحيط علمك باحوال العباد فيدبرهم بما يقتضيه علمه فيهم وحكمته البديعة. وليس لاحد تدبير في حكم ولا دليل. ولا غاية ولا تعليل فانتظروا اني معكم من المنتظرين. اي كل ينتظر بصاحبه ما هو اهل له. فانظروا لمن تكون العاقبة قل الله اسرع مكرا ان رسلنا يكتبون ما تمكرون. يقول تعالى واذا اذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم كالصحة بعد المرض والغنى بعد الفقر والامن بعد الخوف نسوا ما اصابهم من الضراء ولم يشكروا الله على الرخاء والرحمة بل استمروا في طغيانهم ومكرهم. ولهذا قال اذا لهم مكر في اياتنا. اي يسعون بالباطل ليبطلوا به الحق. قل الله اسرع مكرا فان المكر السيء لا يحيق الا باهله. فمقصودهم منعكس عليهم. ولم يسلموا من التبعة. بل تكتب الملائكة عليهم ما يعملون ويحصيه الله عليهم ثم يجازيهم الله عليه اوفر الجزاء يا اطفالي ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا لما ذكر تعالى القاعدة العامة في احوال الناس عند اصابة الرحمة لهم بعد الضراء. واليسر بعد العسر ذكر حالة تؤيد ذلك. وهي حالهم في البحر عند اشتداده. والخوف من عواقبه. فقال هو الذي يسيركم في البر والبحر بما يسر لكم من الاسباب المسيرة لكم فيها. وهداكم اليها. حتى اذا كنتم في الفلك اي السفن البحرية وجرينا بهم ريح طيبة موافقة لما يهوونه من غير انزعاج ولا مشقة. وفرحوا بها واطمأنوا اليها فبينما هم كذلك. اذ جاءتها اريح عاصف شديدة الهبوب. وجاءهم الموج من كل مكان. وظنوا انهم احيط بهم. اي عرفوا انه الهلاك. فانقطع حينئذ تعلقهم بالمخلوقين وعرفوا انه لا ينجيهم من هذه الشدة الا الله وحده. فدعوه مخلصين له الدين ووعدوا من انفسهم على وجه الالزام فقالوا لان ان انجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين متاع الحياة الدنيا دنيا ثم الينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون فلما انجاهم اذا هم يبغون في الارض بغير الحق. اي نسوا تلك الشدة وذلك الدعاء وما الزموه انفسهم فاشركوا بالله من اعترفوا انه لا ينجيهم من الشدائد. ولا يدفع عنهم المضايق. فهلا اخلصوا لله العبادة في الرخاء كما اخلصوه في الشدة. ولكن هذا يعود وباله عليهم. ولهذا قال يا ايها الناس انما بغيكم على انفسكم متاع الحياة الدنيا. اي غاية ما تؤمن ببغيكم وشرودكم عن الاخلاص لله. ان تنالوا شيئا من حطام الدنيا وجاهها. النذر اليسير الذي سينقضي سريعا. ويمضي جميعا ثم تنتقلون عنه بالرغم ثم الينا مرجعكم في يوم القيامة فننبئكم بما كنتم تعملون. وفي هذا غاية التحذير لهم عن الاستمرار على عملهم اختلط به نبات الارض مما يأكلن الناس والانعام. حتى اذا اذا اخذت الارض زخرفها وازينت يتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا وهذا المثل كانوا من احسن الامثلة وهو مطابق لحالة الدنيا. فان لذاتها وشهواتها وجاهها ونحو ذلك يزهو لصاحبه ان زهى وقتا قصير فاذا استكمل وتم اضمحل وزال عن صاحبه او زال صاحبه عنه فاصبح صفر اليدين منها ممتلئ القلب من همها حزنها وحسرتها. فذلك كما ان انزلناه من السماء. فاختلط به نبات الارض. اي نبت فيها من كل صنف وزوج بهيج مما يأكل الناس كالحبوب والثمار. ومما تأكل الانعام كانواع العشب والكلأ المختلف الاصناف. حتى اذا اخذت الارض اي تزخرفت في منظرها واكتست في زينتها فصارت بهجة للناظرين ونزهة للمتفرجين للمتبصرين فصرت ترى لها منظرا عجيبا ما بين اخضر واصفر وابيض وغيره. وظن اهلها انهم قادرون عليها اي حصل معهم طمع بان ذلك سيستمر ويدوم لوقوف ايراداتهم عنده وانتهاء مطالبهم فيه. فبينهم في تلك الحالة اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن بالامس. اي كانها ما كانت فهذه حالة الدنيا. سواء بسواء كذلك نفصل الايات. اي نبينها ونوضحها بتقريب المعاني الى الاذهان. وضرب الامثال لقوم يتفكرون. ان يكثرون افكارهم فيما ينفعهم. واما الغافل المعرض فهذا لا تنفعه الايات. ولا يزيل عنه الشك البيان. ولما ذكر الله حال الدنيا حاصلة نعيمها شوق الى الدار الباقية فقال الى صراط مستقيم. عمت على عبادهم بالدعوة الى دار السلام. والحث على ذلك وخص بالهداية من شاء استخلاصه واصطفائه. فهذا فضله واحسانه. والله يختص برحمته من يشاء. وذلك عدله وحكمته وليس لاحد عليه حجة بعد البيان والرسل. وسمى الله الجنة دار السلام. لسلامتها من جميع الافات والنقائص. وذلك لكمال لنعيمها وتمامه وبقائه. وحسنه من كل وجه. ولما دعا الى دار السلام كأن النفوس تشوقت الى الاعمال الموجبة لها الموصل اليها فاخبر عنها بقوله ولا ذلة اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون. للذين احسنوا الحسنى وزيادة. اي للذين احسنوا في عبادة الخالق بان عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته. وقاموا بما قدروا عليه منها احسنوا الى عباد الله بما يقدرون عليه من الاحسان القولي والفعلي. من بذل الاحسان المالي والاحسان البدني والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الجاهلين ونصيحة المعرضين وغير ذلك من وجوه البر والاحسان. فهؤلاء الذين احسنوا لهم الحسنى هي الجنة الكاملة في حسنها وزيادة. وهي النظر الى وجه الله الكريم. وسماع كلامه والفوز برضاه. والبهجة بقربه. فبهذه هذا حصل لهم اعلى ما يتمناه المتمنون. ويسأله السائلون. ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم فقال ولا يرهق وجوههم قطر ولا اي لا ينالهم مكروه بوجه من الوجوه. لان المكروه اذا وقع بالانسان تبين ذلك في وجهه. وتغير وتكدر ما هؤلاء فهم كما قال الله عنهم تعرف في وجوههم نظرة النعيم اولئك اصحاب الجنة الملازمون لها فيها خالدون. لا يحولون ولا يزولون ولا يتغيرون. والذين كسبوا السيئات جزاء وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم ما لهم من الله من عاص كانما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما. اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون. لما ما ذكر اصحاب الجنة. ذكر اصحاب النار. فذكر ان بضاعتهم التي اكتسبوها في الدنيا هي الاعمال السيئة المسخطة لله. من انواع الكفر والتكذيب واصناف المعاصي. فجزاؤهم سيئة مثلها اي جزاء يسوؤهم بحسب ما عملوا من السيئات. على اختلاف احوالهم وترهقهم اي تغشاهم ذلة في قلوبهم وخوف من عذاب الله. لا يدفعه عنهم دافع ولا يعصمهم منه عاصم. وتسري تلك الذلة الباطنة الى ظاهرهم فتكون سوادا في الوجوه من الليل مظلما. اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون فكم بين الفريقين من الفرق. ويا بعد ما بينهما من التفاوت. وجوه يومئذ ناضرة. الى ربها ناظرة. ووجوه يوم باسرة تظن ان يفعل بها فاقرة وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة اولئك هم الكفرة الفجرة. ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين اشركوا مكانه يقول تعالى ويوم نحشرهم جميعا. اي نجمع جميع الخلائق لميعاد يوم معلوم. ونحضر المشركين وما كانوا يعبدون من دون الله ثم نقول للذين اشركوا مكانكم انتم وشركائكم. اي الزموا مكانكم ليقع التحاكم والفصل بينكم وبينهم فزينا بينهم اي فرقنا بينهم بالبعد البدني والقلبي. وحصلت بينهم العداوة الشديدة. بعد ان بذلوا لهم في الدنيا خالصة المحبة وصفو الوداد. فانقلبت تلك المحبة والولاية بغضا وعداوة. وتبرأ شركاؤهم منهم وقالوا ما كنتم ايانا يعبدون فاننا ننزه الله ان يكون له شريك او نديد فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم ان كنا عن عبادتكم لغافلين. ما امرناكم بها ولا دعوناكم لذلك. وانما عبدتم من دعاكم الى ذلك وهو الشيطان كما قال الله تعالى الم اعهد اليكم يا بني ادم الا تعبدوا الشيطان؟ انه لكم عدو مبين وقال ويوم يحشرهم جميعا. ثم يقول للملائكة اهؤلاء اياكم كانوا يعبدون؟ قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن اكثرهم بهم مؤمنون. فالملائكة الكرام والانبياء والاولياء ونحوهم يتبرأون من ممن عبدهم يوم القيامة ويتنصلون من دعائهم اياهم الى عبادتهم. وهم الصادقون البارون في ذلك فحين ان يتحسر المشركون حسرة لا يمكن وصفها. ويعلمون مقدار ما قدموا من الاعمال. وما اسلفوا من رديء الخصال. ويتبين لهم يومئذ انهم كانوا كاذبين وانهم مفترون على الله. قد ضلت عبادتهم واضمحلت معبوداتهم. وتقطعت بهم الاسباب والوسائل ولهذا قال تعالى هنالك اي في ذلك اليوم تبلو كل نفس ما اسلفت اي تتفقد اعمالها وكسبها وتتبع بالجزاء وتجازى بحسبه ان خيرا فخير وان شرا فشر. وضل عنه ما كانوا يفترون من قولهم بصحة ما هم عليه من الشرك وانما يعبدون من دون الله تنفعهم وتدفع عنهم العذاب