يخبر تعالى ان هذا القرآن هو ايات الكتاب الدالة على كل ما يحتاج اليه العباد من اصول الدين وفروعه. وان الذي انزل الى الرسول من ربه هو الحق المبين. لان اخباره صدق واوامره وصفاته المتعالي على جميع خلقه. بذاته وقدرته وقهره سواء منكم في في علمه وسمعه وبصره من اسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل اي مستقر بمكان خفي فيه وسارب من نهار اي داخل سربه في النهار والسرب هو ما يستخفي فيه الانسان. اما جوف بيته او غار او مغارة او نحو ذلك له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. واذا اراد الله بقوم سوء له اي للانسان معقبات من الملائكة يتعاقبون في الليل والنهار. من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله. اي المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم تلك ايات الكتاب والذي انزل اليك من ربك ولكن ونواهيه عدل مؤيدة بالادلة والبراهين القاطعة. فمن اقبل عليه وعلى علمه كان من اهل العلم بالحق. الذين يوجب لهم علمهم به العمل بما اوجب الله. ولكن اكثر الناس لا يؤمنون بهذا القرآن. اما جهلا واعراضا عنه وعدم اهتمام به واما عنادا وظلما. فلذلك اكثر الناس غير منتفعين به لعدم السبب الموجب للانتفاع الله الذي رفع السماوات بغير عمل ترونها ثم استوى على العرش ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى. يدبر يخبر لا عن انفراده بالخلق والتدبير والعظمة والسلطان. الدال على انه وحده المعبود الذي لا تنبغي العبادة الاله. فقال الله الذي رفع السماوات على عظمها واتساعها بقدرته العظيمة بغير عمد ترونها. اي ليس لها عمد من تحتها فانه لو كان لها عمد لرأيتموها. ثم بعدما خلق السماوات والارض استوى على العرش العظيم. الذي هو اعلى المخلوقات استواء يليق بجلاله ويناسب كماله. وسخر الشمس والقمر لمصالح العباد ومصالح مواشيهم وثمارهم. كل من الشمس والقمر يجري بتدبير العزيز العليم. لاجل مسمى بسير منتظم. لا يفتران ولا ينيان. حتى يجيء اجل المسمى وهو طي الله هذا العالم. ونقلهم الى الدار الاخرة التي هي دار القرار. فعند ذلك يطوي الله السماوات يبدلها ويغير الارض ويبدلها. فتكور الشمس والقمر ويجمع بينهما فيلقيان في النار. ليرى من عبدهما انهما غير اهل للعبادة. فيتحسر بذلك اشد الحسرة. وليعلم الذين كفروا انهم كانوا كاذبين. يدبر الامر سيفصل الايات هذا جمع بين الخلق والامر. اي قد استوى الله العظيم على سرير الملك. يدبر الامور في العالم العلوي والسفلي يخلق ويرزق ويغني ويفقر ويرفع اقواما ويضع اخرين. ويعز ويذل ويخفض ويرفع ويقيل العثرات يفرج الكربات وينفذ الاقدار في اوقاتها. التي سبق بها علمه وجرى بها قلمه. ويرسل ملائكته الكرام لتدبير فيما جعلهم على تدبيره. وينزل الكتب الالهية على رسله. ويبين ما يحتاج اليه العباد من الشرائع. والاوامر والنواهي ويفصلها غاية التفصيل ببيانها وايضاحها وتمييزها لعلكم بسبب ما اخرج لكم من الايات الافقية والايات القرآنية بلقاء ربكم توقنون. فان الادلة وبيانها ووضوحها من اسباب حصول اليقين في جميع الامور الالهية خصوصا في العقائد الكبار كالبعث النشور والاخراج من القبور. وايضا فقد علم ان الله تعالى حكيم لا يخلق الخلق سدى ولا يتركهم عبثا. فكما انه ارسل رسله وانزل كتبه لامر العباد ونهيهم فلا بد ان ينقلهم الى دار يحل فيها جزاؤه فيجازي المحسنين باحسن الجزاء ويجازي المسيئين باساءتهم يغش الليل وهو الذي مد الارض اي خلقها للعباد ووسعها وبارك فيها. ومن دها للعباد واودع فيها من مصالحهم ما اودع وجعل فيها رواسي اي جبالا عظاما لئلا تميد بالخلق فانه لولا الجبال لمادت باهلها لانها على تيار لا ثبوت لها ولا استقرار الا بالجبال الرواسي التي جعلها الله اوتادا لها. وجعل فيها انهارا تسقي الادميين وبهائمهم وحروثهم. فاخرج بها من الاشجار والزروع والثمار خيرا كثيرا. ولهذا قال اي صنفين مما يحتاج اليه العباد. يغشي الليل النهار فتظلم الافات فيسكن كل حيوان الى مأواه. ويستريحون من التعب والنصب في النهار. ثم اذا قضوا مأربهم من النوم غشي النهار الليل فاذا هم مصبحون ينتشرون في مصالحهم واعمالهم في النهار. ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ابتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ان في ذلك لايات على المطالب الالهية لقوم يتفكرون فيها. وينظرون فيها نظرة اعتبار دالة على ان الذي خلقها ودبرها وصرفها هو الله الذي لا اله الا هو. ولا معبود سواه وانه عالم الغيب والشهادة. الرحمن الرحيم وانه القادر على كل شيء الحكيم في كل شيء المحمود على ما خلقه وامر به تبارك وتعالى وفي الارض قطعا متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونقي وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بما واحد بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لايات لقوم يعقلون ومن الايات على كمال قدرته وبديع صنعته. جعل في الارض قطع متجاورات وجنات. فيها انواع الاشجار من اعناب وزرع ونخيل وغير ذلك. والنخيل التي بعضها صنوان اي عدة اشجار في اصل واحد صنوان بان كان كل شجرة على حدتها. والجميع يسقى بماء واحد وارضه واحدة. ونفضل بعضها على الى بعض في الاكل لونا وطعما ونفعا ولذة. فهذه ارض طيبة تنبت الكلأ والعشب الكثير والاشجار والزروع. وهذه في ارض تلاصقها لا تنبت كلأ ولا تمسك ماء وهذه تمسك الماء ولا تنبت الكلأ. وهذه تنبت الزرع والاشجار ولا تنبت الكلى وهذه الثمرة حلوة وهذه مرة. وهذه بين ذلك. فهل هذا التنوع في ذاتها وطبيعتها؟ ام ذلك تقدير العزيز الرحيم اي لقوم لهم عقول تهديهم الى ما ينفعهم. وتقودهم الى ما يرشدون به ويعقلون عن الله وصاياه واوامره ونواهيه. واما اهل الاعراض واهل البلادة فهم في ظلماتهم يعمهون. وفي غيهم يترددون. لا يهتدون الى ربهم سبيلا. ولا يعون لهم قيل اولئك الذين كفروا بربهم واولئك الاغلال في اعناقهم يحتمل ان معناه وان تعجب من عظمة الله تعالى وكثرة ادلة التوحيد فان العجب مع هذا انكار المكذبين بالبعث وقولهم ائذا كنا ترابا ائنا لفي خلق جديد. اي هذا بعيد في غاية الامتناع بزعمهم. انهم بعدما كانوا ان الله يعيدهم فانهم من جهلهم قاسوا قدرة الخالق بقدرة المخلوق. فلما رأوا هذا ممتنعا في قدرة المخلوق ظنوا انهم ممتنع على قدرة الخالق. ونسوا ان الله خلقهم اول مرة. ولم يكونوا شيئا. ويحتمل ان معناه. وان اعجب من قولهم وتكذيبهم للبعث فان ذلك من العجائب. فان الذي توضح له الايات ويرى من الادلة القاطعة على البعث ما لا يقبل الشك الريب ثم ينكر ذلك فان قوله من العجائب ولكن ذلك لا يستغرب على اولئك الذين كفروا بربهم وجحدوا وحدانيتهم وهي اظهر الاشياء واجلاها. واولئك الاغلال المانعة لهم من الهدى. في اعناقهم حيث دعوا الى الايمان فلم يؤمنوا عرض عليهم الهدى فلم يهتدوا فقلبت قلوبهم وافئدتهم عقوبة على انهم لم يؤمنوا به اول مرة لا يخرجون منه ابدا يخبر تعالى عن جهل المكذبين لرسوله المشركين به الذين وعظوا فلم اتعظوا واقيمت عليهم الادلة فلم ينقادوا لها. بل جاهروا بالانكار واستدلوا بحلم الله الواحد القهار عنهم. وعدم معادلة بذنوبهم انهم على حق. وجعلوا يتعجلون الرسول بالعذاب. ويقول قائلهم اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم قالوا انه قد خلت من قبلهم المثلات. اي وقائع الله وايامه في الامم المكذبين. افلا يتفكرون في حالهم ويتركون جهلهم اي لا يزال خيره اليهم واحسانه وبره وعفوه نازلا الى العباد وهم لا لا يزال شرهم وعصيانهم اليه صاعدا. يعصونه فيدعوهم الى بابه ويجرمون. فلا يحرمهم خيره واحسانه. فان تابوا فهو حبيبهم. لانه يحب التوابين ويحب المتطهرين. وان لم يتوبوا فهو طبيبهم يبتليهم بالمصائب من المعايب. قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله. ان الله يغفر الذنوب جميعا. انه هو الغفور الرحيم على من لم يزل مصرا على الذنوب قد ابت توبة والاستغفار والالتجاء الى العزيز الغفار. فليحذر العباد عقوباته باهل الجرائم ان اخذه اليم شديد ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه اية من ربه انما انت منذر ولكل قوم هادئ اي ويقترح الكفار عليك من الايات التي يعينون ويقولون لولا انزل عليه اية من ربه ويجعلون هذا القول منهم عذرا لهم في عدم الاجابة الى الرسول. والحال انه منذر. ليس له من الامر شيء. والله هو هو الذي ينزل الايات وقد ايده بالادلة البينات التي لا تخفى على اولي الالباب وبها يهتدي من قصده الحق. واما الكافر الذي من ظلمه وجهله يقترح على الله الايات. هذا اقتراح منه باطل وكذب وافتراء. فانه لو جاءته اي اية كانت لم يؤمن ولم ينقد لانه لم يمتنع من الايمان لعدم ما يدله على صحته. وانما ذلك لهوى نفسه واتباع ولكل قوم هادئ اي داع يدعوهم الى الهدى من الرسل اتباعهم ومعهم من الادلة والبراهين ما يدل على صحة ما معهم من الهدى الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيض الارحام وما تزداد. وكل شيء يخبر تعالى بعموم علمه وسعة اطلاعه واحاطته بكل شيء فقال الله يعلم ما تحمل كل انثى من بني ادم وغيرهم وما تغيظ الارحام اي تنقص مما فيها اما ان يهلك الحمل او يتضائل او يضمحل. وما تزداد الارحام وتكبر الاجنة التي فيها. وكل شيء عنده بمقدار. لا يتقدم عليه ولا يتأخر. ولا يزيد ولا ينقص الا بما تقتضيه حكمته وعلمه عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. فانه عالم الغيب والشهادة الكبير في ذاته. واسماء هنا بدنه وروحه من كل ما يريده بسوء. ويحفظون عليه اعماله. وهم ملازمون له دائما. فكما ان علم الله محيط به فالله قد ارسل هؤلاء الحفظة على العباد بحيث لا تخفى احوالهم ولا اعمالهم ولا ينسى منها شيء غيروا ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. ان الله لا يغير ما بقوم من النعمة والاحسان رغد العيش حتى يغيروا ما بانفسهم بان ينتقلوا من الايمان الى الكفر ومن الطاعة الى المعصية او من شكر نعم الله الى البقر بها فيسلبهم الله اياها عند ذلك. وكذلك اذا غير العباد ما بانفسهم من المعصية. فانتقلوا الى طاعة الله. غير الله عليهم ما كانوا فيه من الشقاء الى الخير والسرور والغبطة والرحمة. واذا اراد الله بقوم سوءا اي عذابا وشدة يكرهونه فان ارادته لا بد ان تنفذ فيهم. فانه لا مرد له ولا احد يمنعهم منه وما لهم من دونه من وال يتولى امورهم. فيجلب لهم المحبوب ويدفع عنهم المكروه فليحذروا من الاقامة على ما يكره الله خشية ان يحل بهم من العقاب ما لا يرد عن القوم المجرمين