المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الخمسون والمئة الحديث الثاني عن انس بن مالك رضي الله عنه ان رجلا دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائما فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادعوا الله تعالى يغيثنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يديه ثم قال اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم اغثنا قال انس فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم امطرت قال فلا والله ما رأينا الشمس سبتا قال ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادعوا الله يمسكها عنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الاكام والظراب وبطون الاودية ومنابت الشجر قال فاقلعت وخرجنا نمشي في الشمس قال شريك فسألت انس بن مالك اهو الرجل الاول قال لا ادري رواه البخاري ومسلم الظراب الجبال الصغار قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث انس ان رجلا دخل المسجد من باب كان نحو دار القضاء وهذا الباب عن يسار القبلة شرقي المسجد ودار القضاء هذه بيعت في قضاء دين عمر فسميت دار القضاء وقوله فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائما وهذا من حرصه وعظم مطلوبه والحاجة العظيمة الى ذلك وقوله هلكت الاموال وانقطعت السبل اي بسبب فقد المطر فتهلك البهائم والزروع ونحوها وتنقطع السبل بسبب هلاك البهائم لان المطر مادة الارزاق وقوله فادعوا الله يغيثنا هذا هو الاستسقاء بالرسول وهو التوسل الجائز واما الدعاء بجاهه او دعاؤه فهو حرام وقد قال عمر لما خرج يستسقي اللهم انا كنا نستسقي بنبينا فتسقينا وانا نستسقي اليك بعم نبينا فاسقنا قم يا عباس فادعوا الله ان يسقينا ولو كان دعاء الرسول او التوسل به جائزا لما استسقوا بالعباس قال شيخ الاسلام والتوسل الى الله ثلاثة انواع توسل بالرسول وهو الاتيان اليه ليدعو لهم وهذا خاص في حال حياته وهذا توسل جائز لا بأس به الثاني توسل الى الله بامتثال اوامره واوامر رسوله وهذا مشروع في كل زمان والثالث التوسل الى الله بجاه احد من المخلوقين وهذا لا يجوز سواء كان حيا او ميتا انتهى بمعناه وقوله فرفع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يديه ثم قال الى اخره اي انه بادر لاجابة طلبه لما علم من عظم حاجته ولان هذا محل اجابة وقوله فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة السحاب الغيم المتراكم والقزع قطع الغيم اي انه مفقود سبب المطر وهو الغيم فكأنه قيل لعلهم في المسجد لا يرون الغيم الا اذا ارتفع فلهذا قال وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار يحتمل انه ليس بينهم وبينه بيوت او ان بينهم بيوتا لكنها ليست رفيعة فلا تمنعوا من رؤية سلع لان غالب بيوتهم على طبقة ونادر من بيوتهم الذي فيه طبقة تسمى غرفة قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس وسلع غربي المدينة ومن ورائه ينشأ السحاب لان المدينة كغيرها من جزيرة العرب ينشأ السحاب عليها من المغرب وقوله مثل الترس وهو ما يتترس به في الحرب اي انها صغيرة فلما توسطت السماء بارك الله فيها وانتشرت وامطرت اي بالحال واستمرت على ذلك اسبوعا وقوله فما رأينا الشمس سبتا اي اسبوعا لان الاسبوع يسمى سبتا ويسمى جمعة وقوله ثم دخل رجل من ذلك الباب الى اخره كلامه في هذا ككلامه بالاول لكن قوله هلكت الاموال وانقطعت السبل في هذا الموضع اي من كثرة المطر والغيم قال فادعوا الله ان يمسكها عنا فبادر اجابة لطلبه لما رأى من الحاجة الى ذلك وان هذا موضع اجابة فرفع يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا اي بالقرب منا ليحصل النفع ويندفع الضرر اللهم على الاكام جمع اكمة وهي الظهور ونحوها والظراب وهي الجبال الصغيرة وبطون الاودية ومنابت الشجر اي في المحلات التي هي مظنة الانبات لا غيرها كالسباخ ونحوها من الاراضي التي لا تنبتك الصخور قال فاقلعت في الحال وخرجنا نمشي في الشمس قال شريك اي ابن عبدالله الراوي عن انس فسألت انسا اهو الرجل الاول قال لا ادري ولا فائدة بمعرفته ففي هذا الحديث فوائد عديدة منها انه كما يستحب الاستسقاء في الصلاة وعلى الانفراد فيستحب في خطبة الجمعة ومواضع الاجابة ومنها ان سبب الاستسقاء الحاجة والجذب بفقد المطر ومثل نقص ماء الانهار في البلدان التي مادة حياة الارزاق فيها على الانهار وكذلك غور المياه في الابار ونحوها ومنها ان الكلام والامام يخطب يجوز للامام ومن يكلمه بل ربما شرع واما غير ذلك فلا يجوز كما تقدم الا لضرورة ومنها الاية العظيمة والمعجزة الباهرة لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اجابة دعائه بالحال في الموضعين مع ان الاسباب معدومة في الموضعين وكل ما ورد ان الرسول دعا فاستجيب دعاؤه فهو اية دالة على نبوته وصدق ما جاء به ومنها استحباب رفع اليدين وقت الدعاء واما دعاء الخطبة في غير هذا فلا يشرع رفع اليدين فيه واما في الاستسقاء فيستحب حتى انه ورد انه بالغ في رفعهما حتى كانت ظهورهما الى نحو السماء من شدة رفعهما وقال بعضهم انه رفعهما مقلوبتين وان ظهورهما نحو السماء والصحيح الاول وليعلم الانسان الحكمة في رفع اليدين ويستحضر ذلك وقت رفعها اي انه مظهر ذله وعجزه وافتقاره الى الله تعالى وانه محتاج اليه في كل لحظة من لحظاته ومنها انه كما يستحب الاستسقاء اذا احتيج اليه فيستحب الاستصحاء اذا كثر المطر وخيف ضرره لكن لا يصلى له لانه لم يرد الا ان يقال يصلى له اذا كثر لانه من جملة الايات فليس ببعيد ومنها استحباب الدعاء بهذا الدعاء ومنها ان الاستسقاء بالرسول هو ان يأتوه فيدعو لهم وذلك في حياته خاصة واما دعاؤه او الدعاء بجاهه فحرام