جائع الا من اطعمته فاستطعموني اطعمكم وهذا ايضا مر ذكره ثم قال جل وعلا يا عبادي كلكم عار الا من كسوته فاستكسوني عكسكم في هذه الجملة من هذا الحديث القدسي سبحانه وتعالى جعل للعبد قدرة على ان يكسو نفسه قال كلكم عار اذا يولد الانسان عاريا كساه الله عز وجل وستر سوأته وهو عار عن الحر والبرد جعل الله له عقلا صلى الله وسلم وبارك على نبينا وبعد وعلى آله وصحبه اجمعين فقد كنا بدأنا في شرح احاديث الاربعين الايمانية ووقفنا عند الحديث العظيم الذي عنونا له عظيم غنى الله عز وجل وحاجة العبد الى ربه وهو حديث ابي ذر الغفاري وكان هذا الحديث العظيم اذا حدث به بعض العلماء والتابعين كانوا يشتون على ركبهم وهو حديث قدسي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ظال الا من هديته فاستهدوني اهدكم وقد سبق شرح معنى هاتين الجملتين وقوله جل وعلا يا عبادي كلكم وهو كلام الله عز وجل فيه عظيم رحمة الله تبارك وتعالى مع عظيم غناه جل في علاه حيث ينادي عباده وقد سبق وان اشرنا وقلنا ان المقصود بالعباد هنا العباد على سبيل العموم سواء كان مسلما او غير مسلم والعبودية كما مر معنا نوعان احدهما عبودية الربوبية وعبودية القهر وهذه لا محيص عنها ولا مهرب منها فكل المخلوقات متعبدة لله عز وجل كما قال عز وجل ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا اي مذللا منقادة والنوع الثاني عبودية الطاعة وهي التي عليها الثواب والعقاب وهي عبودية التوحيد عبودية العبادة والامتثال الله جل وعلا في هذا الحديث ينادي عباده على سبيل العموم يقول يا عبادي ويظيفهم الى نفسه لان ربوبيته سبحانه وتعالى ظاهرة سواء من حيث الايجاد او من حيث الرزق او من حيث الانعام او من حيث كونه سبحانه وتعالى انعم علينا بالشرائع العظيمة التي منها تحريمه الظلم على نفسه وجعله الظلم محرما على العباد ومنها ارساله جل وعلا الرسل وانزاله الكتب بداية للخلق وابعادا لهم عن الضلال ومنها الامور الكونية التي منها اطعامه جل وعلا ومنها ايضا اكساؤه سبحانه وتعالى يقول يا عبادي كلكم عار وهذه القضية مسلمة لا اظن ان احدا من العقلاء يجادل فيها فكل مخلوق يولد عاريا ليس عليه شيء من الثياب فهيأ الله عز وجل له والدين يهيئان له الثياب الانسان يكون عاريا لولا رحمة الله به سواء من جهة انه يمكن ان يكون مكشوفا غير مستور في عورته الظاهرة او مكشوفا غير مستور في عوراته الباطنة التي يخفيها عن الناس فلو تأمل العبد لعلم يقينا انه لولا كسوة الله بخلقه وايجاده لهذه اللباس وهذه الرياش كما قال عز وجل مبينا نعمته علينا والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع للناس وبين سبحانه وتعالى ان منها رياشا وبين سبحانه وتعالى ان من جلود الانعام نأخذ منها ما نكسوا به عرينا ومن جلود الانعام ايضا نصنع البيوت ونكسوا انفسنا من المطر ومن البرد ومن الحر اذا يا عبادي كلكم عار عريا بدنيا عريا حاليا فلو تأمل العبد كيف ان الله سبحانه وتعالى اعطى الانسان عقلا استطاع ان يصنع لباسا وان يصنع اكنانا وان يصنع بيوتا وان يصنع خياما فيستتر بها عما يضره في بدنه ويستر بدنه عما يكشف عورته وسوءته بينما المخلوقات الاخرى الحية المشاهدة من الحيوانات والبهائم والطيور والاسماك وغيرها لم تهتدي الى هذا النوع من اللباس ذلك لان الله عز وجل بامره الكوني اعطى للانسان عقلا وجعل له يكن من الحر والبرد وهو عار بسوءاته الباطنة لولا ستر الله عز وجل له لولا ان الله سبحانه وتعالى يستره فهذه ثلاثة انواع من العري لا يمكن الفكاك عنها فما يستطيع عبد ان يقول انا لا احتاج اللباس ولا انسان يستطيع ان يقول لا احتاج الرياش ولا انسان يستطيع ان يقول لا احتاج الى ستر الله عز وجل عليه ولذلك قال كلكم عار الا من كسوته ولهذا نحن نرى نرى انسانا قد فضحه الله تعالى بعد ان كان مستورا في معايبه الباطنة كما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني وابو يعلى وغيره بسند حسن قال يا معشر من امن بلسانه ولم يدخل الايمان الى قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين فمن تتبع عورة امرئ مسلم كشف الله عورته ولو في قعر داره ولهذا ايها الاخوة نحن نرى ان فلان فظحه الله عز وجل سارق يسرق ويزعم انه اول مرة يسرق والله اكرم من ان يفضحه من اول مرة وفلان زنا فكشف والله اكرم من ان يكشفه من اول مرة لكن هذا كله من بيان ان الله قال الا من كسوته. فالمستور من ستره الله عز وجل وهكذا في اللباس وهكذا في البيوت فنحن نرى الاف مؤلفة من البشر لا رياش لهم لا بيوت لهم لا اكنان لهم يفترشون الارض ويتلحفون السماء بمشارق الارض ومغاربها بل الامر اشد من ذلك ويتبين لنا جليا معنى هذه العبارة يا عبادي كلكم عار الا من كسوته انك ترى اناسا اناسا لا يجدون ما يشترون به الا سوأتيهم فقط لا يجدون ما يتسترون به في اكتافهم ورؤوسهم وافخاذهم وارجلهم هذا يؤكد عموم هذا الحديث يا عبادي كلكم عار الا من كسوته ومن جهة اخرى وهذي هذا ايظا امر مهم من جهة اخرى ننظر الى عظيم عطاء الله عز وجل وعظمته وغناه وكرمه انه سبحانه وتعالى ابعد عنا الموانع التي التي لو كانت موجودة لما استطعنا ان نلبس اللباس فنحن نرى اناسا مرظى ممنوعين من اللباس فربما يضطر احدهم الى ان يلبس الحرير ومع ذلك لا ينفع ونرى اناسا مرظى في المستشفيات ليس عليهم الا اللحاف ويمنعون من اللباس وهذا كله يؤكد معنى الا من كسوته لا تظن ولو لحظة من اللحظات انك بحولك وقوتك لبست هذا اللباس لا تظن لانك وان جلبته فازالة الموانع من الله وليس منك لا تظن انك بحولك وقوتك جعلت لنفسك كنا وبيتا وسقفا وخيمة وعشا ذلك من فضل الله عليك فالانسان العاقل حينما يتأمل يجد انه مهما كان هو مفتقر الى الله افتقارا لا يمكنه الفكاك ولو لحظة واحدة لا يمكن للانسان ان يستغني عن الطعام ولا عن الشراب ولا عن اللباس ولهذا جاء ذكر هذه المعاني يا عبادي كلكم عار الا من كسوته اذا كان اذا كانت هذه المسألة قظية مسلمة عندنا فالواجب علينا ان نسأل الله ثلاثة اشياء ونحمد الله على الرابع نسأل الله تعالى نسأل الله ان يكسينا بستره الجميل وهو الستير سبحانه وتعالى في الدنيا وفي تحت الارض ويوم العرظ ونسأله جل وعلا ان يديم علينا الستر في ابداننا وفي سوءاتنا وانت ترى انسان مستور وفجأة يصاب بمرض يضطر ان يكشف زوأته عند الطبيب ولا لا اذا لابد ان يسأل العبد ربه ان يديم الله عز وجل عليه هذه النعمة العظيمة هذه النعمة العظيمة كذلك يسأل العبد ربه ان من فضله حتى يعطيه بيتا ومسكنا وقنا وعشا وخيمة يستظل تحتها فان كانت هذه الثلاثة موجودة فعليك بالرابع وهو ادامة الشكر حتى تبقى هذه العورات الثلاثة مستورة ويبعد الله عز وجل عنك زوال النعمة ويبعد الله عز وجل عنك العوائق والموانع فتدوم هذه نعم وعليك لذلك قال فاستكسوني السين والتاء للطلب اي فاطلبوا مني الكسوة فاطلبوا مني الكسوة فاستكسوني اطلبوا مني الكسوة لذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم من عظيم تعلقهم بالله عز وجل من عظيم توحيدهم كان احدهم اذا شغله شيء كان احدهم اذا تعطل عنده شيء ولو كان شعث شأس النعل يسأل الله ان يصلحه قبل ان يذهب الى الاسكافي او غيره لانه يعلم ان العباد كلهم ليس لهم حول ولا قوة الا بامر الله عز وجل فاستكسوني كيف لا يستكسي العبد لا يطلب الكسوة ممن من الكريم من ارحم الراحمين من اكرم الاكرمين سبحانه وتعالى الذي خزائنه ملأى يعطي من يشاء ويمنع من يشاء وهو العزيز العليم وهو العزيز الحكيم سبحانه وتعالى فاستكسوني اكسكم اي البسكم ثم قال في هذا القدسي العظيم في هذا النداء الرباني وهو النداء الخامس قال يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار وانا اغفر الذنوب انكم تخطئون الليل والنهار وانا اغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم وهذه قاعدة مطردة انكم وان هنا للتحقيق والتأكيد بمعنى يقينا انتم والكاف كاف الخطاب والميم ميم الجمع اي ما منكم من احد الا وهو يخطئ. لا يقولن انا طالب علم وانا شيخ لا يقولن انا عابد وانا زاهد وانا امام ما ليس على وجه الارض انسان الا ويخطئ والمعصوم من عصمه الله كالرسل صلوات الله وسلامه عليه لذلك قال يا عبادي انكم ان اي يقينا اخاطبكم جميعا هذا معنى هذه الكلمة ان كا مين يقينا اخاطب جميعكم تخطئون بالليل والنهار والخطأ اما ان يكون اما ان يكون عن عمد واما ان يكون عن خطأ عن نسيان او جهل او غفلة او او الى اخره والخطأ اذا كان عن عمد فلابد معه من التوبة وجوبا واذا كان عن نسيان او غفلة او جهل فان العبد يستغفر منه ايضا لعله يبلغ مرتبة الكمال تخطئون بالليل والنهار وهذه القاعدة جاءت في احاديث اخرى مثل قوله صلى الله عليه وسلم كل ابن ادم خطاء هذه كلية كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون وجاء في الحديث انه صلى الله عليه وسلم قال لو لم تذنبوا لاتى الله باقوام يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم. اذا الذنب نقول الذنب واقع من العبد وليس وليس المطلوب منا ان نكون معصومين. ولكن المطلوب منا ان نطلب من الله العصمة وفرق بين الامرين الله يريد منا ان نطلب منه العصمة وان نطلب منه السلامة وان نطلب منه المغفرة وان نطلب منه الكمال طواهب الكمال يهب الكمال لمن يشاء سبحانه وتعالى لذلك قال يا يا عبادي انكم تخطئون بالليل والنهار اي في حق الله عز وجل تخطئون بالليل والنهار تقصيرا تخطئون بالليل والنهار تركا للواجبات او فعلا للمحرمات والليل والنهار ظرفان استغرق آآ الليل والنهار الظرف كله فلا يوجد ساعة الا ونجد فيها مخطئا ولا نجد ساعة الا ونجد فيها تائبا فيا فوزه من اذا اخطأ تاب من اذا اذنب استغفر ولذلك الرب جل وعلا يطلب منا في هذا الحديث لعلمه بضعفنا وعجزنا يطلب منا ان نعلم اولا انه غفار الذنوب. فقال وانا اغفر الذنوب جميعا فالله سبحانه العزيز الغفار وهو الرحيم الرحمن وهو جل وعلا غافر الذنب وهو سبحانه يغفر للمشرك لو تاب عرظ التوبة على فرعون اعتى العتات واظلموا الظالمين عرظ التوبة على اناس قتلوا المؤمنين بالاحراق في النار فقال عز وجل والسماء ذات البروج يوم الموعود وشاهد ومشهود قتل اصحاب الاخدود النار ذات الوقود. اذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون المؤمنين الشهود ليش يفعلون هذا الفعل الشنيع بالمؤمنين؟ وما نقموا منهم الا يؤمنوا بالله العزيز الحميد ثم قال ان الذين كفروا ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا مع هذا يعرض لهم التوبة لكرمه جل وعلا لرحمته سبحانه لاهماله العباد وانتم ترون اليوم كم اهمال الله للعباد؟ كم حلمه على العباد؟ كم رحمته على العباد انسان يتعاظم في قلبه رحمة الله اذا نظر الى امهاله سبحانه وتعالى للكافرين والظالمين والطغاة الجبابرة والواجب ان لا يغتر العبد بحلم الله وانما الواجب ان يستغل العبد رحمة الله وكرمه وجوده بالمبادرة لهذا قال قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة ايش المطلوب اذا لا تقنطوا من رحمة الله ليش؟ ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم مثل ما قال هنا وانا اغفر الذنوب جميعا لا يعظم عليه شيء مهما كان ذنبك لا يعظم عليه شيء ولهذا انتم ترون ان ابانا ادم اكل من الشجر فلما تاب تاب الله عليه وان نوحا عليه السلام سأل ربه ما لا ينبغي فاناب الى الله فتجاوز الله عنه ويونس عليه السلام ابق الى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون اذن باب التوبة مفتوح ولهذا المسألة المقررة وانا اغفر الذنوب جميعا. ما المطلوب اذا؟ انيبوا الى ربكم. ارجع الى الله واسري مولاه استسلم ولذلك هنا قال فاستغفروني اغفر لكم اغفر لكم فاستغفروني اغفر لكم فاستغفروني الفاء هذه تسمى الفاء والتعقيب. ومعناه ان ما بعده مرتب على ما قبله ما الذي قبله؟ الذي قبله؟ ان العبد يعلم من نفسه الذنب ان العبد يعلم من نفسه التقصير وان العبد يعلم في جانب الاعتقاد كمال الله كمال مغفرته كمال رحمته كمال غناه كمال عظمته لا يتعاظم عليه شيء يغفر كل شيء اذا تاب العبد اليه اذا ما المطلوب؟ فاستغفروني اغفر لكم اي اطلبوا المغفرة مني ولهذا يجب على المسلم ان يعلم ليس من يطلب من الله كمن يعرض عن الله لا تظنوا ان الذي يقول يا رب اغفر لي كمن لا يطلب المغفرة لا تظنوا ان الذي يطلب الغنى كمن لا يطلب لا يستويان عند الله ابدا لان العبد كلما كان لحوحا سؤولا كثير الطلب من الله كلما ارتفعت درجات عبوديته عند الله. بغض النظر الطاء لم يعطه لكنه بسؤاله بطلبه بالحاحه ترتفع درجاته عند الله عز وجل ولهذا قال فاستغفروني اغفر لكم ايطلب المغفرة مني اغفر جواب الطلب جواب الامر فاستغفروني طيب اذا استغفرنا اغفر لكم وهذا وعد الله والله لا يخلف الميعاد. ولهذا يأتي ابليس اللعين الى اذهان بعض انصاف المتعلمين او الزهاد او العباد او الجهلة وقد اذنب ذنبا فيسول له ان الله لا يغفر له اين يذهب من مثل هذا الحديث فاستغفروني اغفر لكم وعد الله ولهذا هو سبحانه قال حميم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابر التوبة فقال غافر الذنب عرظا للتوبة وقال غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب. لماذا؟ جمع بين هذه الامور الثلاث الاربعة غافر الذنب من جهة قابل التوب معه ثم شديد العقاب ذي الطول جمع بين هذه الامور امران في جهة كرم الله ورحمته وعطائه وجوده وغناه وامران في جانب عظمة الله وجبروته وقهره سبحانه وتعالى قال وعزته حتى يجمع بين بين الترغيب والترهيب فلا يغلب العبد جانب الرحمة على جانب على جانب العزة والانتقام ولا ييأس العبد بنظره الى جانب العزة والانتقام عن رحمة الله ومغفرته ثم قال الرب تبارك وتعالى يا عبادي انكم لن تبلغوا ظري فتضروه ولن تبلغوا نفعي فلن فتنفعوا هذه مسألة عظيمة ايها الاخوة ما من مخلوق في الدنيا مهما كان مهما كان مكانته. مهما كانت درجته مهما كان غناه الا وهو مفتقر محتاج الى من يكمله او يكمل له لان الافتقار من شأن ومن اوصاف المخلوقين ولهذا قال عز وجل انتم الفقراء الى الله يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله. لماذا لم يقل يا ايها المخلوقات؟ انتم الفقراء الى الله. قال يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله لان لان المخلوقات المشاهدة التي نحن نراها كلها دون الانسان دون الانسان عقلا ونقلا اما عقلا فانه فان نرى ان ان الانسان يسير المخلوق الحيواني والبهيمي والطير والاسماك الزرع والارض وغير ذلك ولا نرى الانسان مسخرا لشيء من المخلوقات المشاهدة لا نرى هذا الشيء واقعا واما نقلا فالله يقول ولقد كرمنا بني ادم اذا كان اكرم المخلوقات نقلا وعقلا هو مفتقر الى الله فافتقار ما عداها من باب اولى. لذلك جاء الخطاب للناس على وجه الخصوص. يا ايها الناس انتم الى الله والله هو الغني الحليم فافتقار العبد الى الرب عز وجل افتقار ذاتي لا فكاك منه ما يمكن للانسان ان يستغني عن ربه ولو لحظة واحدة. فالافتقار من شأن المحدثات المخلوقات والغنى خاص بوصف الرب تبارك وتعالى. الغنى من اخص خصائص الربوبية الغنى من خصائص الله عز وجل ليس محتاج الى احد ولهذا كل عبد في الدنيا يمكن ان يتضرر من عبد اخر او ينتفع من عبد اخر لانها متساوية في الافتقار فبناء على ذلك هي متساوية في الانتفاع او محتاجة للانتفاع فان كان كونوا ان كان اعلى لكن اذا كان الامر بين الخالق والمخلوق فلا يمكن لمخلوق ان يبلغ مضرة الله عز وجل لان الله سبحانه وتعالى الغني الحميد الغني ليس محتاج لاحد الحميد الموصوف بالكمالات والجمالات فلا يكتمل بشيء مما يفعله عباده ولهذا قال يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري فتضروني ما يمكن لو اجتمع اهل المخلوقات كلها الانس والجن والملائكة وارادوا مضرة الله ما قدروا على ذلك لن تبلغوا ظري فتظروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني فان قال قائل فلماذا اذا امر بالطاعة ونهى عن المعاصي؟ لماذا امر بالتوحيد ونهى عن الشرك امر بالتوحيد والطاعة. ونهى عن الشرك والمعصية اكراما للعبد من جهة ولان ذلك حقه سبحانه وتعالى فهو اوجد المخلوقات ليعبدوه دون ان دون ان يكتمل او دون ان يكون محتاجا الى شيء من عباداتهم فهو سبحانه ذو الالوهية قبل وجود المألوهين هو سبحانه ذو الربوبية قبل وجود المربوبين. هو سبحانه الرزاق قبل وجود المرزوقين. هو سبحانه الخالق قبل وجود المخلوقين لم يكمل بوجودهم شيئا لم يكن متصفا به سبحانه وتعالى اذا هذا دليل على كماله. ولهذا نجد ان الانبياء عليهم الصلاة والسلام مع نبينا الصلاة والسلام يستدل على يستدلون على اقوامهم بضعف المعبودات وعجز المعبودات على انها لا تستحق العباد قال هل ينفعونكم او يضرون هل ينفعونكم او يضرون وقال افتعبدون ما تنحتون يعني انتم تنفعونه ولا تنفعكم كيف تعبدونها اما الله عز وجل فانه سبحانه اذا اراد ان يكشف ضرا من يستطيع ان يمنعه واذا اراد ان يوصل عذابا من يستطيع ان يدفعه ها ارسل على قوم نوح الطوفان ما قدروا على دفعه ارسل على قوم عاد الريح الصرصر مع عظيم مكناتهم ما قدروا على دفعها ارسل على قوم ثمود الصيح ارسل على قوم شعيب عليه السلام الصاعقة وفرعون غرق في الماء من يستطيع ان يدفع تأملوا معي الان لو ان الله امسك الشمس لكي لا تتحرك فالذين عليهم نهارا الان يبقون نهارا ابدا والذين عليهم الليل يبقى يبقون على الليل ابدا قل ارأيت من جعل الله عليكم الليلة سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله يأتيكم بضياء افلا تسمعون ولا رأيت من جعل الله عليكم النهار سرمدا الى يوم القيامة من اله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه؟ افلا تبصرون اذا كان هذا حال العبيد فكيف يقدرون على مضرة الله عز وجل او على منفعة الله عز وجل العباد لا يستطيعون ان يضروا السماء مخلوق من مخلوقات الله لا يستطيعون ان يصلوا الى جبريل فيظروه. مخلوق من مخلوقات الله لو اجتمع من باقطارها وارادوا ضر عبد لم يرد الله اضراره لن يضروه ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس قال واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان يضروك بشيء لم يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك لم؟ لكماله سبحانه وتعالى فلا مانع لما اعطى ولا معطي لما منع ولا معز لمن اذل ولا مذل لمن اعز ولهذا ينبغي الانسان ان يكون لحوحا مسؤولا لربه سبحانه وتعالى ثم قال الرب تبارك وتعالى يا عبادي لو ان اولكم يعني اول المخلوقات ادم عليه السلام واخركم وهو اخر رجل يولد على وجه الارض او يموت على وجه الارض. وهو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم انه عليهم على شرار الخلق تقوم الساعة اولكم واخركم تأملوا معي الان استغرق الوقت الزماني لوجود المخلوقات الانسية على وجه الارض كم عدد هؤلاء اذا كنا نقول اليوم عندنا خمس مليارات من احياء او سبع مليارات وصلت سبع مليارات وشوي على وجه الارض اليوم فقط في القرن الحادي والعشرين فكيف بالقرون الماضية والخالية والبائدة كيف كم عددهم لا يعلمهم الا الله لا يعلمهم الا الله في كتاب لو ان اولكم واخركم لما كان الخطاب للانسان حتى لا يظن ظان انه خطاب خاص بهم جاء التعميم فقال وانسكم وجنكم وهذا تعميم يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم. والاصل انه اذا جاء الخطاب بصيغة الانس يدخل فيه الجن تبعا وظنا واذا جاء ذكر الانس والجن فذاك من باب دلالة الاقتران والسواء في الخطاب او التكليف لو ان ولكم واخركم وانسكم وجنكم والانس هم اولاد ادم عليه السلام والجن هم اولاد ابليس وقد ثبت في الحديث ان ابليس هو ابو الجن والجن اصناف فمنهم الشياطين ومنهم المردة ومنهم الجان والجان انواع كما جاء في الحديث عند الطبراني وغيره اقوام يطيرون واقوام يقيمون ويظعنون كما تقيمون وتظعنون واقوام يكونون على صور البهايم من الحيات والعقارب وغيرها الله جل وعلا يخلق ما يشاء سبحانه يقول اولكم واخركم شمل الظرف الزماني للسماوات والارض ثم قال وانسكم وجنكم فشمل المخلوقات المكلفة الثقلين على وجه الارض قال وانسكم وجنكم ثم قال كانوا على اتقى قلب رجل واحد منكم واتقى قلب رجل واحد باتفاق العلماء من المسلمين انه محمد صلى الله عليه وسلم لو كان الانس والجن من الاولين والاخرين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم. والله العزيز الغالب قادر على ان يخلقهم كذلك كما خلق الملائكة على قلب التقوى كذلك لو كانوا على اتقى قلب رجل واحد منا وهو محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله جل في علاه ما زاد ذلك في ملكي شيئا ما زاد ذلك في ملكي شيئا فيا ويحا من ينظر الى الكمال البشري في النبي صلى الله عليه وسلم فيعطيه شيئا من صفات الربوبية والرب عز وجل يقول لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على قلبه في التقى ما زاد ذلك في ملكي شيئا ما زاد ذلك في ملكي شيئا شيئا نكرة جاء في سياق النفي ما ما زاد ذلك في ملكي شيئا اي ولو صغيرا اي ولو حقيرا اي ولو يسيرا لا يزيد ملك الله عز وجل بتقوى المتقين كما لا ينقص ملك الله عز وجل بتقوى المتقين اعطاهم ولهذا قال في النداء الذي بعده يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل واحد وهو ابليس او فرعون لو كان الناس كلهم على قلب افجر الرجل لو فرضنا انه فرعون يقول ما نقص ذلك من ملكي شيئا لان فجور الفجار على انفسهم وتقى المتقين لانفسهم فاذا ليست التقوى بمزيدة لملك الله ولا الفجور بمنقص من ملك الله عز وجل ثم قال تبارك وتعالى في هذا الحديث يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد وهذا القيام مثاله كقيامهم في ارض القيامة والصعيد هو التراب واحد يعني مستوي قاموا في صعيد واحد لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني كل واحد منهم يطلب شيء في دار الجزاء في دار العطاء في دار العرظ الان الله تبارك وتعالى يعرض كما سبق في النداءات يا عبادي كلكم ضال الا من هديت فاستهدوني. يا عبادي كلكم جائر لمن اطعمت فاستطعموني. يا عبادي كلكم عار الا من فاستكسوني يقول لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على صعيد واحد فسألوني فاعطيت كل واحد مسألته او فاعطيت كل انسان مسألته الانسي والجن ما نقص ذلك من ملكي ما نقص ذلك مما عندي الا كما ينقص المخيط اذا ادخل البحر اذا اخذت الابرة المخيط اسم للابرة مخيط اسمه الة التي يخيط بها الخياط لو اخذت المخيط الابرة الجهة التي يدخلون فيها الخيط ادخلته الى البحر ثم رفعته ففي هذه الحفرة التي يدخلون فيها الخيط كم نسبة من الماء يتعلق بالنسبة الى البحر لا يذكر نعم بل لا يرى بالعين المجردة. بالنسبة للبحر لا يرى الا اذا كبر تحت المجهر مئة مرة فربما نعرف كم قدره ثم بعد ذلك ها لا نستطيع ان نحسبه الى نسبة البحر لان حساباتنا واصفارنا التي نضعها يميننا وشمالا تعجز عن ذلك وهذا يعني ان حسابات المخلوقين عاجزة عن حسبة ملك رب العالمين لان المخلوقات فانية والله عز وجل بخلقه وايجاده وافعاله ازلي ابدي لا يفنى سبحانه وتعالى فيخلق كل يوم هو في شأن فكيف يفنى ما عنده سبحانه وتعالى ولهذا قال في هذا الحديث قال فاعطيت كل انسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي الا كما ينقص المخيط اذا ادخل البحر يعني بمعنى ان عطاه لا ينقصه شيء ولهذا جاء في الحديث الاخر ارأيت مذ خلق السماوات والارض كم انفقا؟ لم ينقص ذلك من ملكه شيء ومن هنا تعلم قبح اليهود عليهم من الله ما يستحقون الذين قالوا ان يد الله مغلولة لماذا؟ لانه سبحانه منع بعضهم المال فرأوا انفسهم فقراء فظنوا ان ذلك من بخل الله ولم ينظروا الى ما اعطاهم الله من النعم التي ان عدوها لا يحصونها وان احصوها لا يستطيعون ان يشتروها باثمان الارض كلها العقل فقط من يستطيع ان يشتري العقل من من يستطيع ان يشتري نعمة السمع؟ من نعمة البصر نعمة القوة لا يمكن ثم قال جل في علاه في نهاية هذا الحديث القدسي العظيم يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم وهنا يجب على الانسان ان يدرك انه سبحانه بدأ الحديث بخبره اني حرمت الظلم على نفسه واكد في نهاية الحديث المعنى الاول فقال يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم لانه لا يظلم لا ظلم اليوم وما ربك بظلام للعبيد. ان الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها. ويؤتي من لدنه سبحانه وتعالى لمن يشاء الله جل في علاه يقول يا عبادي انما هي اعمالكم احصيها لكم واعمالنا محصية معدودة ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد. هذا القول طيب والاعمال قال عز وجل آآ في آآ اية الانفطار قال ان المحافظين ان عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون. اذا ما يلفظ مكتوب ان عليكم لحافظين ايش يفعلون؟ ايش يعملون كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون اذا الافعال ايضا كاتبين ما دام قال كاتبين معناه يكتبون اعمالكم. فاذا كانت الالفاظ مكتوبة والاعمال مكتوبة. ما الذي بقي؟ ليس شيء. كله محصي كله في كتاب فيأتي يوم القيامة العبد فيلقى له الكتاب فيقول ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا. انما هي اعمالك اليوم صليت في مسجد ابي عبيدة فتذكرت اول مرة صليت فيه في سنة واحد وثمانين مع والدي رحمه الله فقلت وامامي كان هناك مصحف موظوع وعليه على حمالة ففي نفسي تفكرت كم انسان قرأ هذا المصحف ومات وما الذي يشهد له بعد موته الا اعماله الصالحة ايها الاخوة الانسان يتفكر هل رأينا خالدا هل راينا مخلدا عجبا والله عجبا والله كيف الانسان يخدع نفسه بنفسه يدخل نفسه في القيل والقال يدخل نفسه في الدنيا المغرورة يدخل نفسه في الاشياء المفضولة عن الاشياء الفاضلة يترك الواجبات وينشغل بالمباحات امر عجب والله واعمالنا محصية اعمالنا مكتوبة الله يعلمها والله امر الملائكة بكتابتها ثم بعد ذلك يوم القيامة قال ثم اوفيكم اياها تأملوا معي هذه الاية العظيمة فاذا نفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض من سورة الزمر الا من شاء الله ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون واشرقت الارض بنور ربها ووضع الكتاب الارض هنا ارض القيامة واوضع الكتاب وظع الكتاب وجيء بالنبي. الكتاب كل انسان يحاسب على موافقة الكتاب المنزل اليه يوم ندعو كل اناس بامامهم اي بكتابهم ووظع الكتاب بالنسبة لنا يعني المصحف القرآن وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت ووفيت كل نفس ما عملت وهو اعلم بما يفعل وفي الاية الاخرى ووفيت كل نفس ما كسبت عملت او كسبت هي معصية عليك ثم اوفيكم اياها ولو كما جاء ذاك الاعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله قل لي شيئا لا اسألوا عنه احدا بعدك قال قل امنت بالله ثم استقم هذا هذا هو الامر الذي تكون فيه فائزا وتعلم علم اليقين انك ان عملت ذرة من فكر كاسب او قول فاسد او عمل فاضح الا وتجد ذلك امامك حتى لو كانت معفية حتى لو كانت مستورة حتى لو كانت لو كنت تبت منها لكن ينبغي الانسان يستحي منها ثم اوفيكم اياه فمن وجد خيرا نسأل الله ان نكون منهم. نحن واياكم ومشايخنا واباؤنا وذرياتنا وتلامذتنا. فمن وجد خيرا هنا خيرا نكرة. لكنه جاء في سياق الشرط فدل على التعظيم اي فمن وجد خيرا شيئا عظيما واعظم الخير التوحيد نسأل الله ان يميتنا على التوحيد وان يجعل اخر كلامنا من الدنيا لا اله الا الله. فمن وجد خيرا فليحمد الله لانه بفضل الله لا بحولنا ولا بقوتنا فكم من عاقل اعقل منا في اخر النهار يعبد صنما. كم من عاقل اعقل منا في امور دنياه لكنه في اخر الليل ينام يظن ان لا خالق لهذه الموجودات. وان قلت له ليس لهذا الكوب صانع لقال انت مجنون وهو في نفسه يقول ليس للكائنات صانع. وهذا من اعجب ما يكون فليحمد الله من وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك ان وجدت ذرة من خير فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن وجد غير ذلك ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره لذلك قال ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه. اليوم في الدنيا ترى الامر سهل تشتغل في مكان سويت مخالفة اذا جاء الناس يلومونك تتعذر لزوجتك لمديرك لشريكك لجارك لابنك لصاحبك وما اكثر اعذار الانسان يستطيع ان يأتي بعذر لاسيما وقد تعود الناس اليوم على الاعذار ولم يتعودوا على الاعتراف بالخطأ وهذا امر شديد تربية سيئة اذا اخطأ يقول اخطأت ليس هذا عيبا العيب انك تبرر الخطأ من وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك. ها تيجي تلوم ابوك تجي تلوم صاحبك والله ما ينفع تجي تلوم البيئة ما ينفعونك. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه لهذا قال تعالى بل الانسان على نفسه بصيرا ولو القى معاذيره نسأل الله تبارك وتعالى ان يثبتنا واياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا هذا ما تيسر الشرح على هذا الحديث وصل اللهم وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين. جزاك الله خير يا شيخ