المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الجنائز قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته كتاب الجنائز الجنازة اسم للسرير اذا كان عليه ميت واذا لم يكن عليه ميت فانه يقال له سرير وذكروه في هذا الموضع لان اهم ما يفعل بالميت الصلاة والا فله تعلق في الوصايا والفرائض ويذكرون في هذا الكتاب احوال المريض والطب وتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وزيارة القبور واما غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فهي فرض كفاية ان قام به من يكفي سقط عن الباقي والا اثم من علم من الناس بحاله وقدر على ذلك وهكذا فروض الكفاية وعبارة بعضهم في فرض الكفاية ان قام به من يكفي سقط عن الباقين والا اثم الناس كلهم فيه نظر لان الاثم خاص بمن علم وقدر على ذلك وهذا من اكرام الله لعبده المؤمن فانه اولا ينظف بدنه نظافة تامة ثم يطيب ثم يلبس اثوابا جددا لم يعص الله فيها ثم يصلى عليه والحكمة في الصلاة عليه انها شفاعة له لانه احوج ما كان في هذه الحال واعظم اركان الصلاة عليه هو الدعاء للميت فان اركانها التكبيرات الاربع وقراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وافضل انواعها كما في التشهد والدعاء للميت والتسليم وهل يستحب الاستفتاح ام لا قيل لا يستحب لان مبنى صلاة الجنازة على التخفيف ولهذا خالفت غيرها من الصلوات في اشياء كثيرة منها عدم الركوع والسجود وغيرهما ومن التخفيف فيها انه لا يزاد فيها على قراءة الفاتحة وقيل يستحب لانه لم يرد النهي عنه ولانها كغيرها من الصلوات الا فيما ورد خاصا بها ولعل هذا اصح ومن اكرام الله لعبده المؤمن دفنه فانه لو بقي على وجه الارض لاكلته السباع ولتضرر الاحياء برائحته ولتضرر هو بذلك اذا علم انه اذا مات القيك مات القاجي في الحيوانات ولكن الله اكرمه وستره بالدفن ولهذا قال ابن عباس عند قوله تعالى ثم اماته فأقبره اي اكرمه بدفنه وهذا من منة الله تعالى على عباده ولهذا قال تعالى الم نجعل الارض كفاتا احياء وامواتا اي احياء في الدور والقصور. وامواتا في القبور الرابع والخمسون والمئة الحديث الاول عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال مع النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج الى المصلى فصف بهم وكبر اربعا رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي هريرة نعى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه الى اخره ان نعي هو الاخبار بموت الانسان وهو قسمان قسم محرم وقسم جائز فالمحرم ما كان بفعل الجاهلية وذلك انه اذا مات ميتهم صعدوا على رأس كل شاهق في البلد من بيت او جبل ونحوهما وجعلوا ينعونه ويتجاوبون في ذلك ويقولون ننعى فلانا الذي من اوصافه كذا وكذا ففي هذا من المفاسد انه نياحة وتسخط من قضاء الله وقدره وفيه من الكذب شيء عظيم لان اكثرهم ينعى بالاجرة ويعدون من اوصاف الميت ما ليس فيه وفيه تهييج للحزن وعندهم ان الميت الذي لا ينعى ليس بشيء واما النعي الجائز فهو ما فعله الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم وهو الاخبار بموت الانسان لاجل الصلاة عليه ونحو ذلك من المصالح الدينية من دون صعود الى رؤوس الشواهق ومن دون نياحة ونحوها مما تفعله الجاهلية فانه لما مات النجاشي اخبرهم صلى الله عليه وعلى اله وسلم بموته وخرج بهم الى المصلى اي مصلى العيد وقيل مصلى الجنائز فانه كان في ذلك الوقت محل قرب المسجد النبوي معد للصلاة على الجنائز ولكن الظاهر ان المراد بذلك مصلى العيد فانه خرج بهم اليه لكثرة الناس واجتماعهم والنجاشي هو ملك الحبشة الملك الصالح الذي امن على يد الصحابة فانهم لما اذاهم المشركون هاجروا الى الحبشة فاواهم النجاشي واكرمهم فشكر الله له صنيعه وهداه على ايديهم كما هو مبسوط في السير وكل من ملك الحبشة يسمى النجاشي ففي هذا الحديث عدة فوائد منها المعجزة العظيمة والاية الجسيمة لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانه اخبر بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه مطمئنا بذلك قلبه وبين المدينة وارض الحبشة نحو خمسين يوما تقريبا ومنها ان النعي الذي هو الاخبار المجرد لاجل الصلاة على الميت ونحو ذلك من المصالح بدون نياحة ونحوها جائز ومنها مشروعية الصلاة على الغائب اذا كان صاحب علم او فضل او ملكا صالحا ونحو ذلك واختلف العلماء في الصلاة على الميت الغائب ثقيلة تشرع مطلقا وقيل لا تشرع مطلقا وقيل تشرع لمصلحة كما اذا كان الميت ملكا صالحا او كان عالما او صاحب خير وفضل ونحو ذلك واما اذا كان من سائر الناس فلا تشرع فانه لم يكن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم يصلي على كل غائب يموت وانما كان يصلي على الخواص كالنجاشي ونحوه وهذا القول اصح الاقوال وهو الذي عليه عمل اهل نجد اليوم ومنها مشروعية التكبيرات الاربع فيقرأ بعد الاولى الفاتحة وبعد الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في التشهد وبعد الثالثة يدعو للميت بما ورد اللهم اغفر لحينا وميتنا الى اخره ثم يكبر الرابعة ويمكث بعدها قليلا ولا يدعو بشيء ثم يسلم وفيه مشروعية الصفوف في الصلاة على الميت