المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ان السيئات ذلك ذكران الذاكرين. يأمر تعالى باقامة الصلاة كاملة. طرفي النهار اي اوله واخره ويدخل في هذا صلاة الفجر وصلاتا الظهر والعصر وزلفا من الليل ويدخل في ذلك صلاة المغرب والعشاء ويتناول ذلك قيام الليل فانها مما تزلف العبد وتقربه الى الله تعالى. ان الحسنات يذهبن السيئات. اي فهذه الصلوات الخمس. وما الحق بها من التطوعات من الحسنات وهي مع انها حسنات تقرب الى الله وتوجب الثواب. فانها تذهب السيئات وتمحوها. والمراد بذلك الصغائر كما قيدتها الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله الصلوات الخمس والجمعة الى الجمعة ورمضان الى رمضان مكفرات بينهن ما اجتنبت الكبائر. بل كما قيدتها الاية التي في سورة النساء. وهي قوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما. ذلك لعل الاشارة لكل ما تقدم من لزوم الاستقامة على الصراط المستقيم. وعدم مجاوزته وتعديه عدم الركون الى الذين ظلموا والامر باقامة الصلاة. وبيان ان الحسنات يذهبن السيئات. الجميع ذكرى للذاكرين. يفهمون بها ما امرهم الله به ونهاهم. ويمتثلون لتلك الاوامر الحسنة المثمرة للخيرات. الدافعة للشرور والسيئات. ولكن تلك الامور تحتاج الى مجاهدة النفس والصبر عليها ولهذا قال واصبر اي احبس نفسك على طاعة الله وعن معصيته والزامها لذلك واستمر ولا تضجر. فان الله لا يضيع اجر المحسنين فليتقبل الله عنهم احسن الذي عملوا ويجزيهم اجرهم باحسن ما كانوا يعملون. وفي هذا ترغيب عظيم للزوم الصبر وتشويق النفس الضعيفة الى ثوابتها كلما ونت وفترت فلولا كان من القرون من قبلكم اولو بقية ينهون عن الفساد في الارض الا قليلا ممن واتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه وكانوا مجرمين. لما ذكر تعالى اهلاك الامم مكذبتي للرسل وان اكثرهم منحرفون حتى اهل الكتب الالهية وذلك كله يقضي على الاديان بالذهاب والاطمحلال. ذكر انه لولا انه قال في القرون الماضية بقايا من اهل الخير يدعون الى الهدى. وينهون عن الفساد والردى. فحصل من نفعهم ما بقيت به الاديان. ولكنهم قليلون جدا غاية الامر انهم نجوا باتباعهم المرسلين. وقيامهم بما قاموا به من دينهم. وبكون حجة الله اجراها على ايديهم. ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة. ولكن اتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه. اي اتبعوا ما هم فيه من النعيم والترف. ولم يبغوا به بدلا كانوا مجرمين اي ظالمين باتباعهم ما اترفوا فيه. فلذلك حق عليهم العقاب واستأصلهم العذاب. وفي هذا حث لهذه الامة ان يكون فيهم بقايا مصلحون لما افسد الناس. قائمون بدين الله يدعون من ضل الى الهدى ويصبرون منهم على الاذى. ويبصرونهم من العمى وهذه الحالة اعلى حالة يرغب فيها الراغبون. وصاحبها يكون اماما في الدين. اذا جعل عمله خالصا لرب العالمين ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون. اي وما كان الله ليهلك اهل القرى بظلم منه لهم الحال انهم مصلحون. اي مقيمون على الصلاح. مستمرون عليه. فما كان الله ليهلكهم الا اذا ظلموا وقامت عليهم حجة الله. ويحتمل ان المعنى وما كان ربك ليهلك القرى بظلمهم السابق اذا رجعوا واصلحوا عملهم فان الله يعفو عنهم ويمحو ما تقدم من ظلمهم يا ربك لجعل الناس امة واحدة. ولا يزالون مختلفين الا رحم ربك ولذلك خلقهم. يخبر تعالى انه لو شاء لجعل الناس كلهم امة واحدة على الدين الاسلامي. فان مشيئته غير قادرة ولا يمتنع عليه شيء. ولكنه اقتضت حكمته ان لا يزالون مختلفين مخالفين للصراط المستقيم. متبعين للسبل الموصلة الى النار كل يرى الحق في مقاله والضلالة في قول غيره الا من رحم ربك فهداهم الى العلم بالحق والعمل به والاتفاق عليه. فهؤلاء سبقت لهم سابقة السعادة وتداركتهم العناية الربانية والتوفيق الالهي واما من عاداهم فهم مخذولون موكولون الى انفسهم. وقوله ولذلك خلقهم اي اقتضت حكمته انه خلقهم ليكونوا كان منهم السعداء والاشقياء والمتفقون والمختلفون. والفريق الذي هدى الله والفريق الذي حقت عليهم الضلالة. ليتبين للعباد عدله وحكمته وليظهر ما كمل في الطباع البشرية من الخير والشر. وليقوم سوق الجهاد والعبادات التي لا تتم ولا تستقيم الا بالامتحان والابتلاء ولانه تمت كلمة ربك لاملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين. فلابد ان ييسر للنار اهلا. يعملون باعمالها الموصلة اليها جاءك في هذه الحق وموعظة لما ذكر في هذه السورة من اخبار الانبياء ما ذكر ذكر الحكمة في ذكر ذلك فقال وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك. اي قلبك ليطمئن ويثبت ويصبر كما صبر اولو العزم من الرسل فان النفوس تأنس بالاقتداء وتنشط على الاعمال. وتريد المنافسة لغيرها. ويتأيد الحق بذكر شواهده وكثرة من قام به. وجاءك في هذه السورة الحق اليقين. فلا شك فيه بوجه من الوجوه. فالعلم بذلك من العلم بالحق الذي هو اكبر فضائل النفوس وموعظة وذكرى للمؤمنين اي يتعظون به فيرتدعون عن الامور المكروهة ويتذكرون الامور المحبوبة لله فيفعلون يسألونها واما من ليس من اهل الايمان فلا تنفعهم المواعظ وانواع التذكير. ولهذا قال على مكانتكم انا عاملون. فقل للذين لا يؤمنون بعدما قامت عليهم الايات اعملوا على مكانتكم اي حالتكم التي انتم عليها انا عاملون على ما كنا عليه وانتظروا ما يحل بنا. انا منتظرون ما يحل بكم. وقد فصل الله بين الفريقين وارى عباده نصره لعباده المؤمنين معه لاعداء الله المكذبين وتوكل عليه. وما ربك بغافل عما تعملون. ولله اله غيب السماوات والارض اي ما غاب فيهما من الخفايا والامور الغيبية. واليه يرجع الامر كله من الاعمال والعمال. فيميز الخبيث من الطيب فاعبده وتوكل عليه. اي قم بعبادته. وهي جميع ما امر الله به مما تقدر عليه. وتوكل على الله في ذلك. وما ربك بغافل عما اتعملون من الخير والشر؟ بل قد احاط علمه بذلك وجرى به قلمه. وسيجري عليه حكمه وجزاؤه