المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي يقول تعالى هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا. اي يخاف منه الصواعق والهدم وانواع الضرر. على بعض ونحوها ويطمع في خيره ونفعه. وينشئ السحاب الثقال بالمطر الغزير الذي به نفع العباد والبلاد ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته. ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء آآ وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال. ويسبح الرعد بحمده والصوت الذي يسمع من السحاب المزعج للعباد فهو خاضع لربه مسبح بحمده وتسبح الملائكة من خيفته اي خش على لربهم خائفين من سطوته ويرسل الصواعق وهي هذه النار التي تخرج من السحاب فيصيب بها من يشاء من عباده بحسب ما شاءه واراده. وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال. اي شديد الحول والقوة. فلا يريد شيئا الا فعله ولا يتعصى عليه شيء ولا يفوته هارب وما دعاء الكافرين الا في ضلال. فاذا كان هو وحده الذي يسوق للعباد والسحب التي فيها مادة ارزاقهم. وهو الذي يدبر الامور. وتخضع له المخلوقات العظام. التي يخاف منها. وتزعج العباد وهو شديد القوة. فهو الذي يستحق ان يعبد وحده لا شريك له. ولهذا قال له دعوة الحق الى الا في ضلال له اي لله وحده دعوة الحق. وهي عبادته وحده لا شريك له. واخلاص دعاء العبادة ودعاء المسألة له تعالى اي هو الذي ينبغي ان يصرف له الدعاء. والخوف والرجاء والحب والرغبة والرهبة والانابة. لان الوهيته هي الحقته غيره باطلة. والذين يدعون من دونه من الاوثان والانداد التي جعلوها شركاء لله. لا يستجيبون لهم. اي يدعوها ويعبدها بشيء قليل ولا كثير. لا من امور الدنيا ولا من امور الاخرة. الا كباسط كفيه الى الماء الذي لا تناله كفاه لبعده. ليبلغ ببسط كفيه الى الماء فاه فانه عطشان. ومن شدة عطشه يتناول بيده ويبسطها الى الماء الممتنع وصولها اليه فلا يصل اليه. كذلك الكفار الذين يدعون مع الله الهة لا يستجيبون لهم بشيء اينفعونهم في اشد الاوقات اليهم حاجة لانهم فقراء. كما ان من دعوهم فقراء لا يملكون مثقال ذرة في الارض ولا في السماء وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير. وما دعاة الكافرين الا في ضلال ببطلان ما يدعون من دون الله وبطلت عبادتهم ودعاؤهم. لان الوسيلة تبطل ببطلان غايتها. ولما كان الله تعالى هو الملك الحق المبين. كانت عبادته حقا. متصلة النفع بصاحبها في الدنيا والاخرة. وتشبيه دعاء الكافرين لغيره لله بالذي يبسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه من احسن الامثلة. فان ذلك تشبيه بامر محال. فكما ان هذا محال. فالمشكل تشبهوا به محال. والتعليق على المحال من ابلغ ما يكون في نفي الشيء. كما قال تعالى ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط في السماوات والارض طوعا وكرها طوعا وكرها وضلالهم اي جميع ما احتوت عليه السماوات والارض كلها خاضعة لربها له طوعا وكرها. فالطوع لمن يأتي بالسجود والخضوع. اختيارا كالمؤمنين. والكره لمن يستكبر عن عبادة ربه وحاله وفطرته تكذبه في ذلك. وظلالهم بالغدو والاصال. اي وتسجد له ظلال المخلوقات اولا النهار واخره وسجود كل شيء بحسب حاله كما قال تعالى. وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم فاذا كانت المخلوقات كلها تسجد لربها طوعا وكرها. كان هو الاله حقا. المعبود المحمود حقا. والاهية غيره باطلة ولهذا ذكر بطلانها وبرهن عليه بقوله دخلتم من دونه اولياء لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا. قل هل يستوي الاعمى والبصير امهل تستوي الظلمات والنور. ام جعلوا لله شركاء قل من رب السماوات والارض اي قل لهؤلاء المشركين به اوثانا واندادا يحبونها كما يحبون الله ويبذلون لها انواع والعبادات افتاهت عقولكم حتى اتخذتم من دونه اولياء؟ تتولونهم بالعبادة وليسوا باهل لذلك انهم لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا. وتتركون ولاية من هو كامل الاسماء والصفات. المالك للاحياء والاموات الذي بيده الخلق والتدبير والنفع والضر. فما تستوي عبادة الله وحده وعبادة المشركين به قل هل يستوي الاعمى والبصير امهل تستوي الظلمات والنور. فان كان عندهم شك واشتباه وجعلوا له شركاء زعموا انهم خلقوا كخلقه وفعلوا كفعله. فازل عنهم هذا الاشتباه واللبس بالبرهان الدال على تفرد الاله بالوحدانية فقل لهم الله خالق كل شيء. فانه من المحال ان يخلق شيء من الاشياء نفسه. ومن المحال ايضا ان يوجد من دون فتعين ان لها الها خالقا. لا شريك له في خلقه. لانه الواحد القهار. فانه لا توجد الوحدة والقهر الا لله وحده. فالمخلوقات هو كل مخلوق فوقه مخلوق يقهره. ثم فوق ذلك القاهر قاهر اعلى منه. حتى ينتهي القهر الواحد القهار. فالقهر والتوحيد متلازمان. متعينان لله وحده. فتبين بالدليل العقلي القاهر ان ما يدعى من دونه ليس له شيء من خلق المخلوقات. وبذلك كانت عبادته باطلة فاحتمل السيل زبدون او متاع زبد مثله. كذلك يضرب الله واما ما شبه تعالى الهدى الذي انزله على رسوله لحياة القلوب والارواح. بالماء الذي انزله لحياة الاشباح. وشبه ما في الهدى من النفع العام الكثير الذي يضطر اليه العباد بما في المطر من النفع العام الضروري. وشبه القلوب الحاملة للهدى وتفاوتها بالاودية التي تسير فيها السيول فواد كبير يسع ماء كثيرا كقلب كبير يسع علما كثيرا وواد صغير يأخذ ماء قليلا كقلب صغير يسع علما قليلا وهكذا. وشبه ما يكون في القلوب من الشهوات والشبهات. عند وصول الحق اليها زبد الذي يعلو الماء. ويعلو ما يوقد عليه النار من الحلية التي يراد تخليصها وسبكها. وانها لا تزال فوق الماء طافية له حتى تذهب وتضمحل ويبقى ما ينفع الناس من الماء الصافي والحلية الخالصة. كذلك الشبهات والشهوات لا يزال القلب يكرهها ويجاهدها بالبراهين الصادقة. والارادات الجازمة حتى تذهب وتضمحل. ويبقى القلب خالصا صافيا ليس فيه الا ما ينفع الناس من العلم بالحق. وايثاره والرغبة فيه. فالباطل يذهب ويمحقه الحق. ان الباطل كان وقال هنا ليتضح الحق من الباطل الهدى من الضلال ان لهم ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به. اولئك لهم لما بين تعالى الحق من الباطل ذكر ان الناس على قسمين مستجيب لربه فذكر ثوابه وغير مستجيب فذكر عقابه فقال اي انقادت قلوبهم للعلم والايمان وجوارحه للامر والنهي وصاروا موافقين لربهم فيما يريده منهم. فلهم الحسنى اي الحالة الحسنة والثواب الحسن. فله من الصفات اجلها ومن المناقب افضلها ومن الثواب العاجل والاجل. ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر والذين لم يستجيبوا له بعدما ضرب لهم الامثال وبين لهم الحق لهم الحالة غير الحسنة. ولو ان لهم ما في الارض جميعا من ذهب وفضة وغيرها ومثله معه لافتدوا به من عذاب يوم القيامة. ما تقبل منهم وانى لهم ذلك اولئك لهم سوء الحساب وهو الحساب الذي يأتي على كل ما اسلفوه من عمل سيء وما ضيعوه من حقوق عباده قد كتب ذلك وسطر عليهم وقالوا يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا ومأواهم جهنم وبئس المهاد. وبعد هذا الحساب السيء مأواهم جهنم. الجامعة ولكل عذاب من الجوع الشديد والعطش الوجيع والنار الحامية والزقوم والزمهرير والضريع وجميع ما ذكره الله من ما في العذاب. اي المقر والمسكن مسكنهم