بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين. قال الشيخ المجد ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه الملتقى في كتاب الصيام قال رحمه الله باب من اصبح جنبا وهو صائم عن عائشة رضي الله عنها ان رجلا قال يا رسول الله تدركني الصلاة وانا جنب فاصوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا تدركني الصلاة وانا فاصوم فقلت لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال والله اني لارجو ان اكون اخشاكم لله واعلمكم بما اتقي. رواه احمد ومسلم وابو داوود وعن عيشة ام سلمة رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من جماع من هاي الاحتلام ثم يصوم في رمضان متفق عليه عن ام سلمة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من جماع لا حلم ثم لا يفطر ولا يقضي اخرجا باب كفارة من افسد صوم رمضان بالجماع عن ابي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلكت يا رسول الله قال وما اهلكك؟ قال وقعت على امرأتي في رمضان قال هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال لا. قال فهل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا. قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال لا قال ثم جلس فاتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر فقال تصدق بهذا قال فهل على افقر منا فما بين لابتيها اهل بيت احوج اليه منا وضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال اذهب فاطعمه اهلك رواه الجماعة وفي لفظ ابن ماجة قال اعتق رقبة قال لا اجدها. قال صم شهرين متتابعين. قال لا اطيق. قال اطعم ستين مسكينا وذكره فيه دلالة قوية على الترتيب ولابن ماجة وابي داوود في رواية وصم يوما مكانا وفي لفظ الدار قطني فيه قال هلكت واهلكت قال وما اهلكك قال وقعت على اهلي وذكره وظاهره هذا انها كانت مكرهة. بسم الله الرحمن الرحيم قال رحمه الله تعالى باب من ادركه الفجر وهو جنب الجنب هو من لزمه الغسل. سواء كان ذلك بجماع او باحتلام سمي الجنب جنبا لامرين. الامر الاول لان الماء الذي هو المني جانب محله يعني باعد محله والامر الثاني انه مأمور باجتناب مواضع الصلاة. كما قال عز وجل ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا وذكر الاحاديث ومنها حديث عائشة وام سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب فدلت هذه الاحاديث على فوائد منها اولا صحة صوم الجنب. وان لم يغتسل الا بعد طلوع الفجر ويقاس على ذلك الاحتلام. فاذا احتلم الانسان واصبح ووجد نفسه جنبا فانه يصح صومه من باب لان الاحتلام ليس باختيار من الانسان ويقاس على ذلك الحائض اذا طهرت قبل طلوع الفجر فانه يصح صومها وان لم تغتسل الا بعد طلوع الفجر ومن فوائد هذه الاحاديث ايضا انه لا تجب المبادرة بالغسل. لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب فالانسان اذا وجب عليه الغسل لم تجب عليه المبادرة الا ان يدركه وقت صلاة فحينئذ يجب عليه ان يغتسل لاجل ان يفعل هذه الصلاة. ومنها ايضا جواز التحدث والاخبار عما يستحيا من ذكره اذا كان فيه مصلحة. ومنها ايضا ان الاصل في افعال الرسول صلى الله عليه وسلم انه يتأسى به فيها. وانه لا الخصوصية الا بدليل لعموم قول الله عز وجل لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. اما الحديث الثاني وهو في الباب الثاني فيما يتعلق بالجماع فهو حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت واهلكت. المراد بالهلاك هنا الهلاك المعنوي. اي وقعت فيما يكون به الهلاك وهو الذنب العظيم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما اهلكك؟ قال وقعت على امرأتي في رمضان. اي جامعتها في رمضان فقال النبي صلى الله عليه وسلم اتجد رقبة يعني فتعتقها؟ والعتق هو تحرير الرقبة من الرق فقال لا. فقال هل تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا. قال فهل تستطيع ان تطعم ستين مسكينا قال لا فاوتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق وهو فيه طعام. فقال خذ هذا فتصدق به يعني كفارة فقال هذا الرجل اعلى احوج مني؟ والله ما بين نابتيها وهما حرتا المدينة اهل بيت هم احوج مني فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال اطعمه اهلك. يعني على انه نفقة. فدل هذا الحديث على سائل منها اولا بيان عظم اسم الجماع في نهار رمضان. والجماع اذا وقع من الشخص في نهار رمضان والصوم واجب عليه. ترتب عليه خمسة احكام الحكم الاول الاثم لانه ارتكب اثما عظيما وجرما كبيرا وهو الوقوع في المحظور. وثانيا فساد قوم وثالثا وجوب الامساك بقية يومه. فلا يقول مثلا ان الصوم فسد فافطر بقية اليوم. بل يجب عليه ان يمسك بقية اليوم احتراما للزمن. والامر الرابع وجوب القضاء لهذا اليوم الذي افسده والامر الخامس وجوب الكفارة المغلظة. وهي على الترتيب عتق رقبة. فان لم يجد الرقبة او ثمنها صام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما الا من عذر شرعي. فان لم يستطع اطعم ستين مسكينا. ومن فوائد هذا الحديث جواز اخبار الانسان بما فعله من ذنب او بما يلام عليه اذا كان ذلك وجه الاستفتاء ومعرفة الحكم الشرعي. فاذا قدر ان الانسان ارتكب ذنبا او وقع في امر يلام عليه فلا حرج ان يتحدث بهذا الامر لا اظهارا لستر الله عز وجل وهتكا له. وانما لمعرفة الحكم الشرع وما يترتب على ذلك ومنها ايضا ان من جاء تائبا من ذنب فانه لا يعنف ولا يلام. لان الرسول صلى الله عليه وسلم لم اعنف هذا الرجل الذي قال وقعت على امرأتي في رمضان فلم يقل له مثلا الا تتقي الله؟ الا تستحي على نفسك؟ ونحو ذلك بل ان الرسول عليه الصلاة والسلام لم يعنفه ولم يلمه على ذلك لانه جاء تائبا لان التعنيف ربما كان سببا لنفوره وعدم اقباله على التوبة وعلى الله عز وجل. ومن فوائده ايضا ان من على امرأته في رمضان والصوم واجب عليه فانه تجب عليه الكفارة. ولكن وجوب الكفارة شروط بشروط الشرط الاول ان يكون عالما فان كان جاهلا بالحكم فهو معذور. والشرط الثاني ان يكون باكرا فان كان ناسيا فلا شيء عليه. والشرط الثالث ان يكون مختارا فان اكره على ذلك فلا شيء عليه ودليل هذه الشروط الثلاثة عمومات الادلة الدالة على رفع المؤاخذة عن الناس جاهل والمكره. قال الله تعالى ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. قال الله قد فعلت وقال عز وجل وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به. ولكن ما تعمدت قلوبكم. وقال الله عز وجل في الاكراه من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان. والشرط الرابع من شروط وجوب الكفارة على من وقع فيها ان يكون الجماع في نهار رمضان. فان جامع في قضاء رمضان او في صوم واجب غيره كنذر او كفارة فان الكفارة لا تجب. والشرط الخامس ان يكون الصوم واجب عليه. فان كان لا يجب عليه الصيام كما لو كان مسافرا وجامع امرأته في السفر فانه لا اثم عليه ولا كفارة. لان مسافر لا يجب عليه الصوم بل يجوز له الفطر بقول الله عز وجل ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر ويأتي ان شاء الله تعالى بقية ما في هذا الحديث من الفوائد والاحكام وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد