المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الرابع عشر عن ابي موسى رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان اذا اتاه سائل او طالب حاجة قال اشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه وهذا الحديث متضمن لاصل كبير وفائدة عظيمة وهو انه ينبغي للعبد ان يسعى في امور الخير سواء اثمرت مقاصدها ونتائجها او حصل بعضها او لم يتم منها شيء وذلك كالشفاعة لاصحاب الحاجات عند الملوك والكبراء ومن تعلقت حاجاتهم بهم فان كثيرا من الناس يمتنع من السعي فيها اذا لم يعلم قبول شفاعته فيفوت على نفسه خيرا كثيرا من الله ومعروفا عند اخيه المسلم فلهذا امر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم اصحابه ان يساعدوا اصحاب الحاجة بالشفاعة لهم عنده ليتعجلوا الاجر عند الله لقوله اشفعوا تؤجروا فان الشفاعة الحسنة محبوبة لله ومرضية له قال تعالى من يشفع شفاعة يكن له نصيب منها ومع تعجله للاجر الحاضر فانه ايضا يتعجل الاحسان وفعل المعروف مع اخيه ويكون له بذلك عنده يد وايضا فلعل شفاعته تكون سببا لتحصيل مراده من المشفوع له او لبعض قضيه كما هو الواقع فالسعي في امور الخير والمعروف التي يحتمل ان تحصل او لا تحصل خير عاجل وتعويد للنفوس على الاعانة على الخير وتمهيد للقيام بالشفاعات التي يتحقق او يظن قبولها وفيه من الفوائد السعي في كل ما يزيل اليأس فان الطلب والسعي عنوان على الرجاء والطمع في حصول المراد وضده بضده وفي الحديث دليل على الترغيب في توجيه الناس الى فعل الخير وان الشفاعة لا يجب على المشفوع عنده قبولها الا ان يشفع في ايصال الحقوق الواجبة فان الحق الواجب يجب اداؤه وايصاله الى مستحقه ولو لم يشفع فيه ويتأكد ذلك مع الشفاعة وفيه ايضا رحمة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حصول الخير لامته بكل طريق وهذا فرد من الاف مؤلفة تدل على كمال رحمته ورأفته صلى الله عليه وعلى اله وسلم فان جميع الخير والمنافع العامة والخاصة لم تنلها الامة الا على يده وبوساطته وتعليمه وارشاده كما انه ارشدهم لدفع الشرور والاضرار العامة والخاصة بكل طريق فلقد بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى اله وصحبه قوله ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء قضاؤه تعالى نوعان قضاء قدري يشمل الخير والشر والطاعات والمعاصي بل يشمل جميع ما كان وما يكون وجميع الحوادث السابقة واللاحقة واخص منه القضاء القدري الديني الذي يختص بما يحبه الله ويرضاه وهذا الذي يقضي على لسان نبيه من القسم الثاني اذ هو صلى الله عليه وعلى اله وسلم عبد رسول قد وفى مقام العبودية وكمل مراتب الرسالة فكل اقواله وافعاله وهديه واخلاقه عبودية لله متعلقة بمحبوبات الله تعالى ولم يكن في حقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم شيء مباح محض لا ثواب فيه ولا اجر فضلا عما ليس بمأمور وهذا شأن العبد الرسول الذي اختار صلى الله عليه وعلى اله وسلم هذه المرتبة التي هي اعلى المراتب كاينة خير بين ان يكون رسولا ملكا او عبدا رسولا