المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يخبر تعالى عن بعض المكذبين للرسول ولما جاء به. وان منهم من يستمعون الى النبي صلى الله عليه وسلم. وقت قراءته للوحي لا على وجه الاسترشاد بل على وجه التفرج والتكذيب وتطلب العثرات وهذا استماع غير نافع ولا مجد على اهله خير لا جرى من سد عليهم باب التوفيق وحرموا من فائدة الاستماع. ولهذا قال افانت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون وهذا الاستفهام بمعنى النفي المتقرر. اي لا تسمع الصم الذين لا يستمعون القول. ولو جهرت به وخصوصا اذا كان عقلهم معدوم فاذا كان من المحال اسماع الاصم الذي لا يعقل للكلام فهؤلاء المكذبون كذلك ممتنع اسماعك اياهم اسماعا ينتفعون به. واما اسماع الحجة فقد سمعوا ما تقوم عليهم به حجة الله البالغة. فهذا طريق عظيم من طرق العلم. قد انسد عليهم وهو طريق المسموعات المتعلقة بالخبر. ثم ذكر انسداد الطريق الثاني وهو طريق النظر. فقال ومنهم من ينظر اليك فلا يفيده نظره اليك ولا سبر احوالك شيئا. فكما انك لا تهدي العميا ولو كانوا لا يبصرون. فكذلك لا تهدي هؤلاء. فاذا فسدت عقولهم واسماعهم ابصارهم التي هي الطرق الموصلة الى العلم ومعرفة الحقائق. فاين الطريق الموصل لهم الى الحق؟ ودل قوله ومنهم من ينظر اليك ان النظر الى حالة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه واخلاقه واعماله وما يدعو اليه من اعظم الادلة على صدقه وصحة ما جاء به وانه يكفي البصيرة عن غيره من الادلة. وقوله ان الله لا يظلم الناس شيئا ان الله لا يظلم الناس شيئا. فلا يزيد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم. ولكن الناس انفسهم يظلمون. يجيئهم الحق فلا يقبلونه. فيعاقبهم الله بعد ذلك بالطبع على قلوبهم والختم على اسماعهم وابصارهم تعالى عن سرعة انقضاء الدنيا. وان الله تعالى اذا حشر الناس وجمعهم ليوم لا ريب فيه. كانهم ما لبثوا الا ساعة من النهار. وكان انه ما مر عليهم نعيم ولا بؤس. وهم يتعارفون بينهم كحالهم في الدنيا. ففي هذا اليوم يربح المتقون. ويخسر الذين كذبوا لقاء الله وما كانوا مهتدين الى الصراط المستقيم والدين القويم. حيث فاتهم النعيم واستحقوا دخول النار. واما نريد انك بعض الذين نعدهم او نتوفينك فالينا مرجعهم. فالينا مرجعهم ثم الله الله شهيد على ما يفعلون. اي لا تحزن ايها الرسول على هؤلاء المكذبين. ولا تستعجل لهم فانهم لا ان يصيبهم الذين نعدهم من العذاب. اما في الدنيا فتراه بعينك وتقر به نفسك. واما في الاخرة بعد الوفاة فان مرجعهم الى الله وسينبئهم بما كانوا يعملون. احصاه الله ونسوه. والله على كل شيء شهيد. ففيه الوعيد الشديد لهم. والتسلية الرسول الذي كذبه قومه وعاندوه يقول تعالى ولكل امة من الامم الماضية رسول يدعوهم الى توحيد الله ودينه. فاذا جاءهم رسولهم بالايات صدقه بعضهم وكذبه اخرون. فيقضي الله بينهم بالقسط بنجاة المؤمنين. واهلاك المكذبين وهم لا يظلمون. بان يعذبوا قبل ارسال الرسول وبيان الحجة. او يعذبوا بغير جرمهم هذا الوعد ان كنتم صادقين قل لا املك لنفسي ضرا ولا نفعا الا ما شاء لكل امة اجل اذا جاء اجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. فليحذر المكذبون لك من مشابهة الامم المهلكين. فيحل بهم ما حل باولئك. ولا يستبطئ عقوبة ويقول متى هذا الوعد ان كنتم صادقين؟ فان هذا ظلم منهم. حيث طلبوه من النبي صلى الله عليه وسلم. فانه وليس له من الامر شيء. وانما عليه البلاغ والبيان للناس. واما حسابهم وانزال العذاب عليهم فمن الله تعالى ينزله بهم اذا جاء الاجل الذي اجله فيه. والوقت الذي قدره فيه الموافق لحكمته الالهية. فاذا جاء ذلك الوقت لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. فليحذر المكذبون من الاستعجال بالعذاب. فانهم مستعجلون بعذاب الله الذي اذا نزل لا يرد بأسه عن القوم مجرمين ولهذا قال يقول تعالى قل ارأيتم ان اتاكم عذابه بياتا واقتنوا بكم بالليل او نهارا في وقت ماذا يستعجل منه المجرمون؟ اي بشارة استعجلوا بها واي عقاب ابتدروه اثم اذا ما وقع امنتم به فانه لا ينفع الايمان حين حلول عذاب الله. ويقال لهم توبيخا وعتابا في تلك الحال التي زعموا انهم يؤمنون. الانة في حال الشدة والمشقة وقد كنتم به تستعجلون. فان سنة الله في عباده انه يعتبهم اذا استعتبوه قبل وقوع العذاب فاذا وقع العذاب لا ينفع نفسا ايمانها كما قال تعالى عن فرعون لما ادركه الغرق قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به في بنو اسرائيل وانا من المسلمين. وانه يقال له الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين. وقال تعالى لم يكن ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا. سنة الله التي قد خلت في عباده. وقال هنا اثم اذا ما وقع امنتم به الان تدعون الايمان وقد كنتم به تستعجلون. فهذا ما عملت ايديكم وهذا ما استعجلتم به ثم قيل للذين ظلموا حين يوفون اعمالهم لهم يوم القيامة ذوقوا عذاب الخلد اي العذاب الذي تخلدون فيه ولا يفتر عنكم ساعة هل تجزون الا بما كنتم تكسبون من الكفر والتكذيب والمعاصي يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ويستنبئونك احق هو ان يستخبرك على وجه التعنت والعناد. لا على وجه التبين والرشاد. احق هو اي اصحيح حشر العباد. وبعثهم بعد موتهم ليوم المعاد وجزاء العباد باعمالهم ان خيرا فخير وان شرا فشر. قل لهم مقسما على صحته مستدلا عليه بالدليل الواضح نحو البرهان اي وربي انه لحق. لا مرية فيه ولا شبهة تعتريه. وما انتم بمعجزين لله ان يبعثكم. فكما خلقكم ولم تكونوا شيئا. كذلك يعيدكم مرة اخرى ليجازيكم باعمالكم. واذا كانت القيامة نفسي بالقسط وهم لا يظلمون. فلو ان لكل نفس ظلمت بالكفر والمعاصي جميع ما في الارض من ذهب وفضة وغيرهما تفتدي به من عذاب الله لافتدت به. ولما نفعها ذلك. وانما النفع والضر والثواب والعقاب على الاعمال الصالحة والسيئة واسروا اي الذين ظلموا الندامة لما رأوا العذاب. ندموا على ما قدموا ولا تحين مناص. وقضي بينهم بالقسط اي العدل التام الذي لا ظلم ولا جور فيه بوجه من الوجوه. الا ان لله ما في السماوات والارض. الا ان وعد الا ان لله ما في السماوات والارض يحكم فيهم بحكم الديني والقدري وسيحكم فيهم بحكمه الجزائي. ولهذا قال الا ان وعد الله حق. ولكن اكثرهم لا يعلمون لذلك لا يستعدون للقاء الله بل ربما لم يؤمنوا به وقد تواترت عليه الادلة القطعية والبراهين النقلية والعقلية ويميت واليه ترجعون. هو يحيي ويميت اي هو المتصرف بالاحياء والاماتة. وسائر انواع التدبير لا شريك له في ذلك. واليه ترجعون يوم القيامة. فيجازيكم باعمالكم خيرها وشرها