احتاط لدينه وعرضه. وهذا هو الموفق لاصلاح دينه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. قيل معناه انه اذا كان يكثر من بلا مبالاة. فانه لا بد ان يكون بعض ذلك محرم فيقع في الحرام من حيث لا يشعر وقيل معناه انه اذا تهاون في الامور المشتبهة فقد ترك الورع فلا يزال يفعل الامور المشتبهة حتى يذهب الورع من قلبه. فيقدم على المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الاطعمة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب الاطعمة. اي بيان ما يحل منها وما يحرم وكذلك يذكر في هذا احكام الاشربة. فالاصل في الاطعمة الحل فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. واما ما سكت عنه عفوا بدليل قوله تعالى هو الذي خلق لكم الى غير ذلك من الايات التي امتن الله على عباده فيها. ولو اعتبرت جميع الاشياء لوجدت اصلها طاهرا. وان الخبث طارئ عليها. واعتبر ذلك بالاغذية التي تنقلب من الخبث الى ونحو ذلك. التاسع والستون ثلاثمائة الحديث الاول عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول قول واهوى النعمان باصبعيه الى اذنيه. ان كان بين والحرام بين. وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. كالراعي يرعى حول حين يوشك ان يرتع فيه. الاوان لكل ملك حمى الاوان حمى الله محارمه. الاوان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله. واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث النعمان ابن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول واهون النعمان باصبعيه الى اذنيه. اي اشارة الى انه قد تيقن سماع هذا الحديث. فلا يشك فيه. وقوله ان الحلال بين والحرام بين. اي ان الحلال واضح. وكذلك الحرام واضح فلا يشك فيهما احد. هذا في الامور البينة فاضحة ولهذا قال وبينهما امور مشتبهات. لا يعلمهن كثير من الناس. اي تخفى على كثير منهم فلا يعلمها الا الراسخون في العلم. وسبب الاشتباه اما ان تتجاذب المسألة ظواهر الادلة. فيلحقها بعض العلماء اقسام الحلال. نظرا لما ظهر له من الدليل. وبعضه هم يلحقها باقسام الحرام لما ظهر له من الدليل. هذا في ظواهر الادلة واما النصوص الصريحة الصحيحة فلا يناقض بعضها بعضا الا في الاحكام المنسوخة وهي مسائل محصورة. السبب الثاني من موجبات الاشتباه هو عدم النظر الكامل وتصور الحكم كما ينبغي وفي هذا يبقى مشتبها. واما مع التصور والنظر الكامل كيف ينجلي الاشكال؟ وقوله فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ. اي للامور المحرمة. لانه ليس معه ورع ليحجزه عن ذلك وكلا المعنيين صحيح. وهذا الحديث اصل في الورع ثم ضرب لذلك مثلا محسوسا فقال كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع فيه. اي انه اذا رعى ماشيته قريبا من الحمى فانه لا بد ان يقع فيه قصدا او بغير قصد. ثم ذكر رحم الله وعي عظمه فقال الاوان لكل ملك حمى. هذا حكاية للوالد من احوال الملوك وليس اقرارا له. لان حمى الملوك ظلم للرعايا اي ان عادة الملوك انهم يجعلون لهم حمى يمنعون الرعية منه ويكون ذلك بقدر قوة الملك وضعفه. وقوله الاوان الله محارمه. اي التي حرم على لسان رسوله فيحرم على الخلق الحمى وقربانه ايضا. كما قال تعالى تلك حدود الله فلا تقربوها. وقال تعالى ولا تقربوا الزنا. وهذا من بلاغة القرآن حيث انه يأتي بالكلام الوجيز. وتحته من المعاني اشياء كثيرة فيحرم على الخلق فعل المحرمات وقربانها. لان الوسائل لها احكام المقاصد والله تعالى لم يحرم المحرمات على الخلق بخلا وانما حرمها لاجل مصلحتهم ورحمة بهم ولطفا. وقوله الاوان في الجسد مضغة اي قطعة لحم بقدر ما يمضى. اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله. اي كأنه قيل ما هي فقال الا وهي القلب. اي ان الاعضاء تبع له فهو الامير عليها فان امر اليد بالبطش بطشت. وان امرها بالكف كفت. وان امر رجل بالمشي مشت. وان امرها بالوقوف وقفت. وهكذا سائر الاعضاء تبع للقلب. وهذا الحديث احد الاحاديث الاربعة التي قيل ان الدين يدور عليها. وهو اصل في باب الورع. وفيه ان الوسائل يا لها احكام المقاصد. وفيه انه ينبغي اجتناب الامور المشتبهة وفيه ان المدار على صلاح القلب. فنسأل الله الكريم ان يصلح قلوبنا فمن صلح قلبه فاز في الدنيا والاخرة. ومن فسد قلبه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين. السبعون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن انس ابن مالك رضي الله عنه انه قال انفجنا ارنبا بمر الظهران. فسعى القوم فلغبوا وادركتها فاخذتها فأتيت بها ابا طلحة فذبحها. وبعث الى رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم بوريكها او فخذيها فقبله. رواه البخاري بخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله في حديث انس رضي الله عنه ان فجنا ارنبا اي اثرناها بمر الظهران هو موضع شمال مكة. يبعد عنها نحو ساعات. وهو المعروف الان بوادي فاطمة. وقوله فسعى القوم في اثرها ليصيدوها بايديهم. ولعله لم يكن معهم سلاح فلغبوا اي تعبوا من السعي وعجزوا عن ادراكها. وادركتها لانه رضي الله عنه كان شديد العدو. فاخذتها فاتيت بها ابا طلحة وهو زوج امه ام سليم ذلك انه لما ما لك ابو انس خطبها ابو طلحة. وكان كافرا فقبلت واشترطت ان مهرها اسلامه. فاسلم وتزوجها فكان انس ربيبا لابي طلحة. وقوله فذبحها وبعث الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بوركها او فخذيها فقبله. فيه فوائد. منها حل الارنب. وقد اتفقت الامة على ذلك. لانها من الطيبات. وحرمها بعض الرافضة قبحهم الله ولا دليل على هذا. ومنها انه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقبل الهدية. قليلة كانت او كثيرة. فان كان عنده شيء اثاب عليها. والا دعا للمهدي وتشكر منه. وهكذا هذا ينبغي للمؤمن ومنها ان الصحابة قد عرفوا ذلك من سيرته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وانه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة والفرق بينهما ان في الصدقة اشعارا بان المعطي اعظم اعلى من المعطى. دون الهدية. فانها للاكرام والاحترام ومنها انه ينبغي للمؤمنين التهادي بينهم. وقد ورد ان الهدية تذهب وحر الصدر. اي انها من اعظم الادوية النافعة لاذهاب البغضاء من الصدور. الحادي والسبعون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنهما انها قالت نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرسا فاكلناه وفي رواية ونحن في المدينة. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث اسماء نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فرسا اكلناه فيه حل الخيل وجواز اكلها لانها من الطيبات وهذا مذهب الائمة الثلاثة مالك والشافعي واحمد. ودليل ان الاصل الحل. وايضا فقد ثبت حلها في الاحاديث الصحيحة الصريحة من اقراره صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في هذا الحديث وقوله كما يأتي وخالف في ذلك ابو حنيفة فحرم اكلها واستدل بقوله تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبو الاية وجه الدلالة انه ذكر انه انعم بهذه الاشياء للركوب والزينة. وايضا فقد قرنها بالاشياء المعلوم تحريمها يقينا. وهي الحمر والبغال. ولانه ورد فهي عن ذبحها. واجاب الجمهور عن هذه الادلة فقالوا اما قولكم ان الله تعالى لم يذكر غير الركوب والزينة. فنعم هو كل النعمة في الحمير والبغال. وبعض النعمة في الخيل. وهو معظم المقصود منها. وهذه السورة تسمى سورة النعم. لان الله الله تعالى ذكر فيها النعم الكبار. ولهذا لم يذكر اكلها. لانها لا لا تؤكل غالبا الا مع نفعها الاعظم. او الحاجة اليها. واما مع عدم ذلك فانهم لا يرغبون ذبحها. لاستغنائهم عنها ببهيمة الانعام ونحوها واما قولكم انها قرنت بالاشياء المحرمة فهذه دلالة المقارنة. وهي ضعيفة باتفاق الاصوليين. فكيف كيف اذا عارضت النص الصريح الصحيح. واما ورود النهي عن ذبحها فليس لتحريمها وانما هو للارشاد الى ابقائها لعظم نفعها. خصوصا في الجهاد ولئن لا يكثر ذبحها فتقل عندهم. وهذا هو السر في نهيه صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن انزال الحمر على الخيل. فان ذلك سبب لانقطاع نسلها. لانه اذا نزل حمار على الفرس ولدت بغلا فبكثرته تقل الخيل او تعدم. وقولها في الرواية الاخرى ونحن بالمدينة اشارة الى ان ذلك ليس للضرورة. لان الغالب ان ضرورة لا تكون في المدن. الثاني والسبعون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية. واذن في لحوم الخيل مسلم وحده انه قال اكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش ونهى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الحمار الاهلي. رواه البخاري مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن لحوم الحمر الاهلية اي لانها رجس خبيثة. واذن في لحوم الخيل. وهذا صديق ريح في حلها. لانها طيبة كما تقدم. وقوله في لفظ مسلم اكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش. وهي المسماة الان الوضيحيات فيه حل الخيل وحمر الوحش. لانها طيبة كما تقدم وقوله ونهى عن الحمار الاهلي لانه رجس خبيث الثالث والسبعون والثلاثمائة. الحديث الخامس. عن عبدالله بن ابي اوفى رضي الله عنه انه قال اصابتنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الاهلية فانتحرناها. فلما بها القدور نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اكفئ القدور ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عبدالله ابن ابي اوفى اصابتنا مجاعة ليالي خيبر اي مدة حصارهم خيبر. لانه لم يكن معهم الا ازواج قليلة لظنهم انهم يفتحونها من دون حصار طويل. فلما كان يوم خير اي يوم فتحها. وقعنا في الحمر الاهلية فانتحرناها لانها كثيرة عندهم. ولم يكن عندهم بها بأس. ولي هذا لم يسألوا احرام هي ام حلال؟ لان الاصل الحل. وقوله فلم والت بها القدور اي انها قاربت النضج. نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان اكفئ القدور. اي اهريقوا ما فيها. وقد ورد ان انه شدد الامر وعظمه اولا فقال اكفئوها واكسروها. اي القدور فقالوا يا رسول الله الا نكفئها ونغسلها؟ فقال او ذاك قوله ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا. هذا نص صريح في تحريم الحمر الاهلية فيها وانما جعلها الله للركوب والزينة فقط. وبولها وروثها نجس. كسائر الحيوانات التي لا يؤكل لحمها. وبول ما يؤكل وروثه ومنيه ومني الادمي طاهر. وعرق الحمار وشعره وريقه قاهر على الصحيح. الرابع والسبعون والثلاثمائة. الحديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال دخلت انا وخالد بن الوليد معي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بيت ميمونة. فاوتي بضب فاهوى اليه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة اخبروا رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بما يريد ان يأكل. فقلت تأكله هو ضب فرفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يده. فقلت احرام هو يا رسول الله قال لا ولكنه لم يكن بارض قومي فاجدني اعافه قال خالد فاجتررته فاكلته ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ينظر رواه البخاري ومسلم. المحنود المشوي بالرب وهي الحجارة المحماة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عباس دخلت انا وخالد بن الوليد مع رسول الله صلى الله الله عليه وعلى اله وسلم بيت ميمونة. لانها خالة لابن عباس وخالد فهما ابن الخالة. وقوله فاتي بضب محنوذ. اي فوق الطعام الذي قدم اليه. والمحنود كما ذكره المؤلف هو المشوي بالرضف. وهي تجارة المحماة. وكانوا يستعملونه لجميع اللحوم. ويرونه الذ من الطبخ واسرع هضما. ولان القدور قليلة عندهم. وقوله فاهوى اليه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي لظنه انه كسائر اللحوم معتادة فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة الى اخره اي اخبروه بحقيقته لان لا يغتر فيلومكم على ذلك. ولم يكن عندهم شك في حله. لانهم طبخوه وقدموه له. ولو كان عندهم لسألوا عنه قبل طبخه. ولكن قالوا ذلك لاجل اعلامه فقط. وقوله فقلت تأكله هو ضب. فرفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يده فلما كان تركه يوهم تحريمه قال فقلت احرام هو يا رسول الله قال لا. ولكنه ليس بارض قومي. اي انه ليس بارض بتهامة وكذلك في البلاد الحارة. والى الان لا يوجد بها وقوله فاجدني اعافه. اي طبعا لا شرعا لانه لم يعتده. ولانه فيه في بعض الشبه من بعض الخبائث. فلهذا يكرهه بعض الناس. وليس كغيره من الحيوانات التي يأكلها من اعتادها ومن لم يعتدها. قال خالد بن الوليد فاجتررته فاكلته. ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ينظر فيه حل الضب من قوله عليه السلام واقراره. وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وانه لم يعيب طعاما قط. لا لرداء فآتيه ولا لسوء صنعته ولا لغير ذلك. بل ان رغبه اكل منه والا تركه واما من يعيب الطعام فيقول هو ردي هو مالح هو كذا هو كذا. فانه لم يتبع هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم وهذا كفران لنعمة الله تعالى. فتجده يعيب طعاما لو حصل لكثير من الناس لعده من اكبر النعم عليه. وفيه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما انه بعث لمصلحة الدين فكذا ذلك بعث لمصلحة الدنيا. فيأمر بما يصلح الدين والدنيا. ونهى اما يفسدهما ففي هذا الحديث انه ينبغي للانسان الا يكره نفسه على لما لا يشتهي ولو كان طيبا. فانه بذلك يعسر هضمه ويضر ببدنه وفيه انه لا بأس ان يأكل ما يشتهي. ولو كان يكرهه. اذا كانت الكراهية طبيعية لا شرعية الخامس والسبعون والثلاثمائة. الحديث السابع. عن عبدالله بن ابي اوفى رضي الله عنه انه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سبع غزوات نأكل الجراد. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث عبدالله بن ابي اوفى غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سبع غزوات نأكل الجراد اي في تلك الغزوات. فيه حل الجراد ويحل اكله سواء مات انفه او بشيه. او كبسه في ماء حار او بارد. ولكن الذي مات حتف انفه اقل نفعا ولذة من الذي مات بطبخه. وفيه ايضا نوع مضرة. ولهذا يعد عيبا ينقصه فلو اشترى انسان جرادا فوجده ميتا فله الخيار. لانه عيب ولو كان حلال الاكل. ولهذا ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال احل لنا ميتتان ودمان. فاما الميتتان فالجراد والسمك. واما الدمان الكبد والطحال. فمثل الجراد السمك. وهو جميع حيوانات البحر كلها من دون استثناء على الصحيح. وقيل الا التمساح والحية والضفدع احدكم طعاما اي من الاطعمة التي تلوث اليد. بدليل قوله فلا يمسح يده حتى يلعقها او يلعقها. اي صبيا او خادما ونحوهما والحكمة في ذلك كما صرح بها في بعض الروايات بقوله فيحل السمك سواء صيد فمات باخراجه. او مات حتف انفه ووجد طافيا على الماء ولكنه يعيبه كالجراد. وقيل ان الميت حتفأ فيه من الجراد والسمك حرام. وهو ضعيف. ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا فعل صبيان في الجراد من تعذيبه. وخله بالاعواد التي يسمونها المشاكيك فيستمر على ذلك معذبا باليومين والثلاثة او اكثر. فهذا حرام لا يجوز ويجب على وليه ومن له القدرة منعه من ذلك. ومثله جميع الحيوانات من غير حاجة. كتثقيله بالحمل عليه. وضربه في ضربا شديدا. فهو حرام لا يجوز. خصوصا اذا تضمن مفسدة اخرى كغش ونحوه لانه بفعله ذلك يوهم المشتري نشاط الحيوان وقوته والله تعالى انما اباح لنا من تعذيب الحيوان ما فيه مصلحة لنا كذبحه للاكل. وضربه عند الحاجة لتأديبه ونحوه وكوسمه واما تعذيبه من غير حاجة. او الزيادة في ذلك على الحاجة فلا يجوز وايضا فاذا جاز لاجل الحاجة وجب عليه ان يحسن في ذلك. فلا يذبحه بالة كالة. ولا يحد السكين وهو ينظر. كما قال عليه الصلاة والسلام السلام ان الله كتب الاحسان على كل شيء. فاذا قتلتم فاحسنوا القتلة واذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة. وليحد احدكم شفرته وليرح ذبيحته السادس والسبعون والثلاثمائة. الحديث الثامن عن زهدم بن مضرب الجرمي انه قال كنا عند ابي موسى الاشعري فدعا بمائدته وعليها لحم دجاج. فدخل رجل من بني تيم احمر شبيه بالموالي. فقال هلم فتلكأ. فقال له هلم فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأكل منه رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث زهدم ابن مضرب كنا عند ابي موسى فدعا بمائدته الى اخره. لعله في وقت امارته على البصرة. فانه كان اميرا عليها من قبل علي ابن ابي طالب. وقوله فدخل رجل من بني تيم وهم قبيلة من العرب. وقوله احمر شبيه بالموالي اي ان لونه مخالف لالوان العرب. وموافق لالوان العجم. اطلق عليه اسم الموالي لانهم اذا سبوا واسترقوا كانوا موالي. والوان الادميين وسائر الحيوانات. تختلف باختلاف الاراضي والاهوية وقوله فقال هلم اي دعاه للاكل معهم. فتلكأ اي امتنع من الاكل وتهيب. فظن ابو موسى انه انما امتنع. لما رأى على المائدة الطعام الفاخر اللذيذ. الذي من جملته الدجاج. فلهذا قال هلم فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأكل منه اي ان كان قصدك الدين فليس من الدين ترك اكل الفاخر من الطعام كما يظنه بعض الجهال ممن قصدهم الزهد في الدنيا. والظاهر ان الرجل اكل لان انه لو استمر على امتناعه لذكره الراوي. وفيه حل الدجاج لانه طيب وكذا جميع الطيور الا الخبائث وما له مخلب من الطير. فيدخل فيه حمام والاوز ونحوهما. وفيه انه لا يتدين بترك اكل الطيب من الطعام فالدين هو اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكان هديه انه لا يتكلف مفقودا ولا يترك موجودا انه اذا صادف طعاما اكله ولو كان لذيذا فاخرا. وان لم يصادف شيئا ان اكل ما تيسر. ولم يتكلف المفقود ولو قدر على تحصيله. وليس من هديه استعمال الترف في المأكل والمشرب والملبس في جميع احواله. بل اذا تيسر له لم يمتنع منه. وليس معنى تيسره القدرة على تحصيله بل معناه مصادفته. واما اتخاذ ذلك عادة للانسان فمكروه. لانه يضر ببدنه وماله. خصوصا مع قلة المال فان الانسان اذا اعتاد الترف لم يصبر عنه. وربما تكون بعض الاشياء التي ليست بحاجيات مع الترف وتكثير استعمالها في حقه ابلغ من الضروريات فلا يصبر عنها. وايضا فالعائلة التي تنشأ على الترف تفسد اخلاقهم تضررون بفقد القليل مما اعتادوه. وفيه ان قصد المسلمين جميعا هو اتباع الشرع وهدي الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وان اخطأ بعضهم قم فلجهله. فاذا تبين له الشرع اتبعه. وهذا قصد جميع المسلمين حتى المبتدعين منهم. السابع والسبعون والثلاثمائة. الحديث التاسع عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال اذا اكل احدكم طعاما فلا يمسح يده حتى يلعقها او يلعقها. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ سعدي رحمه الله في تعليقاته. وقوله في حديث ابن عباس اذا اكل فان احدكم لا يدري في اي طعامه البركة. اي لا يدري افي اوله او وسطه او اخره. ومثله ما ورد في لعق الصحفة. اي لعل البركة في هذا الذي يعده كثير من الناس زهيدا لا يأبه له. فهذا من الفوائد في لعبه ومنها انه يدل على تعظيم نعمة الله. وتركه يدل على الكبر واحتقار نعمة الله تعالى. ومنها انه دليل على عدم الاستغناء عن القليل من نعم الله. مع انه لا قليل من نعمه تبارك وتعالى تعالى ومنها انه قد يمسحها مع ان غيره في شدة الحاجة الى لعقها خصوصا في الوقت الذي تكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بهذا الكلام. فانهم في ذلك الوقت في شدة الحاجة الى الطعام ولهذا امر الانسان اذا قدم له خادمه الطعام ان يعطيه قليلا منه كسرا لشهوته. ولعق الانسان يده بنفسه اولى من كونه يلعقها لا غيرة ما لم يكن ثم مرجح اخر. باب صيد قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله باب الصيد هو اقتناص الحيوان الحلال غير المقدور عليه. وهو قسم من اقسام الاطعمة فان الاطعمة قسمان. قسم مباح مطلقا. اي من دون ان يكون للآدمي فيه فعل. وهو الحبوب والثمار ونحوهما. فجاء ذلك مباح. اللهم الا الحبوب والثمار المضرة. كالسم ونحوها فتحرم للمضرة. القسم الثاني الذي يتوقف حله على ايجاد سبب من الآدمي. وهو جميع الحيوانات. فيشترط لحلها ذكاته الا الجراد والسمك. فانه من القسم الاول. كما تقدم ان حلال. والحيوانات التي يشترط في حلها زكاتها قسمان ايضا اسم مقدور عليه فيشترط في زكاته قطع الحلقوم والمريء وذلك كبهيمة الانعام. والصيد المقدور عليه. القسم الثاني غير المقدور عليه. كالصيد الذي لم يقدر عليه. والحيوان الانسي اذا توحش فلم يقدر عليه فذكاة هذا القسم بجرحه في اي موضع كان من بدنه. وهذا من تيسير الله ورحمته بعباده الثامن والسبعون والثلاثمائة. الحديث الاول. عن ابي ثعلبة الخش رضي الله عنه انه قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله سلم فقلت يا رسول الله انا بارض قوم اهل كتاب افنأكل في انيتهم وفي ارض صيد. اصيدوا بقوسي وبكلب الذي ليس بمعلق وبكلب المعلم. فما يصلح لي؟ قال اما ما ذكرت من انية اهالي الكتاب فان وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها. وان لم تجدوا فاغسلوا وكلوا فيها. وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل. وما تبي كلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل. وما صدت بكلبك غير المعلق فادركت زكاته فكل. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابي ثعلبة الخشني اتيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. فقلت يا رسول الله انا بارض قوم اهل كتاب الى اخره. اي في اليمن وكان اليهود في اليمن كثيرين. اي انهم لا يتورعون من النجاسات. فهل يحل استعمال اواني فيهم وفي ارض صيد اصيد بقوس. وبكلب الذي ليس بمعلم في كلب المعلم فما يصلح لي اي اخبرني بما يحل من ذلك وما يحرم فارشده المرشد الناصح عليه السلام بقوله اما ما ذكرت من انية اهل الكتاب فان وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها. فان لم تجدوا فاغسلوا وكلوا فيها. اختلف العلماء في هذه المسألة فقيل ان هذا ما هي منسوخ بالاحاديث الصحيحة الصريحة. الدالة على ان رسول الله صلى ان الله عليه وعلى اله وسلم واصحابه. كانوا يستعملون اواني اهل الكتاب بل ومن دونهم من المشركين. فصح انه عليه الصلاة والسلام توضأ من مزادة مشركة. وكان في المدينة ثلاث طوائف من اليهود الم ينهى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن استعمال اوانيهم. بل كانوا يستعملونها. ولا يرون بذلك بأسا. وايضا فإن الصحابة رضي الله الله عنهم فتحوا الامصار. واهلها مشركون. ولم ينقل عنهم انهم كانوا يغسلون اوانيهم. فيعلم يقينا انه لا يجب غسلها. والصواب وان هذا الحديث ليس بمنسوخ. بل يقال المراتب ثلاث ان تعلم نجاسة ذلك. فهذه يجب غسلها بالاتفاق ثانية ان تعلم طهارتها. فهذه لا يجب غسلها. الثالثة ان تجهل حالها. فهذه ايضا لا يجب غسلها. لان الاصل الطهارة في جميع الاشياء ولان المعلوم من حالة النبي صلى الله عليه وعلى اله آله وسلم واصحابه. انهم لم يكونوا يغسلون المجهول منها. لكن ان ان ظن نجاسة ذلك استحب غسله. وهذا عام في الاواني وغيرها كالثياب ونحويها. وذلك كانية مدمن الخمر. او الكفار الذين تكثر ملابسهم للنجاسة. وكثياب الحائض والمرضع التي لا من النجاسة وهذا النوع هو المراد من هذا الحديث. اي انه ان وجد غيره فتركه واولى وان لم يوجد غيره استحب غسله. ويدخل في الحديث المتقدم فمن اتقى الشبهات الى اخره. وبقوله في الحديث الاخر دع ما يريبك الى ما لا يريبك. وكلما قوي ظن النجاسة تأكد استحباب باب غسلها. وقوله وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل ويأتي في حديث عدي اشتراط جرحه. اي انه لا يقتل بعرضه. ومثل ذو القوس بل ابلغ الرمي ببندق الرصاص. فانها تقتل بنفوذها لا بثقلها ففيه اشتراط ذكر اسم الله. ومحله عند الرمي. اي ارسال السهم وقد دل على اشتراطها الكتاب والسنة. وتسقط سهوا على الصحيح. ويشترط ايضا وفود السهم في اي موضع كان من بدنه. لكن ان ادركه حيا وجبت زكاته لانه مقدور عليه. ومثله قوله وما صدت بكلبك المعلم ذكرت اسم الله عليه فكل. فيه اشتراط التسمية. ومحلها عند ارساله وفيه انه يشترط ان يكون الكلب معلما. وتعليمه ان يسترسل اذا ارسل وينزجر اذا زجر. واذا امسك لم يأكل. كما يأتي في حديث عدي فان اكل فلا تأكل. ومثل الكلب الفهد والطيور المعلمة صقر ونحوه. الا انه لا يشترط في الطير عدم الاكل. لانه لا يتعلم الا ابي الاكل وقوله وما صدت بكلبك غير المعلم فادركت زكاته فكل اي لانه حل بذكاته لا بصيد الكلب له. اي وان لم تدرك زكاته فلا تأكل قال ابن القيم رحمه الله لما ذكر فضائل العلم وفي هذا فضل العلم حيث ابيح صيد الكلب العالم دون الجاهل. فقد اثر العلم حتى في الحيوانات التي الى تعقل. التاسع والسبعون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن همام ابن الحارث عن علي ابن حاتم رضي الله عنه انه قال قلت يا رسول الله اني ارسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي اسم الله. فقال اذا ارسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل ما امسك عليك قلت وان قتلن؟ قال وان قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها قلت له فاني ارمي بالمعراج الصيد فاصيب. فقال اذا رميت بالمعراج فخرق فكن قل وان اصابه بعرضه فلا تأكله. رواه البخاري ومسلم وحديث الشعبي عن عدي نحوه وفيه. الا ان يأكل الكلب فان اكل فلا تأكل. فاني اخاف ان يكون انما امسك على نفسه. وان خالف كلاب من غيرها فلا تأكل. فانما سميت على كلبك ولم تسم على غيره وفيه اذا ارسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه. فان امسك عليك فادركته حيا فاذبحه. وان ادركته قد قتل ولم يأكل منه فكله. فان اخذ بذكاءته. وفيه ايضا اذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه وفيه وان غاب عنك يوما او يومين. وفي رواية اليومين والثلاثة. فلم تجد فيه الا اثر سهمك فقل ان شئت. فان وجدته غريقا في الماء فلا تأكل فانك لا تدري الماء قتله او سهمك. رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث همام بن الحارث عن عدي بن حاتم انه قال قال قلت يا رسول الله اني ارسل الكلاب المعلمة. فيمسكن واذكر اسم الله. فقال اذا ارسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل ما ما امسكنا عليك. قلت وان قتلنا. قال وان قتلنا ما لم يشركها كلب ليس منها هذا نص صريح في حل صيد الكلب اذا كان معلما. وذكر اسم الله عليه وان قتل الصيد ما لم يشركه كلب ليس منها. والعلة في ذلك هي ما ذكرها في قوله فانما سميت على كلبك ولم تسم على غيره. ومثل تلك بما في معناه. كالفهد والطيور المعلمة كالصقر والشاهين ونحوهما وقوله قلت فاني ارمي بالمعراج الصيد فاصيب. فقال اذا رميت بالمعراج فخرق فكل. وان اصابه بعرضه فلا تأكله. فيه حل الصيد اذا رمي فاصابه السهم ونفذ فيه. واما لو قتله بثقله فانه لا يحل ومثله قوله في رواية الشعبي الا ان يأكل الكلب الى اخر فيه انه يشترط في حل صيد الكلب ونحوه الا يأكل فان اكل لم يحل. وعلله بقوله فاني اخاف ان يكون انما امسك على نفسه اي انه نوى ذلك لنفسه. فان نيته لها تأثير ولهذا قال تعالى فكلوا مما امسكنا عليكم فقوله عليكم دليل على ان ما امسكن لانفسهن لا يحل. ودليل ذلك ان يأكلن مما امسكن. هذا في الكلب والفهد. بخلاف الطيور كالصقر ونحوه فانه يأكل ولا يدل اكله على انه امسك على نفسه. لانه لا يتعلم الا بالاكل كما تقدم. وقوله فان امسك عليك فادركته حيا فاذبحه الى اخره. فيه انه اذا قدر عليه وجبت زكاته. وان قتله الكلب حل وعلل ذلك بقوله فان اخذ الكلب زكاته. هذا من لطف الله بخلقه. حيث سخر لهم هذه الحيوانات وجعل اخذها الصيد ذكاة له واختلف العلماء هل يشترط ان يجرح او لا يشترط المذهب انه يشترط ان يجرح. فلو اختنق الصيد من دون جرح لم يحل. وعن احمد رواية ثانية انه يحل ولو لم يجرح. وقوله وان خالطها كلب ليس منها الى اخره. اي كلب ليس بمعلم او معلما واسترسل بنفسه وفيه انه اذا اجتمع سببان مبيح وحاضر غلب جانب الحظر ومثله قوله اذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله. وان غاب عن اليومين والثلاثة. فلم تجد فيه الا اثر سهمك فكل. وقوله وان وجدت غريقا بالماء فلا تأكل. فانك لا تدري الماء قتله او سهمك. هذا فاذا لم يعلم فلو تيقن ان سهمه الذي قتله حل. كما لو اجاده وسقط في ايوا هو ينظر ثم اخرجه من ساعته ميتا في حل. ولو انه سقط حيا ثم مات في الماء. الثمانون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن سالم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول من اقتنى الا كلب صيد او ماشية. فانه ينقص من اجره كل يوم قيادة سرطان. قال سالم وكان ابو هريرة يقول او كلب حرف وكان صاحب حرف. رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول من اقتنى كلبا الا كلب صيد او ماشية فانه ينقص من اجره كل يوم قيراطان وفي حديث ابي هريرة او حرف هذا نص صريح انه يحرم اقتناء الكلب لغير هذه الاشياء الثلاثة. ومن اقتناه غير ذلك نقص كل يوم من اجره قيراطان. والقيراط هو القسط العظيم والله اعلم بتقديره. وليس المراد بذلك القيراط المصطلح عليه الذي هو جزء من اربعة وعشرين جزءا. فان هذا اصطلاح حادث. ويعلم يقينا ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يرد ذلك. ولا خطر بباله ومثله قوله فيما تقدم من صلى على الجنازة فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان. ويتفاوت ذلك بحسب بنية العامل. وقوله كل يوم اي لان هذا اصرار على المعصية فيعاقب عليه. لان الاصرار على المعصية اعظم من الفعل فان كل وقت يمر عليه وهو مصر على ذلك يزداد به وقوله وكان صاحب حرف اي ان الانسان يحرص على حفظ الشيء الذي هو واقع به. ازيد حرصا من غيره فلهذا حرص ابو هريرة على حفظ هذا واهتم به. لانه هو صاحب حرف. الحادي والثمانون والثلاثمائة. الحديث الرابع عن رافع ابن خديج رضي الله عنه انه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بذي الحليفة من تهامة فاصاب الناس جوع فاصابوا ابلا وغنما. وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اخريات القوم. فعجب وذبحوا ونصبوا القدور. فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله عليه وسلم بالقدور فاكفئت ثم قسم. فعدل عشرة من الغنم ببعير. فند منها بعير فطلبوه فاعياهم وكان في القوم خيل يسيرة. فاهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله فقال ان لهذه البهائم اوابد كاوابد الوحش. فما منها فاصنعوا به هكذا. قال قلت يا رسول الله انا لاقوا العدو غدا وليس معنا مدى. افنذبح بالقصب قال ما انهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه. ليس السن والظفر وساحدثكم عن ذلك. اما السن فعظم. واما الظفر فمدلل حبشة رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث رافع بن خديج كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بذي الحليفة من تهامة المعروف ان تهامة هو ما وراء جبال الحجاز من جهة البحر من ينبع ويتصل الى جدة. ومنها يتصل الى اليمن. والحجاز هو سلسلة وسميت بذلك لانها حاجزة بين نجد وتهامة واما ذو الحليفة التي هي محرم اهل المدينة. وهي المسماة بالحسن فهي من الحجاز. ولعله قد سمي بهذا الاسم غيرها بدليل قوله من تهامة. وقوله فاصاب الناس جوع وقوله فاصابوا ابلا وغنما اي غنيمة. وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اخرياته القوم وكانت هذه عادته الجميلة وسيرته الحسنة انه يكون في الساقة. ليزجي الضعيف ويحمل المنقطع بخلاف عادة الملوك والجبابرة. فهو يقتدي بالاضعف كما تقدم وقوله فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور. اي وجعلوا فيها اللحم والذي حملهم على ذلك الجوع. ولم ينههم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. والا فلو نهاهم لم يعصوا امرا وقوله فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالقدوم اكفأت. اي تأديبا لهم حيث لم يراجعوه. لان الغنيمة فلسائر الجيش. وفيه مشروعية التعزير بالمال. اذا رأى تارك الامام كتحريق متاع الغال. وكاضعاف الغرم على كاتم الضالة والسارق من غير حرز. وهذا هو الصحيح. وقوله ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير. اي انه قسم الغنيمة فكانت العشر من الغنم تعدل بعيرها. والتقدير هنا اي في باب بالقسمة بالقيمة. واما في باب الاضحية فالمرجع الى تقدير الشارع فقد صح الحديث ان البدنة والبقرة تعدل لكل واحدة سبعا من الغنم واما قول بعض العلماء ان البعير في باب الاضحية عن عشر لان كلا الحديثين صحيح. وفي هذا زيادة والزيادة من الثقة مقبولة فليس بصحيح. لان هذا ورد على شيء وذلك على شيء فليس هذا تقديرا كما في الاضحية. وانما وقع هذا مصادفة فالمرجع في القسمة الى القيم. فلو كانت قيمة خمس من الغنم تعديل قيمة البعير لقسمت كذلك. وهذا يتبع الزيادة والنقص وقوله فند اي شرد منها بعير. فطلبوه فاعياهم اي عجزوا عن ادراكه. وكان في القوم خيل يسيرة. اي ربما لو كانت كثيرة لادركوه. فاهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله وهذا من فطنة هذا الرجل وتوفيق الله. حيث الهمه فعل ذلك مع ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يأمره. ولكن انه اجتهاد موافق. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم اي مثنيا على ذلك الرجل. ومصوبا لرأيه. ان لهذه البهائم اوابد. اي نوافر. كاوابد الوحش اي ان بعض هذه البهائم المستأنسة يكون لها في بعض الاوقات نفرة من الناس كنفرة الوحش. فما غلبكم منها اي ما عجزتم عن ذبحه مع مذبحه فاصنعوا به هكذا. اي ان الحكم يدور مع علته فكما ان الحيوانات المتوحشة اذا قدرت على مع الحلق لم يحل الا بذكاته معه. فكذلك الحيوانات الانسية اذا عجز عنها فذكاتها مع اي موضع كان من بدنها. وانظر الى غلبكم. فانه يعم الذي ينفر ويعجز عنه. ويعم الذي يتردد ده في بئر ونحوها. ويعجز عن زكاته مع حلقه. فيذكى مع اي في موضع قدر عليه بسكين او سلاح. كبندق ونحوها او غير ذلك وهذا عام سواء رمي ولم يدرك حتى مات او ادرك حيا وذكي. لان ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال. وقوله قلت يا رسول الله انا لا اقول العدو غدا وليست معنا مدى اي انه لا يكون مع كل واحد سكين يذبح بها. افنذبح بالقصب اي لانه كثير ونقدر عليه كلنا. فقال ما انهر دم اي اهرقه. وذكر اسم الله عليه فكلوا. فهم سألوه سؤالا خاصة فافتاهم بحكم عام. وفيه اشتراط انهار الدم وذكر اسم الله. وتقدم ان التسمية تشترط مع الذكر. وتسقط بالجهل نسيان في الصيد والذكاة على الصحيح. ويدل على ان المنخنقة والموقودة المتردية والنطيحة وما اكل السبع. اذا ادركت وذكيت اخرج منها دم ليس دم ميت ويعرف ذلك. فان دم الميت اسود ودم الحي احمر. فانها تحل ولو لم توجد فيها حياة مستقرة بالراحة. وهذا هو الصحيح. وهو داخل في عموم الحديث وهو ظاهر القرآن لقوله تعالى بعد ذلك. الا ما ذكتم ولما كان هذا يعم القصب والاحجار المحددة والحديد وغير ذلك استثنى الذي لا تحل الذكاة به. ولا يحل المزكاة فقال ليس السن والظفر. ثم ذكر الحكمة فقال وساحدثكم عن ذلك اما السن فعظم. فلا يحل الذبح به. وكذا سائر العظام لعموم العلة. وهذا هو الصحيح. وهو رواية عن احمد والمشهور تخصيص ذلك بالسن وهو ضعيف قوله واما الظفر فمدى الحبشة. اي انهم هم الذين يذبحون باظفارهم وقد نهى عن مشابهة الكفار. وفي في الحديث ذم العجلة. ومدح التأني مع الحزم كما قيل. قد يدرك وقد يكون مع المستعجل الزلل باب الاضاحي. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله باب الاضاحي. الذبح قسمان. عبادة وعادة فذبح العبادة ثلاثة اشياء. الهدايا وهي ما يهدى للحرم ويدخل فيه الواجب. كهدي المتعة والقران. والمستحب هو هو الهدي المطلق. الثاني العقيقة. وهو الذبح شكرا لنعمة الله بوجود الولد. وهو مستحب متأكد في حق الاب. ويختلف باختلاف الولد. فيعق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاه الثالث الاضحية. وهي ما يذبح بسبب وجود يوم النحر ووقتها اي الاضحية. من صلاة العيد يوم النحر الى يومين او ثلاثة ايام من بعده على خلاف بين العلماء. فلا تصح قبل وقتك كما تقدم. وقد اتفق العلماء على مشروعيتها وتأكدها واختلفوا في وجوبها. والصحيح انها سنة مؤكدة وقد ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة. ومن تأكدها ان ان الله تعالى قرنها مع الصلاة في قوله فصل لربك وانحر وفي قوله الاية الثاني والثمانون والثلاثمائة الحديث الاول عن انس بن مالك رضي الله عنه انه يقال ضحى النبي صلى الله عليه وعلى اله سلم بكبشين املحين اقرنين. ذبحهما بيده. وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما. رواه البخاري ومسلم. الاملح الاغبر وهو الذي فيه سواد وبياض. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. ومما ورد في السنة من فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قوله في حديث انس ضحى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكبشين املحين اقرنين. اي ذكرين. لان طالب اطلاق الكبش على الذكر. وفسر المؤلف الاملح بانه الاغبر الذي فيه بياض وسواد. والاقرن الذي له قرون. وقوله وذبحهما بيده وسمى وكبر التسمية شرط مع الذكر كما تقدم والتكبير سنة. وقوله ووضع رجله على صفاحهما اي على رؤوسهما. لانه اريح للحيوان. واسرع لزهوق روحه وفي هذا الحديث فوائد منها مشروعية الاضحية وهي عبادة مالية بدنية. ولهذا قالوا وذبحه ها افضل من الصدقة بثمنها لهذا المعنى. ولان الصدقة عبادة مالية ولان مجرد سفك الدم عبادة مفردة. واذا عرفها هذا المعنى زال الاشكال في مسألة الهدايا في منى. فان بعضا ناسي بحث فيها فقال ان كثيرا مما يذبح في منى يلقى في الحفر ولا ينتفع به احد من الناس لكثرة الذبائح. فهم يأكلون يقولون شيئا كثيرا ويبقى كثير. فهل يوجد شيء يكفي عن الهدي ويجزئ عن ويكون انفع فبحثوا فلم يجدوا شيئا ولن يجدوا. لان سفك الدم في ذلك اليوم عبادة مقصودة. سواء اكل ذلك او بقي بعضه. ويسن ان يأكل ثلثا. ويهدي على اصدقائه والاغنياء من جيرانه ونحوهم ثلثا. ويتصدق بثلث على الفقراء ومن فوائد هذا الحديث استحباب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في صفة الاضحية. فيتخير السمين الاملح الاقرن. ومنها انه يستحب ان يذبح اضحية بيده اذا كان يحسن. ولو تولى سلخها وتقطيع لحمها غيره وان كان لا يحسن فلو ذبحها عذب الحيوان فينبغي ان من يحسن ذلك. ومنها انه يستحب التكبير عند الذبح ويكفي في تعيين الاضحية نيته. وان نطق بها فحسن. وتتعين مع صدق فلا يعدل عنها الى غيرها. ومع النية المجردة يجوز ابداعها وصفة النطق ان يقول اللهم هذا منك ولك اللهم هذا عني ان كانت له وحده او عن ابي او امي ويذكر من هي يا له! ومنها استحباب وضع الرجل على صفحة الحيوان. لانه واريح له واسرع لخروج الدم. فلو تركه بحاله لربما تسددت افواهه العروق وعسر خروج روحه باحتقان الدم في العروق ولا تصح الاضحية والعقيقة وهدي التمتع والقران الا من بهيمة الانعام وهي الابل والبقر والغنم. واما هدي التطوع فيصح من كل شيء حتى الحبوب والثمار. لان المقصود منه نفع فقراء الحرم. وي ام ذلك اهله والطارئين عليه. فهذه انواع الذبح المشروع الهدي والعقيقة والاضحية. واما الفداء وهو ما وجب بفعل محظور او ترك واجب والنذر ونحوهما فهي كفارات عارضة وذكر المؤلف هذا الباب بعد باب الاطعمة. لانها من جملة الاطعمة وهذا على اصطلاح المتقدمين. اي الذين قبل الموفق واما المتأخرون اي الذين بعد الموفق فانهم تبعوا اصطلاحه في المقنع وذكروا الاضاحي في ابواب العبادات. لانها من جملة العبادات فكلهم يقصدون المناسبة مهما امكنت. وهذه عادتهم رحمهم الله