ان الجزاء من جنس العمل في الخير والشر وهذا من حكمة الله التي يحمد عليها فكما ان من عمل بما يحبه الله احبه الله ومن عمل بما يبغضه ابغضه الله المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث السادس عشر عن ابي صرمة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم من ضار ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه رواه الترمذي وابن ماجه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه هذا الحديث دل على اصلين من اصول الشريعة احدهما ومن يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا والاخرة ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة اخيه كذلك من ضار مسلما ضره الله ومن مكر به مكر الله به ومن شق عليه شق الله عليه الى غير ذلك من الامثلة في هذا الاصل الاصل الثاني منع الضرر والمضارة وانه لا ضرر ولا ضرار وهذا يشمل انواع الضرر كلها والضرر يرجع الى احد امرين اما تفويت مصلحة او حصول مضرة بوجه من الوجوه فالضرر غير المستحق لا يحل ايصاله وعمله مع الناس بل يجب على الانسان ان يمنع ضرره واذاه عنهم من جميع الوجوه فيدخل في ذلك التدليس والغش في المعاملات وكتم العيوب فيها والمكر والخداع والنجش وتلقي الركبان وبيع المسلم على بيع اخيه والشراء على شرائه ومثله الايجارات وجميع المعاملات والخطبة على خطبة اخيه وخطبة الوظائف التي فيها اهل لها قائم بها فكل هذا من المضارة المنهي عنها وكل معاملة من هذا النوع فان الله لا يبارك فيها لانه من ضار مسلما ضاره الله ومن ضاره الله ترحل عنه الخير وتوجه اليه الشر وذلك بما كسبت يداه ويدخل في ذلك مضارة الشريك لشريكه والجار لجاره بقول او فعل حتى انه لا يحل له ان يحدث بملكه ما يضر بجاره فضلا عن مباشرة الاضرار به ويدخل في ذلك مضارة الغريم لغريمه وسعيه في المعاملات التي تضر بغريمه حتى انه لا يحل له ان يتصدق ويترك ما وجب عليه من الدين الا باذنه لغريمه او يرهن موجوداته احد غرمائه دون الباقين او يقف او يعتق ما يضر بغريمه او ينفق اكثر من اللازم بغير اذنه وكذلك الضرار في الوصايا كما قال تعالى من بعد وصيتي يوصى بها او دين غير مضى بان يخص احد ورثته باكثر مما له او ينقص الوارث او يوصي لغير وارثه بقصد الاضرار بالورثة وكذلك لا يحل اضرار الزوج بزوجته من وجوه كثيرة اما ان يعدلها ظلما لتفتدي منه او يراجعها لقصد الاضرار او يميل الى احدى زوجتيه ميلا يضر بالاخرى ويجعلها كالمعلقة ومن ذلك الحيف في الاحكام والشهادات والقسمة وغيرها على احد الشخصين لنفع الاخر فكل هذا داخل في المضارة وفاعله مستحق للعقوبة وان يضار الله به واشد من ذلك الوقيعة في الناس عند الولاة والامراء ليغريهم بعقوبته او اخذ ماله او منعه من حق هو له فان من عمل هذا العمل فانه باغ فليتوقع العقوبة العاجلة والآجلة ومن هذا نهي النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ان يورد ممرض على اه مصح لما في ذلك من الضرر وكذلك نهى الجذم ونحوهم عن مخالطة الناس وهذا وغيره داخل في قوله تعالى والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا ونهى صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن ترويع المسلم ولو على وجه المزاح ومن هذا السخرية بالخلق والاستهزاء بهم والوقيعة في اعراضهم والتحريش بينهم فكله داخل في والمشاقة الموجب للعقوبة وكما يدل الحديث بمنطوقه ان من ضار وشاق ضره الله وشق عليه فان مفهومه يدل على ان من ازال الضرر والمشقة عن المسلم فان الله يجلب له الخير ويدفع عنه الضرر والمشاق جزاء وفاقا سواء كان متعلقا بنفسه او بغيره