المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله السابع والاربعون والمئة الحديث الثالث عن عائشة رضي الله عنها انها قالت خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالناس فاطال القيام ثم ركع فاطال الركوع ثم قام فاطال القيام وهو دون القيام الاول ثم ركع فاطال الركوع وهو دون الركوع الاول ثم سجد فاطال السجود ثم فعل في الركعة الاخرى مثلما فعل في الركعة الاولى ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله لا يخسفان لموت احد ولا لحياته فاذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ثم قال يا امة محمد والله ما من احد اغير من الله ان يزني عبده او تزني امته يا امة محمد والله لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وفي لفظ فاستكمل اربع ركعات واربع سجدات رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث عائشة رضي الله عنها خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الى اخره هذا الحديث اجمع ما ورد في صلاة الكسوف وفيه مشروعية تطويلها بحسب الكسوف ان كان كليا فتطول جدا وان كان جزئيا فبحسبه وفيه انها تشتمل على اربع ركعات واربع سجدات وما ورد على غير هذه الصفة فغلط من الرواة كما تقدم من قول الامام احمد والبخاري وكثير من الحفاظ وفيه انه خطب وهل هي خطبة لازمة لصلاة الكسوف كخطبتي الجمعة والعيد فتستحب او عارضة كسائر الخطب فلا تستحب الا لعارض على قولين فمذهب الشافعي انها تستحب لها مطلقا ومذهب احمد انها لا تستحب لان سبب خطبته انه كان في الجاهلية اذا وقع الكسوف قالوا انه لحادث في الارض اما موت عظيم او ولادة عظيم ومن المصادفات العجيبة ان الكسوف وقع يوم موت ابراهيم ابن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالوا ان الكسوف وقع لموت ابراهيم على عادتهم وما تقرر عندهم فلهذا احتاج ان يبين لهم ان الكسوف لا يكون لموت احد ولا لحياته فكانت خطبته عارضة فلا تستحب بعد ذلك لان المسلمين علموا ذلك فكل من بلغته هذه الاحاديث امن بها وصدق واعتقد ما اشتملت عليه والصحيح التفصيل وانها تستحب للحاجة واما مع عدم الحاجة فلا تستحب ففي زماننا هذا تستحب لان الحاجة داعية الى ذلك فان الناس في هذا الزمان بسبب كثرة النتائج وتداولها بين الناس لا يكون معهم خوف اذا وقع الكسوف لانه يقع وقد وطنوا انفسهم عليه وهذا غلط منهم فانه وان كان يدرك بالحساب كما تقدم فان الله يخوف به عباده فلا ينبغي افشاؤه واعلانه لانه بذلك يأمن الناس ولا يحدث معهم خوف ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعلم الناس ومع ذلك فزع وخوف الناس وحذرهم وليس من شرط الخطبة ان يرقى على منبر ويخطب وانما الخطبة تذكير الناس ووعظهم وتحذيرهم ولو بكلام عامي ليس بعربي بل ربما كان ابلغ فكل من يحسن ان يتكلم على الناس ويعظهم يستحب له ذلك واما من لا يحسن فلو فعل ذلك قال على الله بلا علم او كذلك ربما سخر به الناس فلا يستحب له ذلك والمقام مقام خوف ورهبة ولهذا لم تكن خطبته في هذا كغيره فيها تخويف ورجاء بل كانت تخويفا محضا وكان من عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم في جميع خطبه البداءة بحمد الله والثناء عليه ثم امر بالتكبير والصلاة والدعاء في الصلاة وخارجها والصلاة مشتملة على انواع التكبير كلها القولية والفعلية وامر بالصدقة لانها كما تقدم احسان فهي تدفع بلاء الدنيا والاخرة ثم قال يا امة محمد والله ما من احد اغير من الله ان يزني عبده او تزني امته ففي هذا بيان ان سبب ففي هذا بيان ان سبب العقوبات في الدنيا والاخرة هي الذنوب فبين غيرة الله تعالى اذا انتهكت محارمه التي من اعظمها الزنا فانه غالبا لا يمهل صاحبه والله تعالى غيور وليست الغيرة منافية للحلم بل من كمال الحلم الغيرة وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين ذلك كما قال تعالى اعلموا ان الله شديد العقاب وان الله غفور الرحيم ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اغير الخلق ولهذا ورد انه لما قال سعد بن معاذ والله لو اجد مع اهلي احدا لجللته بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا تعجبون من غيرة سعد والله لانا اغير منه والله اغير مني او كما قال ثم بين انه اعلم الخلق فلو يعلمون ما يعلم لضحكوا قليلا ولبكوا كثيرا وفي هذا بيان انه لا يضر القسم على الفتيا ونحو ذلك اذا كان على بر بل ربما استحب اذا كان لمصلحة ولهذا قال بعضهم ورد انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم اقسم في بضعة وثمانين موضعا ووقع بين ابي بكر ابن ابي داود ابوه ابو داوود صاحب السنن وبين انسان خصومة فتحاكما فتوجهت اليمين على ابي بكر فلما تهيأ لليمين قال له الحاكم اتحلف اي مع علو قدرك وورعك وعلمك وجلالتك فقال ابو بكر كيف لا احلف وقد امر الله نبيه ان يقسم على البعث في ثلاثة مواضع من القرآن ثم عدها وهي قوله تعالى ويستنبئونك احق هو قل اي وربي وقوله زعم الذين كفروا لن يبعثوا قل بلا وربي لتبعثون وقوله تعالى وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم الاية وفي لفظ فاستكمل اربع ركعات واربع سجدات وهذا اصح ما ورد كما تقدم