ما الذي يفعله هذا الثالث؟ يقدم تنازلات ذريعة مقابل مكتسبات موهومة. يبيع عائلته نسيئة البضاعة الى مشتر كذاب دون ان يقبض الثمن. يقبل المساومة فيما لا يساوم عليه ويبيع الهدف سلفا من اجل السلام عليكم ورحمة الله. اخوتي الكرام ذكرنا في الحلقة الثامنة قصة الرجال الثلاثة الذين عادوا الى بيوتهم فرأوها تحترق. وقلنا ان كثيرا من العاملين للاسلام يفعلون كما فعل الرجل الثالث. ما الذي فعله الثالث؟ الثالث كان اولاده في الايام الماضية يضيعون اوقاتهم في اللعب وجيرانه يكرهونه لانه لم يكن يسمح لهم باقامة حفلات رقص وغناء وشرب في بيته. والان العصابة التي تصب الوقود على النار وتطالبه بان يعيرهم زوجته ليلة واحدة مقابل الكف عن صب الوقود على النار. فصاحبنا هذا قبل ان يدخل البيت نادى اولاده وقال يا اولادي اسمحوا لي ان اساعدكم واعدكم بالسماح لكم باللهو واللعب كما تشاؤون. يا جيراني تعالوا ساعدوني في اطفاء الحريق وساعطيكم نسخة من مفتاح البيت تفعلون فيه ما تشاؤون. ايتها العصابة المنقذة للنار توقفي وسادرس موضوع اعارة زوجتي لكم ليلة واحدة طولي اليه. فالعصابة لن تكف عن اضرام النار. ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا. والجيران لن طالحوه ولن يساعدوه حتى يرتع في حمأتهم والا فقولهم اخرجوهم من قريتكم انهم اناس يتطهرون واولاده لن يروه مخلصا ان ارضاهم بسخط الله فمن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس فمكتسبات صاحبنا هذا كلها موظومة. مكتسباته موهومة لكنه قدم ثمنا باهظا مقابل هذا اللا شيء حين قبل المساومة على زوجته وحرمة بيته واخلاق اولاده. هل لا زال هناك داع لتفكيك رمزية القصة؟ الزوجة ترمز للشريعة والاولاد للشعب وجيران السوء هم العلمانيون والمنافقون واعداء الشريعة من بني جلدتنا الذين يصدون عن سبيل الله يبونها عوجا. صاحبنا زعم في البداية انه يريد انقاذ زوجته وبيته واولاده. رأى الهدف مستحيلا بالمقاييس المادية فتنازل عن الهدف في سبيل الهدف باع زوجته واولاده ليحصل بزعمه ما ينقذ به زوجته واولاده. وليحصل السلم دفع فعل هدفه ثمنا للسلم حتى اذا ما صعد السلم لم يجد الا فراغا لانه باع ما صعد من اجله. ماذا استفاد صاحبنا ان له بالفعل بدخول البيت وتهدئة الحريق اذا كان المقابل ان يسلم الزوجة للاعداء والابناء للاهواء وحرمة البيت لمن ينتهكها وكذلك ماذا يستفيد الاسلاميون ان وصلوا الى الحكم بعد ان كان الثمن التخلي عن الشريعة واشراك العلمانيين في الحكم والنزول الرغبات الفاسدة لشريحة من الشعب. ماذا يستفيدون من الوصول حينئذ الا كما قيل نجحت العملية؟ ومات المريض نجحت العملية ومات المريض. عندما نقول اسلاميون او اصحاب المشروع الاسلامي فما الذي يميزهم؟ ما بضاعتهم؟ ما هدفهم؟ قال تعالى الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة واتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر. كل معروف وكل منكر وما هذا الا اقامة الدين اقامة الشريعة. قال تعالى وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم. اذا هذا هو المطلوب الاستخلاف وتمكين الدين فما الفائدة ان سومنا على هذا الهدف الذي من اجله نريد الحكم وبعناه من اجل الوصول الى الحكم؟ هل يقبل ان نبيع الهدف من اجل الوسيلة. اتريد مثالا اخر؟ تصور انك علمت بدار ايتام. مدراؤها لئام. لا يكسون هؤلاء الايتام بل يتركونهم اشفقت عليهم فذهبت ومعك كيس من الملابس لتكسوهم وانت تنشد اناشيد المجد في نصرة المظلوم ونجدة الايتام. على باب الدار على باب دار الايتام قيل لك ممنوع ادخال الاكياس. ساومت وحاورت فاصر المدراء اللئام. قلت لا بأس ادخلوا واكسوهم من ملابسي فرضيت وتركت الكيس على الباب دخلت وظننت ان الايتام بالانتظار فاذا بباب اخر يقول لك حارسه ممنوع الدخول لمن يرتدي معطفا فخلعت المعطف وتنازلت عنه. فسمح لك بدخول الباب. فاذا بباب اخر واخر واخر. ووصل بك الامر ان ليس هناك الا ما تستر به عورتك المغلظة ان كان هذا اصلا موجودا. فقلت في نفسك لا زال هناك ما يمكن ان اقدمه للايتام فلعلهم يرونني استر عورتي فتتوق انفسهم الى الستر فيسعون معي الى الثورة على هذه الادارة الجائرة اللئيمة. اصبح هذا هو سقف الطموحات للذي كان ينشد على باب الدار اناشيد المجد. فهل يا ترى لو علم من اول باب اجمل ما سيتنازل عنه وحجم ما سيكسبه لقبل الصفقة ام انه خالف قول الله تعالى اذ قال ولا تتبعوا خطوات الشيطان الشيطان الذي يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا. اخواني المكتوب مقروء من عنوانه اعداء الشريعة عراة عن طاعة الله والعبودية له. فيغيظهم ان يروا مستورا ولن يدخل في سدة حكمهم من خلالهم الا الا من اتبع ملتهم واصبح عاريا مثلهم يقف حارسا على الباب معهم ليمنع دخول المستورين. فما الفائدة ان وصل الاسلاميون الى الحكم وتركوا على الباب الشريعة التي من اجلها ارادوا الحكم. فايها العاملون للاسلام حددوا هدفكم اتريدون الدولة اتريدون الدولة لاجل الدولة؟ ام تريدونها لاقامة الشريعة وتحقيق العبودية لله ان كنتم تريدونها لاقامة الشريعة فاياكم ان تتنازلوا عن الهدف من اجل الوسيلة. اعلم ان كلامي هذا سيثير كثيرا من الاعتراضات فهناك كمن سيقول نحن بدخولنا في العملية السياسية لم ندعي اننا نريد اقامة الشريعة بل نريد تحسين الوضع ما استطعنا. وقائل سيقول لماذا اعتبرت المكتسبات موهومة وليست حقيقية؟ وقائل سيقول لماذا تقول اننا تنازلنا عن الشريعة؟ نحن لم نتنازل عنها؟ الاجابة عنها هذا كله ستأتي بالتفصيل في الحلقات القادمة باذن الله. لكن حتى ذلك الحين اتمنى من العاملين للاسلام الذين دخلوا العمل السياسي البرلماني وممن يؤيدون مسلكهم هذا ان يجيبوا في انفسهم عن الاسئلة الستة التالية السؤال الاول ما هدفكم تحديدا من الدخول في هذه العملية؟ السؤال الثاني ما هي التنازلات التي قدمتموها في البداية او بلغة البعض المفاسد التي قبلتم بها. السؤال الثالث ما هي مكتسبات او المصالح التي من اجلها رضيتم بهذه المفاسد. السؤال الرابع هل لا زالت التي رجوتموها في البداية قائمة؟ ام انها بدأت تتساقط؟ والطموحات تضيق؟ السؤال الخامس ان كان الجواب عن السؤال السابق ان المكتسبات المرجوة تدنت. فهل عدلتم في التنازلات بما يتناسب مع حجم المكتسبات الجديدة السؤال السادس هل تعتبرون انفسكم كاسلاميين في العمل السياسي حاليا في العمل السياسي البرلماني؟ هل انفسكم ممكنين ام مستضعفين؟ هذه اسئلة اتمنى من كل عامل للاسلام انخرطت العمل البرلماني والانتخابي وممن يؤيد دخوله فيها ان يجيب عنها. لنتعاون معا في الحلقات القادمة على معرفة الى اين يسير العمل الاسلامي الحالي ان لا زال محافظا على البوصلة ام انه ضيعها؟ خلاصة الحلقة الوصول الى الحكم ينبغي ان يكون وسيلة بطريقة شرعية الهدف منها تطبيق الشريعة واقامة الدين. فمن الخطورة ان نتنازل عن الهدف من اجل الوسيلة من الخطورة ان نتنازل عن الهدف من اجل الوسيلة والسلام عليكم ورحمة الله