المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ثلاثة عشر من شرحه على الاصفهانية. ستة وثلاثون ومئة. وقد علم بالعقل ان المثلين يجوز على احدهما ما يجوز على الاخر ويجب له وما يجب له ويمتنع عليه ما يمتنع عليه. فلو كان المخلوق مماثلا للخالق للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع يجب وجوده وقدمه. والمخلوق يستحيل وجوب وجوده وقدمه. بل يجب حدوثه وامكانه. سبعة وثلاثون ومئة. الله سمى نفسه بالرحمن الرحيم ووصف نفسه بالرحمة والمحبة وليست رحمته ومحبته كرحمة المخلوق ومحبته. ومعلوم ان صفاتنا بالنسبة الينا كصفات الله بالنسبة اليه. فكما لا مثل لذاته لا مثل لصفاته. ثمانية وثلاثون ومئة. وجوب تصديق كل مسلم بما اخبر الله به ورسوله من صفاته ليس موقوفا على ان يقوم دليل عقلي على تلك الصفة بعينها فانه مما يعلم بالاضطرار من دين الاسلام ان الرسول اذا اخبرنا بشيء من صفات الله وجب علينا التصديق بها. واذا لم نعلم ثبوته بعقولنا ولم يقر بما جاء به الرسول حتى يعلمه بعقله فقد اشبه الذين قال الله عنهم لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله. ومن سلك هذا السبيل فهو في الحقيقة ليس مؤمنا بالرسول ولا متلقيا عنه الاخبار بشأن الربوبية ولا فرق عنده بين ان يخبر الرسول بشيء من ذلك او لم يخبر به فانما اخبر به اذا لم يعلمه بعقله لا يصدق به بل يتأوله او يفوضه. وما لم يخبر به ان علمه بعقله امن به. والا فلا فرق عند من سلب كهذا السبيل بين وجود الرسول واخباره وبين عدم الرسول وعدم اخباره. وكان ما يذكره من القرآن والحديث والاجماع في هذا الباب عديم اثري عنده وقد صرح به ائمة هذا الطريق تسعة وثلاثون ومئة. من عرف حقائق اقوال الناس وطرقهم التي دعتهم الى تلك الاقوال حصل له العلم والرحمة فعلم الحق ورحم الخلق. فكان من الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وهذه خاصة اهل السنة المتبعين للرسول صلى الله عليه وسلم فانهم يتبعون الحق ويرحمون من خالفهم باجتهاده حيث عذره الله ورسوله واهل البدع يبتدعون بدعة باطلة ويكفرون بمن خالفهم فيها. اربعون ومئة. الفاضل اذا تأمل غاية ما يذكره المتكلمون الفلاسفة من الطرق العقلية وجد الصواب منها يعود الى بعض ما ذكر في القرآن من الطرق العقلية وفي طرق القرآن من تمام البيان والتحقيق عظيمة لا يقاربها بيان ولا تحقيق. واحد واربعون ومئة. الصفة اذا قامت بمحل عاد حكمها الى ذلك المحل. فكان هو الموصوفة بها ولا يعود الى غيره واشتق لذلك المحل من تلك الصفة اسم اذا كانت تلك الصفة مما يشتق لمحلها منها اسم ولا فيشتق الاسم لمحل لم يقم به تلك الصفة. اثنان واربعون ومئة. التمييز بين الصادق والكاذب له طرق كثيرة فيما هو دون النبوة فكيف بدعوى النبوة ومعلوم ان من ادعى النبوة اما ان يكون من اكمل الناس وافضلهم واما ان يكون من انقص الناس وارذلهم ثلاثة واربعون ومئة والكذاب يظهر في نفس ما يأمر به وما يخبر عنه وما يفعله ما يبين به كذبه من وجوه كثيرة الصادق يظهر في نفس ما يأمر به وما يخبر عنه ويفعله ما يظهر به من صدقه من وجوه كثيرة. اربعة واربعون ومئة. فمن عرف الرسول وصدقه ووفاءه ومطابقة قوله لعمله علم علما يقينيا انه ليس بشاعر ولا كاهن ولا كاذب. خمسة واربعون ومئة. والنبوة مشتملة على علوم واعمال. لابد ان يتصف الرسول بها. وهي اشرف العلوم واشرف الاعمال. فكيف يشتبه الصادق فيها كذب والعالم لا يخلو من اثار النبوة والرسالة ومحمد صلى الله عليه وسلم قد جمع الله فيه اكمل الصفات وافضلها التي يوصف بها انبياء في نفسه واخلاقه وفي دينه وشريعته وما جاء به. وفي اياته وبراهينه المتنوعة التي هي اكثر واقوى واوضح من البراهين اليقينية الدالة على صدقه وصحة ما جاء به. ستة واربعون ومئة. ومن تأمل ما جاء به علم ان هذا لا يصدر الا عن اعلم الخلق واصدقهم وابرهم وان مثل هذا يمتنع صدوره عن كاذب متعمد للكذب مفتري على الله بالكذب الصريح او مخطئ جاهل ضال يظن ان الله ارسله ولم يرسله. لان فيما اخبر به وما امر به من الاحكام والاتقان وكشف الحقائق وهدي الخلائق وبيان ما يعلمه العقل جملة ويعجز عن معرفته تفصيلا ما يبين انه من العلم والخبرة والمعرفة في الغاية التي باين فيها اعلم تلقي واكملهم سبعة واربعون ومئة. وفيه من الرحمة والمصلحة والهدى والخير ودلالة الحق على ما ينفعهم ومنع ما يضرهم. ما يبين وان ذلك صدر عن راحم بار يقصد غاية الخير والمنفعة للخلق. ومن تم علمه وتم حسن قصده امتنع ان يكون كاذبا على الله يدعي هذه الدعوة العظيمة وكذلك الانبياء صلوات الله عليهم. ثمانية واربعون ومئة. اذا استقرأ الانسان ما علمه مما يجده في نوع الانسان من ان كل من عظم ظلمه للخلق وضرره لهم كانت عاقبته عاقبة سوء واتبع اللعنة والذم ومن عظم نفعه الخلق واحسانه اليهم ومن عظم نفعه للخلق واحسانه اليهم كانت عاقبته عاقبة خير. استدل بما علم على ما لم اعلم تسعة واربعون ومئة كذلك سنته في الانبياء الصادقين واتباعهم من المؤمنين. وفي الكذابين والمكذبين بالحق ان هؤلاء انصرهم ويبقي لهم لسان صدق في الاخرين. واولئك ينتقم منهم ويجعل عليهم اللعنة خمسون ومئة. اذا علم ان محمدا رسول الله وان الله مصدقه في قوله اني رسول الله اليكم. فالرسول هو المخبر عن المرسل بما امره ان اخبر به علم بذلك انه صادق فيما يخبر به عن الله. واحد وخمسون ومئة فتكذيبه في الامور المعينة كتكذيبه في اصل الرسالة والطرق التي بها يعلم صدقه في المطلق يعلم بها صدقه في المعين والله اعلم