المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الثالث والخمسون والمئة الحديث الثالث عن جابر بن عبدالله الانصاري رضي الله عنهما انه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلاة الخوف فصففنا صفين خلف رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والعدو بيننا وبين القبلة وكبر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكبرنا جميعا ثم ركع وركعنا جميعا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم ثم ركع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وركعنا جميعا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعا ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرا في الركعة الاولى وقام الصف المؤخر في نحر العدو فلما قضى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم سلم النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وسلمنا جميعا قال جابر كما يصنع حرسكم هؤلاء بامرائكم رواه البخاري ومسلم ذكره مسلم بتمامه وذكر البخاري طرفا منه وانه صلى صلاة الخوف مع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الغزوة السابعة غزوة ذات الرقاع قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث جابر شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم صلاة الخوف فصففنا صفين خلف رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والعدو بيننا وبين القبلة الى اخره هذا وجه من اوجه صلاة الخوف ويشترط لفعله ثلاثة شروط احدها ان يكون العدو بينهم وبين القبلة واشتراطه مأخوذ من نص الحديث الثاني انهم يرون العدو ويؤخذ من فعلهم وانهم في الحالة التي يرون العدو فيها يفعلون افعال الصلاة جميعا فلما كانوا في حالة السجود لا يرون العدو سجد بعضهم وقام الاخرون في نحر العدو الثالث ان يؤمن الكنين فان لم يؤمن كمين من المشركين يأتيهم من خلفهم لم يصلوها على هذا الوجه ويؤخذ من معنى صلاة الخوف ومشروعيتها فاذا لم يؤمن الكمين لم تتم الفائدة بصلاة الخوف على هذا الوجه ولعله يؤخذ من مفهوم الحديث من قوله والعدو بيننا وبين القبلة فمفهومه انه ليس احد من العدو في غير جهة القبلة وقد تقدم ان الامام احمد اختار حديث سهل الا اذا وجد مرجح لغيره كما في هذه الحالة فانه يختار هذا الوجه وقوله وقام الصف المؤخر في نحر العدو اي انه استمر في القيام يحرص ولا شك ان فعلهم في هذا وغيره من اوجه صلاة الخوف بايعاز من الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم لانهم لم يعتادوا هذا ولم يعلموا به الا بعد ما علمهم وفيه العدل التام منه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولم يفضل احدا على غيره بل سوى بينهم وهكذا يجب على كل من له ولاية سواء كبيرة او صغيرة فيجب عليه العدل فيمن ولي عليهم لان بالعدل تتم مصالح الدنيا والاخرة وهو الذي قامت به السماوات والارض وبه يحصل الرضا من كل احد وبه يحصل التأليف والمحبة واجتماع الكلمة ولا صلاح للرعية الا بالعدل ولهذا وجب على الاب ان يعدل بين اولاده كما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم اتقوا الله واعدلوا بين اولادكم ولا يفضل بعضهم على بعض ولو كان المفضل ابر من المفضل عليه ورسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اعدل الناس حتى انه يعدل بين اصحابه مع انه يثق منهم وعدم العدل سبب للعداوة والشقاق والتفرق قوله فلما قضى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم السجود والصف الذي يليه الى اخره ايقضوا السجدتين وفي الحديث دليل على مشروعية الحركة في مثل هذه الحال وقد تقدم ان الحركة في الصلاة اربعة اقسام قسم يبطل الصلاة وهي الحركة الكثيرة المتوالية لغير ضرورة وقسم يكره فيها وهي الحركة اليسيرة لغير حاجة وقسم لا بأس به وهي الحركة اليسيرة للحاجة وقسم مشروع وهي الحركة لمصلحة الصلاة كما لو رأى قدامه في الصف فرجة فيستحب له التقدم اليها ليدرك فضيلة التقدم وقد تجب لامر عارض كما في هذا لان طاعة الامام واجبة وكما لو كانت الحركة لانقاذ معصوم ثم شبه جابر فعلهم بقوله كما يفعل حرسكم هؤلاء بامرائكم وقوله في رواية البخاري انه صلى صلاة الخوف مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في الغزوة السابعة غزوة ذات الرقاء وقد تقدم حديث سهل انه في غزوة ذات الرقاع فهما في غزوة واحدة لكن الصلاة ليست واحدة فان كل حديث في وقت وسميت الغزوة ذات الرقاع اما لانهم خرجوا في ضعف وقلة ظهر وانهم لفوا على ارجلهم الخرق فسميت ذات الرقاع واما ان الموضع الذي وقعت فيه يسمى بذلك الاسم وتلك الغزوة قبل نجد وموضعها الظاهر انه قرب الموضع المسمى اليوم بالزعفرانة يبعد عن المدينة نحوا من اربع مراحل