وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من تقليدهم فقال لا تفعلوا كفعل اليهود. فتستحلوا محارم الله بادنى الحيل. او كما قال سطوه في كتب الفقه في باب الجد مع الاخوة. وهذا مذهب زيد بن ثابت وبه اخذ مالك والشافعي. وهو المشهور من مذهب احمد رحمهم الله تعالى ودليلهم على ذلك القياس لا غير. قالوا فان الجد حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها. اي فاكلوها كما تقدم فهم غيروا الحرام مرتين. اولا اذابوه فغيروه من الشحم الى الودع ثم باعوا الودك فاكلوا ثمنه. وهذا جهل منهم او عناد المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الاشربة. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. قوله كتاب الاشربة لما ذكر الاطعمة واستكمل انواعها اتبعها بذكر الاشربة وتقدم ان بعضهم يفرد الاشربة. وبعضهم يذكرها مع الاطعمة لانها انها والاصل في الاشربة الحل كالاطعمة. ولو كانت لذيذة جدا والمحرم منها ثلاثة اشياء. احدها النجس فيحرم لنجاسته الثاني الخبيث في حرم لخبثه. الثالث الخمر. وهو الذي يزيل اقلب السكر والنشوة التي تترتب عليه. الثالث والثمانون والثلاثمائة الحديث الاول عن ابن عمر رضي الله عنهما ان عمر قال على منبر رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اما بعد ايها الناس انه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير. والخمر ما خامر العقل. فلا وجدت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. كان عهد اليه فيهن عهدا ننتهي اليه. الجد والكلالة وابواب من ابواب الربا رواه البخاري ومسلم. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر ان عمر قال على منبر رسول بسم الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اي بمحضر جملة من الصحابة فاقروه على ذلك. فكان اجماعا سكوتيا منهم. فانهم لو لم وفيقوه على ما قال لانكروا عليه. وقوله اما بعد ايها الناس انه نزل تحريم الخمر. وهي خمسة. اي ان المستعمل حين نزول التحريم هذه الخمسة. فيعمها التحريم. خلافا للكوفيين حيث قالوا لا يحرم الا نبيذ العسل. ولكنهم محجوجون بادلة كثيرة جدا. ولم يحدث الخلاف في هذه المسألة الا اخيرا وكأن عمر رضي الله عنه الهم ذلك. حيث خطب الناس واخبره هم بذلك مع انهم لم يختلفوا فيها. فانه رضي الله عنه كان محدثا ملهما. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان في الامم قبلكم محدثون. فان كان من امتي محدث. فهو عمر ابن الخطاب او كما قال عليه السلام وقوله من العنب والتمر والعسل فهذه الثلاثة من الحلويات. والحنطة والشعير فهذان من الحبوب ثم لما ظن انه يتوهم بعض الناس ان الخمر لا يكون الا من هذه الخمس قال والخمر ما خامر العقل. اي غطاه. ومن ذلك تسمية الخمار لانه يتغطى به. اي فكلما غطى العقل وحصل فيه سكر ونشوة فهو حرام. قليلا كان او كثيرا. ولهذا ورد ما اسكر قليله وفي رواية الفرق منه. فملئ الكف منه حرام وتقدم في الحدود ان الله تعالى رتب حد الخمر حفظا للعقول. والحد ترتب على شرب المسكر. سواء سكر ام لا. فكيف يرضى العاقل بذهاب عقله الذي هو الفارق بينه وبين البهائم. فاذا سكر الانسان والعياذ بالله اه لم يبالي بما فعل من القتل والزنا. وربما بال على نفسه او قال قتل نفسه وانما رتب الشارع العقوبة على شرب الخمر لان في النفس داعيا الى ذلك. واما شرب الاشياء النجسة غير الخمر فلم يرتب عليها حدا. لان الوازع الطبعي يمنع عن ذلك. وهذه قاعدة في الاشياء المحرمة. فما في النفس وازع الى فعله منها حسن حذر الشارع عنه. ورتب عليه العقوبة. وما في النفس وازع طبعي يحث على تركه. حذر الشارع منه ولم يرتب عليه العقوبة ثم قال رضي الله عنه ثلاث وددت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان عهد الينا فيهن عهدا ننتهي اليه اي ثلاث مسائل خفي حكمها عليه رضي الله عنه. والظاهر انه توفي وهي مشكلة عليه. وتمنى ان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم نص عليها نصا صريحا. وينبغي ان يعلم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قد بين هذه الثلاثة كغيرها من الدين. فلم يمت صلى الله عليه وعلى اله وسلم حتى بين جميع ما يحتاج اليه الناس. من اصول الدين وفروعه. هذا مما لا يرتاب فيه فيه مؤمن ولكن قد يخفى على بعض الامة شيء. ويكون علمه عند كغيره كما خفيت هذه المسائل على عمر. وفي هذا فضل عمر رضي الله الله عنه حيث لم يدع علم ما لم يعلم. وهكذا ينبغي للعالم اذا سئل عما لا يعلم ان يتوقف ويخبر انه لا يعلم ذلك. وهذا من دارت العلم وحسن توفيق العالم. ثم بين هذه الثلاثة فقال الجد اي ميراث الجد مع الاخوة لغير ام. فقد اختلف فيه الصحابة فمن بعده فذهب بعضهم الى التشريك وجعله كاخ منهم. على ما مدلي بالاب والاخوة كذلك. فاستووا في القرب من الميت. وذهب بعضهم الى ان ان الجد كالاب يسقط الاخوة. وهذا مذهب ابي بكر الصديق. وهو مذهب ابي حنيفة ورواية عن احمد اختارها كثير من اصحابه. منهم ابن عقيل وابو حفص وشيخ الاسلام وتلاميذه. ودليلهم الكتاب قياس وتناقض القول الاخر. فان الله تعالى سمى الجد ابا في مواضع كثيرة من القرآن. وجعله كالاب عند فقده في الميراث. وهذا مقتضى والقياس فكما ان ابن لابنك لابن مع عدمه بالاتفاق فكذلك ابو الاب اب ولا فرق بينهما. ولان القول الاخر متناقض من وجوه كثيرة كثيرة كما يظهر ذلك لمن تأمله وتتبع مسائله. ولا يمكن ايضا طرد قياسهم. فانه لو وجد ابو الجد وابن الاخ ورث ابو الجد وسقط ابن الاخ بالاتفاق. مع انهما استويا في القرب من الاب. واذا كان القيادة رسوم منتقدا في بعض المسائل دل على ضعفه. وهذا القول هو الصحيح بلا شك واما الاخوة للام فيحجبهم الجد بالاتفاق. وقوله والكلالة هذه مما اشكل على عمر. ولهذا سأل عنها النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال له تكفيك اية الصيف اي الاية التي نزلت في الصيف وهي اخر اية في سورة النساء. اي تأملها تعلم ما هي الكلالة وقد بانت لابي بكر رضي الله عنه وفسرها واتفق بعد ذلك على تفسيره فقال هي من لا ولد له ولا والد. فقوله تعالى وان كان رجل يورث كلالة او امرأة له اخ او اخت. اي من ام. كما في قراءة بعض الصحابة. يدل الا ان الاخوة للام لا يرثون بوجود الاب او الجد وان علا. ولا بوجود لابن او البنت او ابن لابن او بنت لابن وان نزل. وقوله وابواب من ابواب الربا. اي مسائل من مسائل الربا. ولم يبينها فلهذا تخرصها العلماء بعده. فهذا عمر رضي الله عنه مع علمه العظيم حق انه لم يكن في الامة بعد ابي بكر اعلم منه. ولما قال بعض الصحابة احسب انه ذهب تسعة اعشار العلم. اي ان مع عمر تسعة اعشاره ومع من بعده عشرة. ومع ذلك خفيت عليه فيه هذه المسائل. ولم تزل مشكلة عليه حتى مات رضي الله عنه وهكذا تكون مسائل العلم. فانها تخفى على بعض الامة ويعلمها بعضهم فيخفى على هؤلاء شيء ويعلمه غيرهم. والله اعلم الرابع والثمانون والثلاثمائة. الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم سئل عن البتع فقال كل شراب اسكر فهو حرام. رواه البخاري ومسلم. البتع نبيذ عسل قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سئل عن البتع. وفسره المؤلف بانه نبيذ العسل. وقوله كل شراب اسكر فهو حرام. وفي بعض روايات وكان قد اوتي جوامع الكلم. فهذا جواب عام مع ان سؤال خاص وهذه عادته صلى الله عليه وعلى اله وسلم. اذا سئل قيل عن شيء خاص وكان الحكم يعم المسؤول عنه وغيره اقتداء بالقرآن. فان ان الله تعالى كثيرا ما يذكر الحكم الخاص في مسألة ثم يعم ذلك في كل ما هو في معناها؟ فقوله كل شراب اسكر فهو حرام. يعم ما تقدم من نبيذ التمر والعنب والعسل. والحنطة والشعير وغيرها. وقوله كل شراب ليس المراد تخصيص المشروب. وانما هذا حكاية للحالة المتعارفة عندهم. فلم يوجد عندهم من المسكرات غير المشروبات واما الحشيشة فقيل انها لم تحدث الا في المئة الرابعة من الهجرة وقد اشكلت على بعضهم فلم يجزم بتحريمها. ولكن قال الجمهور هي حرام لانها تسكر فهي خمر. ولان اجزاءها من اجزاء الخمر. وهذا هو الصحيح فكل مسكر خمر وكل خمر حرام. سواء كان مشروبا او مأكولا قليلا او كثيرا. الخامس والثمانون والثلاثمائة. الحديث الثالث عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال بلغ عمر ان فلان لانا باع خمرا. فقال قاتل الله فلانا. الم يعلم ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها. رواه البخاري ومسلم جملوها اذابوها. قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته. وقول في حديث ابن عباس بلغ عمر ان فلانا باع خمرا. الى اخره في هذا تحريم الحيل كما تقدم. فان الله اذا حرم شيئا حرم ثمنه فلا يباح الحرام. ولا التوصل اليه باي طريق كان ثم ذكر ان من فعل مثل هذا فقد شابه اليهود فقال قاتل الله اليهود