بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذلك ان لم يكن ربك مهلك القرى بظلم واهلها غافلون ذلك الاعذار بارسال الرسل الى الانس والجن لئلا يعاقب احد على ما جناه وهو لم يرسل اليه رسول ولم تبلغه دعوة فلم نعذب امة من الامم الا بعد ارسال الرسل اليهم ولذلك الذي يقوم بواجب الدعوة وواجب التبليغ ويبث رسالات الله تعالى يصبح حجة لله على الناس وهنا حينما قال ابن المبارك لا اعلم بعد النبوة درجة افضل من بث العلم لامة محمد صلى الله عليه وسلم ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون ولكل منهم درجات بحسب اعمالهم فلا يستوي كثير الشر وقليله ولا التابع والمتبوع كما لا يستوي ثواب الذين يعملون الصالحات وليس ربك بغافل عما كانوا يعملونه بل هو مطلع عليه لا يخفى عليه منه شيء وسيجازيهم على اعمالهم. اخي الكريم تأمل هذه الاية ولكل درجات مما عملوا. بعد الاية السابقة ذلك ان لم يكن ربك مهلك القرى بظلم واهلها غافلون فبعض الناس يكون دعوته عالمية وتبقى مؤلفاته نافعة للناس وينشر الدين والعلم ويفسر القرآن ويفسر الحديث ويبين الفقه للناس وينوي بهذا ان لا تنقطع حسناته بعد وفاته وينوي بهذا ان يكون قوله وصوته حجة على الناس وان يجعل طلبه قلما باقيا الى يوم الدين انظر الى موطأ الامام مالك. كم شخص سمعه المالك وانظر بعدها كم من الملايين او المليارات انتفعوا وهذه الاية ولكل درجات مما عملوا بسبب العمل الخالص وبسبب الدعوة الى الله تعالى فجدوا باعلى الاعمال واحسن الاعمال. فربكم كريم واسع لا يخفى عليه شيء ثم قال تعالى وربك الغني ذو الرحمة ان يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما انشأكم من ذرية قوم اخرين وربك ايها الرسول هو الغني عن عبادك فلا يحتاج اليهم ولا الى عبادتهم ولا يضره كفرهم ومع غناه عنهم فهو ذو رحمة بهم ان يشأ اهلاكهم ايها ايها العباد العصاة يستأصلكم بعذاب من عنده ويوجد بعد اهلاجكم من يشاء ممن يؤمنون به ويطيعونه كما خلقكم انتم من نسل قوم اخرين كانوا قبلكم فربنا هو الغني لا يحتاج الى طاعة المطيع. ولا تضره معصية العاصي ولكن انما هي اعمالنا يحصيها الله تعالى لنا ثم قال تعالى انما توعدون لآت وما انتم بمعجز انما توعدون به ايها الكفار من البعث والنشور والحساب والعقاب لات لا محالة ولن تفوتوا ربكم بالهرب فهو اخذ بنواصيكم ومعذبكم بعذابه اذا ربنا جل جلاله هو القادر على كل شيء لا يخفى عليه شيء ابدا وان ما وعد الله تعالى به العباد من القيامة والبعث والجزاء والحساب ات لا محالة قل يا قومي اعملوا على مكانتكم اني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار. انه لا يفلح الظالمون قل ايها الرسول يا قوم اثبتوا على طريقتكم وما انتم عليه من الكفر والضلال فقد اعذرتك واقمت الحجة عليكم البلاغ المبين فلست مباليا بكفركم وضلالكم بل ساثبت على ما انا عليه من الحق. فستعلمون من يكون له النصر في الدنيا ومن يرث الارض ومن له الدار الاخرة انه لا يفوز المشركون لا في الدنيا ولا في الاخرة بل عاقبتهم الخسران وان تمتعوا بما تمتعوا به في الدنيا. باعتبار ان الدنيا قصيرة وان الاخرة طويلة. وهنا قال انه لا يفلح الظالمون وفي اول صفحة من سورة البقرة اولئك هم المفلحون. فالفلاح والنجاة والفوز بالمطلوب والنجاة من المرغوب حينما يشق الانسان لنفسه طريقا فيه نجاته وفيه سعادته ثم قال تعالى وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا. فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل الى الله وما كان لله فهو يصل الى شركائهم ساء ما يحكم وابتدع المشركون بالله ان جعلوا لله مما خلق من الزروع والانعام قسما فزعموا انه لله وهذا من افترائهم وكذبهم على الله وعلى دينه وقسما اخر لاوثانهم وانصابهم فما خصصوه لشركائهم لا يصل الى المصارف التي شرع الله الصرف فيها. كالفقراء والمساكين وما خصصوه لله فهو يصل الى شركائه من الاوثان يصرف في مصالحها الا ساء حكمهم وقسمتهم وهذا فيه تحذير على كل من استأمن مالا فليحذر ان يؤخره وليحذر ان يضعه في غير محله ثم قال تعالى وكذلك زين لكثير من المشركين قتل اولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون وكما حسن الشيطان للمشركين هذا الحكم الجائر حسن لكثير من المشركين شركاؤهم من الشياطين ان يقتلوا اولادهم خشية الفقر ليهلكوهم بالوقوع في قتل النفس التي حرم الله قتلها الا بحق وليخلطوا عليهم دينهم اذا من مقاصد الشيطان ان يخلط على الناس دينهم فلا يعرفون ما هو مشروع وما هو غير مشروع اذا الانسان حينما يتفقه في الدين ويفقه الاخرين فهو يضاد مشروع الشيطان ولو شاء الله ان لا يفعلوا ذلك ما فعلوه ولكنه شاء ذلك لحكمة بالغة. اذا ربنا جل جلاله مشيئته مقرونة بحكمته تترك ايها الرسول هؤلاء المشركين وافترائهم. الكذب على الله فان ذلك لا يضرك وسلم امرهم لله فالرسول والذين يحملون رسالة الرسول واجبهم الدعوة والتبليغ وليس واجبهم النتائج من فوائد الايات تفاوت مراتب الخلق في اعمال المعاصي والطاعات يوجب تفاوت مراتبهم في درجات العقاب والثواب اتباع الشيطان موجب لانحراف الفطرة حتى تصل الاستحسان القبيح مثل قتل الاولاد ومساواة اصنامهم بالله هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته